أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - العقائدُ المتأخرةُ والثقافةُ














المزيد.....

العقائدُ المتأخرةُ والثقافةُ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4027 - 2013 / 3 / 10 - 08:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



عَبرتْ التراجيديا الإغريقية عن الصدام بين ثقافةِ الأمومة المنهارة وصعود ثقافة الرجال والدولة المسيطرة، وعبرَ ذلك وخلاله وبعده شكلت الثقافةُ الإغريقيةَ المسرحَ والملحمة كنوعين أدبيين متميزين، ودون التنوع العقدي وصراع الآلهة وأنواع البشر، تعبيراً عن ثقافة مدنية تعددية، تخلقُ فاجعة الأمومة والعبيد، لم يكن بإمكان الثقافة اليونانية كممثلة قيادية للجنس البشري عن تشكيل هذين النوعين المميزين.
وهي ثقافةٌ أسستها الحضاراتُ الشرقية ورفدتْ بها اليونان لكن الأرضية الاجتماعية والفكرية الخصبة المنّوعة الإغريقية انعطفتْ بالعناصر الشرقية نحو آفاق مختلفة.
وحينذاك كان العربُ أسرى في جزيرتهم لا يقيمون علاقات واسعة بالعالم، وكان جيرانُهم وخصومهم الفرس يتجهون لتكوين إمبراطوريات.
وحتى حين مرّ الأسكندر الأكبر قرب الجزيرة العربية كانوا مازالوا متخلفين.
عبّرَ ذلك عن تخلفهم الشديد عن الأمم المتحضرة وقتذاك، وحين تفجرت المسيحيةُ وتغلغلتْ بينهم كاليهودية كانوا أقرب للتوحيد، فقد كان هو الحاجةُ الضرورية لبقائهم كأحياء.
فاتورةُ التوحيد مثقلةٌ بسبب هذا التأخر الطويل، الذي جعلهم متقوقعين في ذواتهم غنائيين في شعرهم مُفتتين في اجتماعهم وأدبهم حسيين في فكرهم، وصعدوا على مسرح المنطقة وهم في صَدفةِ الثقافة القَبلية الخاصة بهم، والتوحيدُ ضربَ التنوعَ القبلي الاجتماعي السياسي، فغدت إمكانياتُ المسرح الدرامي والملحمة المعتمدة على التنوع الاسطوري وصراع المدن، وتدهور حضارة الأمومة مع صعود حضارة الرجل مفقودةً منتفيةً بسبب تسيد حضارة الرجل القبلي الحادة وتحويل النساء إلى إماء.
أضفْ إلى ذلك ضخامة الصحراء وفقدان البيئة الطبيعية للمسارح، والاعتماد على مراكز الحج الدينية وشعائرها، ولا يبدو من آلهةِ العرب أي صراع ملحمي يمكن أن يكون مادةً موظفةً لمسرح ما، اللهم إلا حكايات كثيرة صغيرة عجائبية عن هذه الآلهة لم ينشأ فيها نَفَسٌ قصصي مطول وصراعات.
أما الصراع بين المدن الديمقراطية المتعددة المؤدي لاحتفالاتٍ فنية جماهيرية فلم يحدث إلا بشكل ديني سادت به ثقافةُ التوحيد.
ولهذا فإن العربَ في انحصارِهم الجغرافي عن ثقافةِ العالم المتمدن قروناً طويلة، ظهروا وإمكانياتُ الوثنيةِ الاحتفالية وعوالمها قد شارفت على النهاية في المنطقة بعد عشرات القرون وقد استنزفتْ البشرية كثيراً.
التمحورُ حول الذاتِ العربية الدينية المتمدة في المُطلق غير المتحولِ وغير المتصارع، المعبرِ عن هيمنةٍ ذكوريةٍ تمظهرتْ في النهاية في الحاكمِ المطلق، لم يقبلْ التعدديةَ والصراعَ الدرامي والملحمي خاصةً وروافدهما قد أطاحَ بها التطورُ التاريخي نفسه، مثلما لجم عن كشف وتجسيد الصراع الاجتماعي الممزق لوحدة خارجية برانية.
هذا كله ألغى الإمكانيات التجسيدية الصراعية وخاصةً أن المخاوفَ من الارتداد إلى الوثنية مازال عالقاً مُلجماً الفنونَ التجسيدية عن النمو الواسع، ولكن تجسيد البشر محال، حيث يغدو الفنانُ في عرفِهم خالقاً، ولهذا فهو يخلقُ الدمى والظلال والخطوط المجردة.
