الإسلام المشوّه -اسمها محمد 4-


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 6711 - 2020 / 10 / 22 - 23:14
المحور: الادب والفن     

-علمانيّةٌ وعربية؟!
إذاً اتركي الأزرق لناسه..
من أجبركِ على نقد (الدين)؟

-ليس الدين من أنقد.. بل أنقدُ الساسة..
أنتم..هم من خلط أوراقه مع الخباثة!

-صهٍ يا امرأة..
السافرةُ لها مسموح:
أن تصبح ممثلة..
إعلامية..
راقصة شرقية..
أو للترقيّة تصبح صامتةً في زمن القضايا المصيريّة!

لكن يُمْنَعُ عنها التفكير
في قانون أبو جهل الكبير للأخوة الأعداء..
الذين احتلوا الفضاء الأزرق..
كما يحاولون احتلال السماء!

-هل سمعتَ عن شجرة تين تطرح بلحاً؟
عمري فوق الأربعين..
نذرتُ ما سبق لفهم الواقع..
تفنيد الماضي..
حماية المستقبل..
وتشذيب الدين..

أما القادم من عمري، فتكسيرُ أصنامٍ
أو أكلها إن كانت من تين...

عقلي مولاي ومولاكَ بعد الله..
قُلْ: هنيئاً وآمين...
********

من ينقذنا؟

-نحن نطحن الحزن فيتحول دقائق سموم صغيرة نتجرعها كل يوم.. فنموت ببطئ وما أدراكِ ما الموت البطيء؟ أهذا ما يفعله البعد يا عليا.. الوحدة تنهشنا كوحش جائع…
بين أجسادنا مسافات طويلة.. لكن قلوبنا تأكل من نفس الصحن وتشرب في ذات الكأس…أحبّ أن يتحول واقعي إلى مسلسل كوميدي، لا أكره عليّ من الدراما.

هذه كانت رسالته السابعة بعد الألف.. الحب عبر الرسائل يشبه أمنيات الأطفال المعلقة في سماء الخيال.. سعيدة، لا تقبل اليأس.. مثابرة بالفطرة…

الواقع الحالي من المحيط إلى الخليج لا يَسِّرُ صديقاً ولاحتى عدو…
الدول العربيّة بأغلبها ترزح تحت خط الفقر.. المعنوي قبل الماديّ.. أجل معنوياتنا في الحضيض ونحن نرى ما وصل إليه الحال من تجكمِ مدعيّ الدين والمنافقين في رقاب البسطاء..
من تشويه لصورة الدين، القومية.. من تكسير لذكرى حضارة خلت.. و عدم ترك شيء إلا الحديد.. والسيوف من حديد…

الدول العربيّة بكلها تحت خط السعادة.. كيف تتسلق جسر السعادة وأنت ترى تشرد الأطفال، تعذيبهم، المتاجرة بهم؟
كيف ترفع نظرك إلى جانبٍ سعيد وأنتَ تشاهد نساء الأوطان مغلفات بالأكياس السوداء، مجبرات على الختان.. محكوماتٍ بعقود الزواج الإجباري وقوانين طلاق.. عمل وحضانة جائرة؟

كيف تصدق الحكومات التي تدعيّ الإسلام وهي تشجعُ القتلة على إرهاب أخوتهم في الوطن وفي الإنسانية؟
كيف تصدّق الحكومات التي تدّعي العلمانيّة وهي لا تجرؤ على فصل الدين عن الدولة؟
تشوه الإسلام بيد أتباع أخرسوا صوتَ العقل و اتبعوا أصنام اللحى.. الموروث…
تشوه الإسلام بيد من قبل تزوير التاريخ، وأعلن نصوصاً مزورة كجزء من دين سلام.. ثم ما برح يحرّض الشباب الساذج على محاربة من يكشف الستار عن التزوير…
تشوهت حضارة العرب اليوم، كما كان قديماً بأذرع الساسة التي تحرك دمى اللحى في مسرح عرائس يقتل الأطفال بعد حضور أي عرض…
أيّ خراب هذا الذي نعيش فيه؟ أيّ خراب؟
**********
من ينقذنا من غول التأسلم؟ من ينقذنا من براثن الساسة؟

في بغداد:
حديثكَ بعدها يشبه نعيق الغربان بعد إطعامكَ ماءَ الورد لطائر طنانٍ جميل ذي رأس ورديّ…
هذا ما اعتقده عمّار حول هبة.. بينما هي تظن نفسها ضحيّة تعاني متلازمة الرض النفسيّ بعد الصدمة.. فلا تصلّ شفاء شعور النُجَاة…

