أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد حسنين الحسنية - في مسألة التمييز ، لماذا لا نعدل فتأمن مصر ؟














المزيد.....

في مسألة التمييز ، لماذا لا نعدل فتأمن مصر ؟


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 2402 - 2008 / 9 / 12 - 04:49
المحور: حقوق الانسان
    


عدلت فأمنت فنمت يا عمر ، عبارة تاريخية شهيرة رائعة في بلاغتها ، عميقة في مضمونها ، روعتها البلاغية تكمن في إيجازها الشديد ، مع شموليتها ، فلم يخل الإيجاز بالشمول ، و عمقها يتمثل في معالجتها لموضوع هام - يهم الحاكم و المحكوم ، بل هو العلاقة بين الحاكم و المحكوم ، أو العقد الذي يربط بينهما - إنه العدل ، و نتائج العدل على الشعب و على الحاكم .

العبارة أتذكرها ، أو لأقل بتعبير أدق : تطرق ذهني ، كلما قرأت أو سمعت بشيء يتعلق بالتمييز الجاري في مصرنا ، و مخاطر هذا التمييز على مصر .

التمييز الذي أعنيه ، ليس فقط هو التمييز الديني ، أي الذي يقع على بعض الأقليات الدينية أو المذهبية ، فهذا هو شكل واحد من أشكال التمييز الذي يجري في بلادنا ، و إن كان أكثرها وقوعا تحت دائرة الضوء ، لهذا يتبادر تلقائيا للعقل بمجرد ذكر كلمة تمييز .

التمييز في مصر متنوع درجة تنوعنا ، و هو يمس كل فرد فينا ، فمادمت مصري ، و لم تكن من النخبة الحاكمة ، و الأقلية الشديدة الثراء ، فأنت بلا شك ضحية نوع أو أكثر من أنواع التمييز .

هناك تمييز بحق أبناء سيناء ، من بدو و حضر ، و التعامل معهم على إنهم مطعون في وطنيتهم و أمانتهم ، و هي تهم تكاد أيضا تنطبق على سكان محافظة مطروح ، و إستبعادهم جميعا من الخدمة في المراكز الأمنية الحساسة .

مثلما هناك الإنطباع الذي ترسمه في الذهن وسائل الإعلام الرسمية عن البدوي في مصر ، بإتهامه بأنه إما زارع مخدرات أو مهرب لها .

هناك التمييز ضد النوبيين ، و تخوينهم كلما تحدثوا عن مأساتهم ، و كلما رفعوا عقيرتهم مطالبين بتعويض عن تضحياتهم الجسام التي قدموها لمصر منذ بدايات القرن العشرين مع خزان أسوان ، و تعلياته اللاحقة ، ثم مع السد العالي ، الذي كان ضربة مؤلمة للثقافة النوبية .

إذا طالب النوبي بحصته في أرض أجداده التي أستصلحت بمال الشعب كتعويض عن تضحياته الصامته لقرن و أكثر - تلك الأراضي التي وزعت على محاسيب السلطة ، بأنصبة عشرة آلاف فدان للمحسوب الواحد - فهو إنفصالي .

و إذا صرخ السيوي : أتركوا أرضي و أرض أجدادي لي و لأولادي من بعدي ، لا أريد مشاريعكم السياحية و مخططاتكم التنموية الجهنمية ، فهو عميل لجهة ما بالخارج ، و لا يختلف الحال عنه مع أبناء قبائل العبابدة و البشارية في جنوب محافظة البحر الأحمر ، و التي تنهب أراضيهم الساحلية لصالح مشاريع الأسرة الحاكمة .

أما الصعيدي فهو و إن كان ليس موضع تخوين السلطة ، لأسباب لا يتسع المقال لذكرها ، إلا أنه عند الضرورة إرهابي ، و في أفضل الأحوال متطرف ، و مستبعد من المشاركة في كعكة السلطة ، و لا يجب تجاوز حد معين لأبناء الصعيد في ترقيات الجيش للرتب العليا ، فالضابط الصعيدي من الممكن – في نظر السلطة – أن يتحول بسهولة لإنقلابي ، و مثال عبد الناصر لا يغيب عن بالهم .

لا تظن كونك مسلم سني من أبناء بحري أو القاهرة مثلي ، إنك نجوت من سيف التمييز ، و بإستطاعتك أن تقف بعيدا ، تتألم لضحايا التمييز و تتعاطف معهم ، و في الآن ذاته تحمد الله في سريرتك إنك لست منهم .

لا ، أنت أيضا ضحية للتمييز ، فالتمييز أشكال ، و لكل مواطن منا الشكل الذي يناسبه ، في الجامعة إن كنت طالب متفوق ، في كلية مرموقة و لست سليل أسرة من الأسرات التي إستولت على كليتك ، و ليس لك ظهر في السلطة ، فمكانك الطبيعي بعد التخرج – في أغلب الأحوال - محجوز لإبن فاشل ، أو ابنة مدللة .

