أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - الإمام الأعظم أبو حنيفة..قراءة مختلفة















المزيد.....

الإمام الأعظم أبو حنيفة..قراءة مختلفة


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 1795 - 2007 / 1 / 14 - 13:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإمام الأعظم..هو أبو حنيفة النعمان الإمام الذي يتبع منهجه الفقهي اليوم أغلب المسلمين..مما يضعه في مكانة هامة للغاية في الحالة الدينية السائدة و مع الحضور الراهن الهائل للمذهب و الطائفة يضعه هذا في مركز المقدس المستدعى لمعركة تثبيت السلطة كمرجعية فوق المجتمع و لتثبيت قدسية تعاليم الطائفة في مواجهة الآخر الغير سني أو العلماني..لكن أبو حنيفة الفعلي التاريخي هو على نقيض تلك النمطية التي تشكل الحالة النهائية لما يسمى بتعاليم أهل السنة و الجماعة..كان أبو حنيفة الذي ظهر في وقت مبكر سابق على استكمال محرمات النظر و الاجتهاد و على فرض حدود ثابتة "نهائية" على مغامرة العقل يمثل رؤية للمقدس لا تقدم العقل فقط على النقل بل لا تتحرج عن التصريح بالنتائج التي وصل إليها نظره العقلي و لو جانبت السائد أو ناقضت خطاب الحاكم السياسي أو الإيديولوجي..لنحاول أن نرسم صورة واقعية للرجل لنتمكن من تقدير مكانته الواقعية بعيدا عن محاولة فرض صورة مرغوبة ذاتيا كما حاول من أراد مصالحة نهج و سيرة الرجل مع الشكل المتأخر ل"عقيدة السنة و الجماعة"..
تعرف مدرسة الإمام أبو حنيفة بمدرسة العقل في مقابل مدرسة النقل الحجازية فاعتمد القياس العقلي في الاجتهاد الفقهي و أهمل الأحاديث الضعيفة و المنفردة و مما يؤخذ على الرجل في منهجه الاجتهادي أنه لم يكن ممن اهتم بحفظ الحديث و أنه انكب على الاجتهاد و العبادة كما أنه ( على خلاف الإمام الشافعي ) قد ترك الاشتغال باللغة العربية لأنها لا تقبل القياس أحيانا فلما قاس جمع كلب كلوب على قلب قلوب قالوا له لا يجوز مع أن كلب و قلب على وزن واحد فكيف لا يجوز جمعها على وزن واحد و من هنا ترك اللغة و اهتم بأمور القياس العقلي فقط..كانت الفترة التي عاشها الإمام أبو حنيفة مرحلة اضطرابات سياسية و تأسيس لحالة سلطوية فوق المجتمع : الملك العضعوض و فترة تأسيس لخطاب تبريري إزاء واقع هذا التسلط و الجرائم التي ارتكبها و استباحته كل المحرمات و على خلاف الشائع عن أئمة أهل السنة و الجماعة كان أبو حنيفة ممن قال بالخروج على الحاكم الجائر و من المعروف أن أبو حنيفة بايع محمد ذو النفس الزكية الخارج على سلطة بني العباس و مات على بيعته لكن الأهم دلالة هي آراء الإمام عن الخلافة التي رأى أنها لا تورث و لا تكون بالوصاية و لا تفرض على الناس بالإكراه و لا بد من البيعة و أن تكون حرة بالاختيار و له في هذا قول مأثور : الإمامة تكون باجتماع المؤمنين و مشورتهم..هذا الموقف من الخلافة يناقض السائد الذي يبرر ما آلت إليه مؤسسة الحكم في الدولتين الأموية و العباسية و لم يكن الرجل ليخالف فعله قوله فقد رفض محاولات السلطة المتتالية لشرائه و رفض تولي القضاء مرارا و عندما أصر عليه أبو جعفر المنصور أصر هو على رفضه و حبس في ذلك و عذب دون أن يساوم..هنا نرى أبو حنيفة النعمان رجلا يرى مهمة المؤسسة الدينية في حركتها و إنتاجها الفكري في حفظ حقوق العباد والمجتمع ( جماعة المسلمين ) يرفض تبعيتها للسلطة و تحولها إلى حالة إعلامية و فكرية تبرر تسلطها على جماعة المسلمين و لا يتحرج عن الدعوة للخروج بالسيف على السلطة الجائرة التي لا تقوم بالعدل و الشرع طبعا هذا يتناقض بشكل غير قابل للمساومة مع الممارسة السائدة للمؤسسة الدينية الرسمية في صيغتها المتأخرة..نستكمل رسم صورة الرجل مع موقفه من قضية خلق القرآن و الإرجاء و هما قضيتان يفرد لهما الخطاب السائد أهمية كبرى في تمايزه عن "مذاهب أهل الأهواء"..