لجنةُ العريضة والتحولات السياسية

عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4060 - 2013 / 4 / 12 - 10:17
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

تلبّد جو البحرين الاجتماعي السياسي بالغيوم بعد حلِ المجلس الوطني الذي كان ذروةَ تطورِ البحرين الديمقراطي سنة 1975، في ذلك المناخ السياسي الفكري لم تكن التياراتُ السياسية قد أخذت فرصتها في التطور، فقد كانت مُرهقةً مراهقةً في عملها، لكنها كانت مسئولةً مستعدةً للتجربة والتعلم، خاصة أنها وجدتْ العديد من أحلامها تتحقق، كما أنها صعّدت كتلاً سياسية واضحةَ المعالم، دقيقةَ الخطابات، مسئولةَ العبارات عقلانية الأهداف!
كانت كتلةُ الشعب وكتلةُ التجار الديمقراطيين التحديثيين، والكتلةُ الدينية الشيعية تحوزُ على مقاربات عددية في ذلك البرلمان، وكانت المواقفُ متباعدةً بين الكتلتين الأوليين (اليسار والوسط) عن الكتلة الثالثة (اليمين المحافظ) التي تغدو بهذا التجمع أقليةً غير قادرةٍ على الهيمنة على السلطة التشريعية!
كانت تركيبةً اجتماعية سياسية ثقافية معبرة عن تقدم المجتمع البحريني في منطقة الخليج حينذاك، ولهذا كانت إستمرارية المجلس كفيلة بتنامي هذا المستوى نفسه، والانعطاف به نحو مرحلة أكثر تطوراً، فيه تتيح تداخل الطائفتين السنية والشيعية، ونمو الفئات الوسطى والعمال المتقدمين والوعي التحديثي لدى الجمهور، وهو أمرٌ يؤدي لتصعيد الوطنية، ولكن انتكاسةَ التجربة أعادت البلدَ لاصطفافٍ طائفي! فمن مشروع الديمقراطية والتلاحم الوطني إلى الخندقين الأهليين المتصارعين.
كيف؟ ولماذا؟
القسمان الأهليان المتأثران بالمذهبية السياسية السنية والشيعية كانا قد قبلا بوعي سياسي مختلف هو الوعي التحديثي الديمقراطي الوطني، الذي قادته وجسدته هيئةُ الاتحاد الوطني، ثم تطورَ في نضالات المنظمات الوطنية، ثم في مؤسسات الدولة الوطنية المستقلة وفي الدستور.
ولكن خلال حل البرلمان وغيابه كانت مياهٌ كثيفة قد جرت من تحت الجسور الوطنية، وقد إنهارت قوى المعارضةِ التحديثية خلال النضال الوطني الديمقراطي خلال هذه العقود حيث تحملتْ الضرائبَ الباهظة في بقاء ما هو توحيدي وطني!
ولهذا فإن الطائفيين السياسيين هم الذين برزوا بعد أن تكاثرت المؤسساتُ العبادية، وتعززت الفئاتُ الوسطى ومعاشها المادي، وتحول العمال البحرينيون إلى ثلث العمال المشتغلين، وصارت هذه المؤسسات العبادية شيئاً فشيئاً تحملُ ما يُنتج من مؤثرات فقهية وسياسية وثقافية وتبثه بين المواطنين في هذه الجهة وتلك!
وذلك الالتحام الوطني المتصاعد المتقطع بعدم حل المشكلات الكبيرة في الاقتصاد والإسكان والصحة وغيرها لم يستمر، فالطائفيون السياسيون راحوا ينظمون الناس ويوسعون جماعاتهم التي تعددت، وانتقل بعضُها للصراع الحاد مع الدولة، فبدأ عقدُ الثمانينيات المنتهي وهو ينذرُ بأخطارٍ جسيمة.
ومن المعروف كيف كان المخاضُ السياسي الإيراني من جهته يُصعد قوةً شمولية عسكرية سياسية راحت تفيض على الجيران، وراحت تستقطب الطائفة التي تعتبرها مجالها الحيوي. وقد ظهرت جماعةٌ وقتذاك قالت بأنها رسلُ المهدي والصلة بينه وبين العباد، وقد جمعت بين الدعوة والقفزات السياسية على الأوضاع!
كانت هذه بداية لتحويل الاساطير إلى سياسة يومية حارقة، وهي إشارة كبرى بأن مظلة العقلانية الهشة التي كنا نعيش ونتصارع في ظلالها قد تمزقت. وكانت شكلاً للعبور السياسي الدعائي الخارجي والإمكانية السهلة له لصيد الشباب ودفعهم في مغامرات سحرية دينية وسياسية إعتماداً على الموروث الديني والمشكلات الاجتماعية الاقتصادية الساخنة، ولكن عبر سياسات تفكيكية للشعب وتصعيد قوى طائفية من هنا وهناك، وجر المنطقة كلها لأتون الحرب الطائفية والصراع القومي الأهوج بين العرب والفرس!
هكذا زالت كتلةُ الشعب وكتلة التجار الديمقراطيين التحديثيين وانفتحت الأرض للماضي الطائفي العنيف!

#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات