الفصل الأول تتمة


كامل النجار
الحوار المتمدن - العدد: 6602 - 2020 / 6 / 25 - 14:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

وحتى يؤكد إله الإسلام على قوة السحرة، جعل فرعون الذي قاوم موسى وهارون عدة سنين يرضخ للسحر ويطلب جمع كل السحرة في مصر ليبرهنوا لموسى أن الذي يدعيه ما هو إلا سحر (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) (يونس 79).
وبعد أن اجتمع كل سحرة مصر قالوا لموسى (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ) (طه 69). وبالطبع لا بد أن يكون سحر إله القرآن أقوى من سحر سحرة مصر الذين بهرهم سحر موسى فخروا له ساجدين.
إله الإسلام يكرر لنا في عدة آيات أخرى أن كل قومٍ أرسل لهم رسولاً قالوا عنه إنه ساحر كذاب. فرعون تولى بركبه لما جاءه موسى (فتولى بركبه وقال ساحرٌ أو مجنون) (الذاريات 39). ومرة أخرى (إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب) (غافر 24). وكذلك (كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحرٌ أو محنون) (الذاريات 52).
يبدو أن السحر يحتل حيزاً كبيراً في المنظومة الإسلامية، كما يفعل الجن والشياطين وإبليس. ومن كثرة التكرار أصبح محمد والذين جاؤوا من بعده يفسرون كل شيء يصعب على فهمهم على أنه من عمل الشيطان. حتى التفكير خارج صندوق الإسلام يُعتبر من فعل الشيطان فيستعيذون بالله منه. وكنتيجة حتمية لهذا النمط من التفكير أصبحت كل الأمراض النفسية من فعل السحرة والشياطين. وما زال الزار منتشراً بين النساء في البلاد العربية. وما زال شيوخ الخلاوي يربطون المريض النفسي بالجنازير ويضربونه بالعصا لاستخراج الجن منه. وعندما أدخل الملك فيصل التلغراف والتلفزيون في المملكة السعودية ثار شيوخ الوهابية واعتبروا الاثنين من أعمال الشياطين. ومحمد نفسه، والشيوخ من بعده حتى الآن يستعملون الرقية الشرعية (وهي آيات من القرآن) لعلاج الأمراض النفسية. المعتقدات الأخرى كالمسيحية واليهودية حاربت السحر والساحرات حرباً لا هوادة فيها، بينما الإسلام شجع معتنقيه على الاعتقاد بالسحر كما هو واضح من العدد الكبير من الآيات القرآنية التي تتحدث عنه.
العنصرية:
العرب قبل الإسلام كانوا قبليين وجهويين، كل قبيلة تفاخر القبائل الأخرى بأنها الأكرم والأشجع، واستمر هذا الحال حتى بعد أن استتب الإسلام في العرب. فمثلاً أبو فراس الحمداني يقول:
نحن أناس لا توسط بيننا ***** لنا الصدر دون العالمين أو القبر
أعز بني الدنيا وأعلى ذوي العلا ***** وأكرم من فوق التراب ولا فخر
وجاء محمد بدعوته التي لم تأت بجديد واستمر على نفس منوال القبائل العربية. فقال، حسب حديث أبي هريرة، أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من يشق عنه القبر. وقال لعمه أبي طالب "أتيتكم بكلمة تدين لكم بها العرب "، وهو يقصد تدين العرب لقبيلة قريش، رغم أن قريش استهزأت به وسخرت منه ورفضت أن تعترف بنبوته على مدى ثلاث وعشرين سنة. ورغم ذلك أراد بقية القبائل العربية أن تخضع لقريش.
عندما استتب الأمر لمحمد وخلفائه، ثم من بعدهم للدولة الأموية والدولة العباسية، أفتتح المسلمون بلاداً كثيرة وسبوا النساء والأطفال واسترقوا الرجال ليجندوهم في الجيوش الإسلامية، وليستفيدوا منهم في الزراعة وصناعة السلاح. وقد سموا هؤلاء الأرقاء "الموالي"، وتعنى كل من ليس عربياً. وتهكموا على هؤلاء الموالي ونعتوهم بالحيوانات
محمد بشّر عشرة من أصحابه بالجنة، وهم أبوبكر الصديق، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب، الزبير بن العوام، طلحة بن عبيد الله، أبو عبيدة بن الجراح، سعد بن أبي وقاص، عبد الرحمن بن عوف، وسعيد بن زيد. ونلاحظ هنا أن العشرة من قريش التي لم تؤمن بدعوته إلا بعد إكراهها بالسيف في العام الثامن للهجرة، أي قبل سنتين فقط من وفاته.
