بعد عسكرة ترامب للعاصمة.. الشيوعي الأمريكي يحذر: {مدينتكم قد تكون التالية}
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8440 - 2025 / 8 / 20 - 22:12
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
أعلن ترامب 11 آب سيطرته العسكرية على العاصمة. وحذّر الحزب الشيوعي الأمريكي من أن هذه الخطوة تُمثل خطوة نحو الفاشية. نفّذ الرئيس دونالد ترامب تهديده بفرض حكم عسكري على عاصمة البلاد. بعد أيام من التذمر بشأن أزمة جريمة مزعومة تجتاح العاصمة واشنطن. وإن كانت لا أساس لها من الصحة، أعلن ترامب أن إدارته ستُحوّل قوة شرطة المقاطعة إلى قوة فيدرالية وتنشر 800 جندي من الحرس الوطني "لإعادة سيادة القانون والنظام".
واكد الحزب الشيوعي الأمريكي على أن تأثير هذا الهجوم على الحكم الذاتي في العاصمة يتجاوزها. وحذر الحزب في بيان له صدر أخيرا: "مدينتكم قد تكون التالية". وقد جاءت تصريحات ترامب لتدعم التحذير الشيوعي: "لدينا أيضًا مدن أخرى سيئة، سيئة للغاية. انظروا إلى شيكاغو، كم هي سيئة. انظروا إلى لوس أنجلوس، كم هي سيئة. لدينا مدن أخرى سيئة للغاية. نيويورك تعاني من مشكلة. ثم لديكم، بالطبع، بالتيمور وأوكلاند".
استهداف البلديات السوداء
وفق رؤية الشيوعي الأمريكي، فإن جميع المدن المدرجة على قائمة ترامب يحكمها رؤساء بلديات سود، وغالبية سكانها من الملونين، مثل بالتيمور وفيلادلفيا.
إن الخلفيات العرقية لمناورات ترامب، وخصوصا استهدافه للشباب باعتبارهم مصدر التهديد تكاد تكون مكشوفة. زعم ترامب، أن "شبابًا محليين وأعضاء عصابات يهاجمون ويسلبون ويشوهون ويطلقون النار على مواطنين أبرياء بشكل عشوائي". ولا يخشون أجهزة إنفاذ القانون، "لأنهم يعلمون أن لا شيء يحدث لهم"
إنّ استهداف ترامب لشباب العاصمة، وتركيزه على المشردين والمهاجرين فيها، يتفق مع ما جاء في بيان الشيوعي الأمريكي بأنه "نمطه المستمر في الاستهداف العنصري للشباب السود والمهاجرين والمشردين". وإنه يختار عمدًا الفئات السكانية الأكثر عرضة لـ "إرهاب الشرطة".
المعطيات تكذب الرئيس
بالإضافة الى ذلك أن حملة ترامب المزعومة التي تُركز على الجريمة في واشنطن العاصمة تتناقض أيضًا مع الواقع الإحصائي.
يزعم أمر تنفيذي للرئيس أن "الجريمة خارجة عن السيطرة" وأن "العنف المتزايد" يُهدد موظفي الحكومة والمواطنين والسياح؛ ويُعطل النقل العام؛ ويُضعف "الأداء السليم للحكومة الفيدرالية". ويزعم أن العاصمة "واحدة من أكثر الولايات عنفًا" في البلاد و "من بين أخطر 20 في المائة من مدن العالم".
تتناقض البيانات التي نشرتها شرطة العاصمة مع تصريحات ترامب، وتُظهر أن جرائم العنف في واشنطن تشهد انخفاضًا مطردًا منذ سنوات، ولم يتخللها سوى ارتفاع حاد بعد الجائحة من عام 2020 إلى عام 2023. ووفقًا لأرقام وزارة العدل، انخفضت جرائم العنف في المنطقة بنسبة 35 في المائة منذ عام 2023، وعاد الخط البياني الى الانخفاض الذي كان سائدًا قبل الجائحة، مما يضع معدل جرائم العنف عند أدنى مستوى له منذ 30 عامًا.
دوافع عنصرية
ومع ذلك، يستخدم ترامب لغة مُشفرة لتبسيط المشاكل الناجمة عن ارتفاع الكثافة السكانية والأزمات الاقتصادية، ويعزوها بدلًا من ذلك لأسباب عرقية. ومع تزايد مضايقات الشرطة وعنفها، يدرك الكثيرون مخاطر "قيادة السيارة وأنت أسود البشرة"، وصولا الى صعوبة العيش في المدينة بالنسبة للسود.
لم يُقنع خطاب الرئيس سكان العاصمة. فقد أظهر استطلاع - واشنطن بوست- الذي مضى عليه ثلاثة أشهر، أن 77 في المائة من السكان يعارضون تهديدات ترامب بالاستيلاء على واشنطن. وأعرب 80 في المائة آخرون عن قلقهم البالغ إزاء خفض الكونغرس الجمهوري لميزانية المدينة. ومع الإجراءات التي اتخذها البيت الأبيض في الأسبوعين الأخيرين، لا شك أن النسب أصبحت اعلى.
وصرح أعضاء في الحزب الشيوعي لوسائل إعلام محلية، أن ادعاء ترامب ذريعةً لإلغاء الحكم الذاتي - وهو الاستقلال السياسي المحدود الممنوح لسكان المنطقة البالغ عددهم 700 ألف نسمة بموجب قانون صدر عام 1973، وفرض حكم عسكري على مدينة ديمقراطية. بالإضافة الى عملية استعراض القوة، وهي خطوة في جهوده للسيطرة على مجتمعات الأقليات واحتوائها.
وبفضل جاذبيته الإجرامية، يصرف ترامب الانتباه أيضًا عن الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعاصمة بسبب هجماته على القوى العاملة الفيدرالية، أكبر جهة توظيف للأمريكيين من أصل أفريقي، وكذلك حقيقة أن الكونغرس الذي يهيمن عليه الحزب الجمهوري قد خفض أكثر من مليار دولار من ميزانية المدينة.
دعوة للمقاومة
تُعدّ العاصمة واشنطن، نظرًا لوضعها الفريد بموجب قانون الحكم الذاتي وعدم تمتعها بمركز ولاية، الهدف الأسهل لترامب، وقد تصبح النموذج الأولي لما يود فعله في المدن الكبرى الأخرى.
يؤكد الحزب الشيوعي على ضرورة الوحدة للدفاع عن الحكم الذاتي والحصول على ولاية في حالة واشنطن العاصمة، ولإنقاذ الديمقراطية على الصعيد الوطني، يقول الحزب إن الخطوة الفورية التالية هي زيادة الإقبال على المشاركة في مسيرة 28 آب في وول ستريت وفي مسيرات عيد العمال.
وقال جو سيمز، الرئيس الوطني المشارك للحزب الشيوعي الأمريكي في 12 آب: "أولاً، تجاهلوا المحاكم، ثم أقاموا معسكر اعتقال "زقاق التمساح"، والآن يرسلون الجيش". "إذا كانوا قد جاؤوا إلى لوس أنجلوس صباحًا وواشنطن العاصمة ظهرًا، فماذا ينتظرهم في الليل؟ لقد حان وقت المقاومة".