|
ظلالُ الامبراطورية على إيران وروسيا
عبدالله خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 4038 - 2013 / 3 / 21 - 07:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
محاولة إيران خلق امبراطورية من طهران إلى لبنان تعيش لحظة محنتها، لكنها لم تيأس وتواصل الهجوم، من خلال بيادقها المنتشرة في الأراضي العربية، والنتائجُ كارثيةٌ على الشعوب ولكن متى يعقلن الفوهرر خطاباته الصاخبة ومشروعاته الدموية؟ مشاريعُ الامبراطوريات تقوم بها القبائلُ العسكرية، فنحن نعرفُ امبراطوريةَ الاسكندر الأكبر والامبراطورية العربية وامبراطورية المغول، حيث تهجم القبائل الفقيرة عادة على الأراضي المفتوحة وتقيمُ سلطاناً عريضاً، فليس لهذه القبائل نمط إنتاج متطور ولهذا تقيم سلطةً فوقية وتعيش على كدح الفلاحين. المنجزاتُ الديمقراطيةُ الجنينية التي تعيشها هذه القبائل في فترة وحدتها وتعاونها تتفتت وتتحول لهيمناتٍ مَلكية وامبراطورية، ويعتمدُ ذلك على مدى قدرتها على تطوير قوى الانتاج ومدى تحرر الفلاحين وتطور المدن. في الامبراطورية الروسية التي أُقيمتْ على سنابك خيول القبائل المنحدرةِ من الشمال لم تستطع أن تحررَ الفلاحين الأقنان وتخلق مدناً ديمقراطية، وبتحولها لامبراطورية سوفيتية صعّدت التطورَ ومستويات المنتجين في ظل الهيمنة الحكومية العليا، كشكلٍ متطور من سيادة رؤوساء القبائل، لهذا لم تكن الماركسية المنقولةُ من الغرب ديمقراطية، بل شمولية، ولهذا ولعقود لم تستطع أن تشكل العلاقة الصراعية الديمقراطية بين المنتجين والحاكمين معرضةً الامبراطورية الروسية المتقلصة للانهيار مجدداً. وفي كل الدول الأصغر حجماً فإن الفاتحين القَبليين الذين يعتمدون على عمل الفلاحين لم يقدروا على تطوير علاقات الانتاج لديهم، ولهذا ظلت العلاقات السياسية وأشكال الحكم عرضةً للاضطرابات. وإذ تعيش معظم الدول على هذا التراث كما هي باكستان القلقة، في حين أن الهند قامت على جهود الفلاحين والإقطاعيين في صراعهم السلمي المتحول لرأسماليةٍ ديمقراطية بينهم تأخذ وقتاً طويلاً للتبلور ولكن دون حروب كارثية. إيران التي إعتمدت على القبائل الصفوية العسكرية خالفت تراثَ الشيعة الاثناعشرية السلمي، فهؤلاء الذين عاشوا على فلاحة الأرض لم ينتجوا أشكالاً عُنفية ولهذا كان الأصطدامُ بين زحف الصفويين العسكري وطبيعة العراق، وعبر كوارث الدكتاتوريات العراقية والأمريكية أمكن لهم أن يتغلغلوا في النسيج العراقي ويشكلوا مليشيات ويفاقموا العنف في العراق. والتباينُ كبيرٌ بين ولاية الفقيه الإيرانية وغيابها في العراق وتحول المرجعية للبساطةِ والزهد، واللاعنف، معبرةً عن هذا التناقض الكبير بين مرجعية القبائل الصفوية العسكرية وبين تراث الفلاحين العراقيين والعرب عامة لكن زحف الامبراطورية الفارسية استمر حتى ساحل البحر الأبيض المتوسط. وقد قام الضباطُ البعثيون اليمينيون بعسكرةِ فكر البعث النهضوي السلمي وتغيير طابع الفلاحين العلويين المسالمين، ودمجهم في آلة الحرب والتصادم مع السكان المختلفين في العقائد، وقد كان ذلك في العراق أسهل وأسرع عبر استثمار البداوة العربية. عدمُ قدرةِ القبائل العسكرية المتحولةِ لهيمناتٍ حكومية على التطور الديمقراطي يتجسدُ بمدى إلتصاقها برأسمالية الدولة الحكومية، فالاندماجُ الحاد الكلي كالتجربة الروسية يجعلُ آلةَ الدولة تتشطرُ وتتمزقُ على أساس قومي أو ديني، ولا