الحرب في أوكرانيا وعلى ساحة العالم


محمد حسن خليل
الحوار المتمدن - العدد: 7185 - 2022 / 3 / 9 - 15:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

المحتويات
مقدمة 1
مسار نشأة العالم متعدد الأقطاب 2
الصين 2
روسيا 3
الرد الروسي على التحدي 5
الإدارة الأمريكية لمرحلة التراجع الاستراتيجي 6
أوكرانيا والفاشية 7
الرأسمالية والهيمنة والحروب 10
خلاصة واستنتاجات 11

مقدمة
الحرب، أي حرب، هي مأساة إنسانية، وفي عصر الرأسمالية، أم الحروب خلال القرون الخمسة الأخيرة، وبزيادة ما تحمله التكنولوجيا المتقدمة في أساليب القتل والتدمير، فإن الحرب تغدو مأساة مضاعفة. والحرب العدوانية من أجل الاحتلال والاستغلال مدانة مطلقا، ولكن الأمر في أوكرانيا ليس كذلك تماما. كما أن الحرب مشروعة تماما عندما تكون حربا من أجل التحرر من سيطرة وقهر واحتلال، ولكن أيضا ليست الحرب في أوكرانيا كذلك تماما. والحرب فعل سياسي في المحل الأول كما أدرك وصاغ كلاوزفيتز، فيلسوف الحرب الأشهر منذ نحو قرنين من الزمان، عندما قال عبارته الشهيرة: "الحرب امتداد للسياسة بطريقة أخرى". ولهذا فسياق الحرب، وليس مجرد ما حدث خلال الأسبوع الأخير، هو وحده ما يمكننا من فهم الموضوع قبل اتخاذ أي موقف منه.
والحرب الحالية هي صراع بين أقطاب العالم الجديدة التي نشأت خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين كنتيجة لتطور ميزان القوى بين الدول الكبرى في العالم، وهو بالطبع واقع لا يمكن سبر أغواره إلا بفهم تاريخه. شهدنا العالم أحادي القطبية في ظل الإمبراطورية البريطانية التي لا تغرب عنها الشمس حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. وانبثق النظام ثنائي القطبية في أعقاب الحرب العالمية الثانية بين المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي، وبين المعسكر الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية. استمرت الثنائية القطبية نحو نصف قرن، حتى حل حلف وارسو وانهيار دول أوروبا الشرقية، ثم انهيار الاتحاد السوفيتي، في الفترة بين 1989 و1991. في ذلك التاريخ الأخير انبثق العالم أحادي القطبية بزعامة أمريكا وحدها، واستمر، في رأينا، لعقدين من الزمن، حتى نشأ العالم متعدد الأقطاب.
مسار نشأة العالم متعدد الأقطاب
ولكن هذا العالم بدأ يتغير، وبدأ نظام دولي جديد متعدد الأقطاب ينبثق خلال العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، بالذات ببروز كل من الصين وروسيا كقوى دولية. لهذا فخلفية الصراع الذي انفجر عسكريا في أوكرانيا هي انعكاس تطورات توازن القوى على الساحة العالمية، والصراعات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تتفجر خلال عمليات إعادة صياغة التوازن الجديد. لذا نتابع فيما يلي كيف نشأ العالم متعدد الأقطاب خلال السنوات العشر الأخيرة أو نحو ذلك، مع درجات من الرجوع للتاريخ الحديث كلما كان ذلك ضروريا.
الصين
نبدأ بالصين كقطب عالمي حاليا بدون شك. تطورت الصين خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين اقتصاديا من الاقتصاد السابع في العالم عام 2000 (1) إلى الاقتصاد الثاني عام 2010 ، وفي عام 2017 أصبحت الدولة الثانية في العالم، من حيث الناتج الإجمالي العالمي، ولكنها تصبح الأولى فقط وفقا لنظام تعادل القوى الشرائية PPP. ولكن في كل الأحوال فإن الصين تسيطر على نحو ثلث التجارة العالمية. كما تطور امتلاك الصين للتكنولوجيا المتقدمة، فتصنع صاروخا فرط صوتيا وترسل محطة فضاء مدارية صينية. ومنذ عام 2009 غيرت الصين عقيدتها العسكرية من عقيدة دفاعية إلى عقيدة هجومية، وأصبحت الآن تمتلك ثلاث حاملات الطائرات، كما أصبحت القوة البحرية الأولى في العالم.
