أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - الطائفية و إشكالية التغيير الاجتماعي















المزيد.....

الطائفية و إشكالية التغيير الاجتماعي


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 1816 - 2007 / 2 / 4 - 11:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يمكن للتبسيط القول أن الطائفية هي تعبير عن حالة قبلية دينية أي أنها أبعد من مجرد خطاب ديني أو قراءة خاصة لفهم النص المقدس..فكما كانت القبيلة تقوم على عصبية الدم و تمثل التشكيل الاجتماعي الأولي للمجتمع فإن الطائفة تقوم بذات الدور الوظيفي للقبيلة..تشكل القبيلة مركز ولاء الفرد من جهة و ضمانة حقوقه من جهة أخرى بشرط اندماجه الكامل و تماهيه و استسلامه لتراتبية القبيلة و مواقفها ككتلة متجانسة..الفرق الإسلامية شهدت أول أمرها حركية عالية و دخلت في حالة تجاذب أو تناقض أو تعايش بل تآزر مع الانقسام القبلي..فيما كان انتماء الفرد لفرقة أو تبنيه لخطاب أحدها طوعيا أول الأمر و كان يتحدد نتيجة للتأثر بالحراك السياسي الفكري أصبح الفرد بالضرورة يتبع إحدى الفرق الإسلامية و أصبح الانتماء لفرقة ما تدريجيا جزءا أساسيا من هوية الفرد ( إلى جانب الولاء القبلي ) و كان هذا الانتماء يحدد حسب انتماء العائلة أو المحيط الطائفي أساسا و يلعب ذات الدور الوظيفي الاجتماعي للقبيلة بأن أصبح هذا الانتماء يوفر للفرد ضمان حقوقه مقابل تنازله عن فرديته للطائفة..نجد تاريخيا أن ثقل و أهمية هذا الدور الوظيفي الاجتماعي للطائفة يزداد أهمية في فترات ضعف الدولة المركزية أو اجتياح الغزوات الخارجية فيما يتراجع مع تثبيت سلطة الدولة المركزية و قيامها بالدور الأساسي في الحياة السياسية و الاقتصادية..إن صعود الطائفية و تطورها لتصبح مركز الحياة الاجتماعية و الفكرية يتناسب عكسا مع مشروع الدولة المركزية..أثناء فترة الحملات الصليبية على الشرق و ما تلاه من اجتياح الغزوات المغولية و التتارية و الحملة الفرنسية على مصر في التاريخ الحديث شهدت ضعفا شديدا على صعيد الدول القائمة فكان أن أصبحت الطائفة الملجأ الفعلي المتاح للفرد لكنها سرعان ما تراجعت مع ظهور دولة مركزية قوية كدولة المماليك و العثمانيين أو حكم علي باشا إما بالاحتواء من قبل الدولة كما في حالة المماليك و العثمانيين أو بالقمع كما في حالة حكم محمد علي..الطائفة هنا في حالتها التاريخية الموصوفة سابقا كتشكيلة اجتماعية عقيدية تتميز بذات خصائص القبيلة من بنية هرمية يرتبط أهمية دور الفرد فيها بوضعيته في هذه البنية الهرمية و عصبية و ولاء يقومان على عصبية تعوض عن عصبية الدم القبلية و تساويها في قوة و زخم الرابط الانفعالي..و هكذا مع تراجع مشروع الدولة الوطنية الحديثة و وصول التناقض بينها و بين المجتمع إلى حد أصبح فيه استمرار الدولة يستند بشكل أساسي على القمع و إلغاء أي حراك مجتمعي فاعل , في هذه الظروف يعود انتماء الفرد للطائفة أو لقبيلته يلعب الدور الرئيسي الاجتماعي في ضمان حقوق الأفراد في مواجهة مؤسسات الدولة المنفلتة..هكذا يجد السني أو الشيعي أو أبناء الطوائف الأخرى مهما كان موقفه من الدين أو درجة التزامه بطقوسه أو حتى معرفته بتفاصيل عقيدة طائفته الملجأ في طائفته الخاصة في ظل تغول السلطة على المجتمع و صعود حالة جدل صراعية بين الطوائف تقوم على إلغاء الآخر حتى استئصاله..هذا الموقف الإقصائي من الآخر الطائفي الذي يعبر عن موقف يختزل الحقيقة الدينية في عقيدة الطائفة يعكس خطورة ازدواجية الطائفة بين خطابها الديني و وظيفتها الاجتماعية بحيث يستند هذا الاحتواء للفرد على أساس التزام تسليمي عقيدي يبني أساس تمايز هويته و مبرر وجوده على خلافه مع الآخر و كأي خلاف ذا شكل ديني يتعلق بالمقدس فهو خلاف صراعي "جذري" يسهل استدراجه إلى ممارسة العنف ضد الآخر..إن تقديس أو إسباغ القداسة على الطائفة بوضعيتها كتشكيلة اجتماعية يؤدي بالضرورة إلى التهديد بتقسيم المجتمع وإضعافه و يفتح المجال أمام التدخل الأجنبي..نعرف أن الدولة الوطنية التي تسمى بالدولة القطرية في ِالأدبيات القومية هي نتاج لاستبدال الحكم الاستعماري الغربي بالحكم الوطني و هي أساسا استمرار للكيانات الناشئة بعد أن حل الاستعمار الغربي مكان الحكم العثماني..