أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فليحة حسن - جغرافية النص ....أينها؟














المزيد.....

جغرافية النص ....أينها؟


فليحة حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3415 - 2011 / 7 / 3 - 11:11
المحور: الادب والفن
    


لا ادري لمَ أحالتني قراءتي لقصيدة (وطن) للشاعرة "فرح دوسكي" والتي نشرتها على ثقافات مركز النور قبل مدة الى صورة الطلل في الشعر العربي القديم فبكيت حتى شرقت بدمعي متمثلة قول عمرو بن الحارث بن مُضاض :
وقائلة والدمع سَكْب مُبادر
وقد شرقَتْ بالدمع منّا المحاجر

كأن لم يكن بين الحَجون إلى الصَّفا
أنيسٌ، ولم يَسْمُرْ بمكّة سامِر
و لعل من الأمور اللافتة في هذه القصيدة / المتشظية هي الفواصل، فواصل الدخان و الرماد والحضور المكثف لومضة لا ترى غير الموت المتسع ليشمل القصائد / الوطن، حتى صار الدمار يشكل عنصراً بنيوياً مهيمنا ًفيها لا يمكن إغفاله عند قراءة تلك القصيدة ،
وبالرغم من وجود هذا الكم الهائل من الدخان الذي تكدس على نوافذ وطننا مازلنا نكتب ونتغنى به لأننا ببساطة ( أُناسُ لاَحِقونَ بأرْضِنا)- كما يقول النابغة الذبياني ،
فاستحضرت حينها ما كنت قد قرأته عن رحلة قام بها المستشرق( وليم بولك ) حين أراد أن يترجم معلقة لبيد التي مطلعها :
ِعَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا بِمِنَىً تَأَبَّـدَ غَوْلُهَا فَرِجَامُهَـا
باحثا فيها عن الأماكن التي وقف عليها لبيد باكيا حبيبته الظاعنة؛ فكان أن استأجر( وليم بولك ) جملاً ،واخذ يقطع صحراء ( النفوذ) الشاسعة يتمثل بها الأمكنة التي جاءت في تلك المعلقة ،
والجميل في الأمر إن هذا المستشرق استطاع أن يقف على أطلال القصيدة المذكورة - كما يقول - بالرغم من تقادم العصور ومرور الزمن وكأن تلك الأطلال لم تدرس بفعل عوامل التغير الكثيرة التي مرت بها ،
ويبدو إن الحال نفسها مع أماكن أخرى ُذكرت في المعلقات ، فربما وجد شوا خصها دارسون آخرون يخبرنا البحث بأسمائهم إذا ما اجتهدنا في سبيل معرفة ذلك ،
فإذا ما تساءلنا عن سر ذلك البقاء فهل إن جوابه حقاً يعود الى(عزلة المكان الكبيرة التي تحصنه من تأثيرات العالم الخارجي وتقيه هجنة الاختلاط) – كما يرى الناقد امجد ناصر ؟
وإذا ما كان المكان اسم مشتق من الكون الذي يعرّفه لسان العرب بالحدث،
وهو اسم يدل أيضا على ( على موضع الحدث والخلق والوجود والاستقرار والصيرورة )، وإذا ما كان الزمان والمكان عنصران مهمان لفهم الشعر،
و(الأماكن الطللية في الشعر الجاهلي، ما هي إلاّ تأريخ مجغرف كما يقول)الدكتور صلاح نيازي، وان (الانتساب إلى المكان يزاحم الانتساب إلى الآباء والأجداد)-كما يرى الدكتور احمد مصطفى سيلم- فهل من مجيب لإسالتنا البسيطة التي أولها
إذا ما غاب عنا الوطن مع وجودنا فيه فالى أين ننتسب ؟
وكيف نفهم القصيدة إذا ما كُتبت عن الوطن ونحن نجهل ملامحه وحدود خرائطه ؟
ولماذا نجهل أماكن أوطاننا في القصائد التي نخطها اليوم ؟
هل لأن أوطاننا لا وجود لها على الخارطة وإنها ،صارت مجرد تكوينات ذهنية قابلة لتلاشي وبضغطة زر متى ما شاء الآخر، وازدادت الفجوة بيننا وبينها عمقاً بحجم الجحيم الذي يحتويها؟
وإذا ما أراد باحث أو دارس ما - بعد حين – أن ينصت الى صوت الذكريات المكانية فيما كتبناه من قصائد كيف يتسنى له ذلك؟
ومتى يصبح المكان نورا تستضيء به الذات في الولوج الى ذكرياتها؟
ولماذا اختفت من قصائدنا تجربة جغرافية المكان بملامحها الخاصة واكتسى وطن جميع شعراء العراق بالرمادي أو قتامة اللون الأسود الكالح؟
هل الأمر يتعلق بالشاعر وما اعتاد أن يراه الآن من جراحات وطن لا تلتئم ؟
أم بالساسة وما يتأبطوه من شر يسيح من ظلالهم ليغطي وجه الوطن ؟
أم إن وطننا يحتاج لعزلة تقيه هجنة الاختلاط ؟
ومتى يستطيع المبدع أن يحتفظ بوطنه رغم الموت المتوالد كـ(دار الحفاظ) يصبر على الإقامة فيها، ويذود عنها ويرسم لها خرائط لا ُتخترق وان كان ذلك شعراً .



#فليحة_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة والشعر
- من يصنع من...؟
- لماذا.... المابعد ؟
- لاعالمية بالمصادفة ؛
- لا كونية عند استيعاب الكون ؛
- عنوانات
- مهرجانات
- الذاتية
- انطباعية ام .....مرآة الناقد؟
- نكتب نطبع نوزع
- القصة القصيرة والنقد
- رواية معاصرة
- موت البطل
- أين المتلقي..؟
- التفاعلية
- هل نحن مثقفون...؟
- لجان تحكيمية
- دراما الامعقول...لماذا..؟
- غير معلن
- نقد بايلوجي


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فليحة حسن - جغرافية النص ....أينها؟