العرب اعتبروا، وما زالوا يعتبرون، أن الإسلام جاء للعرب ليعزهم على غيرهم من الأجناس ولذلك اضطهدوا الموالي الذين أسلموا واعتبروهم عبيدهم. فرح العرب بانتصاراتهم الرائعة التي أنجزوها في عهد بني أمية وأخذوا يتعالون على غيرهم من الأمم المغلوبة ويعدون أبناءها عبيداً لهم. وقد أرادت تلك الأمم أن تسترد مكانتها بدخول الإسلام فلم يغنها ذلك شيئاً، فالدولة لم تعفهم من مذلة الجزية ولم تساوهم بالعرب في كثير من الأمور. يقول البروفسير نيكلسون: " إن الأمم المغلوبة صدّقت بأن الإسلام هو دين العدل والمساواة فدخلت فيه. ثم وجدت أنها قد أخطأت في ذلك خطأً فظيعاً. ذلك لأن الطبقة الأرستقراطية في الدولة لم تعاملها على أساس المساواة مع العرب. بل احتقرتها واضطهدتها وأبقت عليها ضريبة الجزية وأطلقت عليها لقب الموالي أي العبيد المعتقين" (13) وبلغ من احتقار العرب للموالي أنهم كانوا لا يستسيغون أن يركب المولى دابة بحضورهم. يقول الأصفهاني: "إذا أقبل العربي من السوق ومعه شيء فرأى مولى دفعه إليه ليحمله عنه فلا يمانع، ولا السلطان يغير عليه، وكان إذا لقيه راكباً وأراد أن ينزله فعل" (14)
عنصرية العرب حتى ضد بعضهم البعض بلغت حدوداً يصعب على المرء فهمها. الدولة التي أسسها معاوية كانت دولة قومية طبقية قبل ان تكون دولة اسلامية ديموقراطية. فكانت تضع رعاياها في درجات متفاوتة فقريش في حسابها أفضل من بقية العرب، والعرب أفضل من الموالي والموالي افضل من اهل الذمة واهل الذمة افضل من الكفار الذين مصيرهم جهنم (15)
يقول الإمام الذهبي عن الشيعة "وهم يكذبون على الحجاج وغيره أنه قتل الأشراف، ولم يقتل الحجاج هاشمياً قط مع ظلمه وغشمه، فإن عبدالملك نهاه عن ذلك، وإنما قتل ناساً من أشراف العرب غير بني هاشم، وقد تزوج هاشمية – وهي بنت عبدالله بن جعفر – فما مكنه بنوا أمية من ذلك وفرقوا بينه وبينها وقالوا: ليس الحجاج كفئاً لشريفة" .(16) الحجاج بن يوسف الثقفي، والي العراق لعبد الملك بن مروان، والذي أرسل ابن عمه محمد بن القاسم إلى السند (باكستان) فافتتحها، ليس كفؤاً لامرأة هاشمية بدوية جاهلة.