بالمثل لا تظن أن إجتهادك سينفعك ، لتصبح عضو بالسلك الدبلوماسي ، و تحلم أن تلف العالم ، و أنك ستصبح قنصل عام أو سفير يوماً ما ، و إلا لكان نفع محمد شتا تفوقه ، فأبناء البسطاء لا تعترف السلطة بأية حقوق لهم في الترقي .

لا تظن كذلك أن التمييز يقف خارج عتبة بيتك ، فبيتك مهدد دائما بالإزالة إن تعارض مع مشروع للسلطة ، و لو قاومت فمصيره الإحراق كما حدث في قلعة الكبش ، و كذلك أرضك .

أنت أيضا ، مثل بقية الشعب المصري ، ضحية التمييز غير المباشر ، في الخدمات ، فلو كنت ابن لقرية أو حي بسيط من أحياء المدن - و بصرف النظر عن دينك و مذهبك و لون بشرتك و لهجتك - فحظ أولادك في التعليم الجيد ضئيل ، مثل حظك و حظهم في الخدمات الصحية ، لهذا فإن فرصة بقاء ذريتك تعتصر تحت العجلة الصخرية لطاحونة الفقر كبيرة جدا .

الخدمات الجيدة نادرة ، و هي علية أية حال ليست لسكان عزب الصفيح و المقابر، و لا حتى لأحياء مثل الدويقة .

و حتى لو كنت رجل أعمال ، فأنت تعلم أنك لا تتمتع بنفس الفرص التي يحظى بها المسنودين بالسلطة .

الأمثلة كثيرة ، يصعب حصرها ، و لا أشك أن غالبية القراء قد قفز لأذهانهم وقائع و أمثلة أخرى كثيرة ، و مع ذلك فإن العجيب ، و نحن شعب بلد التمييز ، نسمع و نقرأ يوميا من إعلام السلطة عن مخاطر محدقة بمصر ، و عن أصابع تلعب لإشعال الجبهة الداخلية ، خاصة لو تحدث بعض ضحايا التمييز عن مشاكلهم ، و كأن علينا أن نتغافل عن البديهية الجلية أمامنا هو أن من يشعل الداخل المصري ، هي السلطة الحالية ذاتها .

على العموم ، لنا أن نطرح على السلطة هذا الإقتراح ، في شكل سؤال :

لماذا لا تعدلين ، فتأمن مصر ؟

لماذا لا تعطين كل صاحب حق حقه ؟ و لماذا لا يتساوى كل المصريين في الفرص و الحقوق ، ومن تلك الحقوق الخدمات العامة ؟

إن الذي سيكون مسئولاً عن إنفجار الداخل المصري ، ليست أصابع خارجية ، كما يرددون ليل نهار ، بل أصابع مصرية خائنة لمصر ، لا تعرف إلا التمييز بين المصريين .

مصر ستشهد إنفجارا داخليا في ظل إستمرارية الأوضاع التمييزية الحالية ، لأن :

العدل أساس الملك ، و عندما يغيب الأساس ، ينهار الملك حتما ً .

أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسنية

بوخارست – رومانيا

حزب كل مصر

تراث – ضمير – حرية – رفاهية – تقدم – إستعيدوا مصر



#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرب الحضارة ضد عرب البداوة ، صراع قديم قائم
- غزة ، مرحباً بالإنضمام ، و لا لعودة الإدارة المصرية
- يوم الفخر - يوم الدرعية 9-9-1818
- أوباما أو ماكين ، العبرة بالموقف من القضية المصرية
- لسنا ضد أهل الخليج ، و لكن ضد بيع مصر لهم
- تصوراتنا للإتحاد المتوسطي ، دراسة مدرسية متبادلة لتاريخ بعضن ...
- عبد الوهاب المسيري حي بنا
- لا تنامي يا محلة ، فمن يتحدى آل مبارك لا ينام
- هل ينقص مصر الطلاب ؟
- المحكمة المتوسطية العليا لحقوق الإنسان
- تصوراتنا لإتحاد المتوسط ، السفر و العمل و التجارة و البيئة و ...
- إستفتاء شعبي لكل قانون ، هو الطريق للحرية و العدالة
- إتحاد شمال شرق أفريقيا هو الأقرب للواقع
- أئمة المساجد بالإنتخاب
- عودة الروح الفرنسية لساركوزي ، و لكنها ليست كما نرغب
- شارع الخليفة المأمون سابقاً ، الوجه الحقيقي لطاغية
- المعارضة المصرية بين الدرس النيبالي و خيانة الرابع من مايو
- دوحة ترحيل المشاكل للغد
- الساركوزية هي أقرب للبونابرتية و ليست بأي حال ديجولية
- حتى تعود مصر لمكانتها ، الحلقة الأولى


المزيد.....




- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد حسنين الحسنية - في مسألة التمييز ، لماذا لا نعدل فتأمن مصر ؟