ازمة العقارات عاملٌ مهمٌ في التحول الملحوظ.. الناخبون البرتغاليون يتجهون يمينا
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8351 - 2025 / 5 / 23 - 22:09
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
فاز التحالف الديمقراطي المحافظ (أي دي) بزعامة رئيس وزراء البرتغال الحالي، مونتينيغرو، في الانتخابات البرلمانية التي جرت الأحد الفائت، بحصوله على 89 مقعدا (+9). هو تحالف انتخابي بين الحزب الديمقراطي الاجتماعي المحافظ وأحزاب يمينية أصغر حجما.
الفائز الحقيقي مرة أخرى هو اليمين المتطرف العنصري "تشيغا" (كفى)، الذي شهد نموا مستمرا في السنوات الأخيرة، وتوجها بحصوله على قرابة 23 في المائة من أصوات الناخبين، منحته 58 نائبا في البرلمان (+8). وأصبح منافسا قويا للحزب الاشتراكي (ديمقراطي اجتماعي) على المركز الثاني. ويبدو ان الحزب أصبح لأول مرة يمتلك قاعدة انتخابية مستقرة.
حافظت المبادرة الليبرالية مواقعها كرابع قوة في البرلمان بتسعة نواب (+1). ودخل حزب "من أجل الشعب" في جزيرة "اديرا" البرلمان بمقعد واحد.
الخاسرون
يعد الحزب الاشتراكي أكبر الخاسرين، بعد تعرضه لانتكاسة كبيرة، أدت إلى استقالة سكرتيره العام بيدرو نونو سانتوس. واستمرت سلسلة خسارته، فحصل على 23,38 في المائة (58 نائبا)، مقابل 28 في المائة (78 نائبا) في آخر انتخابات. في السابق حكم الحزب الاشتراكي يحكم بأغلبية مطلقة. ولم تتمكن حملته الانتخابية التي تضمنت سياسات جديدة في مجال الصحة والإسكان من إخفاء حقيقة حزب كان يتمتع بالأغلبية قبل فترة ليست طويلة. كان بإمكانه معالجة المشاكل، ولكنه لم يفعل. وفي مجالات السياسة الأكثر تأثيراً على حياة الناس، كان الحزب الاشتراكي جزءاً من المشكلة، وليس جزءاً من الحل.
الهزائم الصعبة لحقت بأحزاب اليسار الماركسي الرئيسية الحزب الشيوعي البرتغالي، وحزب كتلة اليسار، اللذين لعبا دوراً أساسياً في الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والمدنية.
خرج حزب "كتلة اليسار" من هذه الانتخابات بمقعد واحد شغلته منسقة الحزب ماريانا موراتهغوا. كان لدى الحزب في عام 2015، 19 نائباً. وتراجعت حصة الحزب الشيوعي البرتغالي الى 3 نواب (-1)، وكان للحزب 15 نائبا في عام 2015،. ومعروف ان الحزب الشيوعي البرتغالي صاحب دور ريادي في تاريخ البلاد، وهو الحزب الذي جسد فكرة مناهضة الفاشية ومقاومة دكتاتورية سالازار من عام 1926 إلى عام 1974. وفي أول انتخابات ديمقراطية في عام 1975، حصل الحزب على 12 في المائة، منحته 30 مقعدا.
التشكيل اليساري الوحيد الذي سجل مكاسب في هذه الانتخابات هو حزب "ليفر" اليساري الأخضر، الذي جاء في المركز الخامس بحصوله على 4 في المائة من الأصوات، منحته 6 نواب (+2). من حيث برنامجه وسياساته الانتخابية، يحتل الحزب موقعا وسطا بين الحزب الشيوعي وحزب "كتلة اليسار". بالإضافة الى ذلك، احتفظ حزب "الإنسان والحيوان والطبيعة" ذو التوجه اليساري بمقعده الوحيد.
وباختصار شديد، فإن المجموعات اليسارية، التي حصلت على ما مجموعه حوالي 2,8 مليون صوت في عام 2015، لن تحصل إلا على 1,7 مليون صوت في عام 2025، وهو انخفاض كبير بنسبة 35 في المائة تقريبا.
سيناريوهات مستقبلية صعبة
انتخب البرتغاليون برلمانا جديدا للمرة الثالثة خلال ثلاث سنوات. كانت الانتخابات الحالية مبكرة، بسبب خسارة الحكومة، في اذار الفائت الثقة في البرلمان. بالنسبة للناخبين د كان خيارًا غير مرغوب. لقد انتخبوا حكومة قبل عام واحد فقط ويواجهون جدولاً انتخابياً مليئاً بالتحديات: الانتخابات المحلية في أيلول وتشرين الأول 2025 والانتخابات الرئاسية في كانون الثاني 2026.
لعدم تحقق اغلبية مطلقة (116 مقعدا)، سيضطر رئيس الوزراء القديم الجديد الى الذهاب الى تشكيل تحالف يقود حكومة اقلية. لقد فشلت أحزاب اليمين التقليدي الثلاثة في الحصول على الأكثرية. ولهذا تتسع فرص اليمين المتطرف الصاعد للاشتراك في التحالفات الحاكمة، ربما تبدو هذه الامكانية حاليا صعبة، ولكن من المتوقع ان تتحقق في الدورات الانتخابية المقبلة.
وهذا ما يسعى له أندريه فينتورا - رئيس ومؤسس، حزب اليمين المتطرف. ويتطلب ذلك، تطبيعاً سياسياً وإعلامياً لحزبه، وهو ما بدأ بالفعل جزئياً. هناك قطاعات مؤثرة في المجتمع، من قطاع رجال الأعمال إلى بعض وسائل الإعلام، تبدو مستعدة بشكل متزايد لقبول تسوية من أجل ضمان الاستقرار وتهميش الحزب الاشتراكي وأحزاب اليسار الجذري.
أزمة العقارات
لقد ساعد الارتفاع الهائل في أسعار الإيجارات، والذي بدأ في المدن الكبرى ولكنه انتشر الآن في جميع أنحاء البلاد، في إعادة تشكيل المشهد السياسي في البرتغال. وفي استطلاعات الراي الأخيرة، جاءت قضية الإسكان في مقدمة المخاوف بالنسبة لسكان البرتغال..
في 28 حزيران، ستنزل حركات الإسكان إلى الشوارع في جميع أنحاء البرتغال للمطالبة بفرض ضوابط على الإيجارات، ووضع حد لعمليات الإخلاء، وتنظيم عمل ملاك العقارات، وإلغاء الإعفاءات الضريبية للمضاربين العقاريين، وزيادة الاستثمار في الإسكان العام والتعاونيات الإسكانية.
لقد نجح اليمين المتطرف في تحميل المهاجرين والمهمشين، مسؤولية انفجار أسعار الإيجارات. ومع ذلك، يظل التناقض الحاصل بشأن عدم استطاعة الحزب الشيوعي وحزب كتلة اليسار، الحزبين الأقرب تاريخيا إلى الحركات المطالبة بإسكان ميسور والوحيدين في البرلمان اللذين وضعا بند الرقابة على الإيجارات في برنامجهما الانتخابي، من تحقيق نتائج أفضل؟