|
الجمالة و العمال المصريين ، ظلموا مرتين ، قصة المعهد التذكاري
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2467 - 2008 / 11 / 16 - 10:35
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
خطأ كبير أن يخلط البعض - من حيث التصنيف - بين الحربين العالمية الأولى و الثانية ، فيضعوهما معا في نفس الدرجة من ناحية التبرير أو الشرعية . الحرب العالمية الثانية حرب مبررة ، فقد كان من الواجب ليس فقط إيقاف النظم النازية - الفاشية عند حدها ، بل كان من الضرورة و الواجب - و لأجل صالح الإنسانية - تحطيمها و للأبد . إن العجب يأخذني في كل مرة أقرأ تاريخ مصر أثناء الحرب العالمية الثانية ، حين أجد مجموعة من المصريين وقفوا ، و لو عاطفيا ، مع النظام الهتلري العنصري ، و خرجوا للشارع المصري لتشجيع روميل على التقدم لإحتلال مصرنا ، و مصدر عجبي و إستنكاري يقوم على أساسين : أولاً : أن السياسيين و العسكريين المصريين الذين بهروا بالنظام النازي ، و أولئك الذين خرجوا للهتاف : تقدم يا روميل ، كلهما رحبوا ، بل و ساعد بعضهم ، نظام صنف الشعب المصري ، مع غيره من شعوب منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ، في قاع ، أو بقول أدق قرب قاع ، سُلم التصنيف السلالي العنصري ، ذلك التصنيف العنصري الذي كان يعد أحد الركائز التي قام عليها النظام الهتلري . ثانيا : أن هؤلاء النازيين المصريين رحبوا بإستبدال إحتلال قائم ، بإحتلال أخر ، و لكن مع الفارق ، هو إنهم كانوا يرحبون بإحتلال وحشي لأقصى درجات الوحشية ، ليبدأ معه الشعب المصري النضال من الصفر . لقد نجح نضال الشعب المصري في الفترة من 1882 إلى 1936 ، في تقليص مساحة الإحتلال البريطاني ، بدأ بإعلان الإستقلال في فبراير 1922 ، و الإنضمام لعصبة الأمم ، ثم معاهدة 1936 ، التي حصرت الوجود العسكري البريطاني في منطقة القناة ، ثم المشاركة المصرية في تأسيس الأمم المتحدة بعيد الحرب العالمية الثانية ، و أصبحت مصر قاب قوسين أو أدنى من الإستقلال الفعلي ، أو الجلاء ، الذي تحقق في 1954 . النازيين المصريين آنذاك كانوا يريدون أن يعيدوا مصر لنفس الحالة التي كانت عليها في 1882 ، بإستقدام إحتلال صنفنا علانية في خانة الشعوب الأدنى مرتبة ، و لم يكن يتورع عن إرتكاب أشد الأعمال همجية و دموية لتوطيد سلطانه على الشعوب المغلوبة ، و الشواهد على ذلك في أوروبا أكثر من أن تحصى في مقال . و لكن إذا كانت الحرب العالمية الثانية حرب مبررة ، بل و شرعية ، لإستئصال شأفة النظم العنصرية الدموية ، فقد كانت الحرب العالمية الأولى على النقيض من ذلك . الحرب العالمية الأولى ، لم تكن إلا حرب صراع على النفوذ و المكانة بين القوى الكبرى يومها . حرب تنافس إستعماري ، و للأسف زهقت نفوس الكثيرين من أبناء شعوب المستعمرات ، من أجل الحفاظ على نفوذ محتليهم . في هذا الشهر نوفمبر 2008 ، مرت في الحادي عشر منه ، الذكرى التسعون لإنتهاء هذه الحرب الإجرامية ، و في تلك الذكرى يجب أن نتذكر ضحايا تلك الحرب من أبناء الشعب المصري . يجب أن نتذكر الجمالة و البغالة و العمال المصريين ، الذين سخروا غصبا و قهرا لخدمة جيش الإحتلال البريطاني ، و الذين جمعوا بالتطوع الإجباري و السخرة ، و إستخدمت في جمعهم أحط أنواع القسوة ، و شاركت الإدارة المصرية ، القائمة آنذاك ، و على كافة مستواياتها ، في تلك الجريمة . لقد وصل عدد هؤلاء الضحايا - تبعا لما ذكرته د. فاطمة علم الدين عبد الواحد ، في كتابها : التطورات الإجتماعية في الريف المصري قبل ثورة 1919 ، المنشور في عام 1984 - إلى مليون و نصف مليون مواطن مصري بسيط ، جمعوا من ريف مصر ، ليخدموا بالقهر محتليهم في جبهات سيناء و العقبة و فلسطين و العراق و جاليبولي و سالونيكا و مودروس و فرنسا ، و هو رقم مهول بالوضع في الإعتبار تعداد مصر الإجمالي وقتئذ . هؤلاء الضحايا البسطاء تذكرهم جيل ثورة 1919 ، فكان أن تم إنشاء معهد الرمد التذكاري ، الذي كان مكتوب على واجهته ، حسبما أتذكر : المعهد التذكاري لتخليد ذكرى ضحايا الحرب العظمى من الجمالة و العمال المصريين . لكم كان جيل 1919 ، جيل عظيم ، فلم تنسه إنجازاته على المستوى السياسي ، ثم على المستوى الثقافي ، أن يخلد ذكرى فلاحين مصريين بسطاء جمعوا بالكرباج ، و أستغل فقرهم و جهلهم أبشع إستغلال . و لكم هذا الجيل ، جيل عصر آل مبارك مثير للخجل ، حين ترك سلطات آل مبارك تقوم بطمس لوحة تذكر هؤلاء العمال و الجمالة ، و كأنه عار على مصر أن تتذكر أبنائها البسطاء . لقد كنت أتصور أن آل مبارك ، و بعد مصاهرتهم الأخيرة ، سيقومون بإعادة تلك اللوحة ، لتكريم هؤلاء البسطاء من الجمالة و العمال ، و لكن هيهات ، لإننا نعيش عصر الدهس على البسطاء الأحياء ، فهل سيتذكرون الأموات منهم . إننا في حزب كل مصر ، و في ذكرى إنتهاء تلك الحرب الإجرامية ، نقف تحية لأرواح كل المصريين ، من الجمالة و البغالة و العمال ، الذين شاركوا بالقسر في تلك الحرب الإجرامية ، و ندعوا كل مصري أن يقف دقيقة إحترام لذكراهم ، اليوم ، ثم كل عام . و مثلما نقف تحية إحترام لذكراهم ، فإننا في حزب كل مصر نعاهدهم بإنه و حين تنجلي الغمة الحالية ، بمشيئة الله ، و تتأسس الجمهورية المصرية الثانية ، جمهورية الإنصاف و العدل ، جمهورية المساواة و الكرامة ، سنعيد تكريمهم علانية ، تكفيرا عما لحق ذكراهم من إهانة في عصر آل مبارك . سلام عليكم ، يا من كانت تضحياتكم ، سببا في تأجج لهيب ثورة 1919 ، أخر الثورات الكبرى للشعب المصري حتى الأن .
أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسنية بوخارست - رومانيا حزب كل مصر تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أس مأساتنا زيارات تسول البترودولار السعودي
-
قبل فرض أي رقابة حوارية ، ما هو اليسار أولاً ؟
-
أوباما المصري قبطي أو نوبي ، و أوباما الخليجي من أصل أفريقي
-
نموذجنا هو ثورة التأسيس 1805 ، لا ثورة التأكيد 1919 ، لأن مص
...
-
خروج الشعب للثورة هو إستفتاء يمنح الشرعية للثورة ، و يسبغ ال
...
-
السطو السعودي على التسامح الأندلسي ، و سكوتنا المخزي
-
إنها حرب ثقافية بين نجد و النيل ، و المواجهة لابد منها
-
روسيا بوتين ليست نصيرة الفقراء و المضطهدين و التائقين للحرية
-
مصارف أمريكا أفرطت ، و مصارف مصر تمتنع و تحابي
-
مصارف الخارج أفرطت في أداء وظيفتها ، و مصارف مصر تمتنع و تحا
...
-
إلى الإتحاد الأوروبي : أقطع المفاوضات ، و أبدأ في العقوبات
-
ليكن النضال شاق و طويل ، و لكن بنيان الجمهورية الثانية قوي و
...
-
ضرورة إتفاقية دولية لحماية زوار كل الأماكن المقدسة
-
المستقبل للتقدمية ، أي الرأسمالية الضميرية ، أو الطريق الثال
...
-
القضية الأندلسية يا سادة يا أوصياء لها أصحاب
-
في قضية الجلف الكبير ، الكذب على العالم ضحى
-
في قضية هضبة الجلف الكبير ، الكذب على العالم ضحى
-
لن أغير رأيي بسبب شهرين
-
علم الوراثة الجينية يثبت أن العرب و بني إسرائيل من أصل واحد
-
إمتدادات الإخوان المسلمين الخارجية تمنعهم من قيادة التغيير ا
...
المزيد.....
-
مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن
...
-
الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم
...
-
الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
-
التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد
...
-
حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
-
الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
-
ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
-
بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
-
هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
-
وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|