تكافؤ النسب في الزواج يحتل حيزاً كبيراً في الفقه الإسلامي. يختلف الفقهاء اليوم بالنسبة لتكافؤ النسب كشرط أساسي لصحة الزواج، ويقولون إن علماء المسلمين في الماضي ذهبوا في اعتبار الكفاءة في النسب على أقوال مختلفة، فمنهم من يقول إنه لا اعتبار في النسب ومنهم من يقول إن الكفاءة في النسب شرط في صحة الزواج. وهناك قول وسط يرى أن الكفاءة حق للزوجة والأولياء، فإن أسقطوه فلهم ذلك، والنكاح صحيح، وهذا مذهب جمهور العلماء ومنهم الحنفية والشافعية وهو المعتمد عند الحنابلة. الإمام أبو حنيفة يعتبر أن النسب ضمن الكفاءة في النكاح، فيرى أن الفارسي ليس كفؤاً للعربية. والحديث النبوي يقول "العرب بعضهم أكفاء بعض والموالي بعضهم أكفاء بعض" (17). وما زال القضاء الشرعي في السعودية يفرق بين الزوجين بسبب عدم تكافؤ النسب كما حدث في يناير 2016 في مدينة العيينة (18)
العبد المملوك ليس له أي حقوق في الإسلام. المال الذي يكسبه من عمله يذهب لسيده. وإذا قتل حراً أو عبداً مثله، يقتل به، أما إذا الحر قتل عبداً فلا يُقتل الحر بالعبد (19).ورغم أن الدولة الأموية ومن بعدها الدولة العباسية كانا يعتمدان اعتماداً كلياً على جيوش العبيد من أتراك وأفارقة، خاصة شمال أفريقيا، ويسميهم المستشرقون Slave soldiers فلم يكن لهؤلاء العبيد نصيب في الفيء. ليس للعبيد ولا للنساء حظ من الغنيمة ولكن يُرضخ لهم، وبه قال مالك، وقال قوم: لا يرضخ لهم ولا لهم حظ الغانمين، وقال قوم: بل لهم حظ واحد من الغانمين، وهو قول الأوزاعي .(20)
وبما أن العرب كانوا أميين في الغالب، فقد برع في الفقه فقهاء غير عرب، فقالوا "صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي فقيه مكة عطاء وفقيه اليمن طاووس وفقيه اليمامة يحي بن أبي كثير وفقيه البصرة الحسن البصري وفقيه الكوفة إبراهيم النخعي وفقيه الشام مكحول وفقه خراسان عطاء الخراساني إلا بالمدينة فإن الله تعالى حرسها بقرشي فقيه غير مدافع سعيد بن المسيب وهو من فقهاء المدينة جمع بين الحديث والتفسير والفقه" .(21) ألا المدينة فإن الله حرسها بفقيه قرشي. منتهى الصلف والافتخار بالقبيلة واحتقار الموالي. يظهر جلياً أن الإسلام لم يغيّر شيئاً في عقلية وتفكير العرب وتحقيرهم للغير رغم أن الحديث النبوي يقول "لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى."
ورغم أن الحديث أعلاه يقول لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى، نجد أن المقداد بن الأسود الكندي البهراني واسم أبيه عمرو بن ثعلبة بن مالك من ولد الحاف بن قضاعة، كان من السابقين الأولين، شهد بدراً وروى عنه: على ن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس، وجبير بن نفير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وهمام بن الحارث، وعبيد الله بن عدي بن الخيار، وآخرون، جلس يوماً مع عبد الرحمن بن عوف القرشي يتحدثان، فقال له ان عوف: مالك لا تزوج؟ قال زوجني بنتك، قال: فأغلظ له ورفض أن يزوجه (22). فرغم مكانة المقداد في الإسلام، ورغم أنه من أهل بدر، رفض عيد الرحمن بن عوف أن يزوجه ابنته وأغلظته في القول.
عن عطاء، عن ابن عباس قال: قدم سلمان الفارسي من غيبة، فتلقاه عمر بن الخطاب، فقال لسلمان: أرضاك الله عبداً، قال: فزوجني، فسكت عنه، فقال: أترضاني لله عبداً ولا ترضاني لنفسك (23) . فها هم قادة المسلمين، عبد الرحمن بن عوف وعمر بن الخطاب لا يقبلون أن يزوجوا بناتهم للمقداد الذي شهد بدراً وأبلى بلاءً حسناً في الإسلام، وسلمان الفارسي الذي قال عنه محمد "إن سلمان من أهل البيت".

الأخلاق:
محمد تربى في نفس البيئة العربية التي كان يسودها عدم الثقة في قبائل الجوار، والأخذ بالثأر والتحالفات القبلية. وعندما زعم أن الإله قد أرسله رسولاً، لم يستطع الخلاص من التراكمات التي تربى عليها، فبدأ الهجوم فجراً على القبائل العربية ورجالها نيام، وأعمل السيف في من تمكن منه من الرجال وسبى النساء والأطفال. وعندما سأله أتباعه عن الأطفال الأبرياء الذين لا ناقة لهم في الغارات ولا جمل، كان جوابه يعكس أخلاقه. ففي حديث الصعب بن جثامة الذي يقول فيه: سئل النبي عن أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم، قال: هم منهم. أخرجه البخاري في كتاب الجهاد 146. فشبه الجملة "هم منهم" تعني أن أطفال الكفار من الكفار ويجري عليهم ما يجري على كبارهم من قتل أو سبي.
