أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نوير - قراءة نقدية في ققج (شطط) للكاتبة غادة رشاد.















المزيد.....

قراءة نقدية في ققج (شطط) للكاتبة غادة رشاد.


عماد نوير

الحوار المتمدن-العدد: 6030 - 2018 / 10 / 21 - 14:09
المحور: الادب والفن
    


شطط
تشبّث بورقة سوداء خط فيها حلمه، تتبع خطوطها، رسم دوائر غير منتظمة، تداخلت، شمر عن ساعديه متحفزا للكنز.. التهمته الشبكة.
————————
ليس بالضرورة أن يكون النص ملغّزا ليأخذ طابع الاختلاف و التميّز، و لا يكون النص ناجحا إن خُصَّ للنخبة دون سواها من القرّاء، فالنص السهل، و الذي يحظى بإعجاب الجميع هو نتاج كاتب بارع يعرف كيف يحاكي الجميع و يكسب ودهم و يَضمن متابعتهم.
الترميز شيء جميل، يقتل الرتابة و يبتعد عن التقليدية، و يشحذ همّة القارئ ليشاركه أفكاره و الغوص في أعماق الإبداع و التّشويق، فالقارئ يبحث عن شيء مميّز و جديد، و لا يستهويه النص المنسوخ أو المكرّر أو المفضوح، و الإيهام و الإضمار و التّرميز شيء و التلغيز و الإبهام و التيهان شيء آخر!
فما الذي بين يدينا في هذا النصّ، هل نحن أمام تلغيز مبهم أو ترميز ملهم، هل أمام أحجية مملة أم فكرة مبوتقة في إطار قصّصيّ معقد المراد منه الاختلاف و شدّ القارئ و تحريك مخيلته و إدهاشه بطريقة احترافية!!!

الفكرة
لا يستقيم نصٌّ و لا يحظى بمقبولية المتلقي مالم ينبثق من رحم فكرة واضحة و جميلة، و هدف راق بقصد معالجة اجتماعية محيطة بالقارئ، تشعره بأنه أمام متلمّس جوهري لجانب من حياته، ارتأى الكاتب صياغتها له بطريقة قصصية تجذب خياله و تسرق لبّه و تمنحه المتعة التي يبغيها.
و النص موضع البحث قد يبدو ضبابيا أو مشوشا، أو أنه جاء هكذا بطريقة تعمدية ليظهر بثوب السيمائية، فيجعل القارئ ينسج نصّا و قصة و حكاية من بنات أفكاره تنطبق و مفهومته للنص الذي بين يديه، و مع تعدد المفاهيم و غياب الرؤية الساطعة لقصدية النص، سوف تنتج لنا حكايا متعددة و مختلفة من قبل القرّاء مختلفي الأذواق و الفهم و الاستقراء، و هذا ما يود الكاتب أن يراه في نصّه القابل للتأويل.
فكرة النصّ هنا توضحها لنا الخاتمة، و تجعل الحكاية قصة افتراضية و معاناة أبدية للكثير في هذا العالم، هذا العالم المشوّق والمغري و المفتوح على مصراعيه أمام كل ضعيف و قوي، يحاول الكاتب أن يحكي لنا قصة الفرد المحروم الباحث عن ذاته و أحلامه التي فقدها في واقعه، فيجد البحث عنها في عالم الشبكة العنكبوتية عسى أن يصيب هدفه و مرماه، خصوصا لو عرفنا أنه قد وقف على قصص حقيقية ناجحة أنقذت كثيرا من التائهين في مضمار الحياة، فتلقفتهم حياة الافتراض ليعيشوا بمصداقية و سعادة لم و لن يجدوها في دائرتهم المكانية و الاجتماعية.

شطط
رغم أن المفردة قد انتقيت بجدارة اعتقادا أنها قد تجذب القارئ لقلّة استهلاكها أو عدم هزالتها، لكنها صارت على ما يبدو متداولة أكثر من كلمة ظلم أو حيف أو أي رديف لشقاء و تجنّي، فلم تعد تربك المخيّلة، و لم تعد بحاجة إلى استفهام شديد من قبل المطّلع العادي، شطط، تعطينا أكثر من معنى ظلم، إنها خروج عن المألوف و تجاوز الحدود و الإفراط و المبالغة، فهي إذاً عنونة موفقة و توسيم جيد لنص يحكي قصة ضحية في كمين أو قصة خداع بعد لأي و تهالك.

((تشبّث بورقة سوداء خط فيها حلمه))
على الفعل في النص القصّصي أن يعطي دفعا نفسيا يلقي على المخيلة صورة معينة، و دلالة تحاول البدء بتفكيك مضمون النص في عقل القارئ.
و على الفعل أن يكون نشطا حين الاستهلال للسيطرة على محاور السّرد و إعطاء انطباع مثمر و مجدي للولوج في عمق القصة، فالفعل تشبّث هو فعل تشظيّ تعددي أعطى انطباعا أوليا بأن البطل متمسّك بشيء ما بكل ما أوتي من قوة و بكل الطرق و الوسائل و الآليات المتاحة، فهو يتشبث بيديه و رجليه و أسنانه و نظراته و همسه و دموعه و بطرق عديدة جدا على حدث لابد أنه مفصلي و ذا تأثير هام في حياته.
و لو ألقينا نظرة سريعة على جملة الاستهلال، لرأينا أننا أمام حالة عامة و حدث مازال غير متجل و غير معلوم الرؤية، فما هي الورقة السوداء المهمة جدا!! و التي كان التشبّث بها أمرا لابد منه!! و لماذا خط فيها البطل حلمه يا ترى و كيف خطه أصلا؟
قد تكون الورقة السوداء كناية عن حادثة مشؤومة و مريرة مهما كانت طبيعتها، و حيث تأمل فيها خيرا كثيرا فقد سلّمها مقاليده و خط بين ثناياها أحلامه التي يعتقد أن لا تحقيق إلّا من خلالها!
إذا فالورقة السوداء هي استنتاج فضفاض قد يكون أي حدث كان جميلا في ظروف صعبة و قاسية.
و قد يتبادر للذهن أن الورقة السوداء و اتكاءً على مفهوم معين جاء من خلال الخاتمة، أنها شاشة الجهاز المحمول، شاشة سوداء جامدة لا تفيد بشيء و لا تتحرك فيها المشاعر إلّا عندما ترتبط بالشبكة العالمية، فيحصل الاتصال بما ينسجم و حلمه المكتوم و فرحته المؤجلة!

