أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نهاد ابو غوش - الانتهاكات المضاعفة للحريات














المزيد.....

الانتهاكات المضاعفة للحريات


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7008 - 2021 / 9 / 3 - 23:42
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


الحرية والكرامة مبدآن متلازمان ومقترنان، نصت عليهما الأديان والشرائع المختلفة، واكدت عليهما الدساتير والقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، وورد ذكرهما بوصفهما قيمتين أصيلتين، غير ممنوحنين من أحد، بل يكتبسهما الإنسان لمجرد ولادته، وقد نص عليهما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في غير مكان، متلازمين أو منفصلين، وأفرد بنودا لشرحهما وتفاصيل انطباقهما مثل منع استرقاق الإنسان أو استعباده، والنص على حرية الرأي والتعبير، وحرية مغادرة الوطن والعودة إليه، ونصت المادة الأولى للإعلان على أن جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء ، كما ربط الإعلان الحق بالحرية بالحق في الحياة حيث " لكل فرد الحق في الحرية وفي الحياة وفي الأمان على شخصه".
في بلادنا التي نكبت بالاستعمار والاحتلال لقرون متتالية، غابت قيمة الحرية طويلا شعوبنا ومجتمعاتنا وحتى عن ثقافة الأفراد والجماعات التي ظلت متاثرة ليس بالاستعمار الأجنبي فحسب، بل بثقافة عصور الإقطاع والعبودية التي أبقت "الحرية" في الممارسة حكرا على السادة وكبار الملاك، لكن قيمة الحرية بوصفها قيمة إنسانية خالدة ظلت تراود البشر والفئات الطليعية المتنورة منها بشكل خاص تاثرا بما رسخته الأديان والثقافات وتجارب البشر من مثل إنسانية خالدة.
تحقيق الاستقلال الوطني عن الاستعمار لم يوفر الحرية للطامحين بها، فالنظم والطغم العائلية والعسكرية التي حكمت واستبدت بالشعوب مارست كل الوان القهر والاستبداد والقمع والاضطهاد دفاعا عن مصالح الفئات الحاكمة، وللحيلولة دون أن تقود الحرية إلى وعي الظلم وتحرك المظلومين، فكان أن استبدل الاضطهاد الأجنبي المستعمر باضطهاد من ابناء الشعب والدين والجلدة، حتى الحريات التي تيسرت بشكل متقطع في هذا البلد أو ذاك، ظلت حرية مجزوءة، تكاد تقتصر على المكانة القانونية للفرد باعتباره "حرا" وليس عبدا أو مملوكان لكن واقع المعيشة القاسية اضطر ملايين البشر لبيع حريتهم الحقيقية، سواء من خلال بيع قوة عملهم في سوق العمل، أو بملاحقة لقمة العيش العزيزة والصعبة التي تجعل من ممارسة الحريات والتمتع بها ترفا لا يتاح إلا للموسرين والقادرين.
في الحالة الفلسطينية توجد انتهاكات مركبة للحرية من الاحتلال والسلطة وحتى من المجتمع والثقافة السائدة الموروثة من عهود الإقطاع، صادر الاحتلال كل أنواع الحريات، لكن النضال الوطني بحد ذاته خلق مناخات واسعة لممارسة الحرية بالفعل، من خلال امتلاك إرادة الثورة والقتال وغرادة التغيير، المشكلة أن هذه الحريات انتكست بعد قيام السلطة الفلسطينية، وكذلك سلطة الأمر الواقع التي فرضتها حماس في قطاع غزة، حيث كان نموذج النظام العربي التقليدي القائم على الفئوية والمحسوبية والواسطة وغياب قيم الديمقراطية والنزاهة والشفافية والمساءلة، وهكذا أعادت السلطة استنساخ ذات النظام العربي الاستبدادي الذي كان وجوده هو سبب الهزائم والنكبات وخاصة نكبة فلسطين الكبرى، فهيمنة السلطة التنفيذية وغياب السلطة التشريعية والتعدي على السلطة القضائية، وعدم إجراء الانتخابات العامة في مواعيدها، كل ذلك ادى إلى تراجع حاد في مستوى الحريات، يضاف إلى ذلك سطوة الأجهزة الأمنية، وتفشي الفساد في مؤسسات الإدارة ومحاولة تعميم ثقافة الطاعة والولاء والخنوع بديلا عن ثقافة الراي الحر.
من البديهي القول أن الحرية لا يمكن انتزاعها من الاحتلال من دون نضال الأحرار، فالشخصية الطيعة الخانعة الذليلة التي تسهم ممارسات السلطة ووسائل الإعلام والثقافة السائدة في إنتاجها، هي الشخصية الأكثر ملاءمة لسلطة فردية غير ديمقراطية لكنها في الوقت نفسه شخصية لا يمكنها أن تسهم في التحرر من الاحتلال.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المصالحة الفلسطينية والاستفادة من التجارب الدولية
- المركزية غير الديمقراطية
- جبل البابا
- خيري منصور: ثورة فن المقالة الصحفية
- تراجع الفصائل الفلسطينية وحضور لافت للحراكات
- هل يمكن الوصول إلى سلام عادل؟
- تنقيط حقوقنا الوطنية والمعيشية بالقطارة
- عرض كتاب المستقبل للاشتراكية لفيدل كاسترو
- من أنتم
- لغتنا الجميلة بين القداسة والحداثة
- الاعلام والتراث والهوية الوطنية
- قلق إسرائيلي من التقارب الروسي الإيراني
- صديقي يوسف عمرو والاعتقالات السياسية
- حكومة بينيت - لابيد وإصلاح العلاقات الأوروبية الإسرائيلية (2 ...
- حكومة بينيت - لابيد وإصلاح العلاقات الأوروبية الإسرائيلية (1 ...
- الاحتلال الناعم الخفيّ
- إصلاح منظمة التحرير ومؤسساتها
- سيزيف الفلسطيني
- قضية نزار وقميص عثمان
- حكومة نفتالي بينيت: فرصة لجسر الهوّة مع اميركا


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نهاد ابو غوش - الانتهاكات المضاعفة للحريات