أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - قاطرةُ التاريخِ














المزيد.....

قاطرةُ التاريخِ


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4036 - 2013 / 3 / 19 - 08:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كانت الثوراتُ هي قاطراتُ التاريخ فهي ترتكز كذلك على بُنيةٍ موضوعية لا تستطيع بدونها أن تُحدثَ نقلات نوعية، والثوراتُ هي فعلاً قاطرات التاريخ حيث تقفز بالتطور درجات كبيرة، وقد رأينا كيف أن الناس خلال أقل من سنة من التعامل الجدي مع جماعات الإخوان يلفظونها بسرعة، ولو أن التطورَ العادي استمر خلال عقود فلن يكتشفوا ذلك، فالجمهورُ الذي دفع أبناءه وبناته لتسيير ذلك القطار المتجمد في محطة رأسمالية الدولة الشمولية تعرض هو نفسه لرياح الثورة وتجدد وتبدل وعيه المُبسّط الذي كان مخنوقاً في ماكينة الدولة البيروقراطية، فما كان لمعرفته السياسية أن تتطور كل هذا التطور.
ولهذا فإن تحول بعض هؤلاء العامة والشباب لقيادات مجربة ومسئولين هو جزءٌ من مدرسة التغيير.
ولهذا فإن قوادَ الثورة الفرنسية (اليعاقبة) حددوا برنامجَ التغيير في كنس الإقطاع بشكليه السياسي والديني، وتسوية الأرض لتطور رأسمالي ديمقراطي واسع النطاق، ولكن من خلال أساليبهم الدكتاتورية، وقد كانوا ثماراً لعقود من الكتابة الموسوعية والتنويرية المتجهة لفصل الكنيسة عن الدولة، وتوزيع الأرض على العاملين.
ولهذا فإن الثورةَ الديمقراطية العربية المفتقدة لليعاقبة هي حراكٌ للوجه الأول من الإقطاع، حيث قامت رأسماليةُ الدول العربية بتخريبِ التطورِ الرأسمالي الديمقراطي، وبهدم التنميةِ عبر الفساد، وحللتْ الثقافةَ إلى الخرافة والتسطيح والتغريب، لقد كان الوجهُ الأول من الإقطاع هو فسادُ السياسة واهتراء الأجهزة الحكومية للبيروقراطيات السياسية والعسكرية، وتحول القطاع العام لقطاع خاص بالباطن، وكان تحلل هذه الرأسمالية الحكومية هو تقوية للإقطاع، وليس المقصود هنا فقط بقاء الإقطاع الزراعي، حيث ملكيات الأرض الواسعة تابعة للملاك الكبار وعجزها عن تقوية الانتاج الفلاحي الصغير أو تحولها لمشروعات رأسمالية آلية متطورة، بل المقصود هو الإقطاع السياسي الذي حين يتحلل، تعود قوى الحياة العامة للتخلف والماضي البعيد وترجع العصور الوسطى، رغم مظاهر التقدم المادية العمرانية البارزة، وهذا يتجلى في صعود الوعي الديني المحافظ الذي يوسع شبكات سيطراته على الجمهور.
ولهذا حين اندفع هذا الجمهور للثورة فقد كان مهاجماً لشكل واحد من الإقطاع، هو مظاهرُ الشمولية في الحياة السياسية العامة، لكنه كان مأسوراً بالشكل الآخر من الإقطاع، وهو الإقطاع الديني، وهو النظراتُ التي سادت حياة المسلمين والمسيحيين عبر هيمنات الأسر ذات الحكم المطلق، التي جمدتْ الثورات الدينية وحولتها لهيمنات على التقاليد الاجتماعية والأرواح وعلى الأرض.
وإذ توجد حرياتٌ كبيرة في النظام الديني المحافظ تجاه حراك رأس المال، لكن لا توجد حرياتٌ في مجال الحياة الأسرية والفكرية ومُلكية الأرض حيث رفضَ توزيعها عبر الإصلاح الزراعي. لقد كمن الإقطاعُ في هذا المستوى من البنية الاجتماعية.