تعرفتُ على هبة عن طريق علي.. ساعدتهُ في التحاق الأطفال بالمدارس العراقيّة، وفي تأمين أوراق ثبوتيّة لهم…
وعندما قرأ مقالاتها، اقترحَ عليها أن تقرأ لي…

-امرأة قويّة أخرى..
هذا ما قاله لي عندما أخبرني أنها ستتواصل معي..
ومع أنني انتظرتها بعد ذلك، لم ترسل هبة لي أيّة رسالة..
و برغم (عنوستي)..أخذتني ظروف العمل في المشفى وعملي على إكساء بيتي، ولطالما تسرق حياة الغرب الناس من شرقٍ قطنوه…

بعد أكثر من عام.. وفي رد على مقال لي، راسلتني هبة عبر موقعي الشخصي:
“حضرة الدكتورة عليا محمد المحترمة:
معك هبة الأرجوان، بيننا صديق مشترك.. عليّ السوريّ.. سعيدة بالتواصل معك…
أكتبُ لكِ بصفتك طبيبة نفسيّة، قرأت مقالك عن متلازمة ما بعد الرض النفسي.. أظنني مصابة بهذا.. سُجنتُ من قبل جلاديّ الأوطان العربيّة.. ل “ قص لساني” كما قالوا..
ثم رض التهديد اليومي الذي أتلقاه ممن يدّعون التديّن.. من أجل أن أُخْرِسَ صوتي (العورة) وأكبتَ أفكاري (المريضة)…
المهم في المقال تحدثتِ عن اللوزة الدماغيّة المسؤولة عن الاستجابات العاطفيّة، وكتبتِ حضرتكِ أنّ اللوزة تتأثر بشكل كبير بالرض النفسي.. و أننا نقدر باستخدام العقل على التحكم في وظيفة و حجم اللوزة، و هذا ما تفعله المعالجة النفسية في حالات متلازمة ما بعد الرض النفسي..وأتساءل هل هناك من شيء آخر يتحكم في حجم اللوزة دكتورة؟
لو سألتني من سنوات لقلت لك أنّ علاجي هو قوانين عادلة في بلاد الحضارة المسروقة…
لكن اليوم أنا نفسي أحتاج دواء ما.. علاجاً ما…
الطب النفسي -كما تعرفين- دون الحد الأدنى من التطور في بلاد الوصمة، ولا أعرف ماذا أفعل.. لن أكتب لك التفاصيل لأنني أحترم وقتك ولا أريد تضييعه في دوامتي…”.


قرأتُ الرسالة وبكيتْ..
مثّلتْ هبة لي كل الألم العربي الحاضر.. رأيت بين السطور صور الأهل الذين قتلوا بناتهنّ ليغسلوهنّ من جرم (الحب)..
رأيت الأطفال الذين خسروا أقدامهم الصغيرة في حرب الكراسي…
رأيت المغتربين الذين أجبرهم الظلم على إحراق مراكب العودة لبلدان الأحبة…
رأيت الشباب الحالم بشقق سكنيّة وقوت يوم بسيط في أغنى دول العالم نفطاً.. تاريخاً أو جغرافية!

رأيت في رسالة هبة بغداد.. دمشق.. القدس.. صنعاء.. القاهرة.. تونس.. بيروت.. الخرطوم.. عمّان.. وكل مكان مقدس من المحيط إلى الخليج…

لم تحكي لي هبة عن متلازمة مابعد الصدمة بقدر ماحكت لي حكاية حب وحرب.. حكاية أمل و(دين).. حكاية دين وتأسلم…

كيف سأرد عليها وأنا أتوقع الأسوأ؟ كيف سأرد عليها وأنا أرى تقاطع مقصلة التأسلم مع خباثات الساسة؟

أيّةُ متلازمة مابعد الرض النفسي يا صديقتي.. وأنت تحكين عن متلازمة مابعد الرض (الديني) والسياسي؟ أيّ جواب يليق بك يا أختي وأنت تختصرين عالماً جديداً في الطب النفسي!


يتبع…



من رواية"اسمها محمد" بقلم: لمى محمد
تحمل بين صفحاتها الجزء الثالث من رواية عليّ السوري

الجزء الأول: علي السوري-الحب بالأزرق
الجزء الثاني: بغددة_سلالم_القُرَّاص

#لمى_محمد
#عليّ_السوريّ
#الحب_بالأزرق
#بغددة_سلالم_القُرَّاص
#اسمها_محمد