أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الاستهلاكيون وخفوت الوعي














المزيد.....

الاستهلاكيون وخفوت الوعي


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4048 - 2013 / 3 / 31 - 10:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مع غيابِ القواعدِ الانتاجية العميقة في المشرق وسيطرة بيع المواد الخام، تغدو المركزياتُ الحكومية وغيابُ الديمقراطية والرفاهُ المؤقت لبيع تلك المواد الخام المميزة، أشكالاً استهلاكية بذخية وأفكاراً طائفيةً ضارية تنهش لحمَ المجتمعاتِ المريضة بفقرِ الدم الاجتماعي التصنيعي العلمي.
ثرواتٌ مؤقتةٌ واستهلاكٌ هائل دائم، وهما يقودان لتسطيح الوعي والشكلانية في الفهم والقراءة وتضخم في الاكسسورات الخارجية والمظاهر البرانية لإعطاء مظاهر بالتفوق والعملقة والقوة.
أشكالٌ برانية في الملابس وتحول مفاجئ من بدلات الشغل إلى العباءات والملاءات والملابس الغالية والديكورات الخارجية ونمو كبير لمتاجر وحرف الثياب والأشكال والتجميل، وحرب بسوس جديدة على الحجاب، ونسيان الكم الهائل من الأرز والنشويات المعرقلة للتفتح العقلي والصحة الجسدية.
الهجماتُ الضخمةُ الواسعة على المواد هي نفسها التي تشكل مدناً منتفخة الأوداج من البنايات العملاقة المتسمة بالغنى والتطور شكلاً، وهي ذاتها التي تسحب العمال الأجانب من القرى الفقيرة وما وراء جبال الهملايا والمحيطات لتحشرهم في التغسيل والقلع وشطف الأوساخ ورفع الأعمدة العملاقة لناطحات السحاب.
المواد الخام الثمينة التي تُباع بأسعار عالية هي ذاتها ونتاجاتها تعود وقد تصنعت ولبست ألواناً من السلع المتطورة، منتزعة الفوائض بأشكال متصاعدة. لكن المستهلكين لا يستطيعون الاستفادة من الأجهزة استفادة إنتاجية فيظلون سوقاً للاستهلاك.
تتضخم طبقاتُ الاستهلاك في المدن حيث المعارض والمتاجر الكبرى خاصة في المدن في البلدان المترامية، وترتبطُ قوى الاستهلاك البذخية بالأجهزة الحكومية وجماعات الثروة، وتغدو السلع الثمينة والمعمرة أدوات لانفصال الطبقات الغنية عن الطبقات الفقيرة، تغدو قصوراً وفللاً ومساكن منفصلة أو نائية، وإذ يصبح المنتجون الثقافيون والفئات الوسطى كالشعراء والفقهاء والفنانين والمحامين وغيرهم من بين هذه الأسوار، تنفصل هذه القوى المستهلكة الكبيرة عن دوائر الفقراء وأحياء العمال والحرفيين، فإن الوعي الوطني يتفتت، والمذاهب الدينية تنفصل عن إنتاجها ونقدها وتحويل حياة المؤمنين.
المزيد من الاستهلاك يقود لمزيد من الانفصال الفكري والغياب الروحي، فالفئات المستهلكة تحيطُ أنفسَها بالأشياء الثمينة والمعازل والجدران والخدمات والخدم، فتحول حياتها لقواقع ولضجيج بالتوافه والمتع العابرة والفراغ الثقافي.
والأجيال الجديدة تنفصل أكثر عن تاريخها، وعن أعمال أجدادها وآبائها وأمهاتها، وتحصل على سلع بلا عمل تقدمه، وعلى سلع ثمينة تغدو مهدرة.
