تبرعاتكم وتبرعاتكن المالية تحفظ استقلال الحوار المتمدن، فشاركونا في دعم استمرارية هذا الفضاء اليساري الحر

تغكير عقلاني_ثرثرة من الداخل

حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1405 - 2005 / 12 / 20 - 08:26
المحور: الادب والفن

طالما إرادتي ضعيفة ورغباتي متناقضة, ولا أستطيع الالتزام بقرار, سأحاول تقبل وضعي, أن أحب نفسي كما أنا عليه. ولكن ماذا تعني هذه أل..كما أنا عليه...؟
أليست تركات الآخرين وآثارهم على الوعي ومنظومات التحكم اللاشخصية في
الحق والواجب والقيم؟ أظنها كذلك وأكثر, لقد حاولت طويلا تحديد فرديتي من
الداخل وأخفقت. حدود الشخصية تتجاوز ثنائية الفردي والمشترك: الجسد, الكلام,
الغرائز, القيم, السلوك...كلها تسميات لعوالم مركبة وشديدة التعقيد, تختصرها كلمة
"شخصية" دون أن تدل بوضوح, ودون أن تعني سوى المزيد من الثرثرة العشوائية.
أجلس على الكرسي نفسه, قبالتي الشط الشمالي للاذقية نفسه, أدخّن نفس النوع من
السجائر, في يوم مختلف ومكرر بنفس الوقت.
*

بيت الكينونة, مسكن الوجود, ملتقى الظاهر والباطن, امرأة تعبر صدفة أمام مقهى
الحكيم في الشيخضاهر, وحول الطاولة الكئيبة يعلو ضجيجنا, الديالكتيك, جناية لينين على ماركس وقبله هيجل, مسلسل الاغتيالات في لبنان, لا أحد بمقدوره السماع, أصوات تختلط بأصوات أعلى وتتلاشى في الزحام. المسافة بين مشروع شريتح والشيخضاهر أعبرها مرات دون انتباه, صارت عادة يومية, أتقبلها كصفات الموظف والزوج والصعلوك, بلا ندم ولا فخر.
*
لم اصل إلى علاقة مناسبة مع العالم. ماهو العالم؟
أمي كانت تستخدم كلمة عالم مئات المرات يوميا, وهي تقصد الأعمام والعمات والجيران المباشرين بالتحديد, كثير من أصدقائي يستخدمون كلمة عالم للدلالة على أشياء مختلفة ومتناقضة, وللإشارة إلى ما يتعذر عليهم التعبير المناسب عنه. ما زلت أستخدم الكلمة يكسل ذهني وفكري, للتهرب من التحديد أو لمجرد الرغبة في الكلام, العالم هو كل ما ليس أنا. رغبتي في الانتماء تخامدت وتكاد تتلاشى. رغبتي في التغيير صارت تضحكني. رغبتي في العشق والإنجاز مصدر قلقي وتعاستي.
ما هو العالم ,أو محاولة التعرف عليه! أنا لا أعرف جيراني في البناية, ولا اعرف كف تأتيني نوبات الهستريا في الضحك أو العذاب, ولا أستطيع السيطرة على سلوكي وأفكاري في سهرة, ما علاقتي بذلك أل..."العالم"...ليكن ما يكون.
*
دائما توجد فكرة سابقة وأفكار, محددات مجهولة المصدر, هذا ما أدركه بوضوح في هذا اليوم الماطر وأنا انظر إلى حياتي, وأحاول تحديدها ذهنيا, من الطفل العلوي إلى الفتى البعثي إلى الشاب الشيوعي, إلى العدمي عاشق الخمر والنساء, إلى الكهل الليبرالي الذي يصدّق بوجود حوار ويسعى لا قامته, إلى...... ما أنا عليه ..يا عقلي يا أفكاري الشاردة, ماذا تبقى من جلسات اليوغا ومن براميل الكحول ومن قصاصات الورق المسودة بالشعر أو الهراء؟
ثلاثة خطوط متوازية على كفي, تقابلها ثلاثة خطوط متوازية على الكف الأخرى,
هي الحياة والعدم والشعر. وهي بداية التفكير العقلاني ونهايته.
عودة ميت واحد
تكفي
لصحوة الجميع

#حسين_عجيب (هاشتاغ)

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل