أن هو إلا وحيٌ يوحى


كامل النجار
الحوار المتمدن - العدد: 6740 - 2020 / 11 / 22 - 12:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

إن هو ألا وحي يوحى
محمد لم تكن له أي معجزات كأنبياء بني إسرائيل حتى يستطيع إقناع عرب مكة بأنه مرسل من إله السماء، ولم يأت بكتاب من السماء كما فعل موسى، لذلك زعم أن الله يوحي إليه عن طريق جبريل. فما هو الوحي؟
حسب القواميس العربية: أوحى إليه يعني كلمه سراً أو بما يريد أن يخفيه عن الآخرين
القرآن يخبرنا أن الله قد أوحى إلى الأرض (يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها) (الزلزلة 4-5)
وأوحى إلى الحيوانات عندما طلب منها الحضور إلى سفينة نوح
وكذلك أوحى إلى الجبال أن تؤوب مع داؤود (يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد) (سبأ 10)
وإلى النحل (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) (النحل 68)
والناس يوحون إلى بعض كما يقول القرآن (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) (الأنعام 112)
بل أوحى حتى للملائكة الذين معه في السماء السابعة عندما أرسلهم ليساعدوا المسلمين في معركة بدر (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (الأنفال 12)
الوحي إلى الجماد مثل الأرض والجبال، وإلى الملائكة لم يكن عن طريق جبريل فلماذا يا تُرى اختار الله أن يوحي لمحمد عن طريق جبريل بينما أوحى إلى جميع الأنبياء الآخرين والجماد والحيوان مباشرة؟
القرآن استعمل كلمة الوحي وأوحينا 53 مرة، 6 مرات عن موسى وأمه.
فهو يقول عن موسى (وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون) (الأعراف 117)
فمن غير المحتمل أن يكون موسى واقفاً وسط سحرة مصر ويرسل الله له جبريل الذي ربما شتت تركيز موسى. فلا بد أنه أوحى إلى موسى عن طريق ال Telepathy
ثم يقول القرآن عن أم موسى (إنا أوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك) (القصص 7).
فمن المؤكد أنه لم يرسل جبريل إلى أم موسى ليخبرها أن تلقيه في اليم. أم موسى لم تقل إن جبريل أتاها. وموسى كذلك لم يقل إن جبريل أتاه، فالله كان يكلم موسى مباشرةً (فهو كليم الله كما يقول رجال الدين). فالوحي هنا غالبا ًكان عن طريق التيلاباثي كذلك.
عندما كان يوسف طفلاً وأخذه إخوانه ليرعوا الغنم ثم ألقوه في البئر، قال القرآن (فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم وهم لا يشعرون) (يوسف 15).
فمن غير المعقول أن يكون الله قد أرسل جبريل للطفل في البئر لأن منظر جبريل قد يرعب الطفل خاصة إذا عرفنا أن لجبريل 360 جناحاً. فالوحي هنا كان مباشرة من الله إلى يوسف
ثم (أوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون) (النحل 68). فالنحل الذي لا يعرف لغات البشر ولا يعرف أن الأجزاء المرتفعة من الأرض اسمها جبال، فهم الوحي رغم أن الله لم يرسل جبريل لكل نحلة ليخبرها أن تتخذ من الجبال بيوتاً.
ثم يقول القرآن لمحمد (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان) (النساء 163). فالله قد أوحى لجميع هؤلاء الرسل ولم نسمع عن رسول واحد منهم كان يغمى عليه عندما يأتيه الوحي. فلا بد أن الوحي لم يكن عن طريق جبريل. ثم أن الأسباط هم قبائل بني إسرائيل الإثنتا عشرة قبيلة، فلا يمكن أن يكون الله قد أرسل جبريل لكل فرد في هذه القبائل. فالوحي من الله يكون مباشرة.
فلماذا اختار الله أن يوحي إلى محمد عن طريق جبريل الذي يكون في السماء السابعة مع الله ليأتي لمحمد بآيتين أو ثلاثة من القرآن كل أسبوع أو عشرة أيام. وفي بعض الأحيان يأتيه في لمح البصر عندما يحدث إشكال مع نساء محمد أو بعض السهو في الآيات القرآنية؟ فمثلاً عندما جاءت الآية (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم) (النساء 95)، أملاها محمد لكاتب الوحي وكان الرجل الأعمى ابن أم مكتوم جالساً فاحتج وقال لمحمد أنا أعمى ولا أستطيع الجهاد مع المبصرين، فقال محمد لكاتب الوحي، أكتب (لا يستوي القاعدون من المؤمنين، غير أولي الضرر، والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم). فهل جبريل كان جالساً قبل أن يسأل الرجل الأعمى، ولم يره أحد من الحاضرين، وكان قد نسي جزءاً من الآية فأتمها، أم نزل على محمد بعد أن سأل الرجل الأعمى؟ أغلب الظن أنه نزل للتو على محمد لأن كاتب الوحي قال إن محمداً أغمى عليه واتكأ على فخذ الكاتب حتى كاد يكسرها. وعندما أفاق أملى على الكاتب التعديل الجديد.