وأهم معالم قوتها هو طرحها لأكبر مشروع تجاري استثماري في عصرنا الحديث وهو مشروع الحزام والطريق. وهذا يستلزم، كما في كل رأسمالية، امتداد النفوذ العسكري معه تحت دعوى ما يسمى "حماية المصالح"، فتنشئ قواعد عسكرية، في جيبوتي (2) على مضيق باب المندب عام 2015- 2017، ثم شبه قاعدة حديثا في غينيا الاستوائية على الساحل الغربي لأفريقيا المواجه لأمريكا. والصين تسميها نقاط قوة استراتيجية نظرا "للإرث الاستعماري لكلمة "قاعدة عسكرية"؟! ولكنها قامت ببناء مائة ميناء في أفريقيا، وهو ما يتعدى بناء مرفق خدمات للمواصلات البحرية، سواء من حيث التصميم الذي يأخذ في اعتباره الاحتياجات العسكرية من حجم وعمق مياه، أو من حيث قيامها بإدارة تلك الموانئ، أو من حيث امتلاكها للميناء في حالة عجز الدولة المضيفة عن سداد ديونها للصين، وهو ما حدث في عدد من الحالات .(3)
روسيا
أما روسيا، فقد انهار الاتحاد السوفيتي، ليس أساسا نتيجة مؤامرات الغرب الرأسمالي عليه (رغم وجودها وشدتها)، حيث اعترف كل من كيسنجر وبريجينسكي، فيلسوفيّ السياسة لكلا الحزبين الأمريكيين الجمهوري والديمقراطي، أن سقوط الاتحاد السوفيتي كان مفاجأة لهما رغم كل ما فعلته أمريكا في مواجهته. السبب الأساسي لسقوط التجربة الاشتراكية الضخمة في الاتحاد السوفيتي هو تناقضاتها الداخلية عبر حلقات من التضحية بالديمقراطية الاشتراكية في عهد ستالين، ومظاهرها وأد التحالف بين العمال والفلاحين، وترحيل القوميات عبر الولايات، وحل النقابات...الخ . (4) ثم استمر المسار وصولا إلى سياسات التهدئة مع الغرب لبريجينيف، وكذلك نمو واتساع البيروقراطية وما يصاحبها من فساد إلى درجة النمو المتوالي للمافيا الروسية، حتى جاءت السياسات المهلكة لجورباتشوف بالتعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة (5)، حيث اعتبر أن التناقض بينهما قد انتهى بتخلي روسيا تدريجيا عن مقومات الاشتراكية واختيار اقتصاد السوق. والخطأ التاريخي الضخم الذي وقع فيه هؤلاء الزعماء هو الظن أن تخلي الاتحاد السوفيتي عن الاشتراكية كفيل بأن يصبح الغرب صديقا لهم.
قبيل انهيار الاتحاد السوفيتي، قام بحل حلف وارسو بناء على تعهد شفوي من أمريكا والغرب بمنع تمدد الحلف شرقا. وجاءت النهاية بتفكك الاتحاد السوفيتي إلى خمس عشرة دولة، ومضى عقد كامل من الانهيار والانحلال تم فيها خضوع روسيا للمافيا، ونهب أصول الدولة من مصانع والكثير من الامتيازات البترولية وغيرها. ولم يكتفِ الغرب بكل هذا، بل وصرح مفكروه وعلى رأسهم بريجينسكي، عام 1997 في عهد الانهيار، بأن الأفضل للغرب هو تقسيم روسيا الاتحادية إلى ثلاث جمهوريات، واحدة أوروبية وثانية في سيبيريا وثالثة تضم الأجزاء الإسلامية الأسيوية في جنوبه مثل الشيشان وغيرها.(6)
ويتسق هذا مع المخطط الأمريكي للهيمنة السياسية والاقتصادية والعسكرية على العالم. وهذا بالطبع واقع سابق، ومعاصر، ولاحق لانهيار روسيا السوفيتية، حتى لو تخلى عن الاشتراكية وأصبح رأسماليا، وحتى تفتت إلى 15 دولة. ومن المعروف أن أكبر إضعاف للخصم هو تفتيت وحدته الإقليمية إلى دول متعددة، وهو ما رأيناه، فضلا عن الاتحاد السوفيتي، في مثال يوغوسلافيا، كما رأينا محاولته المدعومة غربيا لتفتيت الدول العربية على يد حليفهم، الإسلام السياسي، خلال ما عرف بالربيع العربي. لهذا توصف تلك الظاهرة بالبلقنة، وتعد إحدى سمات العولمة أو العصر الأحادي القطبية.
اكتشفت روسيا الاتحادية حقيقة موقف الغرب وأمريكا منها متأخرة، وحاولت على يد بوتين منذ بداية القرن الحادي والعشرين استعادة تماسكها كدولة بإعادة تماسكها السياسي، وبناء اقتصادها، وإعادة بناء جيشها المنهار. لقد حنث الغرب بوعوده بعدم تمدد الناتو شرقا، واستغل ضعف روسيا في التوسع بضم 14 دولة من دول أوروبا الشرقية ودول كانت ضمن الاتحاد السوفيتي السابق إلى الحلف بين أعوام 1999 و2020، واقترب بشدة من الحدود الروسية. (7)
ويكثر الحديث عن ضعف روسيا اقتصاديا أو أنها دولة ريعية، وهو قول غير صحيح وليس مجرد غير دقيق. الناتج المحلي الإجمالي حاليا يجعل روسيا في المرتبة الثانية عشرة وفقا لأسعار الصرف الرسمية، ولكنها تصبح في المرتبة السادسة وفقا لنظام تعادل القوى الشرائية PPP، وهو الأدق كما نعرف. كما إن الاقتصاد الروسي اقتصاد إنتاجي في المحل الأول، رغم اعتماده على ريع الغاز والبترول وضخامته: فلديه اقتصاد زراعي متقدم يجعله أكبر مصدر للقمح والحبوب في العالم. أما من ناحية الصناعة فهناك ميزة ضخمة وعيب كبير، ولكن بدأ تداركه وبدأ تأثير ذلك التدارك.
