|
إنها حرب ثقافية بين نجد و النيل ، و المواجهة لابد منها
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2449 - 2008 / 10 / 29 - 03:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سياسة الإنطواء ، أو الإنفتاح على باب واحد ، و إغلاق الأبواب الأخرى للتواصل ، هي أحد أفشل السياسات ، و يمكن القول بأن المناداة بها لن تأت بأي نتيجة تذكر ، لأنها تتعارض مع المنطق . مصر متعددة الإنتماءات ، لا يمكن إنكار ذلك ، فتلك الحقيقة بنيت بالجغرافيا و التاريخ ، و بالتالي فمن الأفضل أن تتوافق سياستنا مع تلك الحقائق ، و لكن مع العمل في نفس الوقت على الإستفادة بتلك الثوابت لتغيير الواقع الإنساني المعاصر لصالح المواطن بمصر و المنطقة . هناك أصوات - نكن لبعضها التقدير لتميزها الرفيع في الآداب و الفنون - طالبت بالإنسحاب من جامعة الدول العربية ، و هي أصوات تنطلق في البرية ، فلن تأت بأي نتيجة ، لأنها تتعارض مع الثوابت الجغرافية و حصيلة التراكمات التاريخية التي تشكل الشخصية المصرية ، كما إنها نوع من الهروب من المواجهة . نعم الإنسحاب من جامعة الدول العربية ، هو نوع من الهروب ، بل و أقول صورة من صور الخوف و الجبن . السبب الرئيسي للمطالبة بالإنسحاب من جامعة الدول العربية ، هو السبب الثقافي ، دون إنكار أيضا الجانب السياسي ، و لكن الأهم يبقى هو الجانب الثقافي ، فالعروبة أصبحت اليوم هي عروبة آل سعود ، أو الشكل الثقافي القادم من نجد ، و هو شكل ثقافي معقد التركيب و يتصل بكل مناحي الحياة ، أي شكل ثقافي هدفه أن يسم المجتمع الذي يسيطر عليه بميسمه ، و يطبعه بطابعه ، أو بعبارة دقيقة : يقتلع الشعوب من هويتها ، ليسبغ عليها هويته . إنها حرب ثقافية في الأساس ، أو حرب هوية ، قبل أن تكون قضية سياسية . فهل بالإمكان أن نغلق أبوابنا و نوافذنا بينما العدو السعودي يطرق الباب بمطرقته و يقفز من الشباك ، إننا نعيش في عالم لم يعد فيه أبواب و انفتحت فيه النوافذ و تنهار فيه الجدران . هل سنوقف الغزو الفضائي و الإنترنتي السعودي ؟ هل بإستطاعتنا منع المصريين من العمل في إقطاعية آل سعود في الوقت الراهن ، في حالة الفقر و العوز التي أبقانا فيها آل مبارك ؟ الحل البديل هو الهجوم ، بالمواجهة ، و ليس بالإنطواء أو الإنكفاء . لا سبيل للنجاة في هذه الحرب الثقافية بترك العدو يمرح و يرتع كيف يشاء . و في الحروب الثقافية ، الأسلحة يجب أن تكون ثقافية . الحل البديل أن نسيطر أولا على مصر ، بثورة شعبية ، تقتلع النظام الفاسد الحالي ، و تؤسس نظام حكم مصري وطني مخلص يعمل على بناء نموذج ثقافي مصري حضاري متكامل ، تكون أسسه مبنية على المحافظة على شخصيتنا المصرية ، التي تشكلت نتيجة تراكمات ثقافية على مدار سبعة آلاف عام و يزيد ، مع الأخذ بأسباب التقدم و النهل من الحضارة الحديثة ، و تقديم الوجه الديني المصري المعتدل و المتسامح ، ليكون هذا النموذج المصري المتكامل هو البديل الذي نحارب به آل سعود و نموذجهم النجدي . على أن يكون ذلك النموذج المصري مدعوم بقفزة إقتصادية كبيرة ، تصل بأثرها لكل المصريين ، فمن المحال أن يكسب النموذج الذي سنبنيه أي حرب ثقافية و المصري فقير محتاج يتسول العمل في بلاد الخليجيين ، و أصبح الكثير من المصريين ينظرون للخليجيين على أنهم قدوة ، فيحاكوهم في الملبس و طرق المعيشة . طول الفقر يحطم الإرادات ، و يضعف الكبرياء ، و المصري في الخمسينات و الستينات ، و حتى في بدايات السبعينات ، من القرن الماضي ، كان يفخر بمصريته أينما ذهب ، و كان يقوم بالرد على أي تطاول من حاملي التابعية السعودية ، بل كان المصري يأنف من ذلة النظام الحاكم المصري حتى في بدايات الثمانينات من القرن العشرين ، عندما كان النظام المصري يعلن الصيام و الإفطار تبعا للرؤيا السعودية ، و يقول : هل السعوديون هم من سيعلموننا ديننا ؟ الفقر آلان تلك الإرادات و سحب الفخر من النفوس ، و أصبحنا اليوم نشهد أعضاء في مجلس الشعب يخرجون لنا فتاوى لابن باز و ابن جبرين و غيرهم ، عند أي موقف يحتاج رأي ديني . الهرب ليس حل ، علينا ألا نترك الساحة العربية و الإسلامية لآل سعود ، علينا أن نواجههم و أن نتحداهم في عقر دارهم ، و أن نحتل مقعد القيادة في جامعة الدول العربية ، نحن و كل الأنظمة العربية الحضارية ، و أن نوجه إتجاه العالم الناطق بالعربية و العالم الإسلامي نحو قيم الحضارة و التقدم ، و نحو المحافظة على التراث الحضاري العربي و الإسلامي المتوافق مع تلك القيم ، فالتراث الديني الإسلامي ذاخر بالكثير من المناهج التي تدعو للتعايش و التسامح و العقلانية و طلب التقدم بالسير قدما في درب الحضارة . على آل سعود أن يعلموا أن مصر لا تنسحب ، و أنها لا تفر مذعورة مغلقة باب بيتها على نفسها . مصر تواجه ، و في عقر دار عدوها ، و الدرعية الأولى تشهد ، و بمشيئة الله هناك درعية ثانية ، و لكنها هذه المرة ثقافية ، و لكنها ستكون كافية لتحطيم دولة آل سعود الثالثة و الأخيرة ، كما حطمت الدرعية الأولى دولتهم الأولى . فقط تسترد مصر عافيتها ، و تتخلص من الطفيليات التي تحكمها الأن ، و عندها سيرى العرب ما سيكون من أمر مصر مع آل سعود . إنها حرب ثقافية بين نجد و النيل ، و المواجهة لابد منها .
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسنية بوخارست – رومانيا حزب كل مصر تراث – ضمير – حرية – رفاهية – تقدم – إستعيدوا مصر 28-10-2008
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
روسيا بوتين ليست نصيرة الفقراء و المضطهدين و التائقين للحرية
-
مصارف أمريكا أفرطت ، و مصارف مصر تمتنع و تحابي
-
مصارف الخارج أفرطت في أداء وظيفتها ، و مصارف مصر تمتنع و تحا
...
-
إلى الإتحاد الأوروبي : أقطع المفاوضات ، و أبدأ في العقوبات
-
ليكن النضال شاق و طويل ، و لكن بنيان الجمهورية الثانية قوي و
...
-
ضرورة إتفاقية دولية لحماية زوار كل الأماكن المقدسة
-
المستقبل للتقدمية ، أي الرأسمالية الضميرية ، أو الطريق الثال
...
-
القضية الأندلسية يا سادة يا أوصياء لها أصحاب
-
في قضية الجلف الكبير ، الكذب على العالم ضحى
-
في قضية هضبة الجلف الكبير ، الكذب على العالم ضحى
-
لن أغير رأيي بسبب شهرين
-
علم الوراثة الجينية يثبت أن العرب و بني إسرائيل من أصل واحد
-
إمتدادات الإخوان المسلمين الخارجية تمنعهم من قيادة التغيير ا
...
-
دلالات طلبهم منا الإنتظار ، السلطة خائفة
-
يكفيك ما قمت به يا شيخ قرضاوي
-
مصر تستحق علم مصري ، لا ألماني قيصري و لا تركي الأصل
-
مبارك و الخديوي إسماعيل ، مقارنة لازالت في صالح الثاني
-
الدعاء وحده لا يكفي يا شيخ إبراهيم
-
في مسألة التمييز ، لماذا لا نعدل فتأمن مصر ؟
-
عرب الحضارة ضد عرب البداوة ، صراع قديم قائم
المزيد.....
-
معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
-
-مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن
...
-
تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة
...
-
اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
-
تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
-
تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ
...
-
المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
-
نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب
...
-
“محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام
...
-
سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|