مقاومة لمنطق العودة الى الحرب / تصاعد المشاركة في مسيرات السلام في ألمانيا
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8323 - 2025 / 4 / 25 - 11:18
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
مقارنة مع عصر ازدهار حركة السلام الألمانية في ثمانينيات القرن العشرين، فإن مسيرات السلام في عيد الفصح اليوم تبدو صغيرة، ولكن عدد المشاركين في جميع أنحاء ألمانيا، وفقًا لشبكة التنسيق من أجل السلام، ازداد مقارنة بمسيرات العام الفائت.
يعيش العالم ظروفًا جديدة، أصبح فيها التهديد بالحرب وإعادة التسلح والعسكرة على جدول قوى الهيمنة بشكل متزايد، وما كان أمرًا لا يمكن تصوره قبل بضع سنوات فقط، يجري اليوم تسويقه بصوت عالٍ، باعتباره خيارًا سياسيًا، يدعمه بقوة الإعلام السائد. وعلى الرغم من ذلك، فإن أغلبية مستقرة ترفض العودة للعسكرة ومنطق الحرب. لكن أكثرية الرافضين يلوذون بالصمت، ولم تحقق حركة السلام حتى الآن سوى نجاح محدود في تحويل هذا الاحتجاج الصامت إلى عامل ضغط مؤثر، كما كان الأمر في الثمانينيات، أو حتى خلال الصعود الاستثنائي لحركة السلام لمواجهة الغزو الأمريكي للعراق في شباط 2003.
وحركة السلام ترفض فكرة الحرب، وتظل ملتزمة برؤيتها لعالم خال من الأسلحة النووية، وأوروبا منزوعة السلاح حيث يكون التفاهم وليس التصعيد هو المطلوب.
مشاركة فاعلة لقوى اليسار
على الرغم من البرد وشدة الرياح والتعتيم الإعلامي، شارك عشرات الآلاف في العديد من المدن الألمانية من أجل السلام، وضد إعادة التسلح، وضد الحروب، ومن أجل سياسة مختلفة. لقد أظهرت مسيرات عيد الفصح لعام 2025 أن حركة السلام لا تزال موجودة، وأنها تظل حركة مؤثرة في الحياة السياسية والثقافية الألمانية.
وتحدث المتابعون عن هيمنة الإعلام الأحمر على مسيرة برلين، لحزب اليسار الألماني والحزب الشيوعي الألماني، ومنظمات الشبيبة والطلبة القريبة منهما، بالإضافة إلى مشاركة العديد من المنظمات اليسارية والشيوعية الأخرى.
فلسطين الحاضرة دومًا
كان الصوت الأعلى في مسيرة العاصمة برلين هو صوت التضامن مع الشعب الفلسطيني، حيث الأعلام الفلسطينية وعزف إيقاعات السلام. وقال متحدث باسم لجنة التضامن: "عندما يتعلق الأمر بالسلام، يتعين علينا أن نتحدث عما يحدث في فلسطين". ينزل الناس إلى الشوارع للفت الانتباه إلى حقيقة أن الأمر لا يتعلق بالسلام فقط، بل يتعلق بالسلام العادل لفلسطين. ورغم أن التظاهرة سارت دون وقوع حوادث إلى حد كبير، إلا أنه كانت هناك مناوشات بين كتلة التضامن الفلسطينية والشرطة أثناء التجمع الختامي. وقالت الشرطة إنها اعتقلت 15 مشاركًا لوقت قصير قبل بدء التجمع وخلاله.
تقييم إيجابي
أكد منظمو مسيرات عيد الفصح أن الحصيلة النهائية كانت إيجابية. لقد شهدت أكثر من 100 مدينة تظاهرات وتجمعات من أجل السلام. وشملت التظاهرات والتجمعات مدن البلاد الكبيرة، وقواعد تخزين الأسلحة النووية الأميركية داخل الأراضي الألمانية، شارك فيها عشرات الآلاف في سبيل غد آمن ومستقبل أفضل للأجيال القادمة. وكانت مسيرات برلين وشتوتغارت من أبرز التجمعات، حيث شارك في الأولى 6 آلاف (الشرطة تحدثت كالعادة عن اشتراك 1800 فقط)، وفي الثانية شارك 4500 متظاهر.
يقول "ولي فان دير أوين" المتحدث باسم مركز معلومات مسيرة عيد الفصح في مدينة فرانكفورت: "حافظنا على مستوى الأنشطة الفردية وعدد المشاركين، وفي بعض الحالات تجاوزناه بشكل كبير".
ويرى فان أوين أن "الانتهاكات المتكررة للقانون الدولي، إلى جانب إعادة التسلح وتصدير الأسلحة" هي السبب وراء زيادة المشاركة. وهذا يجعل الناس يشعرون بعدم الأمان. إن خطط نشر أسلحة أميركية جديدة متوسطة المدى في ألمانيا، في عام 2026، تشكل تهديدًا كبيرًا. في المقابل، يتم جمع التوقيعات على "نداء برلين" من أجل السلام في كل مكان.
إن ما يبعث على الارتياح هو المشاركة المتزايدة للشبيبة والطلبة في مسيرات هذا العام، ردًا على محاولات التحالف الحاكم في ألمانيا والقوى الداعمة له العودة إلى العمل بالخدمة العسكرية الإلزامية، والمخاوف المنتشرة في أوساط الشبيبة والطلبة من التحول إلى وقود لحروب مقبلة.
بالإضافة إلى ذلك، كانت السياسة الاجتماعية حاضرة أيضًا في كلمات المتحدثين في التجمعات الختامية: تخفيضات الأموال المخصصة لقطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية لصالح حزم الأسلحة الجديدة، وأن نهج الحكومة الألمانية الجديدة يعمق المخاوف وبعيد جدًا عن توفير الأمان لأكثرية السكان، ناهيك عن الأمان والسلام العالميين.