هذا التغيير في الجغرافيا السياسية كان مصطنعا يعبر عن مصالح الدول المستعمرة لكن هذا التقسيم اكتسب مع الوقت شرعية تاريخية أدت إلى ظهور وطنية "قطرية" أساسها هذا الكيان السياسي الجغرافي الاقتصادي..شكلت أزمة أنظمة ما بعد الاستقلال خاصة مع ظهور تراجع المشروع القومي و تحول مشروع الدولة الحديثة الذي دعى إليه إلى حالة قهرية تستبد بالقرار السياسي و تستبيح خيرات البلد , هذا المشروع الذي ادعى العمل على تثوير بنية المجتمع و تجاوز الطائفية , مدخلا لعودة الطائفية بقوة للعب دورها الوظيفي التقليدي لتستدعي صراعات مذهبية دموية أحيانا تؤدي لشرذمة المجتمع ( لنا في الحرب الأهلية اللبنانية مثالا هاما على عبثية الصراعات الطائفية و عجز القوى الطائفية عن إيقاف دائرة العنف في متتالية كارثية من الصراعات تطال حتى توازن القوى داخل الطوائف في سيادة لعقلية إنهاء الخلافات بالقوة الدموية المنفلتة ) و ذلك بانتظار تحقق أو إنجاز مشروع دولة مركزية جديد يحجم طغيان دور الطائفة الاجتماعي حاليا و قد أثبتت التجربة العراقية أن الحكومات القائمة على المحاصصة الطائفية هي حكومات هزيلة عاجزة عن بناء مشروع كهذا و أن قيام دولة مركزية قوية ينتظر انتصار إحدى التيارات السياسية الطائفية غالبا على خصومها في الطوائف الأخرى الرئيسية و على خصومها في ذات الطائفة..هذا الصراع بهذا المضمون لن يحمل جديدا بل سيعيد إنتاج حالة قهر المجتمع و هنا لا يمكن التعويل على التدخل الأجنبي في فرض حالة مختلفة فالنظام القمعي بصيغته الأتاتوركية لا يختلف عن الأنظمة القوموية أو اليساريوية أو الأصولية فجوهر الخلاف هنا يتجاوز إدعاء الحداثة أو التقدم بل يرتبط بجوهر المشروع السياسي و الموقف من الطائفية و الموقف من الآخر و العلاقة بالمجتمع..يمكننا أن نقول هنا أنه خلافا لإدعاء البعض أن مشروع الاستعمار الغربي هو تثويري أو تنويري فهذا المشروع اكتسب طاقته التثويرية للوضع القائم من شدة و قوة الصدمة الحضارية عند مواجهته و هو عمل على خلق ظروف مواتية لسيطرته و غالبا ما استفاد و تحالف مع الحالة القبلية الطائفية التقليدية تاركا النهضويين العرب كأبناء يتامى لحضارته التي طالما أعجبوا بها و استغربوا في نفس الوقت تلكئه في تثوير الشرق فانتهى الرعيل الأول من رجال النهضة إلى أن جيروا ثورة الشرق ضد الحكم العثماني لصالح الإمبراطورية البريطانية..كانت أنظمة ادعت تجاوز الخطاب الطائفي انتهت لأن جعلت من الانتماء الطائفي أو القبلي أو المناطقي أساس الولاء أو العداء للنظام لتؤسس بذلك لارتداد الطائفية اجتماعيا و فكريا..وحده القمع أجل هذا الصعود الجديد للطائفية عدا عن أن أنظمة أخرى استخدمت الطائفية أو أشكالا من الفهم التسليمي الطائفي للمقدس كخطاب سلطوي مباشر ضد المجتمع و ضد الآخر..هذا الذي شاهدناه في السعودية و إيران أعد المشهد لهذا الصعود الطاغي الأخير للطائفية..إن إضعاف الطائفية و توفير الأرضية اللازمة لتجاوزها يتطلب صعود قوى اجتماعية جديدة و تطور وعيها باتجاه يتجاوز هذا الدور الوظيفي الاجتماعي للطائفة..إن صعود هذه القوى الاجتماعية التي تقطع مع الخطاب الطائفي و تفتح المجال لتطور اجتماعي خارج هذا الإطار الطائفي يحتاج لتثوير اجتماعي أبعد من مجرد تعميم التعليم و نشره بين طبقات الشعب الدنيا و فتح مؤسسات الدولة أمام الطوائف و الفئات المهمشة سابقا و لا سيما جمهور الفلاحين المتوسطين و البرجوازية الصغيرة المدينية..هذه التحولات التي وجدت تعبيرها في صعود التيارات القومية و الاشتراكية التي وصلت إلى الحكم في الخمسينيات من القرن الماضي..إن انفلات فساد و نهب الأنظمة البيروقراطية و القيادات الطائفية للبلد و اقتصاده و سقوط أغلبية الجماهير في براثن الفقر و العوز يضع تلك القيادات و ما تمثله من بنى طائفية و سلطوية في تناقض مع الجماهير عاجلا أم آجلا..لكن تحول هذا التناقض إلى تناقض رئيسي تثويري يحتاج إلى استنفاذ البنية الطائفية الراهنة لقدرتها على تأمين مصالح أفرادها و إلى تصاعد أداء القيادات الطائفية الانتهازي و فقدان الجماهير للثقة بقدرة الطائفة و قياداتها على تلبية مصالح الجماهير إلى جانب تطور العوامل الذاتية لقوى التغيير الاجتماعي الديمقراطي الجذري..