في مرحلة الانهيار كما أسلفنا في عقد التسعينات تم بيع آلاف المصانع للدول الأجنبية، وغالبها اشترتها ألمانيا ونقلتها لأراضي أوروبا الشرقية. ولكن حافظت روسيا على مقومين صناعيين شديدي الأهمية لا تمتلكهما الكثير من الدول الصناعية من الدرجة الثانية: أولا امتلاك التكنولوجيا المتقدمة، وثانيا امتلاك الصناعات الثقيلة التي تسمح بتصنيع الآلات. ظهر أثر ذلك الملمح للتقدم الصناعي في تطوير الإنتاج العسكري، وتطوير تكنولوجيا الصواريخ والفضاء، وتطوير الصناعات النووية. وينعكس تركيب الاقتصاد على هذا النحو في صورة الصادرات التي يتصدرها البترول والغاز، والقمح والحبوب، والأسلحة والمفاعلات النووية لتوليد الطاقة الكهربية. واعتمدت روسيا على استيراد السيارات والأدوات الكهربائية ونواتج مختلف الصناعات التقليدية من أوروبا الغربية.
ولكن كان للعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا بعد ضم القرم عام 2014 أثر هائل: إذ قررت روسيا عام 2015 عمل خطة لمدة خمسة عشر عاما لتصنيع البلاد والاكتفاء الذاتي تبدأ في 2017 وتنتهي بنهاية عام 2031. وعلى عكس أمريكا، تمتلك روسيا فائضا ضخما في ميزان مدفوعاتها، وتراكم مخزونا ضخما من الذهب، وتعدل احتياطيها النقدي لتقليل وزن الدولار واللجوء إلى زيادة التبادل بالروبل، وزيادة احتياطي النقد الأجنبي لديها ليشتمل على اليوان الصيني والين الياباني واليورو الأوروبي.
كما أن هناك فارقا هاما تغفله الإحصائيات الرقمية: فمنذ سنوات قلائل كان الغرب يقارن بين الميزانية العسكرية الأمريكية البالغة وقتها 700 مليار دولار، والميزانية العسكرية الروسية البالغة في نفس التوقيت 67 مليار دولار، أي نحو العشر. ولكن عند رؤية ما تحققه كلا الدولتين نجد أن روسيا تنجح أولا في التفوق العسكري على الغرب في قدرات الطائرات الصواريخ، وثانيا نرى الفارق الضخم بين السعر بين السلاح الأمريكي والمناظر له الروسي في المواصفات إلى درجة عدة إضعاف، وهذا يرينا طبيعة النظام الأمريكي ودور الدولة في توريد المبالغ الهائلة للاحتكارات المشكلة للمجمع الصناعي العسكري، مما يؤثر على عائد المبالغ الكبيرة. وبالنسبة لآخر أرقام متاحة (عن عام 2020) فإن الإنفاق العسكري يبلغ في الولايات المتحدة 738 مليار دولار، مقابل 193 للصين و61 لروسيا. (8) ورغم هذا نرى تصاعد القوة العسكرية للصين وروسيا بمعدلات ضخمة، حتى مقارنة بأمريكا.
الرد الروسي على التحدي
مع تزايد تماسك وقوة روسيا بدأ التحدي لخطوات الغرب، وبرز هذا في ثلاثة مواقف خلال الفترة بين أعوام 2007 و2022. ففي فبراير عام 2007 رفض بوتين، خلال مؤتمر ميونخ للأمن، (9) محاولات مزيد من التوسع لحلف شمال الأطلنتي، بالذات بضم جورجيا وأوكرانيا.
بدأ أول صدام مسلح في جورجيا عام 2008. كانت هناك مقاطعتين، أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، يعيش فيهما أغلبية مسلمة مرتبطة عرقيا بأذربيجان ولهما حقوق قومية مضطهدة من قبل جورجيا، فأعلنا استقلالهما، فنشأت حرب بينهما وبين جورجيا، وتدخلت روسيا للتهدئة ووقف إطلاق النار، وأرسلت قوات سلام تقف على الحدود بينهما. لكن الرئيس الجورجي سكاشفيللي، والذي كان وقتها يجري المباحثات لانضمامه إلى حلف الناتو، تصور أنه في وضع قوي، وأن الناتو لن يخذله، فقرر اجتياح أبخازيا عسكريا، وقتل جنودا روس من قوات حفظ السلام على الحدود. أدى هذا إلى تدخل روسي عسكري ضخم، واعترفت روسيا باستقلال الجمهوريتين، أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وترك الغرب ساكاشفيللى دون الدعم العسكري الذي توقعه، فسقط نظامه. (10)
والصدام الثاني كان في أوكرانيا عام 2014، حيث القصة أكثر تعقيدا: فأوكرانيا تضم القرم، مدخل روسيا إلى البحر الأسود. والقرم أرض روسية منذ استيلاء روسيا عليها خلال حربها مع الإمبراطورية العثمانية عام 1874، ولم يتم ضمها إلى القرم إلا عام 1954 على يد خروشوف، وأصله أوكراني، لأسباب قيل فيها ما هو موضوعي وكذلك ما هو ذاتي. وبعد استقلال أوكرانيا اتفقت معها روسيا على معاهدة تأجير موقع القاعدة العسكرية في القرم لعشرين عاما تنتهي عام 2017، في مقابل إمداد أوكرانيا بالغاز بسعر تفضيلي مخفض. وانعكس الصراع بين روسيا والغرب في صورة السعي لتولي حلفاء سياسيين داخليين له تأمينا لمصالحه (وهو ما يتكرر في مختلف الدول المكونة للاتحاد السوفيتي السابق وأوروبا الشرقية).
