أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - شارع الخليفة المأمون سابقاً ، الوجه الحقيقي لطاغية














المزيد.....

شارع الخليفة المأمون سابقاً ، الوجه الحقيقي لطاغية


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 2299 - 2008 / 6 / 1 - 07:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ماذا لو أطلق محافظ القاهرة - في هذا العصر - إسم لورد كرومر على أحد الشوارع الهامة في مصر ؟

ماذا لو قام محافظ دمشق بإطلاق إسم تيمورلنك على أحد ميادينها الرئيسية ؟

في مصر ، حدث ما يشابه هذا ، فقد أقمنا تمثال من قبل للأفاق الفرنسي المدعو دليسيبس على مدخل القناة ، التي حفرها أجدادنا بالسخرة ، و أطلاقنا من قبل إسم قمبيز على أحد شوارع القاهرة ، و لازلنا نطلق إسم الخليفة المأمون على أحد شوارعنا الرئيسية .

لمن صعق من وضع إسم المأمون مع كرومر و دليسيبس و تيمورلنك و قمبيز ، أقول له لا تصعق لأنك لا تعلم عن المأمون سوى الأسطورة التي حيكت حوله ، على إنه لا عذر لمن أطلق إسم المأمون على هذا الشارع في مصر ، لأن هناك لجنة لتسمية الشوارع في مصر ، تضم في أعضائها متخصصين في التاريخ ، من أرفع المستويات .

الأسطورة التي حيكت حول المأمون مضمونها هو : خليفة عادل ، قتل أخاه المتهتك الخليفة الأمين ، لأنه تعرض للظلم عندما خلعه أخوه من ولاية العهد ، لصالح إبنه الطفل ، بينما المأمون ، أسن من الأمين بستة أشهر .

خليفة كان مولع بالثقافة ، معضد لها ، راعي للعلماء و الشعراء ، محب للإطلاع على الجديد ، مساند لأكبر حركة ترجمة للعلوم اليونانية و اللاتينية و الهندية و الفارسية و السريانية . خليفة مولع بالنقاش العلمي و اللاهوتي ، حتى تحول مجلسه إلى ما يقرب أن يكون صالون أدبي – علمي ، يتناقش فيه العلماء و رجال الدين بحرية و أمان .

خليفة واسع الحلم ، يكظم غضبه حتى لو تطاول عليه خدمه ، و يتواضع لأصدقائه ، أشد التواضع .

الأسطورة فيها جانب كبير من الحقيقة ، فلا إنكار إن أباه ، هارون الرشيد ، ساق الخلافه للأمين ، و هو أصغر من المأمون ، و أن المأمون تقبل ذلك ، و لكنه لم يحتمل أن يخلع من ولاية العهد من أجل أن يحل محله طفل ، و لا يهمنا اليوم ثورته على أخيه ، فهذا هو الشأن في الماضي ، و هناك خلفاء و سلاطين كانوا يقتلون أخوتهم بمجرد إعتلائهم سدة العرش ، خوفا من أن ينازعونهم الأمر في المستقبل ، مثل سلاطين آل عثمان في زمنهم الأول .

و لا إنكار أنه كان بحق راعي للعلوم و الفنون ، و مساند لأكبر حركة ترجمة شهدتها العربية في القرون الوسطى ، و مجلسه كان كثيرا ما يكون أشبه بالصالون الثقافي .

أما عن صبره على خدمه حتى لو ساء أدبهم معه ، و تواضعه الجم مع الأصدقاء و الرفاق ، فهذه روايات الله أعلم بصحتها ، و لا أملك حيالها إلا الصمت ، إحترازاً من الوقوع في إثم الظن و الكذب .

أما الجانب الذي لم يسلط عليه الضوء من حكمه ، برغم إنه موثق ، و هناك إجماع عليه من عمد المؤرخين ، هو الجانب الذي يهمني كمصري وطني ، و الأول كإنسان يؤمن بقيمة الإنسان و تكريمه ، و هذا التكريم يشمل حرية الإنسان ، و منها حرية ضميره .

لقد قيل الكثير عن المأمون كراعي للعلم و الأدب ، و عن حلمه و عفوه ، و عشقه للمناظرات الجادة ، و لكن كيف يكون ذلك و هو الذي فجر الإضطهاد الديني الذي عرف بمحنة خلق القرآن ، فالمأمون كمعتزلي آمن بأن القرآن مخلوق ، و قد تعصب لذلك ، بينما رفض أهل السنة هذا القول ، فكان أن فجر المحنة المعروفة ، و التي بدأت بإمتحان العلماء و الفقهاء ، تلك المحنة التي دشنها ، ثم إستمرت من بعده في عهد المعتصم و الواثق ، و زهقت ضحية لتلك المحنة نفوس ، و عذب أشخاص ، و قيدت حرية أخرين منهم الحارث بن مسكين المصري ، الذي سنأتي على ذكره فيما بعد . فهل شخص كهذا يستحق أن نظل نؤمن بالهالة التي أطلقها حوله حملة مباخر السلطة العباسية ؟ هل هو فعلاً مثال للحاكم المستنير ، المحب للمناظرات ، و الحليم الذي يقبل الإختلاف ؟