فقيه الحجاز أبو محمد عطاء بن أبي رباح، قال فيه أبو حنيفة ما رأيت أفضل منه وقال ابن جريج كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة وكان من أحسن الناس صلاة. روي عنه أنه كان يرى إباحة وطء الإماء بإذن أهلهن وكان يبعث بهن إلى أضيافه (24). أي أخلاق تعلمها ابن أبي رباح من الإسلام تسمح له بأن يرسل الإماء إلى أضيافه ليستمتعوا بهن؟
محمد كان أول من أدخل الاغتيالات السياسية في المدينة عندما أرسل من يغتال الشاعرة عصماء بنت مروان وهي ترضع صغيرها، لأنها هجته شعراً، وقال "لا ينتطح فيها عنزان". وكذلك عندما هجاه كعب بن الأشرف اليهودي فقال محمد "من لي بكعب فإنه قد آذى الله ورسوله". وقام بذلك الصحابى محمد بن مسلمة بمساعدة أبى نائلة، أخو كعب من الرضاعة، فتسللا إلى بيته ليلاً واغتالاه. وقُتل كذلك أبو رافع عبد الله بن أبي الحقيق، يقول البراء بعث رسول الله [...] إلى أبي رافع اليهودي رجالاً من الأنصار فأمّر عليهم عبد الله بن عتيك، وعندما دنوا من حصنه قال عبد الله لأصحابه إجلسوا مكانكم فإني منطلق للبواب أستلطفه. وتمكن عبد الله من الدخول إلى منزل أبي رافع ووجد أبا رافع نائماً فغرز السيف في أحشائه وهرب، لكنه وقع من على الدرج وكسر رجله، فاحتمله أصحابه إلى النبي الذي مسح على رجله فشُفيت لساعتها.
حدثنا ابن حميد قال: حدثني ابن إسحاق عن عبد الله بن ابي بكر قال: بعث رسول الله زيد بن حارثة الي وادي القري فلقي به بني فزارة، فأصيب به اناس من اصحابه، وارُتث زيد من بين القتلى، واصيب فيها ورد بن عمرو احد بني سعد بني هُزيم، اصابه احد بني بدر. فلما قدم زيد نذر الا يمس راسه غسل من جنابة حتي يغرو فزارة. فلما برئ من جراحه بعثه رسول الله في جيش الي بني فزارة فلقيهم بوادي القري فأصاب فيهم، وقتل قيس بن المسحر اليعمري مسعدةَ بن حكمة بن مالك بن بدر واسر ام قرفة- وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر، وكانت عند مالك بن حذيفة بن بدر، عجوزاً كبيرة – وبنتا لها، فامر زيد بن حارثة ان يقتل ام قرفة، فقتلها قتلا عنيفاً، ربط برجليها حبلين ثم ربطهما الي بعيرين حتي شقاها (25).
يقول أبو ذر الغفاري، ذلك الاشتراكي الوحيد في تاريخ الإسلام، أتيت النبي [...] وعليه ثوب أبيض، وهو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ، فقال: (ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة). قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: (وإن زنى وإن سرق). قلت: (وإن زنى وإن سرق)؟ قال: (وإن زنى وإن سرق). قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: (وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر). الراوي: أبو ذر الغفاري، خلاصة الدرجة: صحيح المحدث: البخاري المصدر: الجامع الصحيح.
هذا الحديث يلخص أخلاقيات الإسلام. المهم عند محمد أن يقول الإنسان لا إله إلا الله، محمد رسول الله يعنى يدخل في تعداد الإسلام، ثم يسرق ويزني ويكذب، ويدخل الجنة، رغم عدم تصديق أبي ذر الغفاري. ومع ذلك يقول محمد في القرآن على لسان الله (وإنك لعلى خلق عظيم) (القلم 4). يظهر جلياً للقارئ أن الإسلام لم يغيّر في أخلاق العرب، بل شجعهم على الكذب والزنا.