ثم جاءت الحرب الثالثة الحالية، وبدايتها كما هو معروف بمطالبة بوتين في ديسمبر 2021 بالتعهد بعدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، وتراجع أسلحة الناتو من على الحدود معه، وحينها كان من الممكن تفادي الحرب بتطبيق نفس المعايير التي تطبقها أمريكا والدول الكبرى على أمنها القومي، ولكن برز المخطط الأمريكي لاستهداف روسيا للحرب، ومن خلالها لإخضاع أوروبا وحل أزماتها عن طريق العسكرة. ورغم إعلان أمريكا عن عدم نيتها هي وحلفاءها خوض حرب بقواتهم، إلا أن بداية اللعب بالنار غير مضمونة النتائج.
الإدارة الأمريكية لمرحلة التراجع الاستراتيجي
بالقطع تدرك الإدارة الأمريكية والحزبين الرئيسيين ومراكز الفكر مسألة تراجع الوزن النسبي لأمريكا في مختلف المجالات، ولكن تختلف التكتيكات حول إدارة هذه العملية. بالطبع لازالت أمريكا تمتلك عناصر شديدة الحيوية للقوة والهيمنة العالمية، فهي رغم تراجع وزنها الاقتصادي النسبي مقاسا بالناتج المحلي الإجمالي من الثلث طوال معظم النصف الثاني من القرن العشرين إلى 28% عام 2000، ثم إلى 24% حاليا، مقاسا بأسعار التحويل الرسمية بين العملات؛ وهذا يضعها في المرتبة الأولى عالميا، وتظل كذلك في المرتبة الثانية بعد الصين عن قياس الناتج المحلي الإجمالي وفقا لنظام تعادل القوة الشرائية للعملة.
ويتضح أكثر التراجع الاقتصادي الأمريكي من تقلص نسبتها من التجارة العالمية حيث تحتل الصين المرتبة الأولى، وكذلك الارتفاع الشديد في المديونية التي تجاوزت حاليا 30 ترليون دولار، وتراجع معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي. ولكن أهم عنصر في قوة النظام الاقتصادي الأمريكي هو الاستناد إلى هيمنة الدولار كعملة التبادل الرئيسية في الاقتصاد العالمي، سواء في عهد الدولار الذهبي (1944- 1971)، أو بعد هذا العهد عندما كان الناتج المحلي الأمريكي ضامنا في ثمانينات القرن العشرين، أو حتى بعد ذلك حتى الآن، وهو ما يتيح لأمريكا إصدار الدولارات الورقية دون أن تسبب تضخما في الداخل حيث تشتري بأوراقها المطبوعة السلع الاستهلاكية والأصول الإنتاجية من العالم! كما لاتزال أمريكا القوة العسكرية الاستراتيجية الأولى في العالم، فهي القوة الوحيدة التي تمتلك نفوذا عسكريا عالميا من خلال نحو 750 قاعدة عسكرية برية وبحرية وجوية في العالم موزعة على واحد وثمانين دولة. (11)
وفي إدارة عملية التراجع تلك تتذبذب أمريكا كثيرا بين النزعات الأكثر عدوانية كما رأينا في فترة المحافظين الجدد عهد بوش الابن (2000- 2008)، وبين النزعات المحافظة المنكفئة على الذات في فترة شعبوية ترامب (2016- 2020). ومن المهم التنبيه إلى رأي كيسنجر عام 2021 بنقد التردد الأمريكي وينصح القادة الأمريكيين بالقبول بحقائق صعود الصين بدلا من العدوانية في عهد عناصر القوة المتراجعة. وحاليا ينحاز بايدن إلى نزعة عدوانية سافرة من خلال محاولة إضعاف روسيا من خلال استنزافها في أوكرانيا، وتطوير والدفع بالعسكرة العالمية، مع إضعاف المنافسين الأوروبيين، ويكفي تدليلا على ذلك تراجع اليورو أمام الدولار حتى تقاربت قيمتهما.
أوكرانيا والفاشية
والغرض من استعراض تلك اللمحة التاريخية عن أوكرانيا هو البحث عن الأساس الاجتماعي لانقسام أوكرانيا بين الشرق الذي أُعلِن فيه عن جمهوريتيّ دونيتسك ولوجانسك، والغرب الذي يحكم فيه حاليا التيار الفاشي بزعامة زيلنسكي، هذا بالطبع إذا أردنا فهما أعمق من التسطيح السائد بالذات في الإعلام الغربي الذي يتحدث عن "الجمهوريتين العميلتين" أو "أنصار موسكو"، أو حتى من تحدثون عن سبب سلوك زيلنسكي الفاشي باعتباره يعود إلى "أصله" كممثل كوميدي ويفتقر الخبرة السياسية.
أوكرانيا بلد كبير، تضم 42 مليونا من البشر، ثاني أكبر جمهورية في الاتحاد السوفيتي السابق والدولة المتقدمة سياسيا واقتصاديا وتكنولوجيا وبها شعب له تاريخ عظيم، وليست مجرد ساحة تدور عليها المعركة بين القوى الدولية التي تتصارع على زعامة العالم. أوكرانيا التاريخية، غرب أوكرانيا الحالية، هي بلد زراعي متخلف. عند نشأة روسيا السوفيتية، وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى، وعلى خلفية الأزمة الاجتماعية التي تسببت في الحرب العالمية الأولى وعمقتها تلك الحرب، كان هناك تيارات سياسيان يتصارعان في أوكرانيا: التيار الفاشي، وأساسه الاجتماعي الغرب الفلاحي المتخلف، والتيار التقدمي بتأثير المد الشيوعي في روسيا قبيل، وأثناء، وبعيد الحرب العالمية الأولى. وأثناء تشكيل الاتحاد السوفيتي نزع التيار التقدمي للانضمام، أو بالأحرى للاستمرار في الانتماء إلى روسيا السوفيتية، كما نزع التيار القومي الفاشي إلى الاتجاه المعاكس.
وكما هو معروف، انتصر التيار التقدمي، ولكن هذا لم يكن منفصلا عن سلوك لينين الذي ضم الشرق الحالي إلى أوكرانيا التاريخية، ويضم إقليميّ الدونباس وميناء أوديسا على البحر الأسود. ساهم هذا في إقناع الغرب بالانضمام إلى الاتحاد السوفيتي كجمهورية مستقلة، ولكنه كان أيضا، من وجهة نظر لينين، تطويرا للتركيبة الاجتماعية الأوكرانية من خلال ضم أقاليم صناعية بها طبقة عاملة تقدمية مناضلة، ولا يغيب عنا الدور البطولي الذي لعبه عمال وبحارة أوديسا في الثورة. هذا الضم الذي لعب دورا هاما في تأسيس الاتحاد السوفيتي، لعب دورا تقدميا، إلا أن التاريخ لا يموت.
أثناء الحرب العالمية الثانية وبعد احتلال هتلر لأوكرانيا والشرق، عبر الاتجاهان المتعارضان في أوكرانيا عن نفسهما سياسيا في صورة تيار تقدمي لعب دورا باسلا في مواجهة هتلر تحت الاحتلال وأثناء معركة التحرير، ولكن أيضا تمكن هتلر من تكوين فريق أوكراني فاشي رجعي يغتال أعضاء الحزب الشيوعي السوفيتي ويتعاون مع هتلر. (12) ويعود أساس نشأة هذا التيار، ليس فقط إلى التاريخ، ولكن يغذيه استبداد ستالين، بالذات فيما يخص سياسة التجميع الزراعي الإجباري، والاستبداد في مسألة الأقليات القومية. فصل من التاريخ لا يبرز تفسيره إلا على مستوى التسطيح السوفيتي الذي يبرز عنصر المقاومة، والتسطيح الغربي الذي لا يرى سوى التيار الفاشي باعتباره "التعبير الحقيقي عن أوكرانيا"!
وتكرر الانقسام التاريخي بشكل أصيل أيضا في الأزمة السياسية الاقتصادية الاجتماعية قبيل، وبالذات بعد تحلل الاتحاد السوفيتي، وتكررت الميول التقدمية وأساسها الشرق الصناعي، والميول الفاشية وأساسها الاجتماعي التخلف الفلاحي في الغرب. بالطبع غني عن الذكر استغلال الغرب للتيار الفاشي وتدعيمه، ومساهمته الضخمة بما فيها المساهمة العسكرية المستترة، في انقلاب عام 2014 على رئيس منتخب، يانوكوفيتش، متحالف مع روسيا، أيا كان ملاحظاتنا عليه. والتيار الفاشي يلعب دورا خطيرا في تعميق العداء القومي للسكان الروس والمتروسين في شرق أوكرانيا، وقام فيما بعد بحظر اللغة الروسية ومنع التعليم بها وإلغائها كلغة معترف بها بجانب اللغة الأوكرانية.
لهذا حارب سكان الشرق هذا التيار الفاشي وأعلنوا استقلالهم من جانب واحد، وليس ل"عمالتهم للروس" كما يدعي الإعلام الغربي. شن التيار الفاشي حربا شعواء على الشرق سقط فيها أكثر من ثلاثة عشر ألف قتيل، ومارسوا كل أشكال العنف الفاشي التاريخية والمستحدثة، دون كلمة واحدة من الغرب المنافق. ولم تنتهز روسيا الفرصة للاعتراف بجمهوريتي الشرق، ولا لضمهم، كما أن مطالب الشرق نفسه كانت تتراوح في حدها الأقصى بالاستقلال، وفي حدها الأدنى بالحصول على الحكم الذاتي وحقهم في استعمال لغتهم والتعلم بها وتنمية ثقافتها. ساعد الروس تلك المطالب العادلة، وأسفرت محادثات قمة نورماندي بين الحكومة الأوكرانية وحضور كل من ألمانيا وفرنسا، أسفرت عن اتفاقية مينسك الأولى لعام 2014 بالاستجابة للطموحات الديمقراطية المشروعة للشرق الأوكراني من خلال تقنين الحكم الذاتي، مع الحفاظ على وحدة الدولة الأوكرانية. عادت أوكرانيا للحلقة الثانية من الحرب واستولت على أجزاء هامة من غرب الجمهوريتين الشرقيتين. وعادت نفس الوساطة وأسفرت عن اتفاقية مينسك لعام 2015.
