أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تحللُ النقدِ الثقافي الاجتماعي














المزيد.....

تحللُ النقدِ الثقافي الاجتماعي


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4044 - 2013 / 3 / 27 - 08:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


النقدُ كقوةٍ فكرية عليا لبناءِ المجتمعات يجسمُ الشخصيةَ السياسية التحويلية للحياة، وهو يعتمدُ على الركائزِ الموضوعية التي تتشكلُ في أي مجتمع، من وجودِ حاملاتٍ اجتماعية تسندُ تياراً فكرياً سياسياً يستهدفُ تغيير علاقات اجتماعية سياسية شائخة.
ولهذا فإن الناقدَ الفردي ليس هو من إنتاجِ الجامعة فقط بل هو كذلك من إنتاج مشروع طبقة محوِّلة للمجتمع، وقد أُصيبَ مشروعُ الفئاتِ الوسطى القومية الدينية العربية بتذبذبٍ وضياع نتيجة للتقلقلِ بين مشروع الإقطاع الذي يمتلك جذوراً كبيرة في المجتمعات العربية وبين مشروع الفئات الوسطى غير المتجذرة في العلوم والصناعة وسياسة التغيير.
وإذا وجدنا بعضَ النقاد في فترةِ مراهقةِ هذه الفئات السياسية ومشروعها للتغيير، يطرحون مبادئ مجابهة الآداب والفنون التقليدية ورفضها وتجاوزها، فلم يتم تحديد هذه الثقافة التقليدية، فقد كانوا يقصدون كلَ الأساليب الإبداعية المتعددة، مركزين التجديد فقط في مدارس معينة مثل السريالية واللامعقول وأقصى تطرف للحداثة باعتبارها هي جوهر الإبداع، وبالتالي كان هذا التطرف خاصة في بلدان ثقافية بكر كالخليج مؤدياً لتدهور الإمكانيات الإبداعية الأولى، ولهذا نلاحظ تأثير ذلك على القصة القصيرة والقصيدة والمسرح التي دخلتْ في أشكالٍ غرائبية وتحديثية مظهرية.
يعبرُ هذا عن طفوليةِ الوعي لتلك الفئات ولكن مثل هذا النقد يظلُ فردياً، فيما الاتجاهات التقليدية المؤيدة للأشكال العادية من الأدب والفن لم يكن لها حضورٌ واسع، وإذا حضرت فهي ذات نتاج قليل، لم يتوغل في الأنواع الأدبية بالتحليل الدائب، وبمتابعة تطور الإبداع والمجتمع.
إن تدهورَ النقد الأدبي الفني وإضمحلاله كان مظهراً لتدهور الوعي السياسي الاجتماعي، فقد كان ذلك مؤشراً لتقلقلِ الفئات الوسطى وتأرجحِها نحو الإقطاع، أكثر من صعودِها للإمام وحفرها في الواقع وتطوير الأنواع الإبداعية ومقاربة الحداثة الغربية والإنسانية، ولهذا نجدُ إن أجناساً منقرضة كالشعر العامي التقليدي القَبلي تزدهر، وأن منحى التسجيل والفوتغراف في الفن التشكيلي يغدو هو الأبرز بين الاتجاهات الفنية، وأن التجريب الواقعي في المسرح يُهزم لصالح التجريب الفوضوي والمسرح التجاري.
إن نمو رأسمالية الدولة باتجاه الإقطاع ودعم الذكورية الحادة والعشائرية والطفيلية الاجتماعية، أدى إلى ضمور النقد الاجتماعي على مستوى تحليل الاقتصاد والعلاقات السياسية إن لم ينعدم. ولهذا فإن آدابَ وفنونَ التسطيح والتسلية العابرة تزدهر مثلما تزدهر أشكالُ العلاقات الاقتصادية غير الانتاجية.
إن الفكر يُصاب بضربةٍ شديدة، ويغدو ميدانه المركزي وهو النقد ذاتياً ضعيفاً، مترجرجاً لخدمة السائد المَرضي، فلا يغوص في التحليل، ولا يغدو موضوعياً باحثاً عن السببيات العميقة.
