أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - عمار ديوب - العلمانية جزء من مشروع ديمقراطي علماني قومي















المزيد.....

العلمانية جزء من مشروع ديمقراطي علماني قومي


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1598 - 2006 / 7 / 1 - 11:00
المحور: ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع
    


تنسب العلمانية إلى مصدرين إحداهما يُقزم معناها إلى مستوى العلم الطبيعي والأخر يفتح معناها للإشارة إلى موقع الإنسان والعقل ودورهما في صناعة التاريخ البشري وإمكانية إلغاء التفارقات الطبقية في المجتمع. والمعنى الثاني هو الأدق تاريخياً حيث أن التطور التاريخي عمل على تكريس دور الإنسان وثقافة حقوق الإنسان وفصل الدولة والسياسة عن الدين واتساع فعالية العلم والصناعة وهذا التطور هو نتاج صراعات واحتجاجات وبرامج اجتماعية مختلفة وهذا ما عزز العلمانية وثلة من الحقوق العامة للبشر..
أما الأسس الاقتصادية للعلمانية فهي أسس النظام الرأسمالي العالمي التي تقوم على اتساع السوق وتجاوز التمثلات الأهلية ما قبل الحديثة في المجتمع الإقطاعي وما قبله وأما الأسس الاجتماعية فهي القوى والعلاقات الاجتماعية والسياسية المدافعة عن العلمانية والمواطنة والنظام الديمقراطي وفصل السلطات والدستور المدني ذو المرجعية البشرية وتحييد دور الدولة والسياسة بعيداً عن الدين ورجالاته.وإن الأسس الفكرية هي مجموع نتاجات المثقفين والفلاسفة والعلماء الذين كرسوا ثقافة دور الفرد والإنسان ومركزيته، وعملوا على نقد سلطات رجال الدين والدين ذاته .
أما العلاقة بين العلمانية والدين والدولة قبل نشؤ النظام الرأسمال الصناعي فهي علاقة هيمنة الدين على كل مفاصل المجتمع بما فيها القضايا الشخصية وكذلك على العلمانية والعقلانية والتي لم تكن إلا ممثلة في نتاجات بعض المثقفين والمفكرين والعلماء .
أما بعد نشؤ الصناعة الكبيرة والدولة الرأسمالية فقد هيمنت العلمانية والدولة الحديثة المدنية على مفاصل المجتمع خاصةً في القضايا العامة وخلّصت الدولة والسياسة من رجالات الدين وسلطاتهم الإلهية اللامحدودة..

هذا التقديم يقودنا للقول أن العلمانية لم تكن مناهضة للدين وليست معنية بالصراع ضد الدين ذاته بل هي معنية كدولة حديثة ومثقفين وسياسيين وحركات مدنية بموقف الحياد من الإيمان أو الكفر وهي ضد سيطرة رجالات الدين على السياسة والدولة والمجتمع وفتح مجال العبادة للحرية الشخصية والاختيار العقلي لشكل العلاقة بين الإنسان وربه . وإن كانت عملت وتعمل على تسييد مفاهيم العقل والإنسان والعلم ضد مفاهيم الغيب والله والتراتبية الاجتماعية ..
أما عن كونها رؤية إلحادية كما أدعى رجالات الدين المسيسين والأنظمة التابعة ومارسها بعض من أدعى العلمانية بطريقة سحرية كدين جديد ضد الدين القديم وليس كمشروع اجتماعي جديد ضد مشروع اجتماعي قديم فهذا أمر خاطئ فهي حاجة موضوعية لتطور اقتصادي اجتماعي سياسي يتطلب الخروج من مأزق الإخفاق وعقلية القبيلة والإمارة والإقطاعية والطائفية إلى فضاءات الانفتاح والحريات العامة وإلغاء التراتبية وبما يحقق توسيع الأسواق ومصالح الصناعة الكبيرة وتصدير البضائع وتأمين الثروات الباطنية من مختلف دول العالم عبر الاستعمار أو غيره..
فهي ليس رؤية إلحادية ولكن يمكن للإنسان في أجواء نزع قدسية سيادة رجالات الدين أن يكون حراً بإيمانه أو كفره ،فهي إذا رؤية نازعة نحو فصل الدولة والسياسة عن الدولة وإلحاق الدين بالمجتمع باعتبار المواطنة تشمل حقوق الأفراد بما فيها حق الفرد وحريته بممارسة شعائره الدينية وغير الدينية وفق ما يرتئيه..

لا يمكن الخروج من عقلية القبيلة والطائفة وكذلك التراتبية الاجتماعية والزعامات المطلقة وديمقراطية الطوائف إن لم يتم تجاوز هيمنة الشرائع الدينية وحتى بالمعنى الإيديولوجي على الدولة .فالمجتمع المدني الديمقراطي وحتى ولو كانت كل أفراده من دين واحد لا يمكن أن يصبح كذلك إلا بإبعاد دور الدين السياسي وإعلاء دور الفرد والعقل والإنسان وفتح الحرية العامة أمام عقله وتفكيره لتمثل الفكر الحديث والعلم والفلسفة والصناعة وكل ما يشكل عناصر القوة في العصر الجديد الدائم التغير عصر الثورة التقنية العلمية ..

من الخطأ تعميم القول أن الأنظمة العربية التابعة والمستبدة أنها علمانية بل هي في أحسن الأحوال علمانية ناقصة ولا يمكن أن تكون إلا كذلك ،فهي أنظمة التبعية والتخلف ونتائج عصور الاستعمار والبرجوازيات التابعة ،ولأنها كذلك لم تقطع مع رجالات الدين ولم تقترب من دور الدين السياسي باستثناء حربها ضد الإسلام السياسي الإرهابي ،فهي أبقت ودعمت دوره التشريعي في مجال الأحوال الشخصية والملكية والإرث والتعليم ووسائل الاتصال ودين الدولة ودين رئيس الدولة ووزارات الأوقاف وغيرها الكثير ولم تأخذ بالمساواة القانونية بين الأفراد ومايزت بينهم على أساس ماهوي مسلم أو مسيحي أو يهودي أو مسلم أو درزي أو غيره .وبالتالي دولتنا العربية ليست علمانية وأقرب إلى الدينية ربما باستثناء تونس جزئياً ..
ثم أن الدولة العلمانية لم تكن ديمقراطية منذ البداية وحتى في أوربا وكانت مستبدة ودكتاتورية بل إن الديمقراطية كنظام سياسي لم تتوقعن وتتعزز في أوربا إلا في منتصف القرن التاسع عشر وبعد الحرب العالمية الثانية وكنتاج لصراعات الحركة العمالية العالمية والتي أكدت فيها على حقوقها الأساسية اعتماداً على قيم عصر التنوير والحداثة الأوربية والفكر الماركسي وهنا لا يمكن تجاهل دور القطب السوفييتي كضاغط عالمي خارجي من أجل الديمقراطية وتكريس حقوق العمال في أوربا بالرغم من أنه لم يكن ديمقراطي بالمعنى السياسي وربما تأخذ هذه الملاحظة أهميتها من أن تراجع دور القطب السوفيتي ترافق مع تراجع الحريات والديمقراطية وحتى العلمانية ذاتها في أمريكا بشكل رئيسي وفي أوربا كذلك..

أما عن أفق العلمانية في العالم العربي فأعتقد أن النظام العربي الرسمي بأكمله أصبح نظاماً دينياً بامتياز والعلمانية الجزئية به قد أصبحت محدودة وجزئية حيث تراجعت الأيديولوجية القومية والوطنية والديمقراطية وتقدمت بالمقابل طروحات الإسلام السياسي على اختلاف تنويعاته وتهمشت الدولة واندغمت الطائفية بالديمقراطية على أرضية الأغلبية الدينية والأقليات الدينية ..

وبالتالي العلمانية تواجه مستقبلاً مأزقياً إن لم تطرح في إطار مشروع قومي ديمقراطي علماني على المستوى العربي أو في إطار التيارات العلمانية الديمقراطية القومية في كل قطر وهذا يتطلب أن تخرج العلمانية من صفحات مقالات المثقفين إلى برامج القوى السياسية والاجتماعية ، وألا يتم تضييق هذه القضية لمسألة علمانية أو دين. مما يعني أنها ممكنة التطور إذا تبنتها القوى العلمانية مستفيدة من كل إنجازات العلمانية الموضوعية أو أثار العقلانية الحديثة والعلم المتقدم وهذا يفترض بها أن تحدد موقفاً من عدة قضايا مصيرية هي بمثابة قضايا الأمة العربية :
- رفض الهيمنة الأمريكية على العالم العربي وكل المخططات الأمريكية الإسرائيلية الإيرانية في المنطقة ..
- تأكيد حق المقاومة الوطنية والعلمانية على أرضية الحقوق التاريخية الثابتة في كل أجزاء العالم العربي المحتلة انطلاقاً من جولان سوريا ولواء اسكندر ون ..
- العمل من أجل تطبيق حقوق المواطنة كاملة وغير منقوصة بغض النظر عن القومية والجنس والدين والملكية ونحو أفق التخلص من الملكية الكبيرة وتحقيق مستوى معيشة لائق لكل أفراد البشر..
- العمل من أجل نظام ديمقراطي علماني بالضرورة وفصل السلطات عن بعضها وإقرار دستور مدني حديث .
هذه القضايا وغيرها يمكن أن تعزز مواقع القوى العلمانية بالضد من مواقع الديكتاتوريات المستبدة والتي أصبحت في موقع ضعيف ومتراجع ومأزوم سواء بسبب حجم أزماتها الداخلية أو بسبب النيوليبرالية الجديدة التي تعمل جاهدة من أجل تحويل نظم الاستبداد إلى نظم ديمقراطية طائفية أو طائفية مخففة عبر انتخابات شكلية وبرلمانات زعماء متنفذين وتحويل حكامها إلى موظفين وقادة شرطة بصورة عامة..

اشتراط العلمانية بغياب التراتبية الاجتماعية منطلق من أن العصر الحديث هو عصر التداخل والحضارة الإنسانية الكونية والثورات التقنية العلمية وارتباط النظام الاقتصادي العالمي ببعضه والتأثير الواقعي المتبادل والمتعدد المستويات وعبر ملايين العلاقات الترابطية أما التراتبية وغياب العلمانية في الحضارات السابقة فمرتبط بكونها مجتمعات زراعية ورعوية تتميز بالانعزال والمحدودية وقد كان الدين سماوياً أم أرضياً له الهيمنة على المجتمع حيث دولة القبيلة والإقليم والطائفة ..

ولهذا لا يمكن للعلمانية باعتبارها في أحد أبعادها فصل الدين عن الدولة والسياسة أو العلم والثقافة أو إلغاء التراتبية الاجتماعية أن تتحقق إلا في مجتمع صناعي مدني وحديث وبأفق مجتمع تلتغي فيه التمايزات الطبقية ليس في القانون وإنما في الحياة الواقعية ...



#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوش قاطع طريق
- أية خطوة تاريخية كبرى
- الانفلات الأمني وضرورة الديمقراطية التشاركية
- الوطنية السورية في زمن العولمة الأمريكية
- مهمات الماركسيين السوريين في اللحظة الراهنة
- مفهوم الإنسان عند ماركس
- مناهضة العولمة حركات اجتماعية أم أحزاب سياسية
- التيار العلماني في سوريا
- سوريا بين اتجاهين
- قراءة في كتاب تجديد العقل النهضوي
- التيار الوطني الديمقراطي الاجتماعي
- الديموقراطية لا الليبرالية ،الجدل لا الوضعية
- الوطن بين السلطة السورية ونخبة الخارج
- خدام سوريا واللحظة الراهنة
- شيخ العقل والسياسة السورية
- علاقة المشروع الاستعماري ببعض أوجه العلاقة السورية اللبنانية
- سوريا بين أنصار السلطة وأنصار المعارضة
- علاقة الحوار المتمدن بالمشروع اليساري
- علاقة المسألة القطرية بالمسألة القومية
- علاقة الديموقراطية بالوطنية في سوريا


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- ما بعد الإيمان / المنصور جعفر
- العلمانية والدولة والدين والمجتمع / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - عمار ديوب - العلمانية جزء من مشروع ديمقراطي علماني قومي