تأليه محمد:
بمجرد أن استتب الأمر لمعاوية بن أبي سفيان في الشام وبدأت الدولة الأموية، جمع معاوية فقهاء السلطان وأجزل لهم العطاء مقابل أن يضعوا له أحاديثاً تمجد بني أمية وتزعم أن الإنسان مسيّر ومكتوب له قدره قبل أن يولد، وبالتالي فأن معاوية حاكمٌ بأمر الله وليس رغبةً منه. ثم بعد ذلك بدأ تمجيد قريش والنبي القرشي ونسوا الرسالة التي زعم محمد أنه أتى بها. وفي زمن وجيز بدأت تظهر أحاديث وقصص تمجد محمداً وتدعي له العصمة وخوارق الأفعال التي تتحدى العقل رغم أن القرآن يؤكد على بشرية محمد وبشرية جميع الرسل. فقوم صالح قالوا له (ما أنت إلا بشرٌ مثلنا فاتِ بآيةٍ إن كنت من الصادقين) (الشعراء 154). وشعيب عندما ادعى النبوة قال له قومه (ما أنت إلا بشرٌ مثلنا وإن نظنك من الكاذبين) (الشعراء 186). وعندما قال القرشيون لمحمد إن قلوبنا في أكنة وفي آذننا وقر، قال لهم القرآن (قل إنما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليّ إنما إلهكم إله واحدٌ فاستقيموا إليه واستغفروه) (فصلت 6). وفي سورة الكهف يؤكد القرآن على بشرية محمد فيقول (قل إنما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليّ إنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) (الكهف 110). وزيادة على ذلك يؤكد القرآن أن محمداً، خلاف بقية الرسل الذين سبقوه، ليس لديه أي معجزات، فيقول (وما منعنا أن نرسل الآيات ألا أن كذّب بها الأولون) ( الإسراء 59).
ورغم تأكيد القرآن أن محمداً ليست له أي معجزات، يقول ابن قيم الجوزية "وكان منبره ثلاثَ درجات، وكان قبلِ اتخاذه يخطُب إلى جِذع يستند إليه، فلما تحوَّل إلى المنبر، حنَّ الجِذْعُ حنيناً سمعه أهل المسجد، فنزل إليه صلى الله عليه وسلم وضمَّه قال أنس: حنَّ لما فقد ما كان يسمع من الوحي، وفقده التصاق النبي [...] .(26) فجعلوا لمحمد معجزة لم تتوفر لبقية الأنبياء: تتكلم الجمادات في حضرته مثل هذا الجذع، وعندما تقول له الحجارة السلام عليك يا رسول الله. وعندما يطلع الخلاء لقضاء حاجته يتحرك الشجر نحوه ليستر عورته.
وعندما ذهب محمد إلى الطائف وطردوه منها، رجع إلى مكة وفي طريقه أيضاً بنخلة صُرف إليه نفر من الجن سبعةٌ مِنْ أهل نَصِيبين، فاستمعوا القرآن وأسلموا، وفي طريقه تلك أرسل اللَّه إليه مَلَكَ الجبال يأمره بِطاعته، وأن يُطبق على قومه أخشبي مكّة، وهما جبلاها إن أراد، فقال: ((لاَ بَلْ أَسْتأنِي بِهِم، لَعَلَّ اللَّهَ يُخرِجُ مِنْ أَصْلاَبِهِم مَنْ يَعْبُدُه لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً)) (27). الله يرسل ملك الجبال ويأمره أن يطيع محمد، فيستشير الملك محمداً هل يطبق الجبلين الذين يحيطان بمكة (28) على أهلها، فيرفض محمد.
ونجد محمداً يُظهر لنا خوارق عجيبة يوم أن ولدته أمه. يقول كعب الأحبار أنه في صبيحة تلك الليلة التي ولد فيها، أصبحت أصنام الدنيا كلها منكوسة. بل أصبح محمد ينافس يسوع إذ يقول القرطبي قد أحيا الله على يديه جماعة من الموتى (29) .
أصبح الإسلام عبارة عن منافسة بين محمد ويسوع ونسي المسلمون رسالة محمد. لأن القرآن يقول عيسى قد تكلم في المهد، ها هم المسلمون يقولون "حين خرج محمد من بطن أمه تكلم وقال الله أكبر والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرةً وأصيلا" (30).