الآدابُ القولية غير تجسيديةٍ ولا تكونُ عبر مادة ملموسة، وتعبر عن ذاتية الرجال المهيمنين وحاجاتهم وهم أفراد الفئات الوسطى التي تنتعش بعطايا الحكام، وقد توسعت هذه الثقافة توسعاً هائلاً كأنها تعبير عن عدم النمو في اتجاهات أخرى، وتوجه الشعر والنثر إلى تصعيد جنسي القصة والسيرة العائشين على المجتمع الإيماني وخفلياته الاسطورية ومعاناته الاجتماعية وتعبيره عن العالم في ذلك الحين.
ولم يكن لتطورات المذاهب انعطافات جذرية عن هذه الثقافة القولية الدينية، فهي إعادة نسخ للتوحيد حتى وإن بدا تعددياً، لكن بعضها عاد لجذورِ أهل المذاهب الفنية وتوسع في الفنون وبعضها الآخر بقي في النصوص القولية.
وقد كسرت المعاصرةُ هذه الدوائر الضيقة وذلك الانحصار العربي في الصحراء واعتمد تطورها على مدى قدرتها على تطوير الديمقراطية الإغريقية في زمن جديد، وأمكن لها أن تترجم وتقلد وتبدع في النوعين الدرامي والملحمي اللذين أعجزتهما ظروفها الخاصة من تكوينهما.
ولهذا فإن العلةَ ليست في جنس الدماغ أو فصيلة الدم بل في التطور التاريخي المميز لكل أمةٍ عن أخرى، ولظروفها الخاصة التي تطورُ أنواعاً وأجناساً إبداعية وتضمرُ أخرى، وهي قادرة على الإبداع فيها عبر مسارها العام التاريخي، وتلعب الثورات والأزمات التاريخية أدوار المعجلات والمحرضات على تطور أنواع وبهوت أخرى، والتناقضاتُ التي تعيشها الأمةُ تفجر طاقاتها الثقافية في ردم الهوة بين الطبقات التحديثية وخلق الجسور الجديدة للعبور إلى مدارج التقدم الصعبة التي تبدو مستحيلة في التطور الهادئ الطبيعي.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراعُ الإقطاعِ والبرجوازية العربي
- ممثلو الصوتِ الواحد كيف يتحاورون؟
- الوعي الديني والإقطاعُ المناطقي
- الرأسمالياتُ الحكوميةُ والربيعُ الدامي
- المسلمون في مفترقِ طرقٍ
- تسلقُ البرجوازية الصغيرةِ الديني
- بلزاك: الرواية والثورة(6-6)
- بلزاك: الروايةُ والثورةُ (5 - 6)
- الحريقُ الطائفي ينتشر
- طفوليةُ الكلمةِ الحارقة
- اليمن والخليج بين المبادرةِ والمغامرةِ
- بين ضفتي الخليج
- الديمقراطيةُ البرجوازيةُ العماليةُ
- الحزبُ الديني ورأسُ المالِ الوطني
- التجربتان العراقية والإيرانية: تبادلُ أدوارٍ
- المَلكيةُ والجمهوريةُ وتناقضاتُ الوضعِ العربي
- بلزاك: الروايةُ والثورةُ (4 -4)
- بلزاك: الروايةُ والثورةُ (3 - 4)
- الفاشيةُ الإيرانيةُ وذيولُها
- هل يمكنُ إصلاحُ رأسمالية الدولة؟!


المزيد.....




- -لم يتغير شيء-.. إيران تحاول إعادة تسليح وكلائها في العراق و ...
- وجه رسالة للبدو والدروز بسوريا.. الكلمة الكاملة لأحمد الشرع ...
- فيديو منسوب لـ-اشتباكات عشائر بدوية- مع مسلحين دروز بالسويدا ...
- بريطانيا ترفض دفع تعويضات للأفغان الذين تعاونوا مع القوات ال ...
- إصابة 30 شخصا في حادث دهس بمدينة لوس أنجلوس الأمريكية
- رغم إعلان وقف إطلاق النار.. تسجيل عدد من الخروقات في السويدا ...
- التوترات تزداد في أوروبا.. 49% من الألمان يرون في روسيا تهدي ...
- ندوة بعنوان “ما زلنا نقاوم” بمناسبة الذكرى الـ 53 لاستشهاد ا ...
- محمد باسو: -دائمًا ما أبحث عن المواضيع التي تمسّ جوهر اهتمام ...
- سنغافورة تتعرض لهجوم سيبراني خطير وسط اتهامات للصين وبكين تن ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - العقائدُ المتأخرةُ والثقافةُ