|
ماذا سيتبقى لنا من القرآن على زمن آل مبارك ؟
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2470 - 2008 / 11 / 19 - 03:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بالتأكيد كمسلم فإنني أؤمن بأن القرآن محفوظ ، و على هذا فإن ما أعنيه ليس هو التلاعب في النص بالحذف أو الإضافة ، و لكن التلاعب في التعامل مع نصوصه ، بتحريم الإستشهاد ببعض النصوص ، أو تحريم إستخلاص العبر منها ، أو حصر تلك النصوص في حقبة ماضية . آل مبارك ، و عبر مرتزقتهم العاملين في ميدان الإنترنت ، أجدهم يقفزون بعصبية فائقة ، للرد و التسفيه ، كلما إستشهدت بآيات قرآنية ، تحض على العدل ، أو تتحدث عن جريمة الصد عن المسجد الحرام ، أو تقف مع الحرية ، أو حين أذكر بعض الآيات للتشبيه بين آل مبارك و غيرهم من الطغاة و الفاسدين الهالكين الوارد ذكرهم في القرآن الكريم ، و بخاصة فرعون موسى و هامان و قارون ، أو حين أذكر بعض الآيات التي تبث الأمل في نفوس المحرومين و المستضعفين بذكر وعد الله لهم بالنصر و التمكين في الأرض ، مثل القصص 5 و 6 ، أو عند الإستشهاد بالآيات التي تأمر بالعدل ، مثل الحديد 25 ، و النحل 90 . ردود أولئك المرتزقة عجيبة ، فهي تتهم بالخروج من الإسلام ، كلما أستشهدت بقصة فرعون موسى ، و نجاة بني إسرائيل من مستعبديهم . لقد غدا - في ملتهم غير المباركة هذه - من المحرم على المسلم أن يستشهد بآيات تقص علينا قصص الأنبياء السابقين على خاتم المرسلين ، محمد ، صلى الله عليه و سلم !!! الآية الخامسة من سورة القصص ، و التي نصها : و نريد أن نمن على الذين أستضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين ، صدق الله العظيم ، من الآيات التي لها تاريخ عريض في الكفاح ضد الظلم ، فهي تعد أحد مفاتيح الأمل للمستضعفين ، من المضطهدين و المحرومين و غيرهم ، و استخدمها المسلمون على إختلاف طوائفهم ، فهي مذكورة في قصة إضطهاد أحد ولاة مصر للفقيه المصري المعروف الليث بن سعد ، و هي مذكورة على لسان الإمام مالك في كتاب مقاتل الطالبيين عندما ذكر له أحد الطالبيين إضطهاد ألم بآل أبي طالب ، فبث الإمام مالك في نفس المتحدث إليه الأمل بذكر تلك الآية الكريمة ، و هي الآية التي رفعتها بعض الحركات السياسية و المذهبية الإسلامية شعارا لها ، مع عدم إتفاقي مع بعض تلك الحركات في المنهاج العقائدي أو السياسي - الإجتماعي أو في وسيلة الحصول على العدالة أو تطبيقها . تلك الآية الكريمة قرر مؤخراً فقهاء آل مبارك إنها تخص بني إسرائيل فقط ، و محوا في جرة واحدة كل هذا التاريخ . لو وقف آل مبارك عند هذا الحد لقلت : إنهم يخافون ثورة ضحاياهم ، و يخافون أن يُبث الأمل في نفوس المستضعفين بذكر وعد الله لهم بالنصر النهائي ، و لكن آل مبارك لم يقفوا عند هذا الحد ، فقد وجدت من خبرتي مع مرتزقتهم أنهم ضد أي إستشهاد بأي آية قرآنية تذكر بالخير أهل الأديان الأخرى ، و تدعو بالتالي إلى التعايش السلمي مع أهل الملل الأخرى ، من خلال التفرقة بين الأشخاص في التعامل بناء على السلوك الشخصي و ليس المعتقد ، مثل آل عمران 75 ، أو آل عمران 113 و 114 و 115 ، فأي ذكر لتلك الآيات الكريمة هو دليل في ملة آل مبارك على الخروج من الإسلام أيضاً . على إن للفقه غير المبارك في ملة آل مبارك ، جانب أخر ، ربما أكثر إعتدالا ، و هذا يختلف بإختلاف الفقيه الذي يتولى الرد ، أو المرتزق الموكول له التعامل مع الكاتب ، و ملخص هذا الرأي هو : أن كل الآيات السابقة هي محصورة على زمن موسى ، عليه السلام ، و زمن محمد ، صلى الله عليه و سلم ، و بناء على ذلك فلا يجوز الإستشهاد بها في معرض التحدث عن الواقع الحالي ، أي أنهم