|
الاستفتاء حقٌ مشروعٌ ، و ليس خزياً و لا عاراً .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 5546 - 2017 / 6 / 9 - 16:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أن تعرف معنى الألم دون معاناته ، ليس بمقدار من يعاني من الألم ذاته . و أن تعرف معنى السعادة دون أن تتذوقها فتتوق إليها متلهفاً يفوق مقدار من يشعر بها و هو غارقٌ في لج نعيمها . و أن تفهم معنى ملكية شيءٍ – و أنت منه محرومٌ – ليس بمقدار من يملك الشيء نفسه . و أن تنتظر شيئاً جميلاً فتشعر بلذةٍ تفوق كثيراً من نكهتها بعد حصولك عليه ، و لا يكون بمقدار ذاك الجمال قبل حصولك عليه . و نادراً ما يحل اليأس محل المتعة و الجمال حينما يطول الانتظار . ا مع إنني كنت في خصامٍ شديدٍ بأعماقي مع قادة الكرد ، و كنت أنفر من التنافس العدائيِّ بينهم بسبب السلطة و النفوذ ، و من خلال أحزابٍ تجاوزت أعدادها إلى حدٍ لايطاق و بلا مبررٍ . غير أن هذه هي المرة الثانية التي بهما أرغموني على مراجعة حساباتي معهم ، فأضع بين أيديهم بعض الاحترام عندما أخفوا خلافاتهم المخزية وراء ظهورهم ، و أجمعوا على رفع العلم الكردستانيِّ في سماء كركوك في المرة الأولى . و الآن هاهم يفعلون الشيء ذاته بالاتفاق على إجراء استفتاءٍ يظل الرأس به مرفوعاً ، و في يومٍ يجمع أبناء أمةٍ واحدةٍ كلمتهم لإعادة مجدٍ يلهب مشاعرهم ، و تنطلق من حناجرهم صيحةٌ واحدةٌ بكلمة ( نعم للحرية ... نعم لاسترداد الكرامة ..) . صيحةٌ تعبر عن حب الوطن و الانتماء إليه تجسيداً لغايةٍ ساميةٍ بذلوا الغالي و النفيس في سبيلها منذ مئات السنين ، ليدبوا على ثرى الوطن بسلامٍ و وئامٍ ، و ممارسة السيادة على جغرافيته بكبرياءٍ و سموٍّ ، فرفع الطغيان و الاحتلال الجاثمين فوق قلوبهم ، كما استعادة هيمنته على ذاته .
و عودةٌ إلى الألم الذي عاناه الكرد و هم يعتصرون وجعاً من طغيان احتلالٍ بغيضٍ يحكمهم على ترابهم بالحديد و النار ، وهم سعداءٌ بإبادتهم ، و من قتلهم يتلذذون . حريةٌ طال انتظارهم لها قروناً دون أن يدب اليأس في نفوسهم ، فخاضوا أعتى المعارك ، و قدموا أعظم التضحيات لأجلها ، إلى أن حان أوان ممارسة حقهم في تقرير مصيرهم ليمنحوا لأنفسهم شكل السلطة التي يرغبونها , و إلغاء السيطرة أو الوصاية أو فك الشراكة غير المتكافئة ، و ذلك حسب القانون الدولي الذي يمنحهم حقاً مشروعاً على أساس المساواة بين الناس و بالتسوية في الحقوق بين الشعوب . و أن قانون الجمعية العامة للأمم المتحدة يكفل حق الشعوب في تقرير مصيرها و لازال .
لن أتدرج في مراحل التطور التاريخي لهذا الحق بإسهابٍ منذ عهد إفلاطون مروراً بالقرون الوسطى ، و لن أجتر في تعريفاته . بل باقتطاعٍ أَصِلُ إلى ثبات هذا الحق نصاً و مضموناً برقم : ( 2955) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام ( 1962) . فلم تقف عند هذا الحد بل طالبت من كافة أعضائها الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها و استقلالها ، فتقديم الدعم و المساندة لها برقم : ( 303 ) لعام ( 1973 ) و هو حقٌ مقررٌ لكل الشعوب بلا استثناءٍ ، كما ضمان تحريرها و أرضها دون قيدٍ أو شروطٍ .
