قراءة في حديث السيد جميل بأيك بخصوص القضية الفلسطينية


منذر خدام
الحوار المتمدن - العدد: 7831 - 2023 / 12 / 20 - 10:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

كان السيد بايك، الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، قد أجرى حديثا بانوراميا مطولا تناول فيه مجمل قضايا الشرق الأوسط مركزا بصورة خاصة على القضيتين الفلسطينية والكردية، نشره مركز الأخبار بتاريخ 20/11/2023(وصلتنا نسخة منه). ونظرا لأهمية ما جاء في حديث السيد بايك بخصوص جميع القضايا التي تتطرق إليها، فإنه من الصعب قراءته بمقالة واحدة. مع ذلك نركز الضوء، في هذه المقالة، على ما جاء في حديثه من أراء بخصوص القضية الفلسطينية لتوضيح الموقف الكردي المسؤول منها، بعد أن شابه الالتباس من جراء تصريحات بعض المسؤولين الكرد في شمال شرق سورية. في الواقع لم يكن هذا الالتباس مقتصرا على بعض المسؤولين السياسيين الكرد، بل شمل أيضا بعض القادة والمسؤولين السياسيين العرب، فالقضية معقدة، وتحتمل وجود أكثر من وجهة نظر بحسب الظروف والمصلحة. وبالمناسبة يعد السيد جميل بايك الشخصية الكردية الأبرز بعد القائد الكردي والإنساني عبد الله اوجلان.
يلفت الانتباه في حديث السيد بايك اعتباره " القضيتين الكردية والفلسطينية"، في "حالة من التوازي" وأن حلهما يخلق الأرضية لكي تنتفي " العمليات العسكرية " في الشرق الأوسط، ويسود السلام. لقد استهل السيد بايك جوابه عن السؤال المركب الأول الذي وجه له باستخدام عبارة " الحرب ضد الفلسطينيين " ولم يستخدم العبارة السائدة المراوغة " الصراع العربي الإسرائيلي" مثلا. وأكثر من ذلك فهو قد اعتبر "سياسات الحرب والابادة ضد الفلسطينيين" مستمرة منذ عقود، وما يجري اليوم هو " جزء من هذه الإبادة واستمرار لها". لقد ظل الشعب الفلسطيني، بحسب السيد بايك، "يقاوم الاحتلال والقمع"، ويناضل من أجل "الحرية والتحرر" منذ عقود. من هذه الناحية يشبه السيد بايك "نضال" الشعب الفلسطيني بـ"نضال" الشعب الكردي، فهو لن يتوقف قبل إيجاد حل عادل لقضيته. هذه الحقيقة تتجاهلها للأسف اغلب الدول " الإقليمية والعالمية" وبالأخص إسرائيل وتستعيض عنها بالحرب، رغم ما تسببه من مآسي لشعوب المنطقة.
لقد صارت "القضية الفلسطينية" و"القضية الكردية" من القضايا "المتجذرة" في الشرق الأوسط، وإن قوى " الحداثة الرأسمالية" تزيدهما تفاقما، من جراء صراعها على الموارد والأسواق والهيمنة. إن " اهداف إسرائيل" واضحة بحسب السيد بايك وهي " القضاء على الفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية"، وإن " الهجمات" الحالية على غزة تأتي في هذا السياق بحسب رأيه، ولم تتصرف إسرائيل" خارج نطاق" هذه السياسية حتى الآن. بالطبع يوجد في إسرائيل تيار ديمقراطي أخذ في التوسع يرى عكس ما يراه المستوى السياسي المهيمن فيها، وهو يناصر حل القضية الفلسطينية حلا عادلا، وان الأنشطة التي يقوم بها الشعب الفلسطيني مهمة جدا لتمكين هذا التيار.
ولم يقف الأمر عند وجود تيار في داخل إسرائيل متفهم للقضية الفلسطينية وضرورة حلها حلا عادلا، بل إن عدالة هذه القضية بدأت تحظى "بدعم الشعوب" التي تعاني من هيمنة دول "الحداثة الرأسمالية"، كما تحظى بدعم القوى "الديمقراطية العالمية" والمحبة للسلام، وكل هذا العناصر تعزز النضال الديمقراطي للشعب الفلسطيني في سبيل حل قضيته بحسب السيد بايك.
لكن من جهة أخرى فإن دول "الحداثة الرأسمالية" وتلك الخاضعة لنفوذها، على العكس "يفاقمون المشكلة" ويجعلون حلها صعبا، لأنهم، بحسب السيد بايك، لا يتعاملون معها بـ "المنهج الديمقراطي"، بل على " أساس المصالح السياسية والاقتصادية ". وهذا ينطبق على جميع الدول الغربية، وينطبق أيضا على " تركيا وإيران ". فسياسة تركيا تجاه الكرد كسياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين، فهي تهدف إلى " إبادة الشعب الكردي". وفي مجمل الأحوال فإن الفواعل الدوليين في شؤون الشرق الأوسط يهتمون بمصالح دولهم فقط، وهم بعيدون كل البعد عن "المجتمع" في الشرق الأوسط. فـ "مصالح الدول"، بحسب السيد بايك، تعتمد بالكامل على معاداة المجتمعات.
وإذا كان ما يجري في غزة " مؤلم ومحزن " نتيجة الإبادة القاسية التي يتعرض لها الفلسطينيون، فمن المؤكد أن الشعب سيحاسب هذه "الذهنية وهذه الدول". وبكل وضوح، وعلى عكس مواقف بعض القوى الكردية والعربية فإن السيد بايك " يدين بشدة تلك القوى التي تدعم سياسات الإبادة الجماعية التي تتبعها دولة إسرائيل" كما انه يدين القوى التي تعلن دعمها للشعب الفلسطيني في العلن وتناصر إسرائيل في الحقيقة والفعل، فهم بحسب رأيه ليسوا "أصدقاء للشعب الإسرائيلي" ولا "للشعب الفلسطيني. لا ينبغي لأحد، بحسب السيد بايك، أن يقف "ضد القضية المشروعة للشعب الفلسطيني وللشعب الكردي"، ولا ينبغي أن " يدعموا سياسات الإبادة الجماعية" وعلى القيادة الإسرائيلية ان توقف عدوانها على غزة وان تتخلى عن "سياسات الحرب والابادة الجماعية" ضد الفلسطينيين.
إن "السيناريوهات" التي تتحدث عنها إسرائيل خطيرة بحسب السيد بايك، فلا يجوز "تهجير أي شعب او مجتمع" من وطنه. فمنذ قيام إسرائيل وهي تسعى "لتهجير" الشعب الفلسطيني من " أراضيه ومصادرتها" وقد فعلت ذلك في السابق وهي تفعل اليوم. هذا "الوضع غير مقبول ابداً"، وما يريده السيد بايك " للشعب الكردي يريده ايضاً للشعب الفلسطيني"، فالشعب يجب ان يبقى على اراضيه