أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - نعيم حيماد - التعليم في حالة الطوارئ















المزيد.....

التعليم في حالة الطوارئ


نعيم حيماد

الحوار المتمدن-العدد: 5033 - 2016 / 1 / 3 - 08:50
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


يعد التساؤل حول التعليم في حالة الطوارئ مسألة بالغة الأهمية بالنسبة للنشء. فمعلوم أن للتعليم دورا في البناء النفسي و الاجتماعي و المعرفي للشخصية، و هي جوانب أساسية في نمو الطفل. ففي الحالات الاعتيادية، يتدخل التعليم لتنمية القدرات المعرفية و خلق التوازن النفسي و الدمج الاجتماعي. لكن الظروف الطبيعية و الاجتماعية لا تكون دائما مواتية لتعليم جيد. و في معظم البلدان لا يتم الاستعداد للتعليم في حالة الكوارث، بدعوى أن إنقاذ الأرواح و سلامة الأبدان هما هدفا التحرك الانساني. و لكن ماذا بعد إنقاذ الروح و ضمان سلامة الجسد؟ كيف نتدبر أمر التعليم في أثناء الأزمة أو الكارثة؟ لماذا علينا أن نعلم أطفالنا حينما تحل بنا أزمة أو كارثة؟ لماذا لا ننتظر حتى نتعافى من آثار الكوارث لنعلم الأطفال؟ ماذا سيحصل إذا نحن أهملنا التعليم في مثل هذه الأوضاغ؟
كثيرا ما نجهل الصدمات النفسية التي يتعرض لها أطفالنا في حالة الطوارئ، فقد يتوقف نمو الطفل عند تعرضه للصدمات، خاصة حينما لا نعمل على دعم جهازه النفسي. و هنا نؤكد على أن التدخلات التربوية الانسانية فرصة لمواصلة النشء تعليمهم من جهة، و حمايتهم من جهة أخرى. في حالات الطوارئ تسمح التربية الجيدة للأطفال بمواصلة تعلماتهم، و تمنحهم حماية جسدية و نفسية و معرفية، و تخفف عنهم التأثير الاجتماعي و النفسي الناتجان عن صراع أو كارثة، و تعطيهم إحساسا بالاستقرار وأمل بالمستقبل.
و لننتبه إلى أن النزاعات المسلحة تعد أخطر حالات الطوارئ التي تهدد استمرار الأطفال في تلقي تعليمهم، فقد بين التقرير العالمي حول متابعة التعليم للجميع "الأزمة المتخفية: النزاعات المسلحة و التعليم" بأن الدول التي تعيش حالة النزاع المسلح تشهد تباطؤا في النمو، إذ أن اثنين و أربعين بالمائة من الأطفال الذين لا يتلقون تعليما هم من البلدان التي تحتضن النزاع، و هم بذلك مهددين بأخطار العنف و الاستغلال. لذلك فإن التعليم في حالات الطوارئ يستهدف أول ما يستهدف الحصول على التعليم و تحسين جودة البيئة التعليمية في تجاه احداث تغيير جذري في النظرة الشائعة حول المساعدة الانسانية و تحويلها إلى مساعدة ذات خصوصيات تلائم حاجيات السياقات و الأشخاص. و السبب في التوجه نحو استحداث طرق خاصة للتدخل في التعليم في حالات الطوارئ هو كون الأطفال الصغار الأكثر تضررا منها. فنسبة اثنا عشر بالمائة تقريبا من السكان تكون من الأطفال الذين تبلغ أعمارهم ست سنوات، و يكونون في مرحلة حرجة جدا من النمو، حيث إنه في الفترة من السنة السادسة إلى الحادية عشرة يتكون الذكاء و الشخصية و السلوك الاجتماعي. و الخطر الكبير الذي يتهدد الأطفال هو البيئة القمعية التي تحبط قدرتهم الابداعية، و هي بيئة تفتقر لأدني شروط التنمية الجسمية و العقلية.
و بما أن النزاعات المسلحة تؤثر سلبا على النمو الجسمي و الذهني للأطفال حتى فيما بعد الأزمة، فإن الآباء يفقدون القدرة على العناية بأطفالهم كما اعتادوا أن يفعلوا، بسبب الحالة الخطيرة التي صاروا عليها.
إن من أهم أهداف أنشطة التعليم في حالات الطوارئ ، تأطير الأطفال الصغار لضمان حمايتهم الجسدية و النفسية في بيئة غير مستقرة، لتحفيز نموهم المعرفي و الانفعالي و الاجتماعي و النفسي استعدادا للعبور بسلام نحو مرحلة ما بعد الأزمة. و كيفما كان نوع الأزمة التي يصل تأثيرها إلى المتعلمين، فإن أساليب تدبير التعليم المبتكرة كثيرة و ملائمة لشتى حالات الطوارئ. و جدير بالذكر أن كل أزمة أو حالة طوارئ قد تتسبب في أزمات قد تقل أو تزيد خطورتها حسب نوعية التدخل الانساني المفعل و زمنه و مدته. و كثيرا ما تكون للانتظارات طويلة الأمد لمرحلة ما بعد الأزمة ارتدادات سيئة على سلوك المتعلمين و حياتهم. لذلك فإن تفكير الدولة في نظام التعليم الجيد يقتضي العمل على توفير أنظمة حماية التعليم و المتعلمين و البيئة التعليمية عموما تحسبا لحالات الطوارئ، بل و عقد شراكات تعنى بالرفع من كفاءة التعليم و تدبيره في حال ما وقعت نزاعات في الدولة. كما يمكن أن نعمد إلى رفع الأعلام على المدارس في حالة النزاع المسلح للحيلولة دون المساس بها على أن يكون القرار دوليا و ملزما.
إن تغييب التعليم في حالة الطوارئ، و اعتباره ثانويا، أو تجاهله كليا، قد يضعف من قوة التعليم في الدولة باعتباره أحد أسباب التنمية الشاملة. فيكفي أن ينشب النزاع المسلح حتى يخلي الناس بيوتهم، حاملين معهم أمتعتهم التي هم في أمس الحاجة إليها، مقتادين أطفالهم الذين كانوا يتعلمون في مدارسهم، متنقلين من مخيم إلى مخيم. هل سيفكر الأهل في تعليم أطفالهم؟ و إذا فكروا في ذلك فهل بإمكانهم توفير تعليم مناسب؟ و ماذا سيحصل إذا استمرت الأزمة و لم يتعلم الأطفال؟
إن نتائج تغييب تعليم الأطفال في حالة الطوارئ وخيمة جدا. فمعظم الأطفال الذين يعيشون في مناطق النزاع المسلح أو الكوارث الطبيعية يتعرضون لصدمات نفسية خصوصا إذا فقدوا أحد أقاربهم أو شاهدوا آثار الأزمة التي لحقت بذويهم أو بالآخرين. و إذا فكرنا في مستقبل هؤلاء الأطفال فسنتوقع أن يعيشوا أزمة عميقة نفسية و اجتماعية إذا ما تركوا دون تعليم، أزمة تشدهم إلى الخلف و تمنعهم من التخطيط للحظات القادمة. سيكونون عاجزين حتى عن التفكير عندما لا نمد لهم يد العون و نؤهلهم نفسيا و اجتماعيا و معرفيا. إنه دور علم نفس النمو الذي يركز على حاجيات الطفل في مختلف مراحل نموه. و تلبية هذه الحاجيات يحتاج لبيئة خاصة، و تكون تحت إشراف أخصائيين. و إلا فإن جيلا بأكمله سيتضرر من الأزمة، و قد يمتد أثرها إلى الأجيال اللاحقة.
إن وضع مخطط للتعليم في حالات الطوارئ بات ضرورة إنسانية يجب الاضطلاع بها في كل البلدان و المناطق، خصوصا و أن أدوات التعليم صارت في متناول الجميع، و تعلم طرق التعلم صار متاحا لفئات واسعة في المجتمع، يكفي أن تكون لدى الدولة إرادة قوية و استعدادا لبناء مدارس متنقلة أو اعتماد تدريس عن بعد في كافة المجالات، ليكون بالامكان متابعة التعليم عندما تحل كارثة أو أزمة. و للاشارة، فإن الانعطاف نحو التعليم في حالة الطوارئ يقتضي التشبع بفلسفة كون التعليم صانعا للوجود الانساني، و حين نتوقف عن التعليم نتوقف عن الوجود.