و تأكيداً على المطالبة بهذا الحق على الشعوب أن تجري استفتاءً حراً نزيهاً للتوصل إلى نتيجةٍ تعبر عن إرادتها دون قيودٍ أو ضغوطٍ .
فمن خلال ما تقدم و مطابقةً للقواعد القانونية الخاصة بمبدأ حق تقرير المصير الذي أقرها ميثاق الأمم المتحدة فإن للشعب الكردي ِّ الحق في أن يقرر مصيره بنفسه، و باستخدام كافة الطرق المشروعة بما في ذلك الكفاح المسلح . كما أن كل الثورات و الانتفاضات التي خاضها الشعب الكرديُّ لنيل حقوقه مشروعةٌ . و ذلك حسب القرار رقم ( 2621) الصادر في / 12 / تشرين الأول لعام ( 1970 ) و الذي ينص : ( التأكيد على حق الشعوب المستعمرة في الكفاح بكل الطرق الضرورية التي في متناولها ضد الدول الاستعمارية التي تقمع تطلعاتها ) . و استنتاجاً من ذلك أن الدولة التي تتنكر لحق تقرير المصير فهي التي تنتهك القانون الدوليَّ . و هنا يأتي دور مجلس الأمن باستخدامه القوة ضد تلك الدولة التي لا تنفذ قراراته . و على ضوء ذلك فإن استمرار إخضاع الشعب الكردي للاستعباد و الاضطهاد و التعسف إنما هو إنكارٌ لحقوق الإنسان الأساسية ، و نقيضٌ لميثاق الأمم المتحدة و عرقلةٌ للسلم الدوليِّ . و يبلغ الجدل أكثر احتداماً و مداه الأقصى بين مؤيدٍ لقرار استفتاء الكرد و معارضٍ له . للمؤيدين نشكرهم على وقفتهم مع الحق . و للمعارضين نقول : حججكم واهيةٌ كخيوط العنكبوت . فقد بنيتم دولكم ، و فضلتم القومية على الدين ، و سلطتم الأنفال على الكرد ، فصببتم أنواع الغازات عليهم ، و طردتموهم خارج حدودهم . و الآن تريدون أن تمارسوا دوركم الدمويَّ من جديدٍ بدلاً من أن تتخلصوا من عقدة ذنبٍ ارتكبتموهم بحقهم ؟! . أو تعاودوا تضليلهم بحجة أخوة الدين للانصياع إليكم . أما مسألة الفساد و الاستبداد و القهر فسنتصدى للحكام لو مارسوها بعد تأسيس الدولة الكردية ، و سنكون أول المعارضين لرؤوس النظام لو تنصلوا من النزاهة
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى متى يستمر الوضع على هذا المنوال ؟!
-
عن الحياة غائبون
-
أحقابٌ همجيةٌ من الجهلِ .
-
صوموا إن شئتم ، أو فَلّتَصْمُتوا.
-
ضائعٌ أمله ، و منسيٌّ حلمها .
-
صرخة فتاةٍ آلمها الغدر .
-
البطالة في المخيمات آفةٌ تولد الآفات .
-
كاليستوقراطيون بلا وميضٍ .
-
نفوسٌ تخرُّ هابطةً
-
هربنا من الدب ، فوقعنا في الجب .
-
هل المرأة ناكرةٌ للجميل ؟
-
اللعنة ترقص على ضمائر بائعي الذمم
-
الوطن أكبر من الجميع ، والأبقى
-
الأول من أيار فضاءٌ متنفسٌ للبروليتاريا
-
وصمة عارٍ على جبين الغرب قبل المملكة السعودية
-
عثور أردوغان على مبتغاه بتغذية الماضي حلمٌ زائلٌ
-
في تعلم فنون النسيان فاشلةٌ
-
إخفاق الطفل وفشله مسؤولية الجميع
-
نسائم مروج الماضي أغوتني
-
أي إله أنت ؟!....وأي فريق منك مسنود ؟!
المزيد.....
-
مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا
...
-
تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
-
سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث
...
-
ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع
...
-
بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع
...
-
بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا
...
-
هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
-
ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
-
عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
-
فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|