من يدير عمليات قمع ثورة شباب العراق


ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن - العدد: 6370 - 2019 / 10 / 5 - 00:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

إنه لا بد من استنكار وإدانة القمع العنيف الذي راح ضحيته حتى يومه الرابع عشرات القتلى وأكثر من ألف جريح ومصاب، وذلك بأشد الاستنكار والإدانة، ونعزي ذوي ضحايا القمع الحكومي، ونتمنى الشفاء للجرحى والمصابين. لكن من الذي قام بعمليات القمع وإطلاق الرصاص الحي ضد المتظاهرين السلميين والعزل يا ترى؟
حسب المعلومات المؤكدة والموثوقة التي توفرت لدينا إن الذي يشرف على عمليات قمع التظاهرات هو مدير مكتب عادل عبد المهدي أبو جهاد الهاشمي من المجلس الأعلى الإسلامي والمرتبط بإيران.
والذي يدير القمع ميدانيا هو المستشار العسكري لعادل عبد المهدي أبو منتظر الحسيني مدير عمليات الحشد سابقا والقريب من الحرس الثوري الإيراني.
أما قوة القمع الأساسية بالملابس السوداء، فهي قوات مشتركة من حماية مكتب عادل عبد المهدي وميليشيا الخراساني وعصائب أهل الحق وقوة الدعم اللوجستي للحشد الشعبي وعناصر من سوات.
وحسب معلومات عكستها وسائل إعلام المعارضة الإيرانية في الخارج هناك عناصر من الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس التي يرأسها قاسم سليماني دخلت العراق ومتواجدة حاليا بحجة تنظيم زيارة الأربعين، لم تكن حتى يوم أمس قد شاركت بعد، ويبدو أنها باشرت بدورها اليوم، ومشاركتها ومداه هما رهن ما تراه القيادة الإيرانية المتمثلة بقاسم سليماني ضرورة لذلك.
وفيما يتعلق الأمر بشعارات حراك الشباب الثائر، فإني في الوقت الذي لا أسمح لنفسي، أن أمارس الوصاية على الثوار، ولكن ليأذن لي شبابنا الثائر، الذي أنحني له، أن أنبه إلى نقطة واحدة.
شعار التحول إلى النظام الرئاسي:
السلطة التشريعية والرقابية المتمثلة بمجلس النواب (وبالجمعية الوطنية في المرحلة الانتقالية) فشلت فشلا ذريعا في أداء مهامها الوطنية، في كل دوراتها الأربع، أو الخمس، إذا احتسبنا الجمعية الوطنية معها، كمرحلة تأسيسية، فبكل دوراته في (2005، 2006، 2010، 2014، 2018)، فشل مجلس النواب، لأنه متكون على الأعم الأغلب من ذات القوى السياسية المسؤولة عن الوضع الكارثي في العراق، سواء الشيعية أو السنية أو الكردية منها، باستثناء عدد قليل من النواب، لا يتعدون عدد أصابع اليد الواحدة، أو في أقصى حد عدد أصابع اليدين، في كل دورة. ولكن فشل مجلس النواب، أو حتى سوء أدائه، ومشاركته في تحمل مسؤولية ما يعاني منه العراقيون، لا يعني وجوب التحول إلى النظام الرئاسي، كما إن التطبيق السيئ للنظام الفيدرالي، لا يعني وجوب العودة إلى النظام المركزي، فكل من النظام الرئاسي والنظام المركزي يختزنان خطورة الاستبداد، أكثر مما هو الحال مع النظام النيابي والاتحادي. فلو حققت الثورة نجاحها، وحاسبت القوى السياسية عما ارتكبته بحق العراق وشعبه، وحظرت الأحزاب المسيسة للدين، والممارسة للخطاب الطائفي، والمتاجرة بالمذهب، والمتورطة بالفساد المالي أو بأعمال العنف، ثم جرى العمل على تأسيس أحزاب بديلة، وطنية وملتزمة بمبدأ المواطنة، أي ليست شيعية ولا سنية، وملتزمة بمبدأ الفصل بين الدين والسياسة، ولم يتورط أي من قادتها لا بالفساد، ولا بالعنف، ولا بتسييس الدين، ولا الخطاب الطائفي، عندها سنكون وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح. فأرجو من المطالبين بالتحول إلى النظام الرئاسي أن يخبرونا، أي من الأنظمة الرئاسية هي نموذجهم، الأمريكي برئاسة دونالد ترامپ، أم الروسي برئاسة ڤلاديمير پوتين، أم التركي برئاسة رجب تيپ أردوغان، أو المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي. ثم ربما يتصور بعض البسطاء من المشاركين في هذا الحراك أن النظام الرئاسي يكون بدون مجلس نواب، بينما هو تماما كالنظام الديمقراطي البرلماني أو النيابي، فيه برلمان (مجلس نواب) منتخب، لكن كل ما في الموضوع، يكون رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التشريعية بدلا من رئيس مجلس الوزراء، وينتخب الرئيس من الشعب مباشرة، وليس من البرلمان، ويتمتع بسلطات أوسع مما يتمتع به رئيس الوزراء في النظام النيابي، بينما رئيس الجمهورية في النظام النيابي ذو منصب تشريفي وبصلاحيات محدودة. ولذا يختزن ذلك قدرا يقل أو يزيد من خطورة استغلال الرئيس لصلاحياته الواسعة، كما نراه في أداء رؤساء أمريكا وروسيا وتركيا ومصر. بينما الذي نحتاجه هو نظام جمهوري ديمقراطي اتحادي علماني، يعتمد مبدأ المواطنة، ولا يسمح بتأسيس أحزاب دينية أو طائفية أو عرقية، ويحظر الأحزاب المتورطة بالفساد أو العنف، كما ورد في مشروع «دستور دولة المواطنة».
http://www.nasmaa.com/PageViewer.aspx?id=9
وأخيرا من المهم أن يبقى كل من الصدريين، والشيوعيين (مع احترامي)، والحكيميين، بعيدا عن هذا الحراك، وألا يسمح للبعثيين، إن وجدوا، أن يستغلوه ويدخلوا في صفوف الشباب الثائر. أما مشاركة الصدريين حاليا، فهي مشاركة أفراد أو جماعات من التيار بقرار منهم، وليس بقرار زعيم التيار، وهم ليسوا المحركين لهذا الحراك، وإن كانوا ربما يحاولون ذلك، إلا أن هذا مرفوض من الجو العام للحراك الثوري التشريني الشبابي.