أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - اتركوا فريدة السعيدة تنام بهدوء














المزيد.....

اتركوا فريدة السعيدة تنام بهدوء


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1448 - 2006 / 2 / 1 - 08:59
المحور: الادب والفن
    


اتركوا فريدة السعيدة تنام بهدوء
بيتنا 2

وصل أبي إلى التسعين
وهو يشكو من أبيه
معه زوجته تشكو من كل شيء
قريبًا أصل إلى الخمسين
وأنا أتخبّط في الرماد.

الطريق على البحر
صار طويلاً ومضجرًا
تعبت
وتبدّدت أحلامي
إلى جواري فريدة السعيدة
تنسج سترة الشتاء
وتفكّكها في الصيف.

كنا عائلة نموذجية
تجذب اللصوص والمغامرين
بلا جدوى
جاءنا الشيوعيون والقوميون
وبقية أصحاب العقائد الكبرى
تركوا زبالتهم
في الحمام وفي المطبخ
وعلى السرير
تركوا الأوراق وقطع الملابس
والبعض ترك أزهارًا.

لم أطلق النار
ولم أفكر حتى بحمل السلاح
في بيتنا الذي غادرناه
كان خيار القاتل أو المقتول
وبيتنا الذي نسعى إليه
بلا سقف.

ماذا سنفعل يا فريدة؟
اللصوص ازدادوا خبرةً وعددًا
ونحن سحقتنا المحن
هل سنسمي ما يحدث تجربة جديدة
ليتكرّر اسمك القديم أميمة؟

ماذا سنفعل يا زوجتي المسكينة؟
الإخوة أشرار
والغرباء أشرار
واللصوص نهبوا كل شيء.

لا تمسحي الدموع
هي في القلب
أرجوك
اتركي كل شيء على حاله
واسمعيني لمرة فقط
أنت وأنا بلا ظل.

ذلك كان النصّ الوحيد في مجموعة"بيتنا" الذي يرد فيه اسم أو ذكر فريدة, زوجتي وشريكتي في الألم والشقاء لما يزيد على 22 سنة, أجل اثنتان وعشرون سنة ويزيد, نجحنا معا في تحويل لحظات قليلة ونادرة حقا إلى احتفال وفرح حقيقيين, في قدر هائل من المآسي, لم يترك لنا الزمن والأوغاد يوما واحدا يمر بهدوء ودعة. اجتمع علينا المرض والفقر وعائلتين منكوبتين قبل أن نولد واجتمع علينا فوق ذلك سوء حظ وسوء تقدير وسوء تدبير منّا, ورغبة شيطانية من البعض لتدميرنا وتشويه سمعتنا نحن الاثنين, وما نزال نكافح للحفاظ على ما تبقى من غريزة الحياة وما تبقى من جسدينا الكهلين وعقلينا المنهكين. فريدة بعمر45 وأنا 46 , هي موظفة ملتزمة منذ 28 سنة وأنا مهندس موظف منذ 12 سنة وقبلها عامل في شتى المهن الحقيرة اجتماعيا والمحترمة إنسانيا, ولا نملك حتى هذا اليوم 30|1|2006 شروى نقير, بقينا بقرار مشترك بلا أولاد, لنحتفظ بالستر, نتنقّل بين الغرف والبيوت المؤجرة, غرباء تماما في بلادنا, وبعد أيام قليلة ينتهي عقد الإيجار في هذا المنزل رقم18 في اللاذقية. لدينا وعد شفهي بالتمديد لسنة وهذا عظيم.
رجتني فريدة ألاّ أكتب عن هذه المشكلة ووعدتها, لكني لا ستطيع لا أستطيع, هي مشكلة مضحكة, وشرّ البليّة ما يضحك.
اليوم 30|1|2006 تسلّمت فريدة السعيدة, في عملها طلب استدعاء, من قيادة موقع اللاذقية العسكري, أجل لا يوجد خطأ في الطباعة, من قيادة الموقع العسكري, وهي ترجوني ألاّ أكتب!
أنا صدمتني الدهشة والخوف والذهول, وهي كانت في حالة يمكن تخيّلها!
بالطبع فريدة لا تواعد أحدا, لا عسكري ولا مدني.فريدة وأنا أول من يعلم, عند استلطاف أحدنا أو نفوره من آخر, ونمثل عكس أسطورة الزوجة أو الزوج(آخر من يعلم) لأننا صديقان حميمان من سنة 1982 وحتى اليوم, وهذا سبب استمرار علاقتنا الزوجية, رغم كل خلافاتنا وشجاراتنا التي لا تختلف عن أي زوجين تقليديين وحضاريين بنفس الدرجة وعلى الدوام.
*

بالنسبة لي, المدعو حسين عجيب, الذي كتب"أشباه العزلة" و"نحن لا نتبادل الكلام" و"بيتنا" وكتب عشرات النصوص المتفرقة, يعود اليوم ويكمل "ثرثرة من الداخل" في الحلقة 31 وأظنه سيستمر في كتابة ثرثرة من الداخل بقيّة حياته, فهي تختصر موقف ورؤية وحياة, تعتبر أن الفصل بين الخاص والعام أكذوبة وخدعة كبرى, لا تختلف عن وهم الفصل بين الشكل والمضمون. ولأنني شخص حميمي ,متعاطف ومشارك دوما بالسلب أو الإيجاب, سأتحدث بكل ما حدث معي أو سيحدث لي, وسأعتمد على حدسي ومشاعري أولا, وعلى منطقي ثانيا.
فريدة السعيدة دخلت غرفتها لتنام, وحالتها حالة, وأنا ذلك الكيان الميتافيزيقي الذي يعرف أنه غير موجود, لا اعرف ما هو الخيار المناسب, هل أذهب بدلا عنها إلى الموقع العسكري, فربما هي مطلوبة للخدمة الإلزامية أو كما تسمّى"خدمة العلم" أم أنّ تشبيحا فوق القانون وخارجه, يستهدفنا بداية العام الجديد, الذي أخبرني حدسي أنه سيكون مختلفا ومغايرا, ربما هذا وذاك.
يا زوجتي الحزينة
يا زوجتي المسكينة
حاولي النوم بهدوء
حاولي أن تخدعي نفسك بأحلام الطفولة
كذبت عليك اليوم, وكتبت حكايتنا
لكنني أعدك
سأعمل على حمايتك حتى النفس الأخير

*
كنت ترغبين وأنا كنت أرغب, أن نسهم معا في بناء بلد, يصلح للعيش والحب كما يصلح للخلاف والاختلاف, أنت تعرفين وأنا أعرف أننا محطّمين تماما, بلا ولد, بلا بيت, بلا أمل.
ربما ذلك حرّض الأوغاد على مهاجمتنا, نحن نسمّيها رقة ولطف وتسامح, وهم يظنون الضعف والغباء وقلّة الحيلة, ربما هذا وذاك يا فريدة.
أنا الآن في غرفتي أمام الشاشة والساعة تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل, وأسمع سعال فريدة ونحنحتها وأرقها, يعتصرني الألم والشعور المطبق بالخيبة والخسران, فشلت يا زوجتي الغالية في تأمين مسكن مستقر ولو غرفة وفشلت في تكوين عائلة, ولو كان ثالثها قطّة أو كلب, وذلك أستطيع قبوله وتحمّله, أما أن أعجز عن تقديم حتى الأمان البسيط لك يا فريدة, فهذا يكسرني ويحطمني ويحرق أعصابي, أبكي الآن كالطفل بحرقة ومرارة.

أيها الأوغاد
أيها الأوغاد

اتركوا فريدة تنام بهدوء.

اللاذقية_ حسين عجيب



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبروك لحماس ولكن
- أنا سوري.......يا نيالي
- من هو الديمقراطي السوري
- كن ماهي المعايير؟ ثرثرة مفتوحة
- على قاعدة التمثال
- الوطنية السورية_هرم يقف على رأسه
- نساء سوريا صديقاتي_ثرثرة من الداخل
- بين عاديات جبلة وكيكا_ثرثرة من الداخل
- خبز وماء_ثرثرة من الداخل
- تغكير عقلاني_ثرثرة من الداخل
- وجه آخر لثقافة الموت_ثرثرة من الداخل
- بيوت وكلمات....ثرثرة من الداخل
- الصدف ضيعتني.._ثرثرة من الداخل
- وجه الغائب_ثرثرة من الداخل
- اسمه تعايش_ثرثرة من الداخل
- وجه فوق القناع_ثرثرة من الداخل
- موقف الخسارة _ثرثرة من الداخل
- قصة موت معلن_ثرثرة من الداخل
- الجوهرة
- حياة افتراضية_ثرثرة من الداخل


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - اتركوا فريدة السعيدة تنام بهدوء