أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمار ديوب - ديمقراطية ممكنة ، وديمقراطيات بدون ديمقراطية















المزيد.....


ديمقراطية ممكنة ، وديمقراطيات بدون ديمقراطية


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1791 - 2007 / 1 / 10 - 11:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعتبر الديمقراطية من القضايا الطارئة على مجتمعاتنا ، رغم وجودها سابقاً كفكرة في مشاريع بعض المفكرين ، حيث تزامن تصاعدها كقضية أساسية للمجموعات السياسية ، أو للمجموعات الحقوقية ، مع تصاعد الضغط الإعلامي الامبريالي ، ومن أجل ذات الهدف .
وعبر هذا المناخ ، تضيع التفاصيل ، وجزئيات برنامج الديمقراطية ، وأسئلتها :
أي ديمقراطية نريد ، ومن تخدم ، وما هي حدودها ، وهل هي ممكنة ، وما هي حواملها الاجتماعية ، وهل هي ديمقراطية علمانية أم ديمقراطية طائفية الخ .
وعلى نحو أخر ، تتصدر الساحة الإعلامية ديمقراطية سحرية ، تكرر ذاتها ، أو يكررها مناصريها ، كأنها قشة الخلاص ، وباعتبارها تصلح ذاتها بذاتها ،على طريقة إصلاح ذاتها في أمريكا ، أو في أوربا ، فإنها تعمد لتطبيق سياسات ليبرالية ضد الأغلبية الشعبية أو شن الحروب الامبريالية رغم تظاهر الملايين في كل شوارع العالم ؟!
المفارقة أنها بشكلها المطلق ، أي غير المحدد ببرامج وبطبقات معينة ، تستولي على عقول الكثيرين من أبناء أمتنا ، ويعود ذلك بسبب الطبيعة الاستبدادية لأنظمتنا الضاغطة بصورة مخزية على أية هوامش للحريات العامة ..
لتتساوى الفكرة هنا ، عند هؤلاء المغيبين بالقول أأتونا بهذا الخلاص ، فالمهم بالنسبة لهم ، هو التخلص من الأنظمة الديكتاتورية . هذا الفهم والتركيز على هذا البعد يجعل القوى السياسية الليبرالية والطائفية والإعلام الامبريالي والمناخ الشعبي في اتجاه تعميم فاسد لهذه الفكرة – يدفعون ثمنها في العراق أنهر من الدم- ولكنه وفي نفس الوقت يخفي برنامجاً ، تظهر في ثناياه ، أثر طرح الديمقراطية كفكرة مطلقة ، أو شكل تعينها الواقعي من خلال تجربة العراق بعد الاحتلال ..
هذا البرنامج يتمثل في نظام سياسي طائفي ، يعتمد على التوافقية الطائفية ، أو العشائرية القومية ، أو القبلية ،أو حتى الفيدرالية الطائفية كما هو مطروح في لبنان والعراق؟!!..
ويترافق معه تعميم القيم الأنانية والمصلحة الخاصة وخصخصة كل ما ورثته الدولة المستبدة بفضل جهود الفقراء أو القوى التقدمية، من قطاع عام ، وتأميم ، وجيش مركزي محلي وغيرها...
لتكون ديمقراطيتهم الممسوخة ديمقراطية طائفية ، توافقية ، ومشروع حرب أهلية مستقبلاً ، تدمر العلاقة القومية لأبناء الشعب ، وتعمم النزعة الهوبزية وتقبل بالهيمنة الامبريالية بواسطة الاحتلال أو بدونه.هذه القضية تطرح في سوريا عبر أوجه متعددة ..

