|
هوزيه .!!
ميشيل زهرة
الحوار المتمدن-العدد: 6068 - 2018 / 11 / 29 - 23:26
المحور:
الادب والفن
قصة مهداة إلى كل من يسلب الأفراد ، أو الشعوب لقمة عيشها ، و ما في جيوبها ، لعلهم يتعظون..! ( و خاصة الحكومات السورية المتعاقبة ، و غيرها. ) صار عبودي يفهمني جيدا ..و فهمه هذا يحبطني و يجعلني أتضاءل أمامه ..هو يراقب صفحتي ..و عندما يرى أني مُقل في منشوراتي ، يدرك أن ثمة ما هو غلط ..فيحمل جهازه ( اللاب توب ) إلي على أنه يحتاج لشيء ما ..برمجة ما..و لو سألته ما المشكل ؟؟ يقول لي و قد أدار عني وجهه : لا أدري ..أنت أدرى بهذه الأجهزة اللعينة ..!! كأنه يقول لي : ادخل إلى مستنداتي و اختر نصا تريده و انشره على صفحتك على أنك أنت المؤلف ..فأتواطأ مع عبودي ، و أتآمر عليه و على نفسي ، و أدخل ملفاته فعلا ، و أنتقي منها واحدا لنشره .! و إليكم هذا النص . هوزيه ..يا له من صديق رائع من أصل إسباني ..لا أحد يتجرأ أن يسأله من كل الزميلات و الزملاء الذين يحبونه ، ما سرّ النقرة التي في أعلى جبهته ، و التي تتسع لعقدة الابهام عمقا.! و إذا تجرأ أحد الأصدقاء مازحا أن يسأله ، كان يجيبه على الفور لعدم التمادي : ( you shut fuck up ) ) انتك ، و اخرس ) كان محبا للجميع ، ومحبوبا من الجميع .. يعمل معي في شركة وراء المحيطات ..و كنا نجلس على طاولة واحدة ، حيث يروق لنا ، يومذاك ، أن يلتفّ حولنا الصديقات ، و الأصدقاء ، و تشتعل الجلسة في حوارات ، و مزاح ، و ضحك ..و خاصة عندما كنا نتناول طعام الغداء في كافتيريا الشركة ، و نشرب القهوة ألأمريكية التي تشبه ، كما وصفها زميل طلياني ، من جزيرة سيسلي ، منبع المافيا الأولى ، ببول البعير ، و كأنه بذلك ، في عمق الإشارة ، يشتمُ الأمريكان ، و العرب معا ..قياسا بالقهوة الإيطالية التي تغنى بها و ببلده ..و لم يكن من صديقنا خوسيه الإسباني ، إلا أن يداري الرأي الصريح للإيطالي ، رغم أنه يشاركه الموقف من الأمريكان ، و العرب ، قائلا : هه ي ي ي ..يا أخي أنتم الطليان مثل العرب و الأتراك تظنون أنكم فوق العالم ..و يضحك كي يُبقي الفكرة في حيز النكتة ..! هوزيه رجل ذكي جدا ..على الأقل بعد أن عرفناه ، لأن قصته التي سيحكيها لي لا تدل على ذكاء . هوزيه الرائع الذي يشبه زوربا في الكثير من الصفات يناديني ابن عمي أمام الجميع ..و عندما سألته : من أين جاءت هذه القرابة التي أعتز بها يا ابن عمي هوزيه قال : ألم تنكحونا قرونا عديدة يا ابن العم ..؟؟ و ضحك كل من على الطاولة من كل الجنسيات ..! مرة كنا لوحدنا على الطاولة نتحدث عن النساء بسرّية ..و كان يشير ، بعينه ، إلى فتاة سمراء ذات عينين زرقاوين ساحرتين ..و يهمس لي : هذه الفتاة تريدك ، و أنت يا قاسي القلب لا تعيرها اهتماما ..و من سوء الحظ أني في هذه اللحظة كنت أسأله : ما حكاية هذه الندبة العميقة في جبينك يا ابن العم ؟؟ فاستعاد تعابير وجهه التي تتناسب مع القصة و جلس متحفزا و قال : آآآه يا ابن العم لو تعرف ..لكن أتمنى أن يبقى الأمر سرا بيننا..سنعود للحسناء لاحقا..!! كنت في شبابي الأول أشتغل "Hands up "..و عندما لم أفهم المعنى ، حيث كنت قد ترجمت العبارة بعقل العربي من اليمين لليسار ..فوصلت إلى عقلي ( رفعُ الأيدي ) ، لذلك طلبت منه التوضيح ، فوقف بقامته المتينة البنيان و المنحنية قليلا إلى الأمام..و أشار كمن يشهر مسدسا قائلا : بالإنكليزية : " Give me your money" ..و أضاف فهمت .؟؟ و عندما تأكد من فهمي لشغله سابقا على أنه كان يعمل لصا يسلب الناس نقودها بالقوة ، ضحكنا معا ، و قد شاهدت ندما ممزوجا بخجل من نفسه و مني ..و لم يتركني اسأله كيف تاب ، و ترك اللصوصية ، حتى قال : لم أترك تلك المهنة غير الشريفة بإرادتي ..ذات يوم وجدت فتى ضئيل الحجم مترددا في المرور من قربي كأنه خائف مذعور . و هذا ما زاد من شبقي الإجرامي لمناداته ، و سؤاله إن كان يملك ما أشعل به سيكارتي ، و عنما قال لي لا أدخن .. نظرت حولي ، و أخرجت من جيبي موسى حادة بهدوء كي أقول له : "hands up" اعطني نقودك ..أذكر أني شاهدت كما الحلم ( منشاكو ) قد رسمت بالفراغ دائرة ثم أظلم الكون من حولي ، و لم أرَ النور إلا في مستشفى و الأطباء حولي . و عندما خرجت من المشفى كنت قد تعلمت درسا : ألا أستهين بأحد ..و إن الأجساد الضئيلة ، عندما تحاصرها ، تمزقك مهما كنت ضخما . و من يومها يا ابن العم ..تعال معي إلى مطبخ الكافتيريا كي أريك ماذا فعلت ..و عندما دخلنا المطبخ رفع قميصه عن ظهره ..فشاهدت صورة للعذراء مريم ، تحمل الطفل يسوع ، على مساحة ظهره كله مرسومة بالتاتو الأزرق..! و عندما عدنا إلى الطاولة ..قال لي : هل علمت سرّ الندبة العميقة في جبهتي ..؟؟ لقد كسر ذاك الفتى جمجمتي يا ابن العم ..و من يومها لم آكل إلا من عرق هذه الجبهة المعطوبة .!
#ميشيل_زهرة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طريق السرير .!
-
الخوف .!
-
منعطفات حادة في الروح .!
-
عبدو الأجدب عاشقا .!
-
يغتال بابنيان من جديد .!
-
كابوس .!
-
لمن البقاء .؟؟
-
هل هو اغتيال جديد لسوريا .؟؟
-
صدى الذاكرة .!
-
مذكرات صوص ..رحلة حضارة .!!
-
مذكرا صوص ..!
-
الفخّ .!!
-
الشيخ نسيم .!
-
البيتكوين ..العملة الرقمية العالمية .!
-
القميص .!!
-
نصّ بلا ضوابط .!
-
الوحل .!!
-
سقوط الحلم ..!
-
الابداع جمعي ..!
-
القبلة بوابة المدينة ..!!
المزيد.....
-
مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
-
إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
-
-قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا
...
-
وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا
...
-
مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال
...
-
-قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز
...
-
اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا
...
-
عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
-
-كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
-
الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|