#نعيم_حيماد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -5- في الجمهوريات الحرة احترام القوانين ضمان للحقوق
- -6- في الجمهوريات الحرة القانون يطبق على الجميع
- -7- في الجمهوريات الحرة المشرع يكتب للشعب أفضل القوانين
- -8- في الجهوريات الحرة الحرية و المساواة فوق كل اعتبار
- -4- في الجمهوريات الحرة الارادة العامة أساس السيادة
- -2- في الجمهوريات الحرة لا مكان للعبودية
- -3- في الجمهوريات الحرة لا يطيع الشعب إلا نفسه
- في الجمهوريات الحرة
- الحظ الماكيافيلي يبتسم للشعب و يتجهم للأمير
- المعاني في طريقها للتحقق فالحرب لم تنته بعد
- ماذا لو تحالفت الكلمة مع السلاح ؟!
- هل وقعنا سلاما انفصاليا مع الامبريالية ؟؟؟
- مصير الدين بعد سقوط الميتافيزيقا
- التربية بين السياسة و الفلسفة
- تأمل في المقاومة
- قصيدة - يكفينا -
- قصيدة - غضب -
- الفلسفة التي تقدم الأمل


المزيد.....




- نتنياهو يعلق على قبول حماس وقف إطلاق النار والسيطرة على الجا ...
- لوكاشينكو: العالم أقرب إلى حرب نووية من أي وقت مضى
- غالانت: عملية رفح ستستمر حتى يتم التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح ...
- الرئيس الجزائري: لا تنازل ولا مساومة في ملف الذاكرة مع فرنسا ...
- معبر رفح.. الدبابات تسيطر على المعبر من الجانب الفلسطيني مع ...
- حرب غزة: هل يمضي نتنياهو قدما في اجتياح رفح أم يلتزم بالهدنة ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- كاميرا مثبتة على رأس الحكم لأول مرة في مباراة الدوري الإنكلي ...
- بين الأمل والخوف... كيف مرّت الـ24 ساعة الماضية على سكان قطا ...
- وفود إسرائيل وحماس والوسطاء إلى القاهرة بهدف هدنة شاملة بغزة ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - نعيم حيماد - التعليم في حالة الطوارئ