وامتدت الكرامات حتى لأجداد محمد. فالفيل الذي أتى به أبره لهدم الكعبة لما نظر في وجه عبد المطلب، برك كما يبرك البعير ثم خر ساجداً وقال السلام على النور الذي في ظهرك يا عبد المطلب .(31)
وبنهاية الدولة الأموية لم يعد أحد يهتم بما جاء به محمد، فقد شغلتهم العطايا من البلاط، كما شغلهم ما كان يفعله خلفاء بني أمية مثل الوليد بن يزيد بن عبد الملك حين سكر ووضع المصحف على كرسي وصار يرميه بالنبل ويقول له:
إذا لاقيت ربك يوم حشر **** فقل يا رب مزقني الوليد
والحجاج بن يوسف الثقفي، عامل الخليفة عبد الملك بن مروان على العراق كان يكتب ويمحى في مصحف عثمان ويضيف النقاط على الحروف وعلامات الترقيم مما غيّر كثراً في المصحف، وتلاشت رسالة محمد نهائياً. وبمجيء الدولة العباسية في عام 132 للهجرة، 749 ميلادية اشتغلت الصفوة في الترجمة، خاصةً في عهد المأمون، بينما اشتغل رجال الدين بموضوع خلق القرآن الذي قال به الخليفة المأمون الذي كان يميل لرأي المعتزلة. كل فقهاء الإسلام رضخوا للخليفة المأمون وقالوا بخلق القرآن ما عدا أحمد بن حنبل. وبهذا انتهت سطوة رجال الدين الذين أصبحوا وعاظ سلاطين.
كان الشيعة ناقمين على الدولة العباسية التي أعلت من شأن الفرس والأتراك وأهملت العرب، خاصة في الأرياف، فظهر الشيعي معروف الكرخي الذي بدأ التصوف الشيعي. ثم ظهر أبو يزيد البسطامي (ت261هجرية) وقال بالحلول، أي حلول الله في الولي الصوفي. وقال البسطامي "لا إله إلا أنا فأعبدوني". وجاء أبو التصوف الجنيد البغدادي (ت 298 هجرية) وجعل أولياء الله الصوفيين في مقام الله. يهبون الحمل للنساء ويستجيبون لكل من يزور قبور الأولياء ويدعوهم. وبظهور أبي عبد الله الحسين بن منصور الحلاج (ت 309هجرية)، وقوله "ما في الجبة إلا الله"، تسابق حتى فقهاء الحنابلة على الانضمام للصوفية. وانتشرت الصوفية في الأمصار انتشار النار في الهشيم، وظهرت قباب الأولياء في كل البلاد الإسلامية، ونسي العامة رسالة محمد وأصبح التصوف دينهم الرسمي.
الصوفيون جعلوا أنفسهم جلساء لله ومحمد، تأتمر الجنة والنار بأوامرهم. يقول إبراهيم الدسوقي "
أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فكنا نسبح الله ونعظمه ونمجده ونوحده ونحن أشباح بين يدي الله عز وجل وجبريل بيننا، وميكائيل واسرافيل وعزرائيل حولنا. وربنا جل جلاله ينظر. فيسأل جبريل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل وهو أعلم: "أين كنتم ؟ فيقولون: "كنا نسبح مع أوليائك المقربين منك". فيقول الله عز وجل: "قد غفرت لهم ولكم معهم ولمن يتبع طريقتهم ويقتدي بهم فهم الذين لا يشقى جليسهم." فلما علم رسول الله صلي الله عليه وسلم أمر أن يسير بأشباحهم إلى الجنة أو قال بأرواحهم. وكان أخي عبد الله الجيلاني خلفي، وابن الرفاعي خلف عبد القادر ومقدم على بقية الأولياء. وهذا ونحن أشباح في الأزل، وكل الكون أشباح. فالتفت إلىّ رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال لي: " يا إبراهيم سر إلى مالك وقل له يغلق النيران وإلى رضوان وقل له أن يفتح الجنان". فجئت إلى مالك وقلت: " أمرك سيدي أن تغلق النيران" قال: "من هو سيدك؟ قلت: "الذي خُلقت من نوره"، قال: " أنت من نور من خلقت؟ قلت: "من نور رسول الله صلي الله عليه وسلم "قال مالك: "إن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما يمر على النار تغلق بغير إذني فإن كنت من نوره فأشر إليها." فأشرت إليها فغلقت أبوابها. ثم مضيت إلى رضوان وقلت له: " أمرك سيدي أن تفتح أبواب الجنان" قال: " ومن هو سيدك؟ " قلت: " النبي صلي الله عليه وسلم الذي خلقني الله من نوره." قال رضوان: "إن رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أشار إلى الجنة تفتح بغير إذني، فإن كنت من نوره فأشر إليها تفتح. " فأشرت إليها ففتحت أبوابها بقدرة الله عز وجل" (32).
