أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نهاد ابو غوش - مسيحيو الشرق والتنوير: حالة فلسطين (1)















المزيد.....

مسيحيو الشرق والتنوير: حالة فلسطين (1)


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7011 - 2021 / 9 / 6 - 02:25
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


يذكرنا الواقع الحزين للوجود المسيحي في الشرق (ليس الشرق العربي فقط بل أيضا في تركيا وإيران وأرمينيا) بشكل عام، وفي فلسطين بشكل خاص، بالدور الحاسم والمهم والبارز، التنويري والطليعي الذي لعبه مسيحيو هذه البلاد في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، وهو دور ساهم في تسريع انعتاق بلادنا من قيود الجهل والتخلف والتبعية، وثقافة الظلام التي سادت لأكثر من اربعة قرون طيلة مرحلة السيطرة العثمانية، وهي المرحلة التي شهدت فيها أوروبا الثورات السياسية والثقافية والفنية والعلمية والصناعية. لكن عوامل التخلف والهمجية والإقطاع نصبت أسوارا عالية حول بلادنا لصد رياح التغيير وتأثيرات هذه الثورات، وبالتالي تأخر وصول بوادر ومنجزات الثورات( مثل الطباعة والصحف والجامعات الحديثة، وسائر فعاليات التعليم، والثقافة والأدب الحديث وخاصة الرواية، والمدن الكبرى بخدماتها ومرافقها الحديثة، والحقوق والحريات السياسية والانتخابات وحرية المرأة) إلى بلادنا، وهنا بالضبط برز دور مثقفي وطليعيي الأقليات الدينية وخاصة المسيحيين. صحيح أن عملية التنوير برمتها انتكست في مراحل لاحقة ولا زالت تعاني حتى الآن من مظاهر الانتكاس، لكن هذا لا ينفي الدور المهم الطليعي والمركزي والملهم الذي لعبه روّاد التنوير.
لنبدأ أولا بعرض بعض سمات وملامح الواقع الحزين لأوضاع المسيحيين الحالية، فقد شهدت نسبة السكان المسيحيين في الشرق تراجعا متواصلا ومخيفا إلى درجة بات وجودهم السكاني بحد ذاته مهددا، فنسبة السكان المسيحيين في فلسطين تراجعت من نحو 15 في المئة في بداية القرن العشرين، إلى ما دون الواحد في المئة حاليا في الأراضي الفلسطيينية المحتلة في الضفة بما فيها القدس وقطاع غزة. وتزيد نسبتهم عن ذلك في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 التي أصبحت تسمى دولة إسرائيل وفرضت جنسية هذه الدولة على مواطنيها الأصلانيين، حيث يبلغ عدد المسيحيين نحو 170 ألف مواطن يشكلون أكثر من 10 في المئة من نسبة الفلسطينيين العرب في الداخل (21 % من إجمالي سكان إسرائيل من دون القدس الشرقية ) كما يشكل المسيحيون الفلسطينيون ما نسبته 2% من إجمالي عدد سكان إسرائيل، ولا يعود الفضل في زيادة هذه النسبة في إسرائيل عنها في الضفة إلى السياسات الداعمة من قبل دولة إسرائيل بالطبع، فمع كونها نسبة مستقرة إلا أنها أدنى من النسبة التي كانت مطلع القرن، لكن الأمر يعود اساسا إلى أن نسبة المسيحيين مرتفعة بالأصل في منطقة الجليل الفلسطيني ومدن حيفا وعكا والناصرة التي ينتسب لها السيد المسيح، فمدن طبريا وصفد وبئر السبع والشطر الغربي من مدينة القدس كلها كانت من المدن التي فيها نسبة كبيرة من المسيحيين ولم يبق فيها الآن مسيحي واحد ولا فلسطيني واحد، وتراجعت نسبة المسيحيين بشكل حاد جدا في مدينتي اللد (مسقط رأس القديس جورج وفي العصر الحديث القائد الفلسطيني جورج حبش) والرملة. كما يعود الأمر للسياسات الدموية القاسية التي تمارسها دولة الاحتلال في الأراضي المحتلة عام 1967 ضد جميع الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين وسامريين، بعض المصادر تخفض نسبة المسيحيين الفلسطينيين قبل النكبة إلى ما دون 10%، وبعضها الآخر يرفع النسبة لنحو 20 في المئة لكن هذه النسبة الأخيرة تبقى تقديرية. لكن علينا أن نلاحظ هنا أن معظم الاحصائيات تعتمد سنة 1945 كسنة اساس وفيها تظهر نسبة المسيحيين 8 %، وهي تخفي أن نسبة كبيرة من الفلسطينيين ومن المسيحيين تحديدا هاجرا قبل العام 1945 بسبب الأحداث، وان نسبة مهمة من المسيحيين هاجرت في أواخر القرن التاسع عشر بسبب التعسف العثماني والمعاملة التمييزية المجحفة بحق المسيحيين كأهل ذمة، وفرض الضرائب الباهظة والتجنيد الإجباري، وفي الوقت نفسه انفتاح أبواب الهجرة السهلة للعالم الجديد وخاصة للأميركيتين، حيث يلاحظ سهولة اندماج المسيحيين في العالم الجديد الذي تشكل اساسا من افواج المهاجرين من مجتمعات مسيحية في الغالب ومن الهاربين من الفقر أو من الاضطهاد، وللدلالة على ذلك نشير إلى أن معظم الفلسطينيين المهاجرين إلى اميركا اللاتينية وخاصة إلى دولة تشيلي التي فيها نحو نصف مليون مواطن من اصول فلسطينية، هم من اصول فلسطينية مسيحية وخاصة من مدن وبلدات بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور، وتوجد أعداد مهمة كذلك من المواطنين من اصل فلسطيني وخاصة مسيحي في كل من بيرو وفنزويلا والسلفادور( ثلاثة من رؤسائها كانوا من اصول فلسطينية ومنهم رئيسها الحالي نجيب بوكيلة) وهندوراس ( ايضا شهدت انتخاب الرئيس من اصل فلسطيني كارلوس فلوريس فقوسة من بيت لحم) وغواتيمالا وبنما والبرازيل، بالإضافة إلى أعداد اقل في الاكوادور والارجنيتين وبيليز وكوستاريكا والمكسيك فضلا عن مئات الألوف في كل من الولايات المتحدة وكندا لكن الجاليات الفلسطينية هنا لا تقتصر على المسيحيين.
لعبت عوامل عديدة دورها في هجرة المسيحيين ومن هذه العوامل الاحتلال الصهيوني لفلسطين الذي دمر نحو خمسمائة قرية وبلدة ومدينة فلسطينية وهجر سكانها ومن بين هذه القرى والبلدات المدمرة عدد كبير من البلدات المسيحية، بالإضافة إلى الواقع السياسي والاقتصادي الصعب الذي نشأ عن الاحتلال من ضغوط على الموارد وسد ابواب الرزق، تضييقات على الحريات العامة، والصراع المستمر في هذه البلاد الذي ساهم في تردي مستوى الحياة إلى درجات فظيعة كما هي الحال في قطاع غزة الذي وصف مسؤولون امميون الحياة في القطاع بأنها غير مناسبة لحياة البشر حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في سجن كبير، ويفتقدون إلى مياه الشرب والخدمات الأساسية، واستنزفت الأراضي الزراعية والمياه، ودمرت آلاف المصانع والورش وتعرض القطاع منذ عام 1908 وحتى الآن لأربعة حروب متتالية اوقعت آلاف القتلى وألحقت دمارا شاملا، وفي هذه الظروف الوخيمة التي تفرض فيها إسرائيل حصارا بريا وجويا وبحريا، تراجع عدد السكان المسيحيين في قطاع غزة من 3500 شخصا عند قيام السلطة عام 1994 إلى بضع مئات فقط في الوقت الحالي.
لا يمكن عزل أو استبعاد اثر عوامل الثقافة السائدة في المجتمع الفلسطيني والعربي عموما عن التاثير على أوضاع المسيحيين ونسبتهم، فلا زالت بعض الأوساط الأصولية المتطرفة تمارس ألوانا من التحريض ضد المسيحيين وتبث خطاب الكراهية حتى من على منابر المساجد، وفي بعض مناهج التعليم المعتمدة رسميا، أحد الشيوخ المشهورين في المسجد الأقصى دعا جهارا نهارا في خطبه التي تبث عبر قنوات التواصل الاجتماعي إلى تدفيع المسيحيين الجزية، مع أنه لم يتطرق للصهاينة المستعمرين والمتطرفين