فيما المناطق الفقيرة تتأزم مع ضعف استهلاكها للضروريات وللمفيد من الأشياء والسلع ويضمحل وعيها العميق رغم وجود منتجين نادرين مقاربين للمعاناة هنا.
وإذا لم يحدثْ تناسبٌ بين الانتاج والاستهلاك، بين التجديد الموسع للانتاج ولتطورِ ظروفِ المنتجين، فإن الانتاجَ المادي والانتاجَ الفكري يختلان، فثمة من يهدر خيرات الانتاج، وثمة من يتدمر مع غياب فرص الاستهلاك المعقول.
إن ظروفَ تصدير المواد الخام ذاتها لا تخلق شبكات إنتاجية تسيرُ عروقُها في مختلف دوائر السكان، فهي أشبه ببحيرات في صحراء، وامتدادتها تجري بأشكالٍ بيروقراطية وسياسية حسب المنافع، مع غياب المراقبة الديمقراطية الشعبية للموراد العامة، فتتنامى مدنُ صفيحٍ فيما تتنامى مدنُ البرك والقرميد وأدوات الأعراس والحفلات المجلوبة من المدن الأوروبية.
إن مشكلات المجتمعات المشرقية في الجمود عند إنتاج المواد الخام ذات العمالة المحدودة غير الجماهيرية وغير المتطورة، تغدو حلقاتٍ مفرغة، مع عدم تطور أدوات الوعي الجماهيرية لأعمال متطورة، وغياب الثورة التعليمية التقنية الرفيعة، وعدم تأصل الانتاج وتعمقه في كافة الطبقات والذي يجعل فئاتٍ محدودةً تدمنُ الاستهلاكَ البذخي وتهدر سلعاً كثيرة لا تعيدُهَا للانتاج ثم تصطدمُ من جراء ذلك بالأزمات الاقتصادية ذات المظاهر المالية خاصة، مع الفقد المستمر للاستهلاك الشعبي الذي يتحجم مع مرور السنوات ومع ازدياد العيال وارتفاع الأسعار ومشكلات الحياة الاقتصادية والاجتماعية المختلفة.
تغدو الأشكالُ السياسيةُ الطائفية من الصراع الاجتماعي مظهراً واحداً من مظاهر فقدان الانتاج، فالدولُ لا تثّورُ هياكلَ الانتاج المتخلفة، ثم تهدرُهَا عبر البيروقراطيات، والاقسامُ الاجتماعيةُ هي ذاتها أمكنة طوائف لم تتغير كثيراً عن العصر الوسيط حيث تشكلت الطوائف، بسببِ طوابعِ الانتاج في ذلك الزمن، بين البداوةِ والزراعةِ، فالشعوبُ نتاجُ أسلوب إنتاج، والطوائفُ نتاجُ أسلوبٍ آخر، قديم، وإذا لم يستطع أسلوبُ الإنتاج الحديث أن يخلق شعباً جديداً، تعود التقسيماتُ العتيقةُ للسكان، ويعودون لما توارثوه من شعارات وانقسامات.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفككُ العراق نموذجا
- أسبابُ تدهورِ العلمانية
- الصدامُ التاريخي بين كتلتين
- تحللُ النقدِ الثقافي الاجتماعي
- الصراع الإيراني العربي
- بلزاك.. الروايةُ والثورةُ (10-10)
- بلزاك: الروايةُ والثورةُ (9)
- المراحلُ التاريخيةُ والموقفُ المغامرُ
- صراعٌ قومي وشكلهُ ديني
- ظلالُ الامبراطورية على إيران وروسيا
- لحظةٌ حاسمةٌ في تاريخِ العلمانية العربية
- قاطرةُ التاريخِ
- طائفتانِ في مجرى الصراعِ السلبي
- صراع القبائل والنصوص
- سوريا من انتفاضةٍ شعبية إلى حربٍ أهلية
- بلزاك: الرواية والثورة( 8- 8)
- بلزاك: الروايةُ والثورةُ (7 -8)
- غيرُ قادرين على التوحيد
- شيعةُ العربِ ليسوا صفويين
- تبايناتُ القوى التقليدية


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الاستهلاكيون وخفوت الوعي