فيما كان الإقطاعُ السياسي يركزُ على تغييبِ الحرية في مستوى رأس المال، فقد جعل المُلكية العامة تحت سيطرته وخرَّبها على مدى العقود السابقة، فيما هو يسمحُ بالحريات في مجال الأسرةِ وبعض مجالات الثقافة وببعض التطور في الأرياف، لأن هذه التطورات تفيده وتضعفُ خصمَه الإقطاع الديني.
ولهذا فإن الجمهورَ الذي غيّر الحكمَ السياسي البغيضَ القوي فوجئ بأن القوى الدينية المحافظة سيطرت على وجهي الإقطاعِ السياسي والديني معاً. لقد أحكمتْ السيطرةَ على الجانبين، وسارعت لتنفيذ ذلك عبر الدساتير والحكم والإعلام والأمن والقضاء.
لكن كانت اللحظة التاريخية غير مناسبة فالجمهور هو الذي صنع التحول، وهؤلاء البسطاء المجهولون الذي جعلوا الشوارع ترصفُ البناءَ السياسي واصلوا المهام حيث وجدوا الحكامَ الجدد مشغولين بمكاسبهم وكيفية هيمنتهم على المجتمع والمال العام.
إنهم لم يصلوا لمستوى اليعاقبة حيث الإرث الديمقراطي الاجتماعي السياسي الأقوى، والفئاتُ الصغيرة التي انبثقتْ من الجمهور العربي تعبيرٌ عن تفكك الاقتصاد البضاعي الصغير وتشتتِ العمال وخوف البرجوازية، إن قوى التغيير الحديث غيرِ متماسكة ولم يكوّنها اقتصادٌ رأسمالي حر متطور، فيما الإقطاعُ السياسي اعتمدَ على القوة العسكرية والإقطاع الديني اعتمد على القوة الاجتماعية الأيديولوجية، وهذان المصدران المشكلان للبنية الاجتماعية المهيمنان عليها بتوسع يوضحان ضعف قوى التغيير الصناعية العلمية وعدم حفرها للواقع.
لكن النشاط الشعبي السياسي يعوضُ عن هذا النقص عبر تجمعِ الفئات الصغيرة والعمال والبرجوازية الصناعية لتكريس النظام الديمقراطي التعددي العلماني ونشر الحريات في كل مستويات المجتمع والتركيز على التحولات الاقتصادية الجوهرية الصناعية العلمية الواسعة، وما كان من ضعف اليعاقبة وهزيمتهم بسببِ إرهابِهم يعوضُ عنه عبر الديمقراطية وتجمع القوى الاجتماعية المتضادة الحديثة حيث لم يكن في زمن اليعاقبة دور بارز للعمال وتحالفهم الديمقراطي مع البرجوازية الصناعية.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طائفتانِ في مجرى الصراعِ السلبي
- صراع القبائل والنصوص
- سوريا من انتفاضةٍ شعبية إلى حربٍ أهلية
- بلزاك: الرواية والثورة( 8- 8)
- بلزاك: الروايةُ والثورةُ (7 -8)
- غيرُ قادرين على التوحيد
- شيعةُ العربِ ليسوا صفويين
- تبايناتُ القوى التقليدية
- العقائدُ المتأخرةُ والثقافةُ
- صراعُ الإقطاعِ والبرجوازية العربي
- ممثلو الصوتِ الواحد كيف يتحاورون؟
- الوعي الديني والإقطاعُ المناطقي
- الرأسمالياتُ الحكوميةُ والربيعُ الدامي
- المسلمون في مفترقِ طرقٍ
- تسلقُ البرجوازية الصغيرةِ الديني
- بلزاك: الرواية والثورة(6-6)
- بلزاك: الروايةُ والثورةُ (5 - 6)
- الحريقُ الطائفي ينتشر
- طفوليةُ الكلمةِ الحارقة
- اليمن والخليج بين المبادرةِ والمغامرةِ


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - قاطرةُ التاريخِ