في قرننا هذا يبلغ تعداد المسلمين مليار ونصف المليار، منهم أربعمائة وعشرين مليون عربي (حسب تعداد اليونسكو عام 2012)، والبقية لا يتحدثون العربية ولا يفهمون القرآن، وأكثر من نصفهم أميون حتى بلغاتهم الأصلية، ولذلك تنتشر بينهم الصوفية كما تنتشر في البلاد العربية مثل مصر وسوريا وشمال أفريقيا، وغرب أفريقيا. لا أحد يعرف عن رسالة محمد شيئاً
فالإسلام لا يمكن أن يكون ديناً بالمعنى المفهوم للدين لأنه لم يأت بأي رسالة جديدة ولم يحارب عادات العرب في الفترة التي سبقت ظهوره. كل عادات العرب قبل الإسلام احتفظ بها الإسلام ولم يتبن منظومة أخلاقية جديدة، بل شجع على الرق وغزو الناس المسالمين الذين لم يتعرضوا لمحمد. وأكثر من ذلك فقد أضاف الفقه الإسلامي قيوداً جديدة على العبيد والإماء مما جعل حياتهم لا معنًى لها. كل ما أضافه الإسلام هو تحريم الربا، ولم يوضح لنا ما هو الربا في نظر الإسلام. الإسلام شجع على الكذب بأن أحل للمسلم أن يكذب على زوجته وعلى عدوه. الإسلام شجع على القبلية والجهوية التي تفرق بين الناس بدل أن تجمعهم.
المراجع:

(13) الوردي، وعاظ السلاطين، الطبعة الثانية 1995، دار كوفان، لندن، ص 210
(14) أحمد أمين، ضحى الإسلام، ج 1، ص 26، نقلاً عن د. علي الوردي، وعاظ السلاطين، ص 161
(15) علي الوردي، مهزلة العقل البشري، الطبعة الثانية، 1994، دار كوفان، لندن، ص 62
(16) الإمام الذهبي، المنتقى من منهاج الاعتدال، شبكة مشكاة الإسلامية، ص 37
(17) سطام المقرن، تكافؤ النسب في الفقه الإسلامي، الوطن أون لاين، الثلاثاء 19 أبريل 2016
https://sabq.org/(18) الطلاق-بسبب-عدم-تكافؤ-النسب-حالات-إنسانية-حزينة-والعادات-والأعراف-تكسب
(19) ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج2، باب القصاص
(20) ابن رشد القرطبي، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج 1، ص 277
(21) عبد الحي بن أحمد العكري الدمشقي، المعروف بابن العماد، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، دار الكتب العلمية، بيروت، ج 1، ص 103
(22) الإمام الذهبي، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، جار الكتاب العربي، الطبعة الأولى 1992، ج2، ص 147
(23) نفس المصدر، ص 169
(24) عبد الحي بن أحمد الدمشقي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، مصدر سابق، ج 1، ص 41
(25) تاريخ الملوك والرسل للطبري، مصدر سابق، ج 2، ص 126
(26) ابن قيم الجوزية، زاد المعاد، ج1، ص 199
(27) نفس المصدر ص 39
(28) علي بن برهان الدين الحلبي، السيرة الحلبية، 46
(29) نفس المصدر ص 50
(30) نفس المصدر، ص 56
(31)نفس المصدر ص 59
(32) إبراهيم الدسوقي، كتاب الجوهرة، نقلاً عن أحمد صبحي منصور، الحوار المتمدن، 11/10/2019