فمن هو جبريل هذا؟ ليس هناك من معاصري محمد من رأى جبريل. حتى زوجته خديجة عندما جاءها محمد من حراء وهو خائف وقال لها دثريني دثريني، سألت محمد إن كان الملاك الذي رآه في غار حراء ما زال في الغرفة، فقال لها نعم هو موجود. فكشفت عن فخذها وأجلست محمداً عليه وسألت إن كان الملاك ما زال في الغرفة، فقال لها محمد إن الملاك استحى وخرج. فقالت له هذا هو الناموس الذي كان ينزل على موسى. فرغم أن خديجة كانت في غرفة صغيرة مع محمد لم ترَ جبري
وفي يوم كان جالساً عند زوجته أم سلمة وجاء دحية الكلبي وعندما غادر سألها محمد إن كانت قد عرفت الرجل، فقالت له نعم: إنه دحيه الكلبي. فقال لها إنه جبريل. ومن وقتها ظل محمد يقول لأصحابه إن جبريل يأتيه في صورة دحية الكلبي.
ولكن في حديث عن عائشة أن الحارث بن هشام سأل محمداً كيف يأتيه الوحي؟ فقال أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليّ، وأحيانا يأتيني في صورة رجل. وكان دائماً يُغمى عليه ويتفصد عرقاً حتى في الشتاء، وأحياناً يخيل إليه أنه يأتي النساء ولا يأتيهن (يستمني).
بعد واقعة الخندق رجع محمد إلى بيته فأتاه جبريل وقال له هل وضعت سيفك، أنا لم أضع سيفي لأن الله قد أمرنا بالذهاب إلى بني قريظة. فأخذ محمد سيفه وأخبر أصحابه ألا يصلوا العصر إلا في بني قريظة. ثم خرج وسأل أصحابه هل مر عليهم شخص غريب؟ قالوا لم يمر عليهم ألا دحية الكلبي على بغلة بيضاء. فقال لهم هذا جبريل.
فما كان الغرض من ذهاب جبريل إلى بني قريظة ومحمد لم يحاربهم بل حاصرهم 3 أسابيع حتى استسلموا؟ هل انتظر جبريل معهم في الحصار 3 أسابيع أم تأكد أن محمداً قد حاصر بني قريظة ورجع ليخبر الله؟
ولماذا كل ما يأتي جبريل إلى محمد في أي صورة غير مرئية أو كصلصلة الجرس يغمى على محمد؟ وعندما يأتيه جبريل في صورة دحية الكلبي لا يغمى عليه؟
في سنة 1977 أطلقت مؤسسة الفضاء الأمريكية ناسا مركبة Voyger 1 واستمرت هذه المركبة تسير بسرعة الصاروخ لمدة 35 سنة حتى تمكنت من الخروج من مجرتنا الشمسية ودخلت المجال الجوي بين المجرات. فإذا علمنا أن هناك مليارات المجرات، وأن السماء السابعة عند آخر مجرة فكم تستغرق تلك المركبة الفضائية للوصول إلى السماء السابعة؟
الضوء يسافر بسرعة 300000 كيلومتر في الثانية (في الفراغ). بعض النجوم التي نراها ليلاً قد ماتت قبل مليارات السنين واستغرق ضوؤها كل هذه السنوات ليصل إلينا. فكيف يستطيع جبريل قطع هذه المسافة بين السماء السابعة ومكة في لمح البصر ولا يحترق، بينما تحترق المركبات الفضائية عند دخولها المجال الجوي للأرض إذا لم يكن العازل الحراري متين؟
يخبرنا القرطبي في تفسير سورة الأعراف أن جبريل يقطع المسافة بين مكة والسماء السابعة ذهاباً وإياباً في مدى ساعة واحدة فقط. فعندما نزلت الآية (خذ العفو وأمر بالمعروف واعرض عن الجاهلين) (الأعراف 199)، لم يفهم محمد المقصود من الآية فسأل جبريل عنها، فقال جبريل لا أدري، دعني أسأل الله. فغاب ساعةً ثم عاد وقال إنّ ربك يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمّن ظلمك (إبراهيم الجندي، الحوار المتمدن 21/11/2020)
عرب مكة كانوا يعرفون أن محمداً لم يكن رسولاً، إنما كان مدعياً الرسالة، ولا وحي أتاه ولا كتابُ، كما قال الخليفة الأموي يزيد بن معاوية بن ابي سفيان:
تلاعب بالخلافة هاشمي **** بلا وحي أتاه ولا كتابُ
ولذلك قالوا له إن كان هذا هو الحق من ربك فلن نؤمن لك حتى تفجر لنا ينابيع في صحراء مكة أو (تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبلاً) (الإسراء 92).
لم يستطع محمد أن يفجر الينابيع في مكة أو يسقط السماء عليهم، وقال لهم إن الله أنزل قرآناً يقول (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) (الأنفال 33). فلماذا لم ينزل الله عليهم كسفاً من السماء بعد أن هاجر محمد إلى المدينة وترك عرب مكة؟ وهل كان عرب مكة يستغفرون كما يقول القرآن وهم لم يؤمنوا بمحمد؟
إذا كان الوحي لكل الأنبياء الآخرين بالوحي المباشر، ولم يقل أي رسول إن جبريل أتاه وجعله يغيب عن وعيه، وإذا كانت الأرض والسماء والنحل والجبال تفهم الوحي المباشر من الله، لماذا اختار الله أن يرسل جبريل لمحمد ويمده بثلاثمائة وستين جناحاً حتى يستطيع قطع المسافة بين السماء السابعة ومكة في لمح البصر بدل أن يوحي له مباشرةً كما أوحى إلى أم موسى وإلى النحل؟
الاستنتاج المنطقي الوحيد هو أن محمداً كان يزعم أنه رسول من عند الله وهو لم يكن كذلك، ولم يكن جبريل يأتيه بالوحي كما زعم إنما كان إغماؤه بسبب نوبات الصرع الذي كان يعاني منه ولذلك أتى بخرافة جبريل ليغطي على نوبات الصرع هذه.