إن تدهورَ الأنواع الأدبية والفنية والفكرية يعودُ لمجمل علاقات الفئات الوسطى في رجوعِها للخلف، وتنحية تطورها المستقل، وتأييدها للأنظمةِ التقليدية التي تبذرُ الثروات العامة، ولهذا فإن استمرار وجود (النقاد) يغدو ذاتياً غيرَ معتمدٍ على فئاتٍ وسطى وعمالية متنورة داعمةٍ للنهضة، فيتوجه نقادٌ للتحلل، بالانقطاعِ عن النقد الذي صار عمليةً مكلفة سياسياً، وبتحولِ النقد إلى نثرياتٍ غير حَفرية ومليئةٍ بالتفاصيل غير الجوهرية، وبالتركيز على الاستثنائيات وليس على السببيات الإبداعية الجوهرية والنتاجات المشعة المؤثرة تاريخياً، وهنا يتعالى هدفُ الذاتية كثيراً، حيث يتكرس النقدُ لخدمةِ شخوص بسبب العلاقات الشخصية والمؤتمرات والعروض التجميلية لكتاباتٍ ورموز شاخت، أو لأجلِ أهدافٍ دراسية مؤقتة، وليس بهدفِ قضيةٍ كبرى، أو يتحول النقدُ للدعاية للأجهزة والمواسم السياسية، أو يقفز لتوظيف مناهج غربية تحللُ شكلانياً الأعمالَ الأدبيةَ والفنية وتقضي على روحها النضالية الداخلية وصلاتها بحراكِ الواقع، وهذه تغدو إفرازاً للجامعات وموقعها المتذبذب بين العلوم والسلطات، بين الحفرِ الموضوعي وبقاء الوظيفة والراتب.
إن النقد مترابطٌ بين مستواه السياسي وجذوره الفلسفية وشكله الإبداعي، فهو تعبيرٌ عن تأرجحِ الفئات الوسطى، وغياب نظامها المستقبلي الديمقراطي التحديثي، وابتعادها عن الانتاج التحويلي للمادة سواءً أكانت مصانع أم طبيعة، أم مواد إبداعية، فتتحول النصوصُ مادةً لتجارة ذاتية، لا تُرى فيها سوى المصالح الذاتية العابرة وليس تطور المجتمع والشعب والأمة، وعلى العكس فحين يرى النقادُ في النتاج الأدبي أو الفكري أو الاجتماعي مواد ثرة لتغيير الحياة وتطوير الناس، يساهمون هم كذلك في هذا المنحى حين يجعلون من المواد الإبداعية مواد مؤثرة في الوعي العام لإعادة خلق المجتمع وتغيير نواحيه السلبية.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع الإيراني العربي
- بلزاك.. الروايةُ والثورةُ (10-10)
- بلزاك: الروايةُ والثورةُ (9)
- المراحلُ التاريخيةُ والموقفُ المغامرُ
- صراعٌ قومي وشكلهُ ديني
- ظلالُ الامبراطورية على إيران وروسيا
- لحظةٌ حاسمةٌ في تاريخِ العلمانية العربية
- قاطرةُ التاريخِ
- طائفتانِ في مجرى الصراعِ السلبي
- صراع القبائل والنصوص
- سوريا من انتفاضةٍ شعبية إلى حربٍ أهلية
- بلزاك: الرواية والثورة( 8- 8)
- بلزاك: الروايةُ والثورةُ (7 -8)
- غيرُ قادرين على التوحيد
- شيعةُ العربِ ليسوا صفويين
- تبايناتُ القوى التقليدية
- العقائدُ المتأخرةُ والثقافةُ
- صراعُ الإقطاعِ والبرجوازية العربي
- ممثلو الصوتِ الواحد كيف يتحاورون؟
- الوعي الديني والإقطاعُ المناطقي


المزيد.....




- هل تفكر بشراء ساعتك الفاخرة الأولى؟ إليك ما قد تحتاج لمعرفته ...
- إجلاء آلاف الأشخاص من خاركيف وهجوم على بيلغورود الروسية
- الجيش الروسي يحرر 4 بلدات جديدة في خاركوف ويقضي على 1500 عسك ...
- الخارجية الروسية: منفذو اعتداء بيلغورود سيعاقبون على جريمتهم ...
- وزيرة أوروبية تعرب عن صدمتها بعد رؤية معبر رفح مغلقا وتطالب ...
- تمديد حبس سائق حافلة بطرسبورغ الغارقة حتى الـ9 من يوليو على ...
- سلسلة من حوادث الغرق في 6 ولايات جزائرية راح ضحيتها 10 قتلى ...
- مسؤولون إسرائيليون يوجهون اتهامات إلى مصر بانتهاك -التفاهمات ...
- العراق يطلب إنهاء مهمة بعثة أممية لانتفاء الظروف التي تأسست ...
- كتالونيا تنتخب -إقليميا- بتطلعات طي الانفصال عن إسبانيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - تحللُ النقدِ الثقافي الاجتماعي