هذا الزخم الذي اكتسبته قضية خلق القرآن هو أنها كانت محور المواجهة بين الإمام ابن حنبل و بين المعتزلة و قد وصل الأمر بالإمام ابن حنبل لتبديع و حتى تكفير القائلين بخلق القرآن..يذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن القرآن غير مخلوق و لكن لفظنا به و كتابتنا له و قراءتنا له مخلوقة و هذا يخالف صراحة قول الإمام ابن حنبل بأن من قال بأن لفظي من القرآن مخلوق فهو جهمي على مذهب جهم بن صفوان..و من المعروف أن الإمام أبو حنيفة ممن يسمون مرجئة الفقهاء تمييزا لهم عن مرجئة المتكلمين أو الجهمية و منهم أيضا التابعي سعيد بن جبير الذي قتله الحجاج..الإرجاء يقوم على القول بأن الإيمان هو معرفة الله تعالى و التصديق بالقلب و الإقرار باللسان و أن العمل لا يدخل في الإيمان و أن الإيمان لا يزيد و لا ينقص في تناقض مع ما ذهب إليه متأخرو أهل السنة من أن العمل شرط للإيمان..على خلاف ما قد يعتقد أن المرجئة كانوا بكل بساطة يسعون لتبرير استئثار بني أمية بالسلطة و إرجاء الحكم في ما أحدثوه مع اعتبارهم مؤمنين تامي الإيمان بغض النظر عن كل تلك الحوادث فقد كان أكثر المرجئة في صف المعارضة و مؤسس الفرقة جهم بن صفوان قتله الأمويين بعد أن شارك في ثورة ضد حكمهم..يمكن فهم ذلك عند ملاحظة أنه على خلاف وعيد الخوارج و المعتزلة الذي كان يشمل جرائم السلطة كان وعيد الخطاب التسليمي يستهدف الإنسان المحكوم و يستثني السلطة و كان تحييد هذا الوعيد و ما يتطلبه من "عمل" يحرر الإنسان من هذا الوعيد و يساويه بالسلطة و وضعيتها الاستثنائية..تواترت الأخبار أن أبو حنيفة استتيب مرتين و هذا قد يعبر عن محاولات متكررة لتدجين الإمام..بعض النجاح أصاب هذه المحاولات على يد أبو يوسف تلميذ النعمان الذي , على الضد من أستاذه , قبل تولي القضاء لصالح هارون الرشيد و عدل نهج أستاذه و تعاليمه بما يتناسب مع وضعيته الجديدة إزاء السلطة..لا تهدف هذه القراءة لسيرة الرجل لمجرد إظهار تباينه عن الخطاب السائد الذي يزعم احتكار المقدس و لا للخوض في صيرورة المؤسسة الدينية باتجاه وضعيتها النهائية مع قيام الدولتين العثمانية و الصفوية بل لكشف و إنارة تاريخنا و تراثنا و هو في حالة الصيرورة عندما كانت المؤسسة الدينية ما تزال تبحث في مفاهيم خطابها و تؤسس لعلاقة معقدة مع السلطة و المجتمع..يومها اختار العديد صف المعارضة الفكرية أو السياسية لاستبداد السلطة و خطابها الجبري و كان هذا يعني آليا انتصارهم للعقل الإنساني بدرجات متفاوتة..من هؤلاء كان الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان الذي قدم رؤية مختلفة عن مهمة المؤسسة الدينية و الخطاب الديني و علاقته بالمجتمع و السلطة..



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القهر أم تحرير المجتمع و الإنسان ؟
- خواطر في التغيير الوطني الديمقراطي
- حراك المجتمع و الطائفية و النظام
- الإنسان و القهر بين تاريخنا و حاضرنا
- مرثية لقوم اسمهم العرب ! !
- خواطر في الدولة
- حول الخلاف السني-الشيعي
- نداء إلى القوى السياسية السورية - نداء إلى المعارضة السورية
- مقتل السيد بيار الجميل : رفض القتل كفعل في السياسة و رفض الم ...
- الطائفية و الشارع و اللعب بالنار
- محنة خلق القرآن: محاولة عقلنة الخطاب الديني بالقوة
- الخيانة , العنف و السلطة
- لا يهم مع من تحالفوا فالمضمون واحد
- الفصام بين خطاب الأمس و ممارسة اليوم
- التغيير الديمقراطي في سوريا بين المعارضة و الخارج
- الحجاب من جديد
- أكثر من مجرد تغيير
- قصتنا في الشرق - صعود و موت النبي
- في ذكرى نجيب سرور
- الشرعية بين الشعب و الخارج


المزيد.....




- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - الإمام الأعظم أبو حنيفة..قراءة مختلفة