أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمار ديوب - الأزمة الهيكلية للرأسمالية وبدايات صعود الليبرالية الجديدة















المزيد.....


الأزمة الهيكلية للرأسمالية وبدايات صعود الليبرالية الجديدة


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1777 - 2006 / 12 / 27 - 10:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع بدايات عام 1848 ، واندلاع الانتفاضات والثورات العمالية في أنحاء العالم ، بدأت الرأسمالية بالزوال ، ومع بداية الحرب العالمية الأولى ، أصبح مبرر وجودها نافلاً ، ثم جاءت الثورة البلشفية ، لتعلن عالمياً ضرورة انتصار الاشتراكية في العالم ، وبتوسع الاشتراكية عبر الثورات في كثير من دول العالم . ظهرت الأزمة المالية للرأسمالية 1929 التي كادت تسبب انهيار كامل للرأسمالية فظهرت آنذاك نظريات كينز بخصوص إخراج الرأسمالية من أزمتها . ثم انفجرت الحرب العالمية الثانية ،التي لم تكن إلا محاولة لإدخال العالم في تأزم عام نتيجة أزمة النمط الرأسمالي بأكمله ،ومع نهايتها برز الاتحاد السوفيتي كقوة رئيسية إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية ،فاتسعت دائرة الدول الاشتراكية التي تهدد النظام الرأسمالي ،فلم يعد أمام الرأسمالية الامبريالية العالمية إلا تبنى سياسات كينز للتخفيف من الظلم والاستعباد وإفشال الحركة الاشتراكية الثورية فكانت الشراكة بين رأس المال والأحزاب الاشتراكية الديمقراطية ، وهو ما خلق استقرار دام لأكثر من عقدين حتى نهاية الستينات...
بروز الليبرالية الجديدة :
لقد بدأت بعد الحرب العالمية الثانية مجموعات ترفض سياسات كينز وتدخل الدولة وفرض ضرائب على الأغنياء وإشراك الممثلين عن العمال في الحكم فكانت أول الطلائع الإيديولوجية الليبرالية الجديدة .
حيث دعا فون هايك الذين يشاركونه التوجه الإيديولوجي عام 1947 إلى اجتماع في المنتجع الجبلي السويسري في دافوس وكانوا مجموعة من الأعداء المرموقين للدولة الاجتماعية في أوربا وتأسست في نهايته جمعية مون بيلران وكان هدف الجمعية محاربة الكينزية وإجراءات التضامن الاجتماعية التي سادت بعد الحرب العالمية الثانية ووضع الأسس النظرية لنوع آخر من الرأسمالية المتشددة والمتحررة من جميع القيود . وظلت هذه الجمعية تحارب إيديولوجياً مدة عشرين عاماً ..
مع 1974 تفجرت الأزمة الكبرى للنموذج الاقتصادي لما بعد الحرب ،فقد دخلت جميع البلدان الرأسمالية المتقدمة في حالة كساد عميق حيث "اجتمع معدل منخفض مع معدل تضخم مرتفع" في مواجهة دافوس..
أو"مرحلة طويلة من الركود ،لامست مرحلة الكساد أحياناً" سلامه..
أو كما يقول ميشال شوسودوفسكي في مقالته عولمة الفقر "بدأت أزمة الركود العالمية في عامي 1981-1983وأنهات أسعار المواد الأولية وبلغت التباينات في الدخول وأنماط الدخول فيما بين الأغنياء والفقراء مستويات لا سابق لها" النهج..
وعندها أعادت جماعة هايك الأزمة بسبب الدولة الاجتماعية ومطالبات النقابات العمالية برفع الأجور بصورة مستمرة وزيادة الإنفاق على الخدمات ووجدوا أن العلاج يكمن في تدعيم قوة الدولة العسكرية والأمنية حتى تتمكن من كسر شوكة النقابات وإتباع سياسة مالية متشددة وان تتراجع الدولة عن التدخل في شئون الاقتصاد والعمل على تخفيض ضرائب الدخل على أصحاب أعلى الدخول من الأفراد وكذلك على أرباح الشركات ..
مع نهاية السبعينيات ، وبالتحدد 1979 حدث تحول في الأوضاع السياسية ، فقد بدأ في ذلك العام حكم مارغريت تاتشر في إنجلترا وتعهدت علناً بتطبيق سياسات الليبرالية الجديدة وبعدها بعام تم انتخاب رونالد ريجان رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية عام 1980 . وفي عام 1982 وصل هلموت كول إلى السلطة . وفي عام 1982- 1984انتصر تحالف ذو اتجاهات يمينية واضحة في الدانمارك ...
وقد حققت موجة الاتجاه نحو اليمين الشروط السياسية الضرورية لوضع الوصفة الليبرالية الجديدة للخروج من الأزمة الاقتصادية موضع التطبيق ، وكانت هذه المدرسة من أهم المعادين للشيوعية وبكل الوسائل ،وبعد وصول تاتشر للحكم راحت تطبق السياسات الليبرالية الجديدة فألجمت كمية الإصدار النقدي ورفعت معدلات الفائدة وخفضت شدة الضرائب على أعلى الدخول وألغت الرقابة على حركة النقد (خروج ودخول رؤوس الأموال ) ورافق ذلك ارتفاع معدل البطالة بدرجة كبيرة ،وعملت على تحطيم الإضرابات وأصدرت قوانين معادية للنقابات واقتطعت من ميزانية الخدمات الاجتماعية وبالتالي عممت سياسات واسعة من الخصخصة واللبرلة...
أما في أمريكا ، باعتبار أنه لا توجد دولة اجتماعية على النسق الأوربي فقد أعطى ريجان الأولوية لسباق التسلح مع الاتحاد السوفيتي من اجل تخريب لاقتصاده وقلب النظام في النهاية ...
وفي السياسة الداخلية عمد إلى تخفيض الضرائب على الأغنياء ورفع معدلات الفائدة وحطم الإضراب الرئيسي الذي جرى في عهده وهو إضراب المراقبين الجويين ..
وقد نفذت حكومات اليمين في بقية دول القارة الأوربية سياسات الليبرالية الجديدة بشيء من التحفظ ولم تحاول الدخول في مواجهات مباشرة مع نقابات العمال ..
ورغم وصول حكومات يسارية في أوائل الثمانينيات وصفت بأنها اشتراكية في فرنسا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا واليونان وأنها تقف ضد الاتجاهات الرجعية لريجان وتاتشر وكول ، ورغم بعض المحاولات في هذا الاتجاه ،اتجاه الدولة الكينزية بالتعاون مع الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية . إلا أنه ومع نهاية عام 1982 غيرت هذه الحكومات سياساته واتجهت لتطبيق سياسة قريبة من الليبرالية الجديدة تحت ضغط الأسواق المالية العالمية حيث أعطت الأولوية للاستقرار المالي ، والتحكم في عجز الميزانية وفتح باب التنازلات الضريبية لأصحاب رؤوس الأموال وقد تخلت الحكومة الفرنسية عن هدف العمالة الكاملة وبنهاية الثمانينات كان معدل البطالة في فرنسا يفوق مثيله في إنجلترا..
وإذا استطاعت فعلاً الليبرالية الجديدة الحد من التضخم خلال سنوات السبعينيات وارتفع معدل الربح خلال الثمانينيات فإن السبب الرئيسي لهذه التغيرات هو هزيمة الطبقة العاملة المتمثل بالانخفاض الحاد لعدد الإضرابات خلال الثمانينيات وتجميد الأجور وارتفاع معدل البطالة وانخفاض القوة الشرائية وقد رافق ذلك تضاعف قيمة الأوراق المالية ثلاث مرات أو أربع حسب كل بلد..
وبالتالي لم تستطع الليبرالية تحقيق هدفها التاريخي والمتمثل بإعادة تنشيط اقتصاد البلدان الرأسمالية المتقدمة على النطاق الدولي ، وبقيّ معدل النمو ضعيفاً ومتذبذباً وأبعد ما يكون عن المعدلات العالية التي عرفتها أعوام الخمسينيات والستينيات ...
فقد رافق الليبرالية الجديدة انخفاض المعدل السنوي للاستثمار المنتج من 5,5 % في الستينيات إلى 3،6 في السبعينيات إلى 2،9 في الثمانينيات . ويعود هذا إلى تحرير الأسواق المالية (حرية انتقال رؤوس الأموال ، حربة بيع وشراء السندات وخلق أنواع جديدة من الأوراق المالية ) وهذا ما يعنى أن الاستثمارات المالية الناتجة عن المضاربات المالية أكثر ربحاً من الاستثمارات المنتجة ، وهذه تعدى إحدى أخطر مشكلات الرأسمالية حالياً..
أمركا اللاتينية والليبرالية الجديدة:

تعتبر أمريكا اللاتينية معمل لإجراء التجارب الليبرالية الجديدة حيث شهدت تشيلي تحت ديكتاتورية الجنرال بينوشيه بعد انقلاب سبتمبر 1973 أو ل تجربة لتطبيق الليبرالية الجديدة بشكل منتظم ، حيث عمد إلى رفع القيود المالية ، واتسعت البطالة على نطاق واسع ، وقمعت النقابات ، وأعاد توزيع الثروة لمصلحة الأغنياء وخصخص القطاع العام وغيرها ..
وقد كان ملتون فريدمان الأمريكي هو الموجه الأول لسياسات دكتاتور تشيلي وكانت علاقة تاتشر ونظام تشيلي وثيقة جداً ، وبالتالي كان شرط قيام الليبرالية الجديدة تصفية القوى الاشتراكية واليسارية والديمقراطية وإلغاء الديمقراطية وفرض نظام ديكتاتوري ..
وقد أبدى فريدمان وفون هايك إعجابهما بالتجربة التشيلية ، ولحقت بتشيلي ، بوليفيا في تطبيق الاصطلاحات الليبرالية في عام 1985 ، حيث طبقت حكومته بالتعاون من جيفري ساكس الاقتصادي الأمريكي ، سياسة الصدمات عليها ، قبل أن يقترحها على بولندا وروسيا لتحطيمها .
وعمدت المكسيك 1988 والأرجنتين 1989 وفنزويلا في نفس العام والبيرو 1990 إلى تطبيق هذه السياسات الليبرالية وذلك بفضل وجود سلطة تنفيذية تركز بيدها سلطات مطلقة ، فقد طبقت المكسيك نظام الحزب الواحد ، ولجأ منعم وفوجيموري إلى تطبيق قوانين الطوارئ أو التعديلات الدستورية لصالح الرؤساء من أجل تطبيق هذه السياسات..
ولكن ليس من الضرورة أن تكون الديكتاتورية الشرط الوحيد لتطبيق السياسات الليبرالية الجديدة ويمكن أن تطبق في ظروف معينة وذلك بتوفر ضعف قوى النقابات العمالية أو الأحزاب الاشتراكية والإملاق والفقر الشديدين ؟
الجدير ذكره أن في أمريكا اللاتينية تراجع معدل نمو حصة الفرد الواحد من الدخل القومي من 78% في سنوات 1960 إلى 8% فقط بعد تطبيق الليبرالية الجديدة لديها وفي القارة الإفريقية انخفض معدل نمو نصيب الفرد الواحد من زائد 39% إلى ناقص 4% بعد السبعينيات....

الكلمات الجوفاء

السياسات الليبرالية أدت بالأرقام إلى فقر شديد وبطالة عالية وتخصيص القطاعات العامة وفرض أنظمة ديكتاتورية وحروب أهلية لا متناهية في أرجاء العالم وخربت اقتصاديات بأكملها ، ونتيجة ذلك كان لا بد من تغطية تلك الجرائم وذاك الدمار بكلمات جوفاء ، فكان الحديث عن المجتمع المفتوح والانترنيت والتواصل والقرية الكونية وتأكيد المساواة الأوتوماتيكية بين السوق والديمقراطية وامتداح إزالة القيود بوصفها مساوية للحرية؟ والهجوم على الدولة الاجتماعية بوصفها دولة البيروقراطيين والمتسلطين والأغبياء والهجوم على الدولة الاشتراكية والتركيز على استبدادها والدفاع عن الأقليات القومية والدينية وتهميش القومية واعتبار شعوبنا قبائل وطوائف وعشائر لا أكثر ولا أقل ...
روسيا وكوريا:

لقد دخلت روسيا وبلدان جنوب شرق آسيا إلى العولمة المالية في منتصف التسعينيات وتسبب ذلك بإفلاسها خلال بضع سنوات وانهارت عملتها وقد رافق هذه الأزمات الاقتصادية وأزمات اجتماعية وأزمات سياسية عمت أرجاء روسيا فتفككت ويوغسلافيا والشرق الأوسط وإفريقيا الوسطى والتي تبدو جميعاً بلا حل في إطار الإدارة السياسية للعولمة وتشذ روسيا عنها بسبب سياساتها الوطنية بعد ذلك الانهيار....
ففي الثمانينات استفادت بعض قطاعات الإنتاج في دول جنوب شرق آسيا من الاستثمارات وبقيت القطاعات الأخرى متخلفة وهامشية وذلك على حساب اليد العاملة الرخيصة مع بقاء العولمة المالية بعيدة والاحتفاظ بمشروعاتها ضمن إستراتيجية وطنية للتنمية ؟؟
وابتداءً من أعوام التسعينيات بدأت كوريا الجنوبية وبلدان جنوب آسيا في الانفتاح تدريجياً على العولمة المالية ، واجتذبت معدلات النمو المرتفعة رؤوس الأموال الدولية ولكنها وبدلاً من زيادة النمو(لاحظ المفارقة) أدت إلى تضخم قيمة العقارات وازدياد الاستثمارات العقارية فيها ، ونتجت عن ذلك مشكلات السكن والفقر ولم تمر سنوات حتى انفجرت الفقاعة المالية وأدت إلى ما يسمى أزمة النمور الآسيوية ،وعندها ضغطت أمريكيا واليابان على كوريا الجنوبية لتفكيك النظام الإنتاجي لديها وإخضاعها لسيطرة المراكز المالية الخاصة بها وينطبق نفس الشيء على بقية النمور المتحولة إلى قطط ..
أما تبني روسيا للسياسات الليبرالية منذ 1990 كحل للمشكلات الاقتصادية لاقتصادها المركزي فقد كان السبب في حدوث الأزمة حيث سمحت لرأس المال العالمي بالسيطرة سواء مباشرة أو عن طريق الوسطاء التجاريين والماليين الروس والذين وضعوا إستراتيجية لنهب صناعات البلاد ، وخصخصتها وتدميرها ونزوح فوائض الصناعات إلى الوسطاء والماليين الأجانب كذلك وتخريب الطاقة الإنتاجية لروسيا ، وتحويلها إلى مصدر للبترول والمواد الأولية عدا عن تخريبها الاجتماعي وإغراقها بمشكلات الفقر والمافيات والمخدرات والمشكلات ذات الطبيعة القومية ..
وهو ما مهد لتفكيك روسيا سياسياً ولم تخرج من أزماتها إلا عندما فرضت درجة دنيا من الرقابة الوطنية كما أشرت على حركة رؤوس الأموال وعلى السياسات النيوليبرالية واعتمدت على خبراتها الوطنية في تقديم الحلول لمشكلاتها الاقتصادية ...
منتدى دافوس :

ينظم السياسات الليبرالية منذ أوائل الثمانينيات المنتدى العالمي للاقتصاد في دافوس بسويسرا ،والذي ينعقد سنوياً لإعادة التفكير في الاقتصاد العالمي من وجهة نظر رأس المال لإعادة توجيهه وفقاً لمصالح الشركات المتعددة الجنسيات والأكثر غناً في العالم وتشترك فيه منظمات كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها ويقررون فيه شكل السلطة القادرة على التحكم بالعالم ويتخذون القرارات الاقتصادية والإيديولوجية والسياسية التي على الحكومات تنفيذها وعلى البرلمانات تشريعها قبل ذلك ؟! وبالتالي ضبط حركة مليارات البشر وتنظيم طرق استغلالهم وإدخالهم في حروب وجهل وأمية وبطالة وفقر وإملاق...
وقد أصبح هؤلاء الأثرياء يتنقلون من مكان لآخر هرباً من مظاهرات مناهضي العولمة ويلجون إلى الأردن أو قطروأمثالهما ؟؟!!
العولمة المالية :

منذ أن فرضت العولمة المالية على الاقتصاد العالمي ، وانعدمت القيود على حركة روؤس الأموال ، حدثت المضاربات المالية وتتابعت الأزمات ، حيث انهارت البورصات عام 1987 ، وتبعتها أزمات العملات الأوربية في أعوام 1992- 1993 ثم الأزمة المكسيكية عام 1994 ، فأزمات النمور الأسيوية عام 1997 وأيضاً أزمات روسيا عام 1998..
وهو ما أدى لموجات من إجراءات تحرير الاقتصاد وإلغاء القيود ومزيد من الخصخصة وازدياد الفقر والبطالة، مما أدى لإضعاف الهيئات النيابية الديمقراطية وتراجعت الحريات وفرضت قوانين متشددة على حركة العمال وتنقلاتهم ...
وبالتالي أصبح المسيطر على المجال الصناعي والمالي هو شبكة من الشركات العملاقة - الشركات المتعددة الجنسيات - والتي لا تخضع لأي رقابة سياسية ديمقراطية ، وقد حولت كل شيء إلى سلعة ،بما في ذلك الرياضة والفن والثقافة بل والكائن البشري ذاته؟!...
وقد أدى تحرير التحركات النقدية (العولمة المالية)) ابتداءً عام 1974 إلى تسهيل وإعادة تدوير الأموال القذرة والناتجة عن تجارة المخدرات وتجارة السلاح وذلك عن طريق جنات الإعفاء من الضرائب وسرية حسابات البنوك . وفي الوقت الذي تعمل فيه المؤسسات الإعلامية الامبريالية على إبراز قيم التعدد الثقافي واحترام الاختلاف والرغبة في العيش معاً فإن عولمتهم لا تؤدي إلا إلى إذكاء الخوف من الآخر وكراهيته والتعصب والكراهية وصراع الحضارات ، ولا يتورعون عن نهب النظام البيئي العالمي وحتى الفضلات الصناعية يتم التخلص منها بطريقة مربحة للقطاع الخاص وبدون تخلص فعلي منها ...
فالأزمات والانهيارات المتتالية لاقتصاديات العالمية هي جزء من عالم العولمة الراهنة الأمريكية وغير الأمريكية وشبكات الإرهاب والمافيات والمخدرات والدعارة والجنس وأمراض الايدز وغيرها جزء أخر. وهو ما يظهر عجز اقتصاد السوق المعولم عن إيفاء حاجات الشعوب في العدالة والمساواة وإغراقها بكل صنوف الدمار البطيء أو السريع ومن جهة أخرى لم يستفد من هذا السوق إلا بضع شركات ومجموعة مليارديرية لا يتجاوزن عددهم الأربعمائة شخص( 400شخض)...
وهو ما أدى لإعادة العمل بقضيتين اثنتين في كثير من دول العالم وتتصدر برامج القوى المناهضة للعولمة :
- الحد من السلطة البالغة للسوق عن طريق إعادة الفاعلية لرقابة السلطات الحكومية ، وفرض القيود والضرائب على العمليات المالية ..
- والحد من الاعتماد المتبادل بين الاقتصاديات وإيجاد دور تدخلي اقتصادي واجتماعي للدولة
أزمة هيكلية :

