|
المشروع الأمريكي في ثلاث عواصم عربية
عمار ديوب
الحوار المتمدن-العدد: 1948 - 2007 / 6 / 16 - 12:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في يوم واحد تقريباً ، تتزامن الأحداث وتتراكم، تسيل الدماء السياسية في ثلاثة عواصم عربية. مقتل النائب وليد عيدو ونجله ومجموعة من لبنانيين. مقتل أكثر من خمسين فلسطينياً تحريراً لأرض دولة حركة حماس في غزة أو أرض سلطة حركة فتح في الضفة الغربية. يعلن أبو مازن حكومةً جديدةً في رام الله بالتوازي مع الحق الشرعي والمقدس لحكومة حماس . التفجر الجديد لقبتي العسكريين في سامراء وحرق عشرات المساجد في أنحاء العراق؟؟؟!!! هذه الأحداث تؤشر إلى بدايات حرب أكثر من أهلية ، وتتجه نحو حرب ذات بعد طائفي ، يتدخل الإله دون شك فيها إلى جانب أحد المتصارعين في الجبهات المشتعلة ؟ سواء أكانت الأحداث في لبنان أو فلسطين أو العراق . وهو ما يشكل بوابة التفجر في كل المنطقة العربية وسواء تم إخماد هذا الأحداث أنياً أم لم يتم فإن المشكلة لا تزال تغلي في مراجل القدور العربية ... تصاعد الأحداث هو بالضبط ما يخدم المشروع الأمريكي والصهيوني معاً وكذلك يحقق مصلحة الأنظمة العربية التي تحاول الالتقاء مع المشروعين السابقين ، لذلك تصبح القوات الأمريكية المحتلة قوات صديقة ؟! وتعمل لمصلحة العراقيين . والدولة السعودية بإرثها الوهابي وديكتاتوريتها المقدسة ووظيفيتها التاريخية في المشروع الأمريكي ضد الحركات القومية والماركسية قُبلة حل المشكلات العربية العربية كما فعلت أخيراً مع حماس وفتح ومع بعض القوى العراقية . وتصبح مصر مبارك بأجهزتها الأمنية وتجديد رئيسها لنفسه إلى الأبد صمام الأمان لفض الاشتباكات بين حماس وفتح ، ولكن المشكلة أن كل ذلك لا ينفع ؟؟ السبب في عدم النفع يكمن في طبيعة هذه الأنظمة وهذه الحركات ، ولان الأصل الذي تحدث بسببه هذه الظاهرات لا يُناقش ، ألا وهو عنف المشروع الأمريكي ، وبدء هزيمته في العراق أو لبنان أو حتى فلسطين . هذا الأصل هو ما يجب أن نفسر من خلاله ومن خلال حلفائه وأجهزته وأساليبه المباشرة وغير المباشرة للتحكم في العالم والمنطقة ، تطورات الأحداث المشار إليها . دون أن نغفل أن تكوّن الفئات أو الطبقات الحاكمة والمسيطرة هو في وضعيته الواقعية وسياساته وخياراته المحدودة وهامشيته اتجاه المشروع الأمريكي يعود إلى ما قبل تصاعد المشروع الأمريكي وإلى إنحيازاته إلى أحد أقطاب الحرب الباردة ، وبداية تشكل الدولة القطرية ، وفي وقت لاحق . فإن سقوط الاتحاد السوفياتي ، القطب الضابط للتناقضات ، صعّد من تفجر الأحداث التي كانت في طور الإمكانية . أو إحدى الخيارات المؤجلة.. إذن لا يمكن تصوير كل ما يحدث على أنه من أعمال المؤامرات الخارجية الشيطانية ، ولا أنه فعل حصري نتيجة سياسات الأنظمة المتضررة مصالحها.. السرعة في الاتهام ، أو تحديد سبب تفجر الأحداث ، بأنها حماس أو فتح أو النظام السوري أو المليشيات الطائفية أو حتى أمريكيا أو إسرائيل ، هو خفة في التحليل وتخندق إيديولوجي ، لا يثمر معرفةً ، ولا يقدم تحليلاً ، ولا يُدعم موقفاً سياسياً ؛ بقدر ما ينثر لاعقلانية في السياسة والمجتمع والعقل . ولكن هذا لا يعني عدم إمكانية وجود دور ما لهذه الأطراف في كل ما يحدث في المنطقة العربية , وضرورة إيلاء الدور الأمريكي أهمية فائقة في تحليل هذه الأحداث .. هذا الوضع العربي ، المفرط بتناقضاته ، تعمه أنظمة ديكتاتورية ، وشعوب مهمشة ، وحريات مفتقدة ، وإقتصادات تابعة ، وبنية اجتماعية مفتتة . لا يمكن أن يقدم في وضعيته هذه ، وفي دول أخرى إلا أمثلة أخرى لما يحدث في العراق أو فلسطين أو لبنان ، وهذا عين المشكلة .. الموت والانهيار الكامل في إطار الديمقراطية والوطنية والقومية هو ما توصلت إليه الأنظمة العربية ، وهو بالضبط ما يخدم المشروع الأمريكي ؛ هذا المشروع الذي يعاني بدوره في مواجهة