ثانيا كمصري وطني فإنني لا أستطيع أن أتقبل أن يظل هناك شارع أو زقاق بإسم هذا الحاكم في مصر ، فالثورة المصرية الكبرى التي حدثت في عهده مثال أخر على البطش و الجبروت ، فالثورة هناك إجماع من المؤرخين ، على إنها ثورة إقتصادية ، و ليست ثورة لأسباب وطنية أو دينية أو مذهبية ، و إنها نتيجة عسف و ظلم ولاة المأمون ، و إنها شملت جموع المصريين ، سواء من هم من أصل عربي أو من أهل البلاد ، المعروفين بالقبط ، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين ، و لعل سيرة قاضي مصر الشهير الحارث بن مسكين ، المصري بالمولد و الأصل ، الأموي بالولاء ، و شهادته - و هو العدل – جهرة في المسجد الجامع ، و في حضور وزير المأمون ، بأن واليين من ولاة المأمون على مصر ، ظالمان غاشمان ، ثم كرر نفس الشهادة في وجه المأمون ذاته مرتين ، مرة قبل إخماد الثورة ، و مرة أخرى بعدها ، و هي الشهادات التي أدت إلى نفيه الطويل ، حتى أعاده المتوكل لمصر ، و ولاه القضاء .

ها هو المأمون ، و بشهادة مصادر تاريخية موثوقة ، يعاقب قاضي على شهادة الحق ، و هو – أي المأمون – الذي أقر ، طبقا للمصادر ذاتها ، بأن الواليين المعنيين فعلا ظلمة ، فأين هو عدل المأمون ؟

ثم أين حلم المأمون و عفوه ، و هو الذي عندما نجح - بعد جهد جهيد - في إخماد ثورة الشعب المصري ، و بعد أن قبل الثوار المصريون الإستسلام على شرط الخضوع لحكم أمير المؤمنين المأمون ، و كان حكمه - و هو الخليفة الذي طبل له كتاب سلطته ، عن حلمه ، حتى على من يسيء القول من خدمه – قتل الرجال ، و سبي النساء و الأطفال ، و التاريخ يذكر لنا كيف أصبح المصريين يستعبدون و يباع أطفالهم في عهد خلفاء المأمون ، فيحدثنا عن طفل مصري ، أسمه مهج ، كان ضحية للشبق البهيمي للخليفة الواثق .

لماذا لم يكن حكم المأمون على الثوار المصريين بعد إستسلامهم ، مماثل لحكم الخلفاء الراشدين مع المصريين الذين ثاروا من قبل في زمنهم ، حين لردوا للأسرى حريتهم ؟؟؟؟؟

هذا هو الوجه الحقيقي للخليفة المأمون ، فهو ليس أكثر من طاغية ، لم يحتمل رفض بعض العلماء و الفقهاء للنظرية التي آمن بها ، و لم يعف عند المقدرة ، على ثوار ثاروا بسبب ظلم ولاته ، فقتلهم و إستعبد نساءهم و ذراريهم .

أليس الأولى بنا أن نطلق إسم الحارث بن مسكين على هذا الشارع ؟



#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة المصرية بين الدرس النيبالي و خيانة الرابع من مايو
- دوحة ترحيل المشاكل للغد
- الساركوزية هي أقرب للبونابرتية و ليست بأي حال ديجولية
- حتى تعود مصر لمكانتها ، الحلقة الأولى
- فوتوغرافية هذه الحقبة
- فأغرقناه و من معه جميعاً ، لا للعفو عن الرتب الصغرى
- فأغرقناه و من معه جميعاُ ، لا للعفو عن الرتب الصغرى
- أمريكا على طريق روما ، طريق إلى حرب باردة ثانية
- لماذا لا تنضم غزة إلى مصر ؟
- إنهم الخوالف و الأعراب في ساعة العسرة
- إنها ثورة الشعب المصري ، لا حزب العمل
- ليبيا مصرية
- إخلع محراثك اليوم ، فقد آن أوان الثورة ، آن أوان الحرية
- إنها كنعان و ليست فلسطين ، و هم الكنعانيون ، و ليسوا فلسطيني ...
- لنحبط معاً إقامة مؤتمر ويكيبيديا بالأسكندرية
- روسيا تحتاجين إلى حلفاء ، فالردع النووي لا يكفي
- إنتصار ماراثون ، إنتصار لكل الإنسانية
- لنقيم جنازات شعبية رمزية لشهداء السادس من إبريل
- تحية إلى محلة الثورة ، و تحية إلى كل أبطال ثورة 2008
- التغيير سيكون مصرياً ، لا إخوانياً


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - شارع الخليفة المأمون سابقاً ، الوجه الحقيقي لطاغية