أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميمون الواليدي - يوميات ساخرة 1 : ليبرالي الليل وليبرالي النهار














المزيد.....

يوميات ساخرة 1 : ليبرالي الليل وليبرالي النهار


ميمون الواليدي

الحوار المتمدن-العدد: 6577 - 2020 / 5 / 29 - 09:40
المحور: الادب والفن
    


يوميات ساخرة (1)
ليبرالي الليل وليبرالي النهار !
الصيام وارتفاع درجات الحرارة والامتحانات المقيتة ، ثلاثي الرعب ومثلث برمودا الذي يمكن أن يجلب كل أنواع الإثارة ، ويقلب حياة الجميع رأسا على عقب . وبعيدا عن اللغط الدائر على صفحات التواصل الاجتماعي بين " المؤمنين جدا " ، المدافعين عن حرمة رمضان واحترام " المشاعر" الجياشة للمسلمين والذين حولوا الفيسبوك إلى مايشبه طريقة دينية يتزعمها الشيخ العارف بالله " أبو مارك الزوغربيرغي " ، حتى كادت البصمة الزرقاء تتلون بالأخضر و تتحول كلمة " إعجاب " إلى عبارة " ما شاء الله " ، وبين المطالبين باعتبار الصيام شأنا شخصيا يهم صاحبه فقط وسيقضون أيامهم في نشر صور " مريندينا " و " رايبي جميلة " من داخل المراحيض ، فإن المؤكد هو أن رمضان ثابت أنطولوجي في حياة المغاربة ، ويمكن أن نقيم استعارة ونقول : مع رمضان أو ضده ، لكن ليس بدونه !
في شهر الصيام ، وبقدر ما تتغير عادات الأكل والنوم ، وبقدر تغير التوقيت الإداري ومواقيت العمل ، تتغير ممارسات المغاربة حد السخرية والعجب ! حيث إن بعضهم قد تنقلب تصرفاته مائة وثمانين درجة، بل إن الكثيرين منهم يسعون بين نقيضين كسعي الحجاج بين الصفا و المروة ، وهكذا فمغربي الليل غير مغربي النهار ، حتى يخيل للمرء أن بعضهم يغير ممارساته و مواقفه كما يغير قمصانه !
و من بين كل النماذج الكاريكاتورية " للممارسات الرمضانية " ، يأتي الليبرالي على رأس ما يمكن أن نسميه : لائحة مرضى ازدواجية الشخصية " .
فصاحبنا الذي " يمسك الليبرالية من قزيبتها " ، يجد نفسه في رمضان بين نارين ، نار تعلقه بالقيم الليبرالية و الحريات الفردية " المدرحة " بالميوعة ، ونار نزعته الانتهازية في التعامل مع المجتمع وقيمه. فهو من جهة يريد ممارسة أنشطته اليومية بشكل عادي ودون تدخل حراس المعبد ، فتراه ناقم على غلق المقاهي والحانات والعلب الليلية ، وغير راض على تحول الشواطئ إلى صحاري قاحلة ، ويجبر على الأكل خلسة في أكثر الأماكن غرابة مثل المرحاض فلا يكاد يفرق بين مذاق الشوكولاتة و رائحة البراز ، كما أن اختفاء خليلته، التي استبدلت الاستماع لشاكيرا بالتنهد أمام أمام إحدى قنوات البترودولار التي تروج الوهابية يصيبه بالجنون ! و من جهة أخرى ، فهو مجبر على " التأسلم " و " التخونيج " ولو لمدة ثلاثين يوما، لأنه لايستطيع إغضاب المحيطين به، فهو بحاجة إليهم وخصوصا اذا كان عضوا في تنظيم إصلاحي، فتجده يسارع لارتداء جلباب جده القديم أو " فوقية " شقيقه السلفي ويعوض تحية " أهلا " ب " السلام عليكم " ، ويقاطع أنواعا من التمور لأنها مضرة بصحته وليس لأنها منتوج صهيوني ، فصبي ادم سميث هذا تنخر دماغه دودة " اليد الخفية " . لكن أكثر ممارسات الليبرالي تطرفا و سخرية معا هي تأبط السجادة و أداء صلاة التراويح أحيانا دون وضوء ، يقوم بذلك فقط نكاية بخصومه الإسلاميين الذين يقضون أحد عشر شهرا من كل سنة في نعته بالزندقة والفسوق . لزوم السياسة يعني ... على حد قول أصدقائنا المصريين !