#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نخبوية المثقف : الفكر لأجل الإنسان أم الإنسان تحت رحمة الفكر ...
- قتل الآخر في عاشوراء مرة أخرى
- نار الحرب القادمة و مستقبل التغيير
- الديمقراطية بين خطابات -التغيير-
- بين الخارج و الخطابات السائدة
- كلام في الديمقراطية
- الإمام الأعظم أبو حنيفة..قراءة مختلفة
- القهر أم تحرير المجتمع و الإنسان ؟
- خواطر في التغيير الوطني الديمقراطي
- حراك المجتمع و الطائفية و النظام
- الإنسان و القهر بين تاريخنا و حاضرنا
- مرثية لقوم اسمهم العرب ! !
- خواطر في الدولة
- حول الخلاف السني-الشيعي
- نداء إلى القوى السياسية السورية - نداء إلى المعارضة السورية
- مقتل السيد بيار الجميل : رفض القتل كفعل في السياسة و رفض الم ...
- الطائفية و الشارع و اللعب بالنار
- محنة خلق القرآن: محاولة عقلنة الخطاب الديني بالقوة
- الخيانة , العنف و السلطة
- لا يهم مع من تحالفوا فالمضمون واحد


المزيد.....




- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...
- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - الطائفية و إشكالية التغيير الاجتماعي