أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - صراع القبائل والنصوص














المزيد.....

صراع القبائل والنصوص


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4034 - 2013 / 3 / 17 - 08:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


على مدى عقود تصاعدت الصراعات بين الأرياف والبوادي من جهة والمدن الحاكمة. وهو صراع موروث من القرون السابقة حيث تقوم المدن بالقيادة لكنها تعجز عن الاستمرار فيها بسببِ كونها إدارة للإقطاع وليس بوابة للتحول الرأسمالي الشامل في المجتمع.
ألف سنة من التكرار مثلما تحكم أبوجعفر المنصور في بناء بغداد ومثلما تنامت المدن العربية الإسلامية كمحطات برية للقبائل الزاحفة من الجزيرة العربية.
تغدو الفئات الوسطى ملتفةً حول الحاكم المسيطر على الفيءِ والخراج يوزعه توزيعا أُسريا حكوميا حسب طبيعة كل مرحلة وكل بُنية مُشكلة في تلك الظروف.
ويغدو النص الديني تابعاً لهذا الانتاج فتنقسم القبيلةُ الحاكمةُ انقساما طائفياً، فإما قبيلة موجودة على الأرض تعيش من خياراتِها، وإما قبيلةٌ سماوية نورانية إمامية تفتقد الخيرات الأرضية إلى حين فتشكل أئمتَها الرمزيين وتحيلهم للنجوم ضوءا وقيادة.
استطاعت القبائلُ البدويةُ أن تكون هي الأكثر حراكاً أرضياً وأن تمتدَّ من الصين حتى شمال أفريقيا، وبهذا استطاعت أن تكون أكبر مكون إسلامي، يعتمد النصوصية الحَرفية، ولا يحاول أن يندمج في التقاليد الاسطورية الدينية للقبائل، وهذا التمسك بالحَرفية يغدو شديداً في البوادي وبين القبائل البرية التي لا تذوب في المدن، وحين تتقارب مع الأرياف والمدن يتوجه تأويل النص الديني للمرونة ومسايرة الفئات الوسطى وحاجات التجارة، ولهذا تغدو المذاهب السنية بين أشد الأشكال حَرفيةً وغياباً للاجتهاد وبين توسع الاجتهاد لدرجة كبيرة. الأشكال القرابية الأسرية المحافظة تبقى راسخة في الصحارى، والعلاقات الرأسماليةُ لا تفكك القبائل وتبقى على ضفافِها، وتحولها للمدن يبقي هذه الصلابةَ إلى حين وتغدو العسكريةُ هي أول الأعمال، ثم تظهر فئات متباينة فيها، ولكن القبائل تبقى مع السلطة وتنتج فئات وسطى تظل معتمدةً على خَراج الحكم. ويظل تفسير النص الديني بين التشدد والانفتاح مع هذه الموجات القبلية الأبدية عبر التاريخ.
القبائلُ التي اندمجت بقوة في المناطق الزراعية على مدى قرون تآكلَ لديها النص الديني الحَرفي، لكن ليس من خلالِ إعادة التحليل العقلاني بل من خلال الفيض اللاعقلاني، عبر تصعيد الرموز البشرية للسماء، واستثمار الرموز والعادات القديمة في الأرياف، لهذا فإن القبائلَ العربية التي تتمازج والمسيحيين والشعوب القديمة تقوم بالبكاء على تموز والمسيح والرموز الدينية والمذهبية ويغدو النص الديني مُكرساً للقبيلة ولكن القبيلةَ ذابتْ في الأرياف فتغدو رمزيةً عبر الأئمة، فالحكم المتوارث يصبح أقرب للحلم، حتى إذا اشتد عود الإقطاع الريفي وفاض على المدن وسيطر عليها، يغدو مثل المدن السنية مَلكياً وراثياً على الطرازِ نفسه مع تبدل الشعارات وبعض أشكال العبادات.
الإقطاع الريفي يكّون جماعاته في المدن من خلال القبيلةِ العسكرية، والأئمةُ الفقراء الشهداء يتركون المكانَ لرجالِ الدين الموالين التابعين للحكام، حيث يغدو استغلال الفلاحين هو مكون الخيرات العامة والجِزى والضرائب المتجهة للدول، ويصير الفقه موروثاً في أسرةِ النص.
