المخابرات الألمانية تساوي بين خطر الفاشيين الجدد واليسار المتطرف على الديمقراطية


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 8375 - 2025 / 6 / 16 - 22:00
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر     

في العاشر من الشهر الحالي عرض وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت ونائب رئيس جهاز المخابرات الألمانية (حماية الدستور) سنان سيلين، في برلين، تقاريرهما الأخيرة لعام 2024.
كان وزير الداخلية الألماني قد قال في أيار الفائت، عند عرضه لإحصاءات حول "الجرائم ذات الدوافع السياسية"، إن التطرف اليميني هو التهديد الأكبر للديمقراطية. إلا أن تقرير المخابرات الذي عرض في برلين، ركز على "إمكانات" "المتطرفين" من مختلف التيارات، الذين يمكن أن يشكلوا تهديدًا "للديمقراطية".
وفقًا للتقرير، هناك قرابة 50 ألف متطرف يميني، منهم 15,300 "عنيف"، و38الف متطرف يساري، منهم 11,200 مستعدون لاستخدام العنف. وبينما ازداد عديد أعمال العنف في كلا القطبين الاجتماعيين، انخفض عددها بالنسبة لليسار المتطرف بشكل حاد، بنسبة 26,8 في المائة ليصل إلى 532، بما في ذلك ما يسمى بمقاومة ضباط إنفاذ القانون. ويشمل ذلك أيضًا عمليات مقاومة عنف الشرطة. ومع ذلك، ووفقًا للتقرير، انخفض العنف "اليساري" ضد ضباط الشرطة بأكثر من النصف. وعلى العموم سُجل ما مجموعه 5,857 (بزيادة 37.9 في المائة).
وعلى اليمين، ارتفع إجمالي عدد أعمال العنف بنسبة 47,4 في المائة، وعدد أعمال العنف المسجلة بنسبة 11,6 في المائة ليصل إلى 1281 حالة مسجلة. من بينها 1121 اعتداءً جسديًا. وارتفع عدد هجمات الحرق العمد بدوافع يمينية بنسبة 44 في المائة ليصل إلى 23 جريمة. وأشار فرات كوتشاك، عضو البرلمان الألماني عن حزب اليسار، إلى "تزايد الانقسام الاجتماعي والسياسات العنصرية على حساب المهاجرين" كسبب رئيسي لزيادة عدد مؤيدي الجماعات اليمينية المتطرفة ومرتكبيها. وقال كوتشاك يوم الثلاثاء في برلين: "بينما تُدمر الحكومة الفيدرالية المبادرات الديمقراطية، يكتسب النازيون زخمًا"، مؤكدًا: "إذا أثارت الحكومة الفيدرالية المشاعر ضد اللاجئين، وإذا شددت القوانين، وسرعت عمليات الترحيل، وحرمت الناس من حقوقهم، فلا ينبغي لأحد أن يستغرب نمو الإرهاب اليميني. كل من يُفكك حقوق الإنسان هو شريك في التحول نحو اليمين".
من بين الجماعات اليمينية المتطرفة التي حددها التقرير، 20 ألف مؤيد لحزب البديل من أجل ألمانيا، الذي يحتل 151 مقعدا، ويشكل ثاني أكبر كتلة برلمانية في البرلمان الجديد. وعلى الرغم من ذلك، جدد وزير الداخلية الألماني عدم يقينه بشأن حظر نشاط الحزب، الذي ما تزال المخابرات تعتبره قوة مشتبه بكونها يمينية متطرفة.
وأضاف، إن تقرير المخابرات، المكون من ألف صفحة، والخاص بحزب البديل من أجل ألمانيا "غير كافٍ كأساس لإجراء حظر". وأن التقرير لا يتناول "العناصر الضرورية لفرض الحظر". وأشار الوزير إلى ثلاثة عناصر في النظام الديمقراطي الحر، التي يمكن للمحكمة الدستورية الاتحادية النظر فيها بشأن مواقف حزب البديل من أجل ألمانيا. إلا أن التقرير لا يتناول سوى عنصر واحد منها، وهو موقف الحزب ومسؤوليته من الكرامة الإنسانية. وأوضح الوزير أن العنصرين الآخرين: الموقف من مبدأ الديمقراطية وسيادة القانون، لم يتم البحث فيهما. لذلك، لا يمكن الإدلاء بأي تصريح بشأنهما أو بشأن التشابكات المحتملة بين العناصر الثلاث.
ودعا وزير الداخلية مجددًا إلى "مواجهة سياسية" مع حزب البديل من أجل ألمانيا. وأكد أن مهمة الحكومة الفيدرالية هي "حل المشاكل في بلدنا" حتى يُبعد الحزب عن مركز الفعل السياسي. في بداية ايار، صنّفت المخابرات الالمانية حزب البديل من أجل ألمانيا بأنه "يميني متطرف". واستند هذا التصنيف إلى التقرير الذي أعدته الوكالة على مدى عدة سنوات. وقد رفع الحزب دعوى قضائية، مما دفع المخابرات إلى تعليق التصنيف مؤقتًا.
وبالمقابل، يجري التقرير دراسةً دقيقةً لكل جماعة يسارية، مهما كانت صغيرة، يُزعم أنها مستعدة لاستخدام العنف أو قلب النظام. وبالتالي، يُعدّ الفصل المخصص للتطرف اليساري، والمُكوّن من 57 صفحة، الأطول على الإطلاق. على سبيل المثال، تُوصف منظمة "المساعدة الحمراء"، التي تدعم السجناء السياسيين، مجددًا بأنها أكبر جماعة "يسارية متطرفة"، وهي منظمة أسس سلفها الحزب الشيوعي في المانيا عام 1924 كمنظمة للحماية والتضامن، ويبلغ عدد أعضائها 14,400 ألف عضو، ويعد ذلك بالنسبة للمخابرات دليل على التطرف. وكذلك جريدة "يونغه فيلت" (العالم الشاب) اليومية. وقد طعنت الصحيفة مؤخرًا بإدراجها في تقرير المخابرات أمام المحكمة، دون جدوى. كما يدرج التقرير قنوات يوتيوب يسارية.
ويُصنّف التقرير النشاط في قضايا مثل مناهضة الفاشية، ومناهضة الرأسمالية، ومناهضة القمع، ومناهضة التحديث الحضري، أي تهجير السكان الفقراء، بعد إعادة تجديد المدن وارتفاع الإيجارات، ضمن التطرف اليساري. إن جميع ما أشير إليه" مجالات عمل قابلة للتبادل، لا تهدف، في نهاية المطاف، إلا إلى تحقيق هدفها الأيديولوجي الخاص: إقامة نظام شيوعي أو مجتمع فوضوي بدون سلطة".
في الوقت نفسه، ترى المخابرات انتشارًا واسع النطاق لمعاداة السامية ذات التوجه اليساري و "الموجهة من الخارج" في التظاهرات ضد حرب إسرائيل الوحشية على سكان قطاع غزة. وتُصنف جماعات مثل "فلسطين تتحدث" و "الصوت اليهودي من أجل سلام عادل في الشرق الأوسط"، بأنها معادية للسامية.