مضت تلك السنين كلها حتى عام 2022 ولم تفِ الحكومة الأوكرانية بتعهداتها، ولم يطالبها الغرب، وبالذات أمريكا، بهذا، واستغلت ذلك الانقسام في صراعها مع روسيا الصاعدة. الغرب المنافق يؤيد التيار الفاشي ولا ينتقد سلوكياته الفاشية، ولا يهمه الشعب الأوكراني، في الحقيقة، في القليل أو الكثير، ولا يهتم إلا بالكيد لروسيا حتى لو كان فيها فناء آخر جندي أوكراني. ولكن في المقابل فإن بوتين، في خطابه المطول عشية دخوله في الحرب، يهتم بإبراز غياب التكون التاريخي لقومية أوكرانية، وينتقد لينين لضم الشرق الصناعي إليها كما ينتقد خروشوف لضم القرم إليها أيضا، وبالطبع ينتقد على رأس الجميع، التيار الفاشي الحالي، لينهي الخطاب (14) بالاعتراف بجمهوريتي الشرق الأوكراني . وهذا بالطبع لا يتطابق مع دعوتنا إلى حق تقرير المصير واحترام اختيارات الشعب الأوكراني، سواء بالحكم الذاتي في إطار دولة واحدة أم بحق الانفصال، على أن يتم هذا بالطبع في مناخ ديمقراطي بعد إسقاط الفاشية والعدوانية المؤيدة من الغرب.
الرأسمالية والهيمنة والحروب
هذا هو الدرس التاريخي للرأسمالية منذ نشأتها، بالذات في إنجلترا منذ خمسة قرون: إن وفرة الإنتاج الناتجة عن توفر الإنتاج حتى في عهد الورشة الحرفية هي الدافع للتجارة الخارجية، وطرق التجارة يجب حمايتها عسكريا، والسعي لامتلاك المستعمرات يوفر المواد الخام والأسواق لتصدير السلع، وفيما بعد لتصدير رأس المال. ويهمنا هنا أن نوضح الفارق الجوهري بين النظام العالمي ثنائي القطبية الناشئ بعد الحرب العالمية الثانية وبين النظام المتعدد الأقطاب في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين. لقد كان التناقض بين المعسكرين في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية هو تناقض في الهدف: بين طرف رأسمالي يسعى لاستغلال العالم، وبين طرف اشتراكي ساعد في التعاون مع دول العالم الثالث في التنمية وفي الدفاع عن نفسها ضد الضواري الإمبرياليين.
أما في الفترة الحالية، فرغم عداء المعسكر الغربي لكل من روسيا والصين، فإنهم يتحدون في القيم الرأسمالية: كليهما ينادي بحرية التجارة والاستثمار، وكلهم أعضاء في منظمة التجارة العالمية وفي مختلف مؤسسات التمويل الرأسمالية، وقد رأينا كيف أن شي جين بينج كان يعترض على نزعة ترامب الحمائية لمخالفتها لمبادئ منظمة التجارة العالمية. لقد شقت كل من الصين وروسيا طريقا مختلفا، ووصلتا كلتيهما إلى الرأسمالية في النهاية. الفوارق بينهما وبين الغرب هي أضيق كثيرا مما سبق، أي الفرق بين الدول الرأسمالية الغربية التي تريد الاستمرار في هيمنتها على العالم دون منافسين أو بإضعاف هؤلاء المنافسين إلى أدنى حد ممكن.
يلح الغرب على تصوير التناقض بين دوله من جهة وبين الصين وروسيا من جهة أخرى بأن الغرب دول ديمقراطية يجري فيها تداول للسلطة بينما روسيا والصين دول استبدادية. ولكن هناك ملاحظات هامة: أولا أن الغرب في أمريكا وأوروبا الغربية لا يمكن اتهامه بالديمقراطية، فتداول السلطة داخله يدور عادة بين حزبين أو أحزاب قليلة جدا، ويحافظ دائما على مصالح الطبقات الرأسمالية ضد مصالح الجماهير من خلال تطبيق السياسات الاقتصادية النيوليبرالية، رغم اختلاف الدرجات طبعا بين المغرق في اليمينية مثل أمريكا وإنجلترا وبين اقلها مثل ألمانيا والدول الإسكندنافية. كما أن معايير الغرب "الديمقراطية" يتضح معناها الحقيقي في الدفاع عن الديمقراطية الفاشية العنصري لزيلنسكي في أوكرانيا، وديمقراطية إسرائيل المزعومة، كما تتسع لدول مثل السعودية وغيرها. وبالطبع فإن هذا يوضح نفاق الغرب، ولكنه لا يدافع عن أوضاع الديمقراطية في تلك البلدان التي انتقدناها في غير موضع في هذا المقال وغيره. إلا أن هناك فارقا هاما لصالح كل من الصين وروسيا في مقابل الغرب، فالسياسات الاقتصادية الداخلية هي في المحل الأول سياسات كينزية تراعي بدرجات كبيرة مصالح طبقات شعبية في التعليم والصحة والتأمين الاجتماعي والخدمات على غرار الدول الإسكندنافية بدلا من السياسة النيوليبرالية في الغرب القح. وبالطبع فقد أوضحنا اشتراك كلا القطبين في القيم الرأسمالية الاقتصادي بشقيها الكينزي التوسعي والنيوليبرالي الانكماشي.
