أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نهاد ابو غوش - تنقيط حقوقنا الوطنية والمعيشية بالقطارة














المزيد.....

تنقيط حقوقنا الوطنية والمعيشية بالقطارة


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7003 - 2021 / 8 / 29 - 12:18
المحور: القضية الفلسطينية
    


ترغب دولة الاحتلال الإسرائيلي في تقمص دور الأم تيريزا وإضفاء صبغة إنسانية على طريقة تعاملها معنا، لعل ذلك يغطي على بشاعة الجرائم اليومية التي تقترف في الأراضي المحتلة، وتطال الإنسان والأرض والزرع والضرع والتراث والتاريخ، حتى الأمل الساكن في صدور الشباب لا يكاد يفلت من الاستهداف.
آخر الأخبار هو ما ادعته القناة 12 العبرية عن قرض بقيمة ثمانمئة مليون دولار ستقدمها إسرائيل للسلطة الفلسطينية لمساعدتها على مواجهة الأزمة الاقتصادية القاسية، وشح الموارد وعدم وفاء الجهات المانحة بتعهداتها تجاه السلطة الفلسطينية. وترافق هذا الخبر مع حديث المصادر الإسرائيلية عن جملة من "التسهيلات" التي ستقدمها لقطاع غزة المحاصر من قبل إسرائيل نفسها، وتشمل هذه التسهيلات المزعومة، إدخال بعض المعدات والمواد اللازمة للمشاريع المدنية، وفتح معبر كرم أبو سالم، بالإضافة لزيادة عدد تصاريح العبور لرجال الأعمال لتصل إلى ألف تصريح، علما بأن معظم التسهيلات المقدمة لرجال الأعمال هؤلاء هي في الحقيقة لعمليات استيراد البضائع الإسرائيلية، والسماح بتجارة الذهب واستيراد كميات من السيارات الجديدة!
ومع أن وزيرا فلسطينيا نفى صحة القرض، إلا أن هذا الأسلوب سبق أن اتبعته إسرائيل مع بداية تفشي جائحة الكورونا، فهي تصادر الأموال الفلسطينية المحتجزة ثم تفرج عنها أو عن بعضها. ولا يرتبط الأمر باتفاق رضائي أو تعاقدي بين الطرفين، فإسرائيل ليست بنكا ولا مؤسسة مصرفية ولا مؤسسة تعاون دولية، وهي حين تسطو على أموال المقاصة، وتتحكم بكل تفاصيل حياتنا الاقتصادية فهي تفعل ذلك كدولة احتلال، ومن باب رغبتها في إدامة الاحتلال والسيطرة، توطئة للسيطرة على قرارنا السياسي ومصادرة طموحاتنا الوطنية.
أما موضوع التسهيلات فهو ليس أكثر من تخفيف للقيود التعسفية التي فرضتها إسرائيل مؤخرا بعد الحروب المتتالية وآخرها أيار الماضي، فهي تعمد مثلا إلى تقليص مساحة الصيد البحري، ثم تصوّر عودة الأمور إلى ما كانت عليه وكأنه تسهيلات، أي كأنها تقدم لنا أشياء من عندها، وتمنّ بها علينا عربونا على خطوات إعادة بناء الثقة، وهذا ينطبق على عدد الحواجز العسكرية في الضفة التي يجري تخفيضها، والمداهمات والاعتقالات والاقتحامات التي يمكن تقليص عددها، كما ينطبق على القيود المشددة على السفر والحركة، والاستيراد والتصدير وخلافه.
هذه التسهيلات ليست معزولة عن لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بالرئيس الأميركي جو بايدن، وتظاهر الأول بحرصه على الاستماع لنصائح الثاني الذي أوفدت إدارته حتى الآن ثلاثة مبعوثين هم هادي عمرو، ووزير الخارجية انتوني بلينكين، ورئيس وكالة المخابرات المركزية ويليام بينز. كل هؤلاء المبعوثين أوصوا باتخاذ خطوات لمنع تفاقم الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والحيلولة دون انهيار السلطة.
عمرو شبّه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية بغابة حطب جاف، لا تحتاج إلا لشرارة كي تشتعل. هذه التحذيرات والتوصيات مقرونة كذلك بتحذيرات الأوساط الأمنية الإسرائيلية، التي عبر عنها مرارا وزير الدفاع بيني غانتس بعد الحرب الأخيرة على غزة، من تنامي قوة ونفوذ الجهات التي تصفها إسرائيل بالراديكالية والمتطرفة.
