الذكرى الخمسون لانتصار فيتنام / الصين وفيتنام تشكلان تحالفا اقتصادياً مصيرياً


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 8321 - 2025 / 4 / 23 - 02:05
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر     

تريد الصين وفيتنام توسيع شراكتهما التعاونية الاستراتيجية الشاملة. وتعتزم الدولتان تشكيل "تحالف اقتصادي مصيري" ردا على الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. جاء ذلك خلال الزيارة التي استغرقت يومين لزعيم الحزب والدولة الصيني شي جين بينج إلى العاصمة الفيتنامية هانوي، والتي بدأت في 15 نيسان الجاري. وستشكل هذه الشراكة عامل ضغط وازعاج للرئيس الأمريكي.

وبهذا تتخلى هانوي عن حيادها، وموقفها السابق بعدم الانضمام إلى أي تحالف، وتشكل تحالفا اقتصاديا مع بكين. وعمليا، كان الجانبان يعملان على توسيع نطاق تعاونهما، على الأقل من الناحية الاقتصادية، منذ سنوات. وبحسب وكالة أنباء فيتنام، ارتفعت قيمة التجارة الثنائية أكثر من 6400 ضعف خلال العقود الثلاثة الماضية، لتصل إلى مستوى قياسي جديد تجاوز 200 مليار دولار العام الماضي. وتبلغ الرسوم الكمركية الأمريكية المفروضة على فيتنام 46 في المائة، في حين تفرض الولايات المتحدة رسوماً كمركية بنسبة 145 في المائة على صادرات الصين إلى الولايات المتحدة.

شراكة واسعة
تعد فيتنام أكبر شريك تجاري للصين ضمن رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وتحتل المرتبة الخامسة على مستوى العالم. لا تستفيد الشركات الصينية في فيتنام من المبيعات المحلية فقط، بل تستفيد أيضًا من اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية والمتعددة الأطراف الـ 16 التي وقعتها البلاد. وتسمح هذه الروابط التجارية للصين أيضًا بتوسيع علاقاتها مع دول آسيان الأخرى وخارجها ومقاومة ضغوط واشنطن. ولتحقيق أقصى استفادة من اتفاقيات التجارة الحرة مع فيتنام، تتصاعد الاستثمارات الصينية في فيتنام.

على سبيل المثال، ستقدم الصين قروضاً لدعم بناء خط سكة حديد بتكلفة قرابة ثمانية مليارات دولار أميركي. ويهدف المشروع إلى ربط مدينة هايفونغ الساحلية الفيتنامية بالصين. في وقت مبكر من عام 2024، بدأت شركة تكنولوجيا صينية عالمية بناء مصنع لوحات الدوائر الالكترونية في مقاطعة باك نينه الفيتنامية، بقيمة 520 مليون دولار أمريكي. واستثمرت شركة أخرى متخصصة في التكنولوجيا الفائقة 120 مليون دولار في بناء مصنع في العام نفسه. وفق وزارة المالية الفيتنامية، احتلت الصين المرتبة الثالثة في الاستثمار الأجنبي المباشر في فيتنام بداية العام. وحتى من حيث عدد المشاريع الفردية، فقد احتلت الصين المرتبة الأولى، بواقع 251 مشروعاً جديداً، وبلغت حصة الصين قرابة 30 في المائة من إجمالي المشاريع المسجلة.

ولا ينحصر التعاون الواسع على الرد على حرب ترامب التجارية فقط، بل حدد البيان المشترك في ختام زيارة الزعيم الصيني، طبيعة الشراكة ء باعتبارها استجابات مشتركة للتغيرات الجذرية التي ستحدث حتى عام 2030 وما بعده حتى عام 2050. ووفقا لهذا، وبسبب الاضطرابات في السياسة والاقتصاد والمجتمع والعلم، فإن النظام العالمي الجديد يلوح في الأفق بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين، والذي لا يمكن تشكيله إلا من خلال العمل المشترك لكلا الحزبين والبلدين. ويجب التأكيد على ذلك من خلال الاتفاقيات التي في تم توقيعها في قرابة 40 قطاعًا مختلفًا. وبالإضافة إلى النقل، فإن هذه التحديات تشمل أيضًا القطاع الزراعي والاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر.

رفض الاحتواء
وبموجب زيارة الزعيم الصيني والبيان المشترك الصادر في ختام الزيارة، تم رفض محاولات الولايات المتحدة لجعل فيتنام جزءًا من استراتيجيتها لاحتواء الصين بشكل قاطع. وأكد الجانب الفيتنامي أيضا دعمه القوي لسياسة الصين الواحدة التي تنتهجها بكين، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الفيتنامية. وبحسب هذا فإن "تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية"، وأن الحكومة في بكين هي الممثل الشرعي الوحيد للصين، بما في ذلك تايوان.

ويأتي التقارب الصيني - عام الذكرى الخمسين للانتصار التاريخي للشعب الفيتنامي على الإمبريالية الأمريكية، ففي الثلاثين من نيسان 1975، تم تحرير سايغون، عاصمة فيتنام الجنوبية التي كانت خاضعة بالكامل للهيمنة الأمريكية. لقد كانت هزيمة الولايات المتحدة غير مسبوقة تاريخيا في دلالاتها. ويكتسب الاحتفال بالذكرى الخمسين أهمية استثنائية، في عصر عودة واتساع حروب الهيمنة الإمبريالية في العالم. لقد أكد انتصار الشعب الفيتنامي أن هزيمة المعسكر الإمبريالي العالمي على تنوعه ممكنة.