خلاصة واستنتاجات
الحرب فعل سياسي، استمرار للسياسة بطريقة أخرى، والحروب لا تقتصر على فترة تبادل إطلاق النار، بل تسبقها ربما بكثير. ولغرض التوضيح نود الفصل بين فهم منطق الحرب والمواقف الحقيقية لمختلف الأطراف، وبين الاستنتاجات الضرورية، وموقفنا منها. سياق الحرب هو صراع على زعامة العالم، منافسة بين طرفين عالميين، طرف غربي بزعامة أمريكا التي تزعمت العالم لعقدين، وطرف بازغ أهم أطرافه روسيا والصين تطورت قوتهم الشاملة بالذات اقتصاديا وعسكريا، ويطالبون بأن ينعكس ميزان القوى الجديد على تأمين مصالحهم، على الأقل من زاوية عدم تهديد أمنهم القومي. الطرف البازغ، هنا روسيا ولكنها مشاركة أيضا مع الصين، طَوَّر قواه العسكرية بجانب السياسية والاقتصادية، وعانى طويلا من القهر القومي طوال عقدين، ويرفض مزيدا من الإذلال من خلال العبث بأمنه القومي ووضعه تحت مدي الصواريخ النووية القريبة بدون فسحة تذكر للإنذار.
أمريكا من جهتها تدير مسألة تراجع وزنها الاقتصادي والسياسي بعدوانية مشوبة بالتردد (بما يتفق مع مضمون وصف كيسنجر، بعجزها عن مجرد الاعتراف ببساطة بتغيير الأوزان الاستراتيجية في العالم)، ولكنها تضع خطة للاستنزاف القصير أو الطويل لروسيا، وتستفيد من إخضاع أوروبا وإضعافها اقتصاديا وتذكيرها بأنها مازالت مضطرة لتلمس حمايتها من الدب الروسي.
ورغم عدم تساوي الأطراف في المعركة الكبرى الأساسية، إذ تبرز عدوانية الطرف الغربي الذي كان بإمكانه تحقيق مطالب روسيا الأمنية وتأمين حياد أوكرانيا وتفادي الحرب، إلا أن هذا لا يعني تبرئة روسيا بالكامل. كل الأطراف على قمة الصراع العالمي تشترك في سمتين جوهريتين: التبشير بقيم اقتصاد السوق الذي يستعبد بلادنا وأغلبية بلاد العالم، وفي ربط ثرائه الاقتصادي بالعسكرة وتقاسم النفوذ على الصعيد العالمي.
والطرف الأوكراني كشعب يعاني طبعا من حرب تدور على ساحة بلاده وتضر به رغم كل ما تقوله أو تحاوله موسكو من عن حرص على تجنب المدنيين. حتى إذا كان قادة الاتجاه الفاشي الحاكم في أوكرانيا يسمح لنفسه بأن يكون مخلبَ قط للإمبريالية الأمريكية، حتى إلى الدرجة التي يتوهم فيها أنها لن تتركه يغرق دون أن تتدخل، فإن هذا لا يدعونا إلى أخذ الشعب الأوكراني بجريرة زعمائه.
وبلادنا تعاني كما يعاني معظم العالم من تفاقم الأزمات الاقتصادية نتيجة لتلك الحرب، وارتفاع الأسعار بالذات أسعار الغذاء، وكذلك المحروقات بالنسبة للبلاد المستوردة لها، كما تعاني كذلك من تطور نزعات العسكرة وصعود القوى الفاشية القومية.
ولابد وأن يرتفع صوت الشعوب مطالبة برفض الفاشية، ورفض ميول الهيمنة، ورفض العسكرة. لابد من تلمس صوت شعبي ينادي بما هو مشترك بين الشعوب كلها في جميع أنحاء العالم، ورفض الرأسمالية والاستغلال أساس كل الشرور.
كما لابد وأن تعي بلادنا الدرس الذي يتكرر للمرة الألف: إن انعكاس كوارث العالم علينا إنما يتفاقم بسبب عجزنا عن الاعتماد على أنفسنا في توفير غذائنا، ومن أجل السيادة الغذائية، وتوفير احتياجاتنا من الصناعات الاستهلاكية والثقيلة، وامتلاك التكنولوجيا. لابد من الاهتمام بالبشر أساس التنمية، ولابد من الاهتمام بالتعليم والصحة، ولا طريق أمامنا إلا طريق التنمية والتخلص من التبعية. لا مستقبل لشعبنا إلا بأن نمتلك مستقبلنا، ولا يتحقق هذا إلا بأن نسيطر على شروط تجدد الإنتاج في مجتمعنا، نسيطر على شروط تجديد إنتاج قوة العمل بإنتاج غذائنا، ونسيطر على شروط تجديد الإنتاج الصناعي بالدخول في صناعة وسائل الإنتاج، ونسيطر على إنتاج مرافقنا من مواصلات وطرق وكهرباء وغيرها، ونسيطر على التكنولوجيا الحاكمة لكل ذلك، وبدون هذا فلا مستقبل لنا.
المصادر
(1) تشاو كه يوان: "ما مدى إمكانيات تواصل نمو الاقتصاد الصينى؟" الباب الثانى من كتاب الاقتصاد الصينى العقبات والحلول للكاتب الصينى هان باو جيانج (محرر ومؤلف مشارك). 2013

(2) الصين نحو إنشاء أول قاعدة عسكرية على الساحل الأطلسي. صحيفة الإندبندنت العربية في 9 ديسمبر 2021. على الرابط: https://www.independentarabia.com/node/284366/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D9%86%D8%AD%D9%88-%D8%A5%D9%86%D8%B4%D8%A7%D8%A1-%D8%A3%D9%88%D9%84-%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AD%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%8A

(3) المواقع المحتملة للقواعد العسكرية الصينية حول العالم. موقع الجندي الإماراتي بتاريخ 14 فبراير 2021 على الرابط:
https://www.aljundi.ae/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AA%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D8%B1

(4) أنظر دراستنا بعنوان "ثورة أكتوبر بين الأمل والفشل" بتاريخ أكتوبر 2017 على الرابط:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=579736

(5) أنظر كتاب البيروسترويكا (بالعربية) لجورباتشوف. 1986

(6) أنظر زبجنيو بريجينسكي: رقعة الشطرنح الأوراسية، الأولية الأمريكية وتحدياتها في القرن الحادي والعشرين. 1997

(7) لماذا تخشى روسيا من توسع الناتو شرقا؟ على موقع المحطة الألمانية DW على الرابط التالي:

https://www.dw.com/ar/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%AE%D8%B4%D9%89-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%AA%D9%88-%D8%B4%D8%B1%D9%82%D8%A7/a-60905883


(8) " قائمة الدول حسب النفقات العسكرية" على الرابط التالي: https://www.marefa.org/%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%85%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%84%D8%AF%D8%A7%D9%86_%D8%AD%D8%B3%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%81%D8%A7%D9%82_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A/simplified

(9) "15 عاما على خطاب بوتين في مؤتمر ميونيخ للأمن". عن موقع قناة روسيا العربية على الرابط:
https://arabic.rt.com/features/1326170-15-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D9%88%D8%AA%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%A4%D8%AA%D9%85%D8%B1-%D9%85%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%AE-%D9%84%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86/

(10) "مسؤولية الحرب الروسية الجورجية" عن موقع موسوعة ويكيبيديا على الرابط:
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9

(11) بعد الانسحاب من أفغانستان.. كم قاعدة أمريكية موجودة الآن حول العالم، ولماذا؟
https://arabicpost.me/%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA/2021/08/29/%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AD%D8%A7%D8%A8-%D8%A3%D9%81%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%B9%D8%AF-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A/

(12) نص خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (وثيقة) على الرابط: https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D9%86%D8%B5-%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A-%D9%81%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%8A%D8%B1-%D8%A8%D9%88%D8%AA%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%82%D8%A9/2511483

(13) راجع نص خطاب بوتين، مرجع سابق

(14) راجع أيضا خطاب بوتين... مرجع سابق