تقدر على التطور الديمقراطي الداخلي، الذي يحتاج لعقود من التحول وتصعيد طبقتي الانتاج العمالية والبرجوازية كما حدث في بعض بلدان أوروبا الشرقية، وهو الأمر الذي قدرت عليه كذلك التجربةُ الهندية، ولهذا فإن التباين الديني والاختلاف القومي فيها يوسعُ السوقَ ويوحد البلد. تواجه الامبراطورية الإيرانية بمركزها وبأشباحها السياسية معضلات وتناقضات هذا التطور الامبراطوري عبر رأسمالية الدولة العسكرية بعد أن عجزتْ عن تحرير القرية الإيرانية من صراعِها المتخلف بين الفلاحين والإقطاعيين، وأقامت هيمنةً مذهبية ملأى بالبخور الغيبي وقفزت للعسكرة القومية والتمدد الجغرافي. لقد ثار الفلاحون والبدو السوريون على السيطرة الحكومية المتشددة، وهو نذيرٌ للسلطة الامبراطورية على العدل المُغيّب في الريف الإيراني خاصة، وهو الأمر الذي وُضعَ على نارٍ هادئةٍ من العقوبات والحصار والدعاية مثلما حدث الأمرُ نفسُهُ في الامبراطورية السوفيتية، التي لم تستطع حل التناقضات الداخلية الأفقية وأثقلتْ الشعوبَ بالنزيف الاقتصادي على كواهل العاملين فلجأت لحلها بشكلٍ عمودي إنشطاري قومي، فظلت التناقضاتُ موجودةً لكن على مستوياتِ كل دولة وأكبرها روسيا الاتحادية. تعبرُ الأزمةُ السورية مجدداً عن أهمية فصل تقاليد القبائل العسكرية عن الانتاج، الذي لا بد أن يخضع لمستويات التطور الديمقراطية لا للآليات السياسية الحاكمة في كل دولة، وما يترتب على ذلك من ثقافات عقلانية وقراءات موضوعية منتشرة بين الشعوب لكي لا تتحول تغييرات الدول لأزمات حربية تعصف بكل شيء. ثقافة العشائر التي انتقلت للنظام التقليدي غير قادرة على تصعيد صراع الإقطاعيين والفلاحين للحداثة، تصنعُ كارثةً كبرى حين تواصل حضورها على العلاقات الحديثة وفرض نفسها.
#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لحظةٌ حاسمةٌ في تاريخِ العلمانية العربية
-
قاطرةُ التاريخِ
-
طائفتانِ في مجرى الصراعِ السلبي
-
صراع القبائل والنصوص
-
سوريا من انتفاضةٍ شعبية إلى حربٍ أهلية
-
بلزاك: الرواية والثورة( 8- 8)
-
بلزاك: الروايةُ والثورةُ (7 -8)
-
غيرُ قادرين على التوحيد
-
شيعةُ العربِ ليسوا صفويين
-
تبايناتُ القوى التقليدية
-
العقائدُ المتأخرةُ والثقافةُ
-
صراعُ الإقطاعِ والبرجوازية العربي
-
ممثلو الصوتِ الواحد كيف يتحاورون؟
-
الوعي الديني والإقطاعُ المناطقي
-
الرأسمالياتُ الحكوميةُ والربيعُ الدامي
-
المسلمون في مفترقِ طرقٍ
-
تسلقُ البرجوازية الصغيرةِ الديني
-
بلزاك: الرواية والثورة(6-6)
-
بلزاك: الروايةُ والثورةُ (5 - 6)
-
الحريقُ الطائفي ينتشر
المزيد.....
-
خرج لجلب أسماك من البحيرة ولكن ما وجده معلقًا في خيط صنارته
...
-
بالصور.. ماذا حصل لمتظاهري -فلسطين أكشن- المحظورة في لندن؟
-
قمة ألاسكا المرتقبة: أوروبا تشترط وقف القتال وكييف ترفض أي ت
...
-
كيف تحصل على الحديد في طعامك؟
-
جدل الاعتراف بدولة فلسطينية في ألمانيا..بين دعم شعبي ورفض رس
...
-
شاهد.. القسام تعدم لصوص مساعدات في حي الشيخ رضوان
-
موقع بريطاني: 4 كوامن خطر تهدد قمة ترامب وبوتين حول أوكرانيا
...
-
من بورقيبة إلى سعيّد.. راشد الغنوشي في زنزانة كل نظام
-
واشنطن بوست: ترامب لديه خطط كبيرة للنفط الباكستاني
-
مسؤولة أممية: 30 مليون شخص بالسودان بحاجة لمساعدات
المزيد.....
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|