|
يوميات ساخرة 5 : مغارة البغلمان والأربعون حرامي !
ميمون الواليدي
الحوار المتمدن-العدد: 6581 - 2020 / 6 / 2 - 18:41
المحور:
الادب والفن
يوميات ساخرة ( 5 ) مغارة البغلمان و الأربعون حرامي ! عندما يرى المواطن البسيط ، الأمي و الفقير و الغارق في البؤس حتى أذنيه ، المرشحين للانتخابات النيابية ، يبذلون الغالي و النفيس من أجل الوصول إلى قبة البرلمان ، يتساءل عن السبب الحقيقي وراء هذا التفاني ؟ فصرف الأموال و تسخير الجهد و الوقت في الحملة الانتخابية ، بل و النزول للأحياء الشعبية لتناول " العدس و اللوبيا " إلى جانب المشردين ، و إقامة الولائم و التبرك بالأضرحة وزيارة المعطوبين ، وتقبيل الرؤوس و الأيدي و الأرجل و ربما أعضاء أخرى لا نعلمها ، لا يمكن أن يكون من اجل الصالح العام و حبا في سواد اعين " كحل الراس " . ما لا يعرفه بعض المغاربة و ما يغمض عليه البعض الآخر أعينهم ، هو أن البناية الواقعة بشارع محمد الخامس بالرباط ن هي أشبه ما تكون بمغارة علي بابا ، و كنوزها تأسر الألباب و تسيل اللعاب وتشم رائحتها الكلاب . بدء براتب سمين ، و مرورا بامتيازات خاصة بالإقامة و التنقل و السفريات و الفنادق المصنفة و التعويضات الخيالية ، و انتهاء بتقاعد مريح لا يمكن لأي مغربي الحصول عليه إن لم يكن حراميا و يعرف من أين تؤكل الكتف أو من أين تؤكل الميزانية . و من بين الامتيازات التي يستفيد منها نوام الأمة دون مراعاة لأدنى مشاعر الجوعى والمحرومين ، هي تأشيرة الحج . كعكة يتم توزيعها حسب عدد مقاعد كل دكان سياسي ، حسب ما صرح به أحد رموز الاخونج . الإسلاميون و الليبراليون و مدعي العلمانية كلهم يستفيدون إذن ، و لهذا يتضمن وفد الحجاج المغاربة أحيانا سياسيين من أحزاب من المفترض أنها ستفضل الحصول على تأشيرات لاماكن أخرى غير بلاد الحجاز . المواطن المغربي ، و هو يسمع أن نواب البي جي دي استفادوا حسب اعترافهم من 40 تأشيرة لأداء المناسك من أموال الشعب ، لا يمكنه إلا أن يندب حظه ، فهو يدفع رواتبهم و تقاعدهم و لكن أيضا تأشيرات " لغسل ذنوبهم " ، وبالتالي فهو يضمن لهم مقاعد مريحة في الدنيا ويدفع لهم مقابل التخطيط للحصول على مقاعد في الآخرة " ، ليتحولوا إذا إلى منشار حقيقي " غادي واكل راجع واكل " . في الدول التي تحترم فها الحكومة مواطنيها و تحترم العقد الاجتماعي الذي يربطها بمن أوصلوها للسلطة ، يعتبر العمل السياسي عموما و البرلماني خصوصا عملا طوعيا لخدمة المجتمع لا يستحق أن ينال عليه المرء ثروة حقيقية كتعويض . و بالتالي فالا يتقدم للانتخابات إلا من يرى نفسه أهلا لتسيير الشأن العام بأمانة . و عليه أن يكون مستعدا لتقديم الحساب عن أي فلس يناله من الخزينة العامة . أما في بلاد المغرب ، حيث كل شيء استثنائي، فإن البرلمان هو وسيلة للاغتناء و الاستمتاع على حساب أبناء الشعب ، و بالتالي فهو ملاذ لكل الانتهازيين و الوصوليين و كل أنواع الفاشلين . حتى مسيلمة الكذاب و جماعته ، الذين أوهموا الرعاع أنهم قادمون لمحاربة الفساد ، ما لبثوا أن كشروا عن أنيابهم و بدؤوا في ملء جيوبهم قبل ترك المكان لمن يقفون في الصف . الفرق بين مغارة علي بابا ، و بين برلماننا ، هو أن موارد الأولى تنضب ، و كنوزها محدودة . أما بغلماننا المحترم ، فلا حدود لعطائه ، و بعد أكثر من نصف قرن من الامتيازات و ميزانيات الملايير " مازال الخير موجود " . المفارقة أن سرقة مغارة علي بابا تتطلب تخطيطا و عقلا إجراميا و مجهودا عضليا جبارا ، أما الحصول على كنوز البرلمان فلا يتطلب غير الكذب على العياشة و الأميين و المفقرين لمدة أسبوع ثم الخلود بعد ذلك للمتعة لخمس سنوات ، بينما أرقام الحسابات البنكية تتضاعف بمتتالية هندسية . و نوابنا ليس مطلوبا منهم حتى الحضور أو التصويت على مشاريع القوانين ، فهذه المهمة عندنا فرض كفاية ، إذا قام به أربعون سقطت على ثلاث مائة التي تقضي وقتها في السفر . في الوقت الذي تتم فيه تصفية ما تبقى من الخدمات الاجتماعية و القضاء على الوظيفة العمومية و الهجوم على صناديق التقاعد ، و استمرار ارتفاع تكاليف المعيشة ، فإن نواب الأمة " الأتقياء " تحصلوا على تأشيرات من أموالنا لدفعها لصناديق آل سعود ، بينما يطلب منا الصبر على الحياة الضنكى و دفع فواتير الأزمة المزعومة في انتظار العثور على الثروة المنهوبة .
#ميمون_الواليدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوميات ساخرة 6 : قنوات الصرف الصحي وعصير -الحامض- !
-
يوميات ساخرة 1 : ليبرالي الليل وليبرالي النهار
-
إنتقال
-
حمار دولة -المهرجانات والزوايا- وقف في العقبة
-
فصل المقال.... فيما بين الانتهازي والنضال من انفصال !
-
حركة 20 فبراير: الشعب يريد، أم الانتهازية تريد؟
-
في التربية والدين
-
المقامة المنشارية
-
يوميات السعدية البجعدية 1
-
مقاربة مونتيسوري في البداغوجيا، حصان طروادة في يد سماسرة الت
...
-
المقامة المايصية
-
المقامة المخيطيرية
-
المقامة الفرشازية
-
سلسلة مقامات ميمون الواليدي : المقامة البنفيرانية
-
سلسلة مقامات ميمون الواليدي : المقامة الأخناتوشية
-
من انفكو الى يت عبدي........اين الثوار
المزيد.....
-
حضور وازن للتراث الموسيقي الإفريقي والعربي في مهرجان -كناوة-
...
-
رواية -سماء القدس السابعة-.. المكان بوصفه حكايات متوالدة بلا
...
-
فنانون إسرائيليون يرفضون جنون القتل في غزة
-
“شاهد قبل أي حد أهم الأحداث المثيرة” من مسلسل طائر الرفراف ا
...
-
تطهير المصطلحات.. في قاموس الشأن الفلسطيني!
-
رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا
...
-
“فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب
...
-
إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية
...
-
في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل
...
-
أوبرا زرقاء اليمامة.. -الأولى- سعوديا و-الأكبر- باللغة العرب
...
المزيد.....
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|