اللافت أن التسهيلات التي يجري الحديث عنها منذ عقدين على الأقل، لا ترقى ولا تهدف أصلا، إلى إحداث تغيير جوهري في الأوضاع الفلسطينية من زاوية تمكين الفلسطينيين من إدارة مواردهم أو الاستيراد والتصدير مع العالم الخارجي، أو إجراء اي تعديل ولو طفيف على بروتوكول باريس الاقتصادي، فهي دائما تسهيلات من نوع التنازل عن بعض القيود والشروط، والمعيقات المفتعلة التي فرضتها سلطة الاحتلال التي تواصل التعامل مع الفلسطينيين بالقطارة، تماما مثلما يتعامل سجّان مع أسير لديه مقيّد بالأصفاد، فيحرمه من الطعام والماء حتى يشرف على الهلاك جوعا وعطشا، وعندها فقط يلقي إليه ببضع قطرات تبقيه على قيد الحياة.
إسرائيل إذن تستخدم ما تسميه التسهيلات والقيود كأداة للتحكم في الفلسطينيين، فليس من مصلحتها انهيار السلطة، ولا مواجهة الفوضى التي يمكن أن تنشأ عن ضعف السلطة أو انهيارها، أو تحمل أعباء إدارة الشؤون الحياتية لخمسة ملايين فلسطيني، ولكنها في الوقت نفسه لا تريد للسلطة الفلسطينية أن تكون قوية فيشتد عودها وتكون قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية من قبيل وقف التنسيق الأمني.
الفلسطينيون وسلطتهم عالقون في هذا الفخ منذ بدء تطبيق اتفاق أوسلو، ويوما بعد يوما يزداد ارتباطهم وارتهانهم لهذا الفخ وللشروط التي يفرضها الاحتلال، وكل يوم جديد يمضي يرسخ هذا الارتهان، وإذا ما طبقت إسرائيل الرؤية التي يتبناها بينيت أو جزءا منها وهي رؤية "تقليص الصراع" أي خفض الاحتكاك اليومي مع الفلسطينيين مع الاحتفاظ بالسيطرة عليهم وعلى الأراضي المحتلة، فنحن ذاهبون حتما إلى تكريس الاحتلال باعتباره قدرنا النهائي على الأقل في المدى المنظور. وحدها الرؤية التي صاغها المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثالثة والعشرين (نيسان- أيار 2018) وقبلها قرارات المجلس المركزي يمكن لها أن تكسر هذه الحلقة الجهنمية، فتعيد صياغة العلاقة مع الاحتلال كما هي بالضبط أي : شعب محتلة ارضه في مواجهة دولة الاحتلال، بكل ما يترتب على هذه المعادلة من خيارات كفاحية ومن إعادة صياغة وظيفة السلطة ودورها وما يمليه ذلك من استحقاقات على طريقة إدارة شؤوننا وحياتنا الداخلية.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرض كتاب المستقبل للاشتراكية لفيدل كاسترو
- من أنتم
- لغتنا الجميلة بين القداسة والحداثة
- الاعلام والتراث والهوية الوطنية
- قلق إسرائيلي من التقارب الروسي الإيراني
- صديقي يوسف عمرو والاعتقالات السياسية
- حكومة بينيت - لابيد وإصلاح العلاقات الأوروبية الإسرائيلية (2 ...
- حكومة بينيت - لابيد وإصلاح العلاقات الأوروبية الإسرائيلية (1 ...
- الاحتلال الناعم الخفيّ
- إصلاح منظمة التحرير ومؤسساتها
- سيزيف الفلسطيني
- قضية نزار وقميص عثمان
- حكومة نفتالي بينيت: فرصة لجسر الهوّة مع اميركا
- إدارة بايدن وحكومة بينيت – لابيد : الاستفادة من رحيل نتنياهو ...
- العلاقات بين إدارة بايدن وحكومة بينيت-لابيد (1)
- إنهاء الاحتلال أم تحسين شروطه
- العشيرة والعائلة على حساب الهوية الوطنية الجامعة
- نحلم بالميداليات
- عن الحراكات الاحتجاجية في فلسطين : سماتها وشعاراتها (2)
- الحراكات الجماهيرية سماتها وتطورها ومطالبها (1)


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نهاد ابو غوش - تنقيط حقوقنا الوطنية والمعيشية بالقطارة