عشر خواطر ...


طارق حجي
الحوار المتمدن - العدد: 6963 - 2021 / 7 / 19 - 14:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

(1) يا كل من تعنيه مصر
مطاردة البعوض
مهمة مستحيلة
طالما بقت المستنقعات على حالها.






(2) بمناسبة إقتراب الذكرى ال 69 لإنقلاب 23 يوليو 1952 :

شهر يوليو يذكّرنا بأن 23 يوليو 1952 لم يكن فقط يوم وفاة "مِصْرَ محمد عليّ" وإنما كان يوم وضع مِصْرَ أمام خيارين لا ثالث لهما :

الكاب أو العمة.


(3) صفحة من مذكراتي.

فى 1987
إلتقيتُ لأولِ مرة
برئيس مِصْرَ وقتها
حسني مبارك.


وكنت معنياً بتقييم :

* محصوله المعرفي.
* تكوينه السياسي.
* حسه التاريخي.
* قدراته اللغوية.

يومها خرجتُ وأنا شبه صريع حيرة فاتكة !

كانت الدرجاتُ التى كتبتُها (عن الجوانب الأربعة المذكورة عاليه) كالتالي :

متواضع جداً ويقترب من المحصول المعرفي لشخص لم يُكمل تعليمه.

تكوينه السياسي بسيط.

حسه التاريخي : معدوم.

قدراته اللغوية محدودة جداً سواء عندما يتحدث بالعربية أو بالإنجليزية.


يومها
كنت فى غايةِ الحزن !
وظل سؤالٌ محيرٌ يدور فى ذهني :

كيف لشخصٍ محدود القدرات والملكات مثله أن يدير مِصْرَ ؟

والحقيقة
أنه وفرَ الأمن فى الظاهرِ

وعدا ذلك
جلسَ فوق سدةِ حكمِ مِصْرَ لثلاثةِ عقودٍ بدون أية رؤية
خاصة : فيما يتعلق بالتعليم وبالخطاب الديني وبالإسلامِ السياسي الذى تعامل معه أمنياً فقط.

ثم جاءت كارثةُ حياتِه
وأقصد تكوين إبنِه الأصغر
ل
أوليجاركيا (عصبة) السُلطة والثروة
والتى بمحاولتها الهيمنة على آخرِ برلمان (فى أواخر 2010) عجلت بالفصلِ الأخير !




(4) سلامة موسى
هو من جيل طه حسين والعقاد والمازني

وهو أكثر أبناء جيله دفاعاً عن العلم
ولكنه
لم ينل ما يستحقه من التقدير
لسبب يسهل معرفته !
فقد جمع "موبقتين !!" :
فقد كان مسيحياً وعلمانياً للنخاع !




(5) فى مِصْرَ
الدولة هى "العدو الأول"
لأتباع الإسلام السياسي
وهى (الدولة) فى نفس الوقت
"سندهم"

فهى تدعو دعاة إسلامويين
للحديث مع طلاب الكليات العسكرية !!!!!!!




(6) فى 28 سبتمبر 1970
توفى جمالُ عبدالناصر
وبعد أيامٍ أصبح أنورُ السادات رئيساً لمصرَ.

وكانت تلك فرصة تاريخية لسحبِ بوصلةِ مِصْرَ
من الإتجاه ناحية الإتحاد السوڤيتي
للإتجاه ناحية الولايات المتحدة.

وكلفت واشنطون ملكَ السعوديةِ
فيصل بن عبدالعزيز بالقيامِ بهذه المهمة

وقد حقق فيصلٌ أمرين :

أمركة Americanization
توجهات السادات السياسية

و

سَعوَدَة المجتمع المصري.

وكان لشخصين الدور الأكبر فى التأثيرِ على الساداتِ للمضي قُدماً فى تنفيذِ المشروعين :

الأمركة و السعودة ...

وهما
كمال أدهم
وهو أخ عفت الزوجة الأثيرة لفيصل
وكان وقتها رئيس المخابرات السعودية

و

المقاول المصري عثمان أحمد عثمان صاحب "المقاولون العرب" وفرعها فى السعودية "المقاولون السعوديون".

وقد إستهل الساداتُ مشروعَ سعودةِ مِصْرَ بقوله : أنه رئيسٌ مسلم لدولةِ مسلمة ، وما أعقب ذلك من "وهبنة" (من الوهابية) للمجتمعِ المصري وبمحاذاة ذلك إقصاء للمصريين المسيحيين من "مشهدِ المواطنة الكاملة".

ومن تفاصيلِ مشروع سعودة مِصْرَ تعيين إخوانجي (محمد عثمان) كمحافظٍ لأسيوط ... وإستقدام دعاة مصريين مثل متولي الشعراوي من السعودية لمصرَ لوهبنة العقل الجمعي المصري ، وهو ما تحقق لحدٍ بعيدٍ.


فى لندن ومنذ خمس سنوات قالت لى السيدة چيهان السادات أنه (السادات) عبّر لها فى الشهورِ التى سبقت إغتياله عن ندمِه الشديد على سياسته هذه (تقريب وتوظيف الإسلاميين). ورغم تقديري وإحترامي للسيدة چيهان السادات ، فأنا على يقينٍ من أن أنور السادات وعددٍ من قيادات تنظيمِ الضباط الأحرار كان نسيجُهم الفكري شديدَ القرب من الإخوان.