((تتبع خطوطها، رسم دوائر غير منتظمة، تداخلت))
يحاول الكاتب أن يفصح عن ترميزه بطريقة خجولة جدا، و بإمكانية بخيلة لكشف المستور ، إن جعل القارئ يرى بوضوح ماهية القصة أمر محتّم بعد الجملة الأولى، خاصة عندما تكون القصة عبارة عن ثلاث أو أربع جمّل لا غير.
يتابع الكاتب نصّه الغامض بجملة ثانية تتخللها فواصل لتبدو كما لو أنها جمّل ثلاث لا جملة واحدة، و الحقيقة أنها واحدة كتبت بطريقة تشويقية توصيفية و بأنفاس قصيرة جدا، فتتبّع الخطى أو الخطوط و رسم دوائر و تداخلها مع بعضها البعض، هي أفعال قصصية وِظّفت للإشارة أكثر منها لاستكمال الزخم النفسي القصّصي، فاستنتاج شغل الأفعال الحقيقي منوط بالبناء الذهني للورقة السوداء، فكيفما تخيلتها تغيّرت فكرة التتابع و رسم دوائر الحدث غير المنتظمة، فلو كانت الورقة السوداء شاشة هاتف سيكون تتبع الخطوط هو البحث عن الحساب الذي يروم البطل عيش لحظاته معه، لحين تحقيقه على أرض الواقع، و رسم دوائر غير منتظمة و تداخلها هي أفكار البطل التي لابد أنها تربك عقله المنطقي، و محاولة تصديق فكرة الحياة الافتراضية، على حساب أرض الواقع، و كيفية مجابهة المجتمع المحيط أزاء معايشته هذا الحدث!

((شمر عن ساعديه متحفزا للكنز))
ليس غريبا على متشبّث أن يكون متحفّرا و على أُهبة الاستعداد في كل حين، للظفر بما تشبّث به، و تذوّق حلاوة النصر، و قطف ثمار السّعادة المرجوّة، و لابد أن يكون قد شمَّر ساعديه للمحافظة على تشبّثه.
الجملة الفعلية ابتدأت أيضا بفعل انتشاري و تعددي كفعل تشبّث، فشمّر، حتما هو قد نشر الشيء الكثير لا أمرا واحدا، شمَّر ساعديه التي تعني إيمانه و عزيمته و أمله و قوته و كل كوامنه و ظواهره لاستقبال ما تشبّث به، و الذي أسماه كنزا، ليقطع الشّك أمام القارئ، فلا يتصوّر أمره تسلية أو ترفيها أو حاجة مبسّطة.

((التهمته الشبكة.))
و يصل بقارئه إلى الدهشة أو الصدمة و الخاتمة التي يجب أن يصفّق لها القارئ، فتشبّثَه و إطلاق العنان لأحلامه و بناء حياة جديدة مستقبلية، ترتكز على ما وراء تلك الورقة السوداء، كان فقط مجرد وهم أو خديعة، فالتهمته الشبكة، تبدو خاتمة مفتوحة، تصلح أن تكون نهاية سلبية و وإيجابية بنفس الوقت، فالالتهام هو الأكل دفعة واحدة، و هو ما يفيد بأنه كان يتبع طعما مغريا سرعان ما أطاح به، إذ ربما كان يتبع سرابا، أو كان يتبع خديعة من نوع كبير و محترف و مبتزّ!
و قد تكون نهاية إيجابية، و هذا احتمال ضعيف كونه يوهن الدّهشة أو الصدمة، قد تكون الشبكة قد التهمته من واقعه، فلم يعد يأبه بمغادرته و شد رحاله نحو كنزه الذي عثر عليه بعد خوف و تردد، فعاش في حياة شبكية يحسده عليها كثير من الواقعيين البائسين.!

شكرا لكاتب النصّ و نتمنى له كتابات أكثر وضوحا.



#عماد_نوير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخاشوقجي شهيدا.!
- مقاربة نقدية في نص قصّصيّ
- لا تظلمني يا بُني كما ظلمني أخي!
- حياة مؤرشفة
- لا تسويف بعد اليوم
- الحكومة الشّاملة و ضياع الحقوق الشّعبية
- رسالة بطريق الخطأ
- الحظّ المفقود
- لقاء عند الباب
- التّيّار الصّدري و ثقافة الحوار العنيف.!
- الصدر يُقلق المشروع السعودي
- انتظار
- هل كان السبهانُ عراقياً... أم إنَّ العراق سبهانيٌّ؟؟؟
- (العرس) الانتخابي و المقاطعة (المذمومة)
- قصة قصيرة (طيف ساندريلا)
- قراءة نقدية في نص ومضي (غربة) للكاتب مجدي أحمد
- قصة قصيرة بعنوان ((موسوبي))
- قراءة في نصّ ومضيّ
- دردشة على سيجارة افتراضية
- مقاربة نقدية بنص ومضي للقاص حازم الشرباتي


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نوير - قراءة نقدية في ققج (شطط) للكاتبة غادة رشاد.