ديمقراطية السلطة:
إن المناصرين للسلطة يرون أن الديمقراطية شعبية وأن النظام القائم عبر هياكله هو الممثل لها وان الجبهة التقدمية بأحزابها الرائعة الصيت والجماهيرية بامتياز ؟ تشكل قلعة الديمقراطية والتقدم والوحدة الوطنية ..
تدعم توجهاتها - السلطة - عدا عن دور الأجهزة السياسية والأمنية وهي صاحبة الثقل الأكبر في الاستقرار بما بنيّ منذ الستينيات ، وإلى الآن ، أي تدعم شرعيتها بالقطاع العام والتأميم وتوزيع الأرض على الفلاحين ، وبنسب التعليم الأفقي والمساواة بين الفلاحين وأبناء المدن وغيرها...
بالإضافة لتصديها لقضية الصراع العربي الصهيوني وعدم الاعتراف بإسرائيل ، ورغم كل ذلك فإن هذه السلطة وتحت ضغط ضعفها وأزماتها المركبة ، وهشاشة حججها مقارنة ًبحجم الفساد والاستبداد والنهب . فقد حاولت إصلاح ذاتها في إطار ما سميّ الإصلاح والتطوير والتحديث إلا أنها لم تنجح لا إداريا ولا اقتصادياً ، ولا سياسياً . ودخلت نتيجة ذلك وبسبب الضغط الدولي الناشئ بشكل خاص بعد احتلال العراق ومقتل الحريري والمحكمة الدولية بحالة عدم الاستقرار ، وعدم وجود سياسات للمستقبل في أي ميدان إلا سياسات ليبرالية لا تني تتصاعد ، قاضيةً ، على بقية حججها ، ومضعفةً سيطرتها هي كسلطة تستفيد من الدولة البيروقراطية وتخمد الاحتجاجات الشعبية .
وبالتالي الديمقراطية الشعبية الخاصة بالسلطة اللاغية للأغلبية الشعبية هي "ديمقراطية" أجهزة الأمن وقوانين الطوارئ ومنع الحريات العامة والانتخابات البرلمانية المضمونة النتائج والمسوكرة ، وتنويعة من السلطات لا علاقة لمؤسسات الدولة بها وهي ذات طبيعة عائلية ومناطقية وعشائرية بواسطة الفساد المعمم ،مترافقةً بعدم إعطاء الحقوق الثقافية والسياسية للأكراد أو للأقليات القومية ...
ديمقراطية أحزاب الجبهة:

أحزاب الجبهة الأكثر من عتيدة لا تختلف رؤيتها عن رؤية السلطة في مسألة الديمقراطية وإن كانت تشذ أحياناً بعضها باتجاه برنامج ديمقراطي ومع إطلاق الحريات العامة إلا أن توجهاتها هذه سرعان ما يُعاد عنها لصالح تدعيم الوحدة الوطنية السلطوية بفضل النظام الاستبدادي وبالتالي ما يقوله مثقفيها عن الديمقراطية تحسمه قيادات الجبهة التاريخية بالإشادة بالوحدة الوطنية التي يُثبتها النظام بأجهزته ، هذا عدا عن الفصل التعسفي لأنصارها؛ إذا ما ثبتوا على مواقفهم . بالإضافة عدم تغيير قياداتهم لأزمنة لا متناهية حتى أرتبط الحزب باسم أمينه العام فيقال جماعة فيصل وجماعة صفوان وجماعة خالد وهكذا ..
ديمقراطية القوى الإسلامية:

حاولت هذه القوى أن تقدم نفسها في السنوات الأخيرة كقوة ديمقراطية تؤمن بالانتخابات والاقتراع العام وبالدولة البرلمانية وغيرها ، ولكنها وحتى في اسمها لم تتجاوز عقدة الطائفية إن لم نقل أنها تقوم عليها ، مما أبقاها قوة سياسية تقسيم أبناء الأمة أو الدولة إلى طوائف وجماعات برانية وهي في حقيقتها ليست سوى أحزاب سياسية بيافطات دينية وإن منظورها السياسي العقيدي يجعلها لا تعترف للمختلفين عنها في طوائفهم أو أديانهم أو أحزابهم ؛ وهو ما أفقد الثقة ببرامجهم وأوضح أنهم ليسوا أكثر من مجموعات طائفية ، تلعب على وتر العادات والتقاليد وغياب السياسة ،والأكثرية الدينية وترغب بتثميرها ، وبالتالي ديمقراطيته وحرياتهم التي ينادون فيها هي ديمقراطية طائفية، لا أكثر ولا أقل .
وبالواقع الملموس يعمد قسم من الطائفيين ولا أقصد المؤسسات الدينية العامة والتقليدية فهذه متحالفة مع بشكل طبيعي ،إلى استخدام هذه المؤسسات من أجل دعاياتهم الإيديولوجية ورؤاهم السياسية ويعملون بهدوء وبقصد أو بدون قصد على تشتيت المجتمع وتقسيمه ماهوياً وطائفياً ، وبالتالي الديمقراطية بالنسبة لهم ، هي ما يحقق مشروعهم السياسي الطائفي والاقتصادي البرجوازي التجاري والأناني ، وما يعزز مواقعهم الاجتماعية المحافظة والمتضادة مع الحداثة والعلمانية والديمقراطية ومفهوم المواطنة..
القسم الخارجي ليس بالمعنى العضوي وإنما بحكم المصالح ، والذي يُعدم على القانون 49 ولاسيما الإخوان المسلمين ، بعد انتهاء الحرب الأهلية في سوريا، في الثمانينيات ،هذا القسم الذي لم يعتذر عن جرائمه ضد الشعب السوري ، زاد في فقدان مصداقيته عندما تحالف مع عبد الحليم خدام ، أحد أكبر رموز الفساد والاستبداد لأكثر من أربعين عاماً مما زاد في وضوح طبيعة مشروع الإخوان الديمقراطي ؟ والديمقراطي جداً؟
ديمقراطية القوى السياسية الليبرالية:

هذه القوى طرحت الديمقراطية ضد الاستبداد كمهمة وحيدة وكل شيء يدور حولها خاصة بعد عام 2000 عندما بدء النظام يعترف بضرورة الإصلاح، وبما يتساوق مع الليبرالية كطبقة رأسمالية وبالتالي الديمقراطية لا تبنى على مصلحة الطبقات الشعبية ، فهذه للسلطة القائمة والمتحكمة بها ، وإنما تبنى على الطبقة البرجوازية ، ولكن المفارقة أن هذه القوى لم تلق تلك الطبقة وهي تبحث عنها وتستجديها دون نفع ، فراحت نتيجة ذلك ، تغرد في سماء لا توجد تحتها أرض..
وقد قدمت من أجل أطروحاتها الكثير من السجناء ، وهم سجناء بدون أي وجه حق وبدون أي مبرر دستوري ، لكنها و حتى الآن ، لم تلق تلك الأرض في سوريا لكي تحط عليها .
ومن جهة أخرى طرحت على النظام – النظام الديكتاتوري ذاته- القيام بإصلاحات ديمقراطية من حرية التنظيم وتشكيل الأحزاب السياسية والصحافة والتعبير وإلغاء قوانين الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية وإقرار حقوق الإنسان وغيرها .
وكذلك المصالحة الوطنية ، ورغم كل النداءات والمشاريع والبيانات التي قدمت بهذا الخصوص ،لم يأخذ بها ولم يعطها أهمية تذكر ، ولم يستطع كما أشرت ، هو ، أن يسير ببرنامجه الإصلاحي ،فاستمرت هذه المعارضة بأطروحاتها السحرية – الديمقراطية بدون شروط – وبشكل معزول عن الطبقات الشعبية ، بل إن هذه الطبقات كثيراً ما تتندر على هذه المعارضة ولا تصفها إلا بالأمريكية ..
المهم أن التطورات جلبت للمعارضة الليبرالية السورية أكثر من فرصة ، ولكنها عادت وأخذتها ، فكان تقرير ميلس ، قبل عام وأكثر ، وحاولت هذه المعارضة ، ضرب ضربتها ، بإعلان دمشق ، كوثيقة للتحالف بين قوى سياسية وقبل ستة أيام أو أكثر بقليل من ذلك التقرير...
وفعلاً حشدت جزء من القوى السياسية به ، وبالرغم من التأزم الشديد آنذاك للنظام لم يستطع إعلان دمشق تفعيل أي شيء وكانت حصيلته بعد عام لا شيء تقريباً سوى هيكل قيادي يجتمع بصورة دائمة ويكتفي بإصدار بعض البيانات بالتتالي بعد المناسبات اللبنانية وأحياناً السورية؟!
ويمكن قراءة خيبة أمل هذا الرأي في كثير من مقالات وتحليلات المؤيدين له في هذا المنحى .
وكان قد نُقد الإعلان من كثير من المثقفين الديمقراطيين والماركسيين والأكراد والقوميين وحتى الليبراليين لجهة ضعف مفهوم الديمقراطية فيه والمواطنة والمسألة القومية والقضايا الاجتماعية وعدم إعلان موقف من المشروع الأمريكي وتضمنه غزل فكري مع الجماعات السياسية الإسلامية والشعبية عن طريق مفهوم مكونات الشعب السوري والتي ليست مكونات قومية وإنما طائفية بالدرجة الأولى ، لاغين تاريخ أكثر من قرن كامل من الحركة القومية . ورغم هذه الرشوة الفكرية ، عادت جماعات الإسلام السياسي ( الإخوان المسلمين) وتملصت من إعلان دمشق ودخلت مع عبد الحليم خدام بشراكة تجارية تسمى جبهة الخلاص الوطني؟؟؟!!!
المهم هنا أن مسألة الديمقراطية كنظام سياسي علماني برجوازي يستند إلى مفهوم المواطنة الذي يتساوى فيه جميع أبناء الأمة أو الدولة بالحقوق والواجبات وبغض النظر عن مراتبهم الاجتماعية لم يطرح وما طُرح لا يتعدى المفهوم السياسي الطائفي للديمقراطية البرجوازية ، وهو ما يضحي ليس بالديمقراطية فقط بل وبالحريات العامة وبكل ما أحرزه الشعب السوري من تقدم ضد العقلية الطائفية والإقطاعية باتجاه القومية والعلمانية والاشتراكية كأفكار وبرامج وعلاقات وآداب وفنون وغيرها ..
القوى الطارئة على سوريا:

تتواجد في الخارج وليس لها وجود تنظيمي أو قيمة تذكر كجماعة الغادري وأمثاله – الذي وجد عملاً فأصبح معارضاً – وهذا وأمثاله ديمقراطيتهم أسوأ من ديمقراطية الجلبي الذي أتى على الدبابات الأمريكية وأخر نضالا ته الخارجية توصيته بطرد العلويين من دمشق ، وبالتالي ، هؤلاء لا علاقة لهم لا بالديمقراطية ولا بالمواطنة ولا بالسيادة ولا بالحريات ويصح عليهم قول ديغول إن الخيانة ليست وجهة نظر، نعم؟
ديمقراطية قوى مناهضة العولمة ومجموعات أخرى:

ترى هذه القوى وهي خليط من مجموعات حقوقية وقومية وماركسية وناصرية وديمقراطية وعلمانية أن الديمقراطية المواطنية مشروع اجتماعي ورؤية سياسية وقضية وطنية بامتياز..
وأن الديمقراطية السياسية كاقتراع عام وانتخابات وحريات عامة ، تعتبر قضايا أساسية للبدء بأي تطور داخلي فعلي وأي إصلاح جدي وفي أي مستوى" فإن مهامنا تتمثل في مناهضة العولمة وأنه لا يمكن أن تحقق فعالية حقيقية إلا في مناخ من الديمقراطية والحريات العامة، ولذا فإن العمل من أجل تحقيق الديمقراطية وإطلاق الحريات جزء من نشاطنا وعملنا "ص16-17البديل.
ولكن الوصول إليها متعلق بنضج الشروط الاجتماعية للصراع ضد السلطة وبتحرك القوى المتضررة من النظام ، وبالتالي الديمقراطية مرتبطة بالتحركات الشعبية الداخلية وهذا لا يلغي أن الديمقراطية شرط سياسي موضوعي لنمو التحركات المناهضة من أجل الديمقراطية أو المناهضة للحرب الأمريكية ضد العالم العربي .وكذلك لا يلغي كما أشرت اعتبارها قضية أساسية في أي برنامج اجتماعي .
وبالتالي الديمقراطية المرادة ، ليس مطلقة أو بلا ضفاف ولها شروط وحدود ومشروطيتها متعلقة بمعاداة المشروع الأمريكي وبتحقيق حقوق الطبقات الشعبية وبدور تدخلي للدولة في الاقتصاد وبفصل الدولة عن الدين والسياسة وعدم استغلال الدين وعواطف المقهورين ، وبإيقاف السياسات الليبرالية التي تعمد إليها السلطة في سوريا كجزء من مشروعها الإصلاحي الفاشل..
هذا الفهم العميق للديمقراطية يعتمد على الانطلاق ليس من الاقتراع العام فقط والتمثيل النيابي بل من الانتخاب من أبسط دائرة إلى أعلى المستويات وأن يكون الشعب قادراً في أي مكان وفي أي زمان على نزع العضوية متى وجد أن الشخص المنتخب لم يعد يمثل منتخبيه وأن تكون سلطة هؤلاء تشريعية وتنفيذية معاً. أو بمعنى أخر فإن الديمقراطية " تعني توسيعاً لا سابق له للحريات الديمقراطية ، وضماناً للتعددية السياسية ، وأكثر أشكال الاقتراع العام عدالةً ، وتمثيلاً للأقليات .وينبغي أن تبدأ بالتغلب على الانقسام بين الاقتصادي والسياسي ، والفصم بين المنتج والمواطن . كما ينبغي أن ترسخ مسؤولية المندوبين أمام ناخبيهم " 74-75الماركسية والديموقراطية...
فالديمقراطية إذن متعددة المستويات سياسية واجتماعية واقتصادية وللجميع الحق في التصويت على كل شيء من السياسة العامة إلى شكل الاقتصاد وعلى جميع المستويات وفي جميع المناطق والمدن والقرى ..
ديمقراطية منظمات حقوق الإنسان :

إن منظمات حقوق الإنسان لا تزال تمارس العمل السياسي ولا تتخصص في قضاياها القطاعية وأغلب مؤسسي تلك المنظمات من الأحزاب السياسية ومنهم تارك للعمل السياسي وهم غير قادرين على تبنى هذه القضايا بصورة مستقلة وبعيدة عن العمل السياسي والحزبي وممارسة رقابة حيادية اتجاه الدولة أو القوى السياسية ، ولا يتعدى طرحها للحقوق ، مستوى الحقوق الليبرالية السياسية ، متجاهلين أن الأمم المتحدة عبر بروتوكولات قوانين حقوق الإنسان التي تدعو لها هناك ما يسمى بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وكأنها العمل بهذه القضية عمل سياسي شيوعي أو يعرقل مفهومهم للديمقراطية فهو متطابق مع المعارضة الليبرالية باعتبارها سحر وحل كل مشكلات الدولة القديمة والجديدة والتي ستستجد..

ديمقراطية الأغلبية المُغيبة:

هناك مجموعات وأفراد مستقلين كثر وهي الأغلبية الشعبية وهؤلاء لا ثقة لهم بالأحزاب أو بالسلطة ويميلون إلى ديمقراطية عامة غير محددة ، تحقق لهم مصالحهم الاقتصادية والسياسية وإن كانت اتجاهاتهم غير معروفة الوجهة بوضوح .إلا أن الغالب والأعم أن هؤلاء في ظروف الاستبداد لا يميلون لإظهار أرائهم بوضوح وهم لا يمتلكونها بالأصل ، ولكنهم وبغياب قوى علمانية أو اشتراكية أو قومية متجذرة وواضحة في برامجها وذات امتدادات شعبية فإن أي طارئ قد يفقد السلطة قوتها ، يدفع بهؤلاء لأن يتحولوا إلى مجموعات ذات نزوع طائفي أو محلي أو إقليمي أو مناطقي وخاصة في لحظة التأزم..
إذن الديمقراطية في سوريا ديمقراطيات، وهي برامج سياسية واجتماعية وتخفي برامج اقتصادية مختلفة وهي لا تزال أقرب إلى الدعاية الإعلامية من الممارسة الواقعية باستثناء ديمقراطية النظام الشعبية والتي تتحول إلى ديكتاتورية ليبرالية وتتفق في ذلك مع قوى المعارضة الليبرالية...

لكل ما تقدم فإن الديمقراطية السياسية بمعناها : فصل السلطات التنفيذية والقضائية التشريعية عن بعضها وإقرار دستور مدني ووجود حقوق الإنسان بكليتها وإعطاء الحقوق الثقافية والسياسية للأكراد والحريات العامة من حق حرية التنظيم والتعبير والنشر والصحافة وحرية تشكيل الأحزاب وغيرها ، لا تزال بعيدة عن التحقق ، وبرأينا ، لن تتحقق إلا بصورة مشوهة وممسوخة ما لم يتزامن النضال من أجلها مع قضايا أخرى عديدة وأهمها:
- الدفاع عن مصلحة الطبقات الشعبية واعتبارها صاحبة المصلحة الأساسية بهذه الديمقراطية؟
- الدفاع عن دور الدولة لا السلطة في إعادة بناء الاقتصاد وضمان الحقوق الاجتماعية والصحية والثقافية و إيقاف سياسات الليبرالية الجديدة والخصخصة والتهجم على القطاع العام كأنه سبب مصائب سوريا...
- اعتبار طبقة "الفساد" وليس القطاع العام هي المسئولة عن تردى الوضع السوري ، بالترافق مع طبقة التجار ...
- النضال ضد المشروع الأمريكي ورفض احتلالا ته وتدخلاته في العراق ولبنان وفي أي مكان من عالمنا العربي والعالم لما يلعبه من دور تخميدي وتشويهي للنضالات الديمقراطية لشعوبنا..
- اعتبار الشعب السوري ذو النزوع القومي والمتأثر بالحداثة منذ قرن على الأقل ، شعب عربي وأقليات قومية وليس مجموعات طائفية أو عشائرية والتمييز بين الطائفية كعلاقة سياسية وبين الدين وضرورة احترام حق ممارسة الشعائر الدينية وأن مصداقية الشعور القومي العربي بمقدار احترامهم للحقوق الثقافية والسياسية للأكراد ولبقية الأقليات القومية وبما يحقق مصلحة الأغلبية الفقيرة..
ديمقراطية الاختلاف :

الاختلاف في الرؤى الفكرية والسياسية لا يعني الحق في أية مساواة ، بل يعني الحق في المساواة المواطنية ، بمعنى أن الاختلاف يكمن في تعدد المشاريع والبرامج الفاعلة باتجاه تطوير المجتمع نحو الحداثة بمعناها العام ولا يشمل الحق في الطائفية كحزب سياسي أو في العنصرية كحزب سياسي أو في العمالة لدولة أجنية بل يشمل تحديداً الحق في ممارسة الشعائر الدينية وفي الدعوة للشعور القومي واحترام الأقليات القومية الأخرى .
وبالتالي الاختلاف يضمن لجميع القوى الاجتماعية والسياسية الحديثة ، المساواة المواطنية ما دامت تعتمد وتنهل من قيم الحداثة والتطور والعلمانية والعقلانية والاشتراكية وحكم المؤسسات ..
بذلك يمكن للاختلاف في الرؤى ، أن يراكم الثروة البشرية ، و عندها يمكن أن يكون الاختلاف ، عامل تنمية متطورة ، لا توقف فيها ؛ فحق الاختلاف يشمل التنوع والتعدد والتباين في وجهات النظر ولكن في سياق وحقل الحداثة ذاته ..
عصرنا إذن ، عصر المستقبل ، المستقبل الذي بعض صوره في الدول المتقدمة عنّا ، وهذه الصورة تتمثل في قيم الحداثة والتي لن تتأتى إلا على أرضية القضايا المشار إليها أعلاه وعلى أرضية نظام ديمقراطي علماني يحترم الحقوق العامة لجميع المواطنين باعتبارهم أفراد متساوين أمام القانون وفي الواقع وخاضعين لسيادة دولة محددة . وبما يشمل الحقوق الثقافية والسياسية للقوميات الصغيرة وكذلك صون حرية ممارسة الشعائر الدينية لمختلف المجموعات البشرية..
هذه الدولة المستقلة الديمقراطية العلمانية أول شروطها عدم وقوعها تحت الاحتلال الأجنبي أو غير ذات نظام طائفي ولا محكومة من رأسماليات احتكارية خاصة..

بذلك يمكن طرح الديمقراطية والحفاظ على حق الاختلاف والحياة في سوريا . وبغير ذلك ستبقى سوريا بلا مستقبل ، إلا ما تتنازعه القوى التي أشرت إليها - باستثناء ديمقراطية قوى المناهضة - والتي ستقودها إلى بلد مقسم وهش وضعيف وبلا حريات ولا حقوق ولا أرض جغرافية بوعي أو بدون وعي وسيكون لدينا عندها جغرافيات وإمارات ومناطق محلية مستقلة؟
هذه ستكون نتائج الضغط الأمريكي واستمرار النظام الاستبدادي بنفقه المظلم والسياسات المعارضة الليبرالية ..
عندها ستكون صورة حياتنا ، ما يعيشه العراقيون اليوم ، وسيتطلب الخروج من المأزق أو الأزمة ، أزمنة وأزمنة ، لا نعلم مداها ، ولا قواها ، ولكنها لن تكون إلا أزمنة مظلمة على الطريقة العراقية التي تقارب أو هي الحرب الأهلية التي أشعلها الاحتلال ...
المراجع المستخدمة:
1- البديل ، الوثيقة الأساسية لناشطو مناهضة العولمة في سوريا.........
2- الماركسية والديمقراطية ،ترجمة رندة بعث وتقديم عماد شيحا ،دار السوسن، ط1، 2006..



#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا وصدام والاقتتال الطائفي
- الشرط الامبريالي وتشكّل الدولة اللبنانية
- بعض مشكلات سوريا في رأس السنة الجديدة
- الأزمة الهيكلية للرأسمالية وبدايات صعود الليبرالية الجديدة
- اليسار الإصلاحي ، المقاومة المعرِقلة ، اليسار الثوري ، هزيمة ...
- الحركات الاجتماعية وعلاقتها بإشكالية الديمقراطية
- دولتين ام دولة ديمقراطية علمانية واحدة
- العولمة والامبريالية
- سياسية التمويل مصالح وأخطار
- أهمية نداء القوى والشخصيات الماركسية في الوطن العربي
- مشكلات وأدوار المنظمات الأهلية
- سقوط التسوية في زمن المقاومة والديمقراطية
- علاقة الهيمنة الأمريكية بأزمة المعارضة العربية
- استبدادية الأنظمة وديمقراطية الشعوب
- الحرب الأمريكية على لبنان
- علاقة الحرب بالطائفية
- المقاومة الوطنية مقابل الاحتلال الإسرائيلي
- مشكلة التداخل بين الأحزاب السياسية ومنظمات حقوق الإنسان في س ...
- العلمانية جزء من مشروع ديمقراطي علماني قومي
- بوش قاطع طريق


المزيد.....




- مصدردبلوماسي إسرائيلي: أين بايدن؟ لماذا هو هادئ بينما من ال ...
- هاشتاغ -الغرب يدعم الشذوذ- يتصدر منصة -إكس- في العراق بعد بي ...
- رواية -قناع بلون السماء- لأسير فلسطيني تفوز بالجائزة العالمي ...
- رواية لسجين فلسطيني لدى إسرائيل تفوز بجائزة -بوكر- العربية
- الدوري الألماني: هبوط دارمشتات وشبح الهبوط يلاحق كولن وماينز ...
- الشرطة الأمريكية تعتقل المرشحة الرئاسية جيل ستاين في احتجاجا ...
- البيت الأبيض يكشف موقف بايدن من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ف ...
- السياسيون الفرنسيون ينتقدون تصريحات ماكرون حول استخدام الأسل ...
- هل ينجح نتنياهو بمنع صدور مذكرة للجنائية الدولية باعتقاله؟
- أنقرة: روسيا أنقذت تركيا من أزمة الطاقة التي عصفت بالغرب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمار ديوب - ديمقراطية ممكنة ، وديمقراطيات بدون ديمقراطية