أوربا والصين وروسيا والمقاومات في كل أنحاء العالم ، ونفس المآل ينطبق على المشروع الصهيوني الذي يعاني كذلك من القنبلة الديموغرافية وحزب الله والحركات المقاومة . ولذلك ما يخدم المشاريع الاستعمارية هو هو ما يدمر ويحط من المشروع العربي الديمقراطي العلماني . وتتعقد المشكلة بأن ما يعارض هذه المشاريع على مستوى حركات المقاومة في منطقتنا العربية لا يمتلك أفقاً يتجاوز التعارض على مائدة العولمة الامبريالية وسياسات الليبرالية الجديدة أو القديمة عبر مشاريع المحاصصات الطائفية أو إعادة تثبيت السلطة المهتزة وإعطائها دور جديد في المشروع الأمريكي . لهذا الأمة العربية مشتتة الاتجاهات ، ضائعة المصير ، دولها وأراضيها محتلة أو ملحقة بدولة أخرى ، فقراؤها يتزايدون فقراً وأميةً وتهميشاً وطائفيةً وعشائريةً ، وأثرياؤها يزدادون تغرباً واندماجاً مع السياسات الليبرالية الجديدة وتخمد الوطنية في مشاريعهم وتحكم رؤاهم المصالح التجارية الهزيلة . وبالتالي من الصعب التفاؤل بواقع ديمقراطي وعلماني ، ومن السهل جداً ملاحظة الواقع المُشكل على أرضية تصارع وتلاقي المصالح البرجوازية العالمية والمحلية والذي يشي بمزيد من الدمار والتفكك والتجزئة والطائفية للأمة العربية ، وهذا أفضل وضع لدولة إسرائيل المأزومة وللمشروع الأمريكي كذلك وحتى للمشروع الإيراني والتركي .. نجازف بالقول أن ضعف العرب يرافقه بروز الأمم الأخرى بمشاريع وتكتلات وحصص أكبر في الاقتصاد العالمي ودور سياسي إقليمي ، وبالتالي لم تعد المسألة الأساس أن الصراع بين المشروع العربي والمشروع الصهيوني فقط .. بالمحصلة ، من الخطأ الكبير استبعاد دور المشروع الأمريكي في كل ما يحدث في المنطقة العربية والبرجوازيات العربية التابعة ، ومن السذاجة الانسياق وراء قوى المقاومة دون تحليلٍ ونقدٍ لبنيتها وبرامجها وأهدافها ولكن وأيضاً تأييدها كقوى وطنية واعتبار القوى الجهادية من القاعدة وأشباهها قوى إرهابية تعمل لصالح المشروع الأمريكي . ما يمكن الثقة به هو القوى العلمانية الديمقراطية ، والماركسية النقدية ، والقوى المقاومة ذات البعد الوطني ، والقوى الحقوقية بكلية برامجها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية..
#عمار_ديوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في نقد الديمقراطية والعلمانية عند برهان غليون
-
مشاكل في سلم تصحيح مادة الفلسفة
-
المشروع الأمريكي في نهر البارد
-
قراءة في كتاب ما بعد الحداثة
-
في الدولة العلمانية الديموقراطية
-
نقد بيان ووثيقة تجمع اليسار الماركسي في سوريا
-
انتخابات تحالف الجبهة والمال والعشيرة
-
القرارات الليبرالية قرارات مميتة
-
القومية، العلمانية، الديمقراطية
-
قراءة في كتاب ما الماركسية، تفكيك العقل الأحادي
-
القطري والقومي ومشكلة الهوية السورية
-
المرأة في زمن العولمة
-
الهيمنة البديلة للهيمنة الامبريالية
-
قراءة في كتاب الماركسية والديمقراطية
-
قراءة في فن الحب وطبيعته
-
قراءة في التنمية المستدامة
-
إستراتيجية الحرب وإستراتيجية التقدم
-
ديمقراطية ممكنة ، وديمقراطيات بدون ديمقراطية
-
أمريكا وصدام والاقتتال الطائفي
-
الشرط الامبريالي وتشكّل الدولة اللبنانية
المزيد.....
-
مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب
...
-
نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
-
سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
-
الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق
...
-
المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
-
استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
-
المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و
...
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي
...
-
الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|