تغدو النصوصيات الدينية السنية والإمامية والمسيحية نتاج تباين وصراع الأرياف والمدن في مجتمعات زراعية إقطاعية، لها ضفاف صغيرة على التجارة، ومستويات الانتاج لا تتيح لها تبدل هذا الموروث النصوصي الحَرفي، وهي إذ تقترب الآن من السيطرات على المدن في أوضاعٍ جديدة تعيش بين الحالات القديمة والآفاق الجديدة التي يتيحها العصر.
توجهها لرؤية السياسة والاقتصاد من خلال نظاراتِ الماضي يشوش عملَها، فتصطدم مع بعضها البعض، عاجزة عن تحطيم القيود الإقطاعية لتشكيلِ السوق الواسعة الحرة، تلك القيود تجعلها مُفتتةً، تهتم بالجزئي والمختلف، عائدة لعقليات الحارة والقرية، وسيطراتُها على الدول تحولُ اقتصادها تابعاً للقبيلة وحلفائها، والهدر والعسكرة وإعادة إنتاج القبائل الحزبية الشمولية، تبقي النصوصيةَ الفقهيةَ المسيّسة المعرقلةَ لتطوير العقول باتجاه وعي قوانين التطور، وتؤدي إلى الصدامات بين المذاهب، وكأنها بعد لم تتحول لشعوب، وكأنها لا تزال في حارات العزلة المِلل والنِحل، ولهذا فإن قيادة المدن الحرةِ العلمانية الديمقراطية تطرح نفسَها بقوة كقيادات مختلفة تحيل أي بلد لسوق مفتوحة، مترابطة، يغدو الانتاج فيها قائدا، وتتحول الأحزاب لورش سياسية علمية قادرة على إنتاج مشروعات سياسية مقاربة للتحولات الموضوعية المدركة لتطورات الأمم العربية والإسلامية داخل التاريخ البشري.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا من انتفاضةٍ شعبية إلى حربٍ أهلية
- بلزاك: الرواية والثورة( 8- 8)
- بلزاك: الروايةُ والثورةُ (7 -8)
- غيرُ قادرين على التوحيد
- شيعةُ العربِ ليسوا صفويين
- تبايناتُ القوى التقليدية
- العقائدُ المتأخرةُ والثقافةُ
- صراعُ الإقطاعِ والبرجوازية العربي
- ممثلو الصوتِ الواحد كيف يتحاورون؟
- الوعي الديني والإقطاعُ المناطقي
- الرأسمالياتُ الحكوميةُ والربيعُ الدامي
- المسلمون في مفترقِ طرقٍ
- تسلقُ البرجوازية الصغيرةِ الديني
- بلزاك: الرواية والثورة(6-6)
- بلزاك: الروايةُ والثورةُ (5 - 6)
- الحريقُ الطائفي ينتشر
- طفوليةُ الكلمةِ الحارقة
- اليمن والخليج بين المبادرةِ والمغامرةِ
- بين ضفتي الخليج
- الديمقراطيةُ البرجوازيةُ العماليةُ


المزيد.....




- الاحتلال يحول المسجد الأقصى إلى قاعة احتفالات استعمارية بإقا ...
- سموتريتش: إذا قدمنا تنازلات مقابل الأسرى سيضع ذلك اليهود في ...
- فوز زهران ممداني يكشف الوجه القبيح لمعاداة الإسلام في الولاي ...
- -الأعباء ثقيلة ولكننا لا ننحني إلا الله-.. السيسي يوجه خطابا ...
- ماما جابت بيبي..أحدث تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات ...
- مستعمر يدعس شابا من كفر الديك غرب سلفيت
- ما بعد 7 أكتوبر.. كيف تراجع نفوذ الإخوان عربيا؟
- اضبطها على جهاز الأن تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد على ال ...
- أضبط حالاً تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعرب ...
- -إسرائيل- تدرس إعادة الوجود اليهودي الدائم في قبر يوسف بنابل ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - صراع القبائل والنصوص