حصروا القرآن بزمن مضى ، و هذا رأي خطير ، لأنه يمنع المسلمين من أن يكون القرآن الكريم مرشداً و هادياً لهم في الجانب الدنيوي من حياتهم ، و لكن فقهاء الطائفة غير المباركة لا يهمهم ذلك . إنهم يريدون أن يغدو القرآن مجرد وسيلة لكسب الثواب بالقراءة ، شرط ألا يركز القارئ على المضمون و رسالته ، فنصبح كالأنعام و لكنها قارئة ، و في أفضل الأحوال كتاب يختص فقط بأمور العبادات و التشريعات التي لا علاقة لها بالعدل و الحرية و محاربة الفساد و الدعوة للعيش في سلام مع أهل الأديان الأخرى . إنهم يريدون القرآن كتاب يختص فقط بأحكام صيام رمضان ، و أحكام الحج ، و قواعد الوضوء و الطهارة ، و أمور القصاص ، و غير ذلك . أنهم لا يريدون أن يصبح القرآن مرشدا للعدل و التسامح و المساواة و السلام و الحضارة و إلى التقدم الدائم و سبيل للإنضمام للعالم الحر . إنهم يريدونها فتنة و توتر طائفي دائم و فقر و فساد و تخلف و ظلم و قهر ، و نريدها عدل و رفاهية و حب و مساواة و سلام و حضارة و إنضمام إلى العالم الحر ، من خلال التوافق بين إيماننا و القيم السامية تلك . آل مبارك صوت من الماضي المظلم لمنطقتنا ، و سيتلاشى عما قريب بتوفيق الله لخطانا ، و نحن المناضلين من أجل العدالة و الحرية و الرفاهية و الحب و السلام و الحضارة على إختلاف العقائد ، صوت للمستقبل المضيء ، و هو الصوت الذي سيبقى ليدوي ، و الشمس لا تحجبها السحب للأبد .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى المضطهدين : تذكروا أن الذي نجح هو أوباما المندمج ، و ليس
...
-
الجمالة و العمال المصريين ، ظلموا مرتين ، قصة المعهد التذكار
...
-
أس مأساتنا زيارات تسول البترودولار السعودي
-
قبل فرض أي رقابة حوارية ، ما هو اليسار أولاً ؟
-
أوباما المصري قبطي أو نوبي ، و أوباما الخليجي من أصل أفريقي
-
نموذجنا هو ثورة التأسيس 1805 ، لا ثورة التأكيد 1919 ، لأن مص
...
-
خروج الشعب للثورة هو إستفتاء يمنح الشرعية للثورة ، و يسبغ ال
...
-
السطو السعودي على التسامح الأندلسي ، و سكوتنا المخزي
-
إنها حرب ثقافية بين نجد و النيل ، و المواجهة لابد منها
-
روسيا بوتين ليست نصيرة الفقراء و المضطهدين و التائقين للحرية
-
مصارف أمريكا أفرطت ، و مصارف مصر تمتنع و تحابي
-
مصارف الخارج أفرطت في أداء وظيفتها ، و مصارف مصر تمتنع و تحا
...
-
إلى الإتحاد الأوروبي : أقطع المفاوضات ، و أبدأ في العقوبات
-
ليكن النضال شاق و طويل ، و لكن بنيان الجمهورية الثانية قوي و
...
-
ضرورة إتفاقية دولية لحماية زوار كل الأماكن المقدسة
-
المستقبل للتقدمية ، أي الرأسمالية الضميرية ، أو الطريق الثال
...
-
القضية الأندلسية يا سادة يا أوصياء لها أصحاب
-
في قضية الجلف الكبير ، الكذب على العالم ضحى
-
في قضية هضبة الجلف الكبير ، الكذب على العالم ضحى
-
لن أغير رأيي بسبب شهرين
المزيد.....
-
وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
-
مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
-
مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
-
بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام
...
-
فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
-
اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
-
اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى
...
-
اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير
...
-
اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي
...
-
اللواء سلامي: اذا تخلى المسلمون عن الجهاد فإنهم سيعيشون أذلا
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|