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأولوية لترتيب صفوفنا وأوضاعنا الداخلية
- المرأة الفلسطينية والاضطهاد الثلاثي المركب
- الانتهاكات المضاعفة للحريات
- المصالحة الفلسطينية والاستفادة من التجارب الدولية
- المركزية غير الديمقراطية
- جبل البابا
- خيري منصور: ثورة فن المقالة الصحفية
- تراجع الفصائل الفلسطينية وحضور لافت للحراكات
- هل يمكن الوصول إلى سلام عادل؟
- تنقيط حقوقنا الوطنية والمعيشية بالقطارة
- عرض كتاب المستقبل للاشتراكية لفيدل كاسترو
- من أنتم
- لغتنا الجميلة بين القداسة والحداثة
- الاعلام والتراث والهوية الوطنية
- قلق إسرائيلي من التقارب الروسي الإيراني
- صديقي يوسف عمرو والاعتقالات السياسية
- حكومة بينيت - لابيد وإصلاح العلاقات الأوروبية الإسرائيلية (2 ...
- حكومة بينيت - لابيد وإصلاح العلاقات الأوروبية الإسرائيلية (1 ...
- الاحتلال الناعم الخفيّ
- إصلاح منظمة التحرير ومؤسساتها


المزيد.....




- موسكو: أوروبا تحرض كييف على الإرهاب
- ماكرون يضع إكليلاً من الزهور على قبر الجندي المجهول
- عاصفة ثلجية في نهاية الربيع.. الثلوج الكثيفة تغطي موسكو
- شاهد.. المقاتلة الوحيدة من الحرب العالمية الثانية تنفذ تحليق ...
- بعد تعليق تسليم الذخائر الثقيلة لإسرائيل.. الخارجية الأمريكي ...
- شاهد.. غرق سفينة معادية خلال التدريبات الأمريكية والفلبينية ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لوحدات مدرعة تتوغل في رفح
- زوجة زيلينسكي تتعرض لحملة انتقادات واسعة بعد منشور لها عن ال ...
- زاخاروفا: روسيا لم توجه دعوة إلى سفراء ومسؤولي الدول غير الص ...
- مشاهد مروعة لرجل يسقط من الطابق الـ20 أثناء محاولته اليائسة ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نهاد ابو غوش - مسيحيو الشرق والتنوير: حالة فلسطين (1)