مع زهير كاظم عبود في إدانة جريمة حرق القرآن ١/٣


ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن - العدد: 7663 - 2023 / 7 / 5 - 18:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

مع زهير كاظم عبود في إدانة جريمة حرق القرآن ١/٣
قرأت بكل اهتمام مقالة القاضي زهير كاظم عبود بعنوان «جريمة التجاوز على الكتب والمقدسات الدينية»، وقررت على الفور كتابة مناقشة لهذه المقالة المهمة، ذلك في مقالة لي من ثلاث حلقات. وللتمييز بين نصوص مقالة القاضي عبود ومناقشتي لها، سأجعل نصوصه بين علامتي التنصيص المزدوجتين «هكذا ...»، وأضع مناقشتي بين مضلعين [هكذا ...].
«في نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بتاريخ ١٠ كانون الأول ١٩٤٨ في المادة (١٨) منه على أن لكل شخص الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده وحريته في إظهار دينه أو معتقده، وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.»
[وهذا ما اعتمدته في مشروع "دستور دولة المواطنة"، حيث جاء في المادة (٤٤) التي تقابل (٤٢) في دستور ٢٠٠٥: لكل شخص حق في حرية الفكر والضمير والدين والعقيدة، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة". والنص مقارب لما جاء في الإعلان العالمي أعلاه، لكنن نعلم إن الدستور شيء والواقع شيء آخر، فأن يتحول المسيحي أو المندائي أو الإيزيدي إلى مسلم ليس مسموحا به وحسب، بل مرحب به، لكن هل يسمح يا ترى لمسلم أن ينتقل إلى أحد الأديان التي ذكرت أو غيرها كالبوذية على سبيل المثال؟ بالتأكيد كلا وألف كلا.]
«وإن كل فعل وبأي شكل من الأشكال يمنع أو يسخر أو يسيء أو يهين أو يتجاوز على تلك الكتب أو الأماكن يشكل فعلا مخالفا للقانون وتعديا واضحا على حرية العقيدة والفكر والدين.»
[لكننا نعلم جيدا إن الكتب المقدسة نفسها، ولنأخذ القرآن مثالا باعتباره الكتاب المقدس لدين الأكثرية عندنا في العراق وفي عموم البلدان ذات الأكثرية المسلمة؛ إن هذه الكتب والقرآن بالذات يزدري عقائد الآخرين بشدة، بما في ذلك عقائد المسيحيين واليهود وعقائد الخارجين من الإسلام (يعني المرتدين) حتى لو كانوا مؤمنين بالله، لكنهم اختاروا عقيدة الإيمان العقلي أو الوجداني اللاديني، ناهيك عن عقائد الملحدين واللاأدريين الذي أحتمل إنهم يمثلون نسبة يعتد بها من نفوس العراق لا تقل عن نسبة التابعين لبعض الديانات غير دين الأكثرية والمعترف بها. مع العلم إن ٩٩% من المسلمين الذين تحولوا إلى الإلحاد أو اللاأدرية أو الإيمان اللاديني لا يفصحون بذلك، رغم أن الدستور يسمح لهم بذلك، وأعرف منهم من يمارس التقية حتى أمام عائلته. فهل يشمل حظر هذه السخرية والإساءة والإهانة ما ورد في الكتاب المقدس لدين الأكثرية؟]
«وفي هذا الخصوص فقد نص قانون العقوبات العراقي رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل في المادة (٣٧٢) منه على معاقبة مرتكب جرائم التهجم والاعتداء والتقليد والسخرية على الدين أو المعتقد بعقوبة الحبس لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات.
[إذن هذا يمكن أن يشملني ويشمل الكثيرين من الذين يكتبون فكرا ناقدا للدين، فأين الحدود بين عدم الإكراه على العقيدة وحظر النقد الديني؟ ثم كما مر يشمل النص المقدس الذي يزدري مقدسات بقية الأديان.]
«وفصل النص المذكور أشكال التعدي بالاعتداء بشكل علني على معتقد لأحد الطوائف الدينية ...، أو كل من أهان علنا رمزا أو شخصا هو موضع تقديس أو تمجيد أو احترام لدى طائفة دينية، ...»
[في كل سنة تمارس مرة أو مرتين شريحة واسعة من طائفة كبيرة من طوائف المسلمين إهانة لشخصيات تعتبر مقدسة عند الطائفة الأخرى، وأذكر بالأخص ما يمارس بمناسبة ذكرى وفاة فاطمة الزهراء، فلا تجري الإساءة واللعن للخليفة الثاني من على منابر الخطابة الشيعية فحسب، بل تعلن محافظات بشكل رسمي ذلك اليوم عطلة رسمية تسميه "يوم شهادة الزهراء"، ونحن نعلم ما تعني (الشهادة)، فالشهيد هو الذي يقتل في سبيل الدين أو يقتل مظلوما، وهذا يعني إن فاطمة الزهراء قد توفيت مقتولة، والقاتل الذي يعتقد به هؤلاء معروف، مع العلم إن ليس كل أبناء تلك الطائفة يؤمنون بحصول تلك الحادثة المعروفة بحادثة الباب والمسمار وكسر الضلع وإسقاط فاطمة لجنينها المدعى على يد الخليفة الثاني، مما يبرر للمؤمنين بصدق هذه الحادثة لعن الخليفة المذكور، أي كأننا بهذه المحافظات تعلن رسميا لعن ثاني الخلفاء الراشدين. فلماذا لا يطبق هذا القانون على من يرتكبه ويجرمه، بما في ذلك تجريم مجالس المحافظات المشار إليها؟]