أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميمون الواليدي - المقامة المنشارية














المزيد.....

المقامة المنشارية


ميمون الواليدي

الحوار المتمدن-العدد: 6465 - 2020 / 1 / 15 - 01:48
المحور: الادب والفن
    


حدثنا علال بن قادوس قال:
"عرض علي عمل في الحجاز، فقصدت قنصلية آل سعود بسرعة الباز، لختم تأشيرة السفر على الجواز. أكثر الموظف من الأسئلة والألغاز، فطلبت منه أن يسرع في الانجاز، لأن أمعائي تعاني من الضغط والغاز، وأنا في حاجة للتخلص من البراز. أخرج الوغد هاتفا عالي الطراز، شغل قطعة من موسيقى الجاز، أدخل يده الموبوءة في القفاز، وقف بصعوبة متكئا على العكاز، ثم صرخ في وجهي بصيغة المجاز: على المتسول أن ينتظر بدون استفزاز.
جلست على كرسي أنتظر كباقي الزوار، أمامي صورة كبيرة معلقة على الجدار، صورة لرجل بعيني الكلب الغدار. قلت لعجوز بجانبي: من يكون هذا الضخم الملفت للأنظار ؟ همس في أذني: هذا ابن سلمان، صاحب المنشار. قلت: صاحب المنشار؟ ماذا تعني بذلك؟ تردد العجوز برهة، نظر يمنة ويسرة، ثم همس ثانية: ألم يأتيك حديث العمائم، وترتيل الأدعية والتمائم، والتظاهر بالبراءة كالحمائم، ونحر الإنسان نحر البهائم، ونشر العظام وكسر الجماجم، ثم إقامة الحفلات والولائم؟ قلت: لا، لم أسمع بذلك يا شيخ.
صمت العجوز قليلا ثم التفت إلي وقال: أنت في ضيافة قنصلية بني سلمان، وإذا كنت شخصا سليط اللسان، وتطاولت بالحديث على أمير العربان، فإن جثتك ستصبح وليمة للغربان، وسمادا جيدا لأرض التركمان. هنا يمكن أن تخنق بغاز البوتان، ويشق جسدك النحيف نصفان، ثم تقطع بالمنشار كشجر السنديان، وترمى بعدها في البئر وغياهب النسيان.
جرى الخوف في عروقي مجرى الدم، أسقط بيدي وغرقت في الغم، فقد جئت برجلي إلى كهف ناشر العظم، ولأنني خبير في فنون الهجاء والذم، ولا أستطيع مطلقا إغلاق الفم، والكلمات التي تخرج منه أفتك من السم، فقد تنتهي جثتي في قعر الجب أو اليم، وأستحيل خبرا على جرائد العرب والعجم، وأتسبب لأولادي الصغار بالتشرد واليتم.
أطرقت أفكر مليا في مصيبتي، فإن أردت الحفاظ على عملي، علي بدون شك بتر لساني. لكني لن أمنع عن النقد نفسي، سأستمر في التفكير بعقلي، وحتى بدون لسان قد أكتب بيدي، أو أغمز ساخرا بعيني، أو ربما أشير ممتعضا بحاجبي، وفي النهاية سيقومون بنشري. لم أجد من بد غير النفاذ بجلدي، ما دمت لم أغادر بعد أرض بلادي. فلو أقلعت الطائرة في الأعالي، وحللت أرض قحطان وجوعان وآل بعيري، فسألقى بلا شك مصيري، ولن يبقى حينها من مفر أمامي.
تبسمت في وجه الشيخ وتوجهت له بالشكر، استغنيت عن وثائقي وجواز السفر، وسرت نحو البوابة متسلحا بالحذر. خرجت بسرعة من إقامة الشر، ثم أطلقت رجلاي للريح في الممر. تبا للعمل وتبا للأجر، من أجل الريال كدت أعرض نفسي للنحر، أفضل حياة البؤس والفقر، على الذل في بلاد السوط والمكر.



#ميمون_الواليدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات السعدية البجعدية 1
- مقاربة مونتيسوري في البداغوجيا، حصان طروادة في يد سماسرة الت ...
- المقامة المايصية
- المقامة المخيطيرية
- المقامة الفرشازية
- سلسلة مقامات ميمون الواليدي : المقامة البنفيرانية
- سلسلة مقامات ميمون الواليدي : المقامة الأخناتوشية
- من انفكو الى يت عبدي........اين الثوار


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميمون الواليدي - المقامة المنشارية