بالنسبة لليبراليات ، العذاب مضاعف ، فرغم كل روايات أحلام مستغانمي التي يستشهدن بها ، ورغم كل قيم الفمنيست و " تاليزبيانيت " وكل مظاهر الكره المرضي لما هو رجالي ، ورغم الوجبات الخفيفة في الحمام والقضمات المسروقة من هنا وهناك ، تجدهن يقضين أغلب أوقات النهار في المطبخ استعدادا للإفطار، بينما ذكور العائلة على الارائك متكئين وبكرة القدم مستمتعين.
فتجد الواحدة منهن ارتدت الحجاب بدون سابق إنذار وهي التي كانت ترى أن الحجاب مس بانسانية المرأة وتشيئ لها ، وامتنعت عن وضع المكياج نهارا حتى لا " تفتن " بولحية ولاتغضب " الناخبين " . ولأنها معتادة على وضع طبقات متراصة من المساحيق يوميا ، فإن وجهها يتحول فجأة إلى ما يشبه قنينة بلاستيكية محروقة ويختفي لمعان التفاح الأحمر الذي كان يعتلي وجهها لتصير وجنتاها كطماطم متعفن ! بين عشية وضحاها تختفي النضارة والرطوبة والاشعاع ، وتكشف أيام رمضان الأولى عن مسخ يخيف الوحوش نفسها ، ولو رآه فرنكنشتاين نفسه لقضى فزعا .
الغريب في الأمر ، أن كل هذه الممارسات تختفي بعد سويعات من آذان المغرب والإفطار ، فبمجرد أن تمتلء البطون وتغسل الصحون وتنتهي آخر حلقات النفاق ببضع ركعات خلف الإمام ، ويستحسن أن تكون في الشارع العام أو المسجد الكبير للمدينة ، حتى تظهر المساحيق من جديد ، وتستبدل تلابيب الجلابيب بسراويل الجنز ، ويبدأ ازدحام السيارات وامتلاء المقاهي ، فكل ماضاع بالنهار يجب تعويضه قبل حلول الفجر .
تجد الليبرالية مصحوبة بالشلة " المتمردة " على الموروث، متحلقين حول النرجيلة لمناقشة الحريات الفردية وأكذوبة الحركات البديلة و الريع السياسي ولائحتي الشباب والنساء وتشغيل القاصرات و " التقريع " للمخبرات ! بينما يطوف الليبرالي كل أحياء المدينة على متن دراجته من نوع " الحاج طلال " ومفاتيح البريتشة بيده في إطار : ولا تنسى نصيبك من الدنيا .
هكذا تمر الساعات ، حتى إذا حل السحور تحولت سندريلا إلى " كوفرة " من جديد ، وتحول دون جوان و كزانوفا إلى شيخ " كيوت " يفطر في المرحاض ويفتي في الدين من باب السياسة !
هذا حال من استبدلوا عبارة " الدين أفيون الشعوب " بعبارة " الدين لله والوطن للجميع " .



#ميمون_الواليدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنتقال
- حمار دولة -المهرجانات والزوايا- وقف في العقبة
- فصل المقال.... فيما بين الانتهازي والنضال من انفصال !
- حركة 20 فبراير: الشعب يريد، أم الانتهازية تريد؟
- في التربية والدين
- المقامة المنشارية
- يوميات السعدية البجعدية 1
- مقاربة مونتيسوري في البداغوجيا، حصان طروادة في يد سماسرة الت ...
- المقامة المايصية
- المقامة المخيطيرية
- المقامة الفرشازية
- سلسلة مقامات ميمون الواليدي : المقامة البنفيرانية
- سلسلة مقامات ميمون الواليدي : المقامة الأخناتوشية
- من انفكو الى يت عبدي........اين الثوار


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميمون الواليدي - يوميات ساخرة 1 : ليبرالي الليل وليبرالي النهار