وكما قالت السيدةُ چيهان السادات (فى محاضرةٍ رائعة لها بالبرلمان البريطاني) فإن سنواتِ حكمِ أنور السادات وواقعة إغتيالِه على يد إسلاميين يجب أن تكون درساً ينبئنا بما ستؤول له أيةُ محاولةٍ لإحتواءِ الإخوان أو أي جماعةٍ من جماعاتِ الإسلامِ السياسي.




(7) زرت كردستان العراق سنة 2007.
ودعاني على الغداء يومها
نێچيرڤان بارزاني
Nechirvan Barzani
الذى كان وقتئذٍ رئيس وزراء إقليم كردستان وهو حالياً رئيس الإقليم.

كان إنطباعي يومها إيجابياً جداً.

فهل لازالت الحياة فى هذا الأقليم كما رأيتُها منذ 14 سنة ؟

للأسف لا.

ولا توجد كلمات تلخّص حال كردستان العراق أفضل من هذه الكلمات التى جاءتني من صديقة عزيزة من كردستان :

( دكتورنا العزيز كوردستان كانت على مر التاريخ نموذجاً للانفتاح والتنور !!!

الان الاحزاب الدينية الموالية لايران من جهة وللسعودية من جهة اخرى وبسبب التمويل المادي الهائل اصبحت مرتعاً للسلفية والجماعات المتخلفة !!! نعمل جاهدا مع الكثير من الجمعيات للضغط على الحكومة من اجل الحد من نشاطات هولاء لكن دون جدوى !! لا ندري ماذا نفعل !!! ).

الجرثومتان :

جرثومة الأصولية المسلمة السنية
و
جرثومة الأصولية المسلمة الشيعية

قد تتركا معظم بلدان منطقتنا : خراباً و أطلالاً.



(8) أدمنتُ شعرَ أربعة شعراء
وحفظتُ معظمَ شعرهم

وهم

المتنبي
و المعري
و السيّاب
و نزار قباني.

وأول ما حفظتُه للمتنبي كان ما يلي :

رَماني الدّهرُ بالأرزاءِ حتى
فُؤادي في غِشاءٍ مِنْ نِبالِ
فَصِرْتُ إذا أصابَتْني سِهامٌ
تكَسّرَتِ النّصالُ على النّصالِ

أما أول ما حفظتُه للمعري فكان :

‏نزولُ كما زال آباؤنا / ويبقى الزمانُ على ما ترى

‏نهارٌ يضيء وليلٌ يجيء / ونجمٌ يغور ونجمٌ يرى

‏وأما السيّاب
فكان وصفه لشوقه لوطنه :

شوقُ الجنين إذا إشرأبَ من الظلامِ الى الولادة

شوقٌ كشوقِ كل دمِ الغريق الى الهواء.

وصعبٌ عليّ أن أتذكر أول ما حفظتُ لنزار ، فأنا أحفظُ كلَ َشعره !



(9) أسير بين عشرات الرجال والنساء بملابس البحر (المايوهات) على شواطيء فى فرنسا وأنجلترا وإيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة وأستراليا وسنغافورا وروسيا واليونان
فلا أرى أية علامات على الإثارة الجنسية

فإذا عدتُ بذاكرتي للستينيات
وسرت بين عشرات الرجال والنساء بملابس البحر (المايوهات) على شواطيء مصر فى الإسكندرية وبورسعيد ورأس البر ،
فلن أجد أيضاً أية علامات من هذا القبيل.

أما اليوم
وفى مِصْرَ
فيثار بعض الرجال
بدون
مايوهات
وربما
بسبب ملابس تغطي أجسام النساء
ولكنها مبللة وشبه ملتصقة بأجسادهن
وربما تثيرهم ساق تبدو (من تحت الركبة) من فستان محترم ترتديه سيدة !

والفارق كله فى الرؤوس
ولا علاقة له بالنساء وملابسهن
والمقصود : رؤوس الرجال
التى أنتج فيها الجهل وسوء التربية والتدين
ذكوراً هم خلطة من الذئب والكلب والقرد والوحش !



(10) رسالتى
هى "الحداثة".

وهو ما يقتضي الترويج لقيمها.
ومحاربة أضدادها.

وكنت
مثل غيري
نملك أداتين
لإيصال رسالتنا :

الكتابة و المحاضرات.

وكانا
يوصلان رسالتنا
للآلاف

ولكننا
كنا محظوظين
إذ أضاف لنا العلم
الكثيرَ من أدوات إيصال رسالتنا
لأعداد أكثر

فالحوارات التلڤزيونية
على قنوات غير محلية
تصل لكل مكان فى العالم

وتجليات تكنولوجيا المعلومات :
الإنتيرنيت وكل وسائل التواصل الإجتماعي

جعلت وصول لرسالتنا (أنا وغيري من المروجين لقيم الحداثة) : أمراً جد مختلف.

واليوم
أعرفُ (وبطريقة علمية)
أن كتاباتي وأحاديثي تصل لأضعاف أضعاف من كانت تصل لهم منذ عقدين.

ويقيناً
أنني لم يكن لي أيّ دور فى هذا التطور

فقط :
عاصرت التطور العلمي المذهل واستفدتُ منه.

حتى هزيمة خصوم التقدم والعلم والعقل والحداثة :

أصبحت مؤكدة

بسبب هذا التقدم.

فكيف يمكن لأفكار شخٍ من الشيوخ المحقرة للمراة أن تتجنب أن تكنس بمكنسة العلم ؟