إن السياسات الليبرالية الجديدة المطبقة كما شرحنا أعلاه هي بالأصل نتيجة أزمة هيكلية في الاقتصاد ،وقد تعمقت من جراء هذه السياسات نفسها ، التي قدمت نفسها برنامج للعلاج وللإقلاع بالنمو وهذه الأزمة هي أزمة فائض الإنتاج على المستوى العام ونتيجة شكل علاقات الإنتاج وعلاقات التوزيع الرأسمالية ..
وهذه الأزمة تتعقد في ظل غياب الدور الفاعل والضابط للآليات الحكومية لحرية حركة رؤوس الأموال وعولمة رأس المال المبنية على تحرير العملات المحلية وإلغاء كافة القيود باستثناء القيود المتشددة على حركة العمال تحت مسميات عنصرية في بعض الأحيان ، وبالتالي الأزمة الهيكلية هي أزمة فائض الإنتاج في إطار نظام التراكم ذي الطابع المالي المعولم الجديد ، وهي تعبير عن استحالة تحقيق قيمة الإنتاج ، أي دورة الإنتاج والتسويق ، أي خلق القيمة وفائض القيمة وتحقيقهما وذلك بالنسبة لكمية كافية من رأس المال والسبب في ذلك هو العجز الدائم عن الطلب العام الذي يمتلك القدرة الشرائية ..
وهذا يعود لطبيعة النظام الرأسمالي القائم على الملكية الخاصة والاستقطاب والاستغلال والاغتراب وآليات توزيع الثروة والدخول وتدمير فرص العمل ، وقد فشلت كل محاولات كينز لأنها لم تتجاوز إطار الملكية الخاصة لأدوات الإنتاج وأصبحت محط استخفاف واحتقار من قبل الليبرالية الجديدة..
ديون العلم الثالث:

إن إجراءات النقد الدولي والبك الدولي وشروطهما التابعة للشركات المتعددة الجنسيات ومنظمة التجارة العالمية أدت إلى إحداث الركود في دول العالم الثالث وأدت إلى أزمة ديون دائمة لا تتوقف ، ونجملها في الأسباب التالي :
1- ارتفاع معدلات الفائدة..
2- انخفاض تدفق الأموال الجديدة ..
3- انخفاض كبير في دخولهم من الصادرات ومنعها على قلتها ..
وقد أدى ذلك إلى فقدان بعض عناصر السيادة الوطنية كمراقبة البنوك الدولية لعائدات وزارة المالية في مصر مثلاً وإلى انخفاض كبير في مستوى المعيشة ، وتخصيص القطاع العام وتحطيم النقابات وسيادة قوانين الطوارئ والديكتاتوريات ، فالرأسماليون البرازيليون مثلاً وخاصةً ممثلي الشركات متعددة الجنسيات تستطيع اقتراض ملايين الدولارات من سوق نيويورك بفائدة قدرها 6% ثم تعيد إقراضها في البرازيل بفائدة تتراوح بين 20% و49،75% ولا يكتفون بذلك بل يهربون جزءاً كبيراً من أموالهم للخارج ، خوفاً من أية تغيرات مفاجئة ، تحدث للأوضاع الاقتصادية في البرازيل ...
بعض الأرقام المرعبة :
من جراء وعود الليبرالية ، وسياساتها المطبقة ، بلغ ديون العالم الثالث عام 1997 حوالي 1950 مليار دولار وتدفع بلدان العالم الثالث أكثر من 200 مليار دولار سنوياً لتسديد الديون ويصل مجموع النفقات العسكرية السنوية في العالم في العام الواحد إلى 780 مليار دولار ...
وإن مجموع ما ينفق على الدعاية يصل إلى 1،000 مليار دولار ( تقرير الأمم المتحدة الإنمائي لعام 1998) ويجري كل يوم تبادل أكثر من 2،000 مليار دولار في أسواق تبادل العملة وأكثر من 90% من هذه العمليات هي عمليات مضاربة..
هذه هي بدايات الليبرالية الجديدة ، وهذه بعض نتائجها ، وباستمرار تحكمها بمليارات من البشر ، وبثروة الطبيعة ، ستكون البشرية والطبيعة والبيئة أمام كارثة إنسانية ودمار حقيقي لكل ما أنجزه الإنسان عبر تاريخه ، وباعتبار لم