بسبب صراعات اليسار الداخلية / بعد 19 عاماً.. هزيمة تاريخية لليسار في بوليفيا
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8438 - 2025 / 8 / 18 - 22:48
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
حقق السيناتور رودريغو باز زامورا، من الحزب الديمقراطي المسيحي اليميني المعارض، فوزًا مفاجئًا في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية في بوليفيا. واختار قرابة ثلث الناخبين نجل الرئيس السابق خايمي باز زامورا (1989-1993)، يليه المحافظ المتشدد خورخي فرناندو "توتو" كيروغا، من تحالف الحرية والديمقراطية، بنسبة 26.9 في المائة. كما خسر رجل الأعمال، صمويل دوريا ميدينا، البالغ من العمر 66 عامًا، من تحالف الوحدة، بعد حصوله على 20 في المائة من الأصوات، في محاولته الرابعة للترشح للرئاسة. أما المرشح اليساري الأبرز، رئيس مجلس الشيوخ أندرونيكو رودريغيز، البالغ من العمر 37 عامًا، فقد حصل على 8.1 في المائة من الأصوات فقط وحل رابعًا.
مثلت الانتخابات هزيمة تاريخية لحزب الحركة من أجل الاشتراكية الحاكم، ووفقًا للنتائج الأولية، لم يحصل مرشحه الرئيسي، إدواردو ديل كاستيلو، إلا على 3.1 في المائة من الأصوات. قبل خمس سنوات، فاز حزب الحركة من أجل الاشتراكية في الانتخابات بنسبة 55 في المائة.
تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع عدد الناخبين الذين صوتوا بأوراق بيضاء، بلغت 20 في المائة. وكان الرئيس اليساري السابق إيفو موراليس وأنصاره قد دعوا إلى ذلك احتجاجًا، بعد ان منعت المحكمة الدستورية موراليس من الترشح مجددًا بعد ثلاث فترات رئاسية.
يتفق متابعو التطورات التي جرت في البلاد في السنوات الأخيرة، على أن صعود باز يُعدّ عقابًا للمرشحين الذين خاضوا حملاتهم الانتخابية على أساس الاستقطاب السياسي ضد حركة الاشتراكية. وكان واضحا أن الناخبين سيكافئون بديلًا مختلفًا. دافع باز في حملته الانتخابية عن سياسات التقشف وخفض الإنفاق الحكومي.
جولة ثانية
ولأول مرة في تاريخ بوليفيا، سيُحسم الصراع الرئاسي في جولة انتخابات ثانية، بين المرشحين الأعلى أصواتا في 19 تشرين الأول المقبل. ينص دستور التعددية القومية لعام 2009 على ضرورة حصول المرشح على الأغلبية المطلقة، أو على 40 في المائة من أصوات الناخبين، وبفارق 10 في المائة عن أقرب منافسه، للفوز بالجولة الأولى. منذ الدستور الجديد لعام 2009، استمرت الحركة من أجل الاشتراكية، بقيادة إيفو موراليس وخلفه لويس آرسي، على الفوز بالانتخابات بأغلبية مطلقة في الجولة الأولى. في 8 تشرين الثاني، سيتولى الرئيس الجديد رسميًا مهام منصبه.
المرشح الفائز بالجولة الأولى ينتمي إلى يمين الوسط هو ابن الرئيس الاسبق خايمي باز زامورا (1989-1993)، واحد أعضاء مجلس الشيوخ عن مقاطعة تاريخا. وُلد في إسبانيا عام 1967، وقضى شبابه في المنفى مع عائلته بسبب الانقلابات العسكرية المتكررة في بوليفيا. في عام 2002، بدأ مسيرته السياسية عضوًا في البرلمان. في عام 2015، أصبح عمدة مدينة تاريخا، وبعد خمس سنوات، انتُخب عضوًا في مجلس الشيوخ..
يدعو زامورا إلى لامركزية شاملة، واستقلالية إدارية، وزيادة التمويل للأقاليم.. وقد أعلن عن نيته إغلاق الشركات الحكومية الخاسرة، وخفض الضرائب، وتقديم قروض لرواد الأعمال، وإلغاء قيود الاستيراد والرسوم الكمركية على المنتجات المستوردة. زامورا مقتنع بأن بوليفيا لديها ما يكفي من المال لتحفيز الاقتصاد، وبالتالي فإن قروض صندوق النقد الدولي غير ضرورية. وسيحظى الآن بدعم المرشحة المستبعدة دوريا ميدينا في الجولة الثانية من التصويت.
أما اليميني المتطرف كيروغا، فقد شارك في الانتخابات الرئاسية للمرة الرابعة. خلال سنوات هيمنة الحركة من أجل الاشتراكية، في عام 2020، ترشح ضد الرئيس المنتهية ولايته آرسي وسحب ترشيحه قبيل الانتخابات بسبب انخفاض شعبيته. شغل منصب نائب رئيس بوليفيا في عهد الديكتاتور العسكري هوغو بانزر (1997-2001)، وبعد استقالة بانزر، تولى الرئاسة من آب 2001 إلى آب 2002.
يعد كيروغا بتخفيضات متطرفة الميزانية الوطنية. ويُعتبر من دعاة السوق الليبرالي الجديد. وسيدافع بقوة عن إبرام اتفاقيات التجارة الحرة واتفاقيات حماية الاستثمار الثنائية. ويعتمد على دعم المنظمات متعددة الأطراف، مثل البنك الدولي وبنك التنمية للبلدان الأمريكية وصندوق النقد الدولي. وهذا يعني عمليًا العودة إلى الليبرالية الجديدة التي أغرقت بوليفيا في أزمة سياسية حادة في أوائل القرن الحادي والعشرين، وأطلقت في نهاية المطاف "عملية التغيير"، التي جاءت باليسار إلى السلطة في عام 2006.
ويسعى أيضًا إلى تغيير جذري في السياسة الخارجية. ويريد قطع العلاقات الدبلوماسية مع فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا، بالإضافة إلى إيران. وسيراجع عضوية بوليفيا في مجموعة البريكس، مع التركيز على العلاقات التجارية مع الهند والصين.
انتخابات السلطة التشريعية
وانتُخب 130 عضوًا في مجلس النواب و36 عضوًا في مجلس الشيوخ. وبلغ إجمالي عدد المرشحين المؤهلين 2136 مرشحًا. وسيتم الإعلان رسميًا عن توزيع المقاعد بدقة خلال الأيام المقبلة.
لم يسبق أن تواجد هذا العدد الكبير من مراقبي الانتخابات في بوليفيا. نشرت سبع بعثات دولية وبعثتان وطنيتان ما مجموعه 3500 مراقب في جميع أنحاء البلاد لمراقبة سير الانتخابات على نحو سليم. وكان الاتحاد الأوروبي حاضرًا بـ 120 مراقبًا.
عاشت تجربة اليسار في السلطة فترة ذهبية في الدورتين الأولى والثانية للرئيس موراليس، ثم جاء الانقلاب وحكومة يمينية، واستطاع اليسار العودة ثانية ولكنه عاش صراعات داخلية بين جناحي الرئيس الأسبق موراليس وخلفه آرسي. فهل يستطيع اليسار اصلاح ما أفسده صراع الاجنحة، هذا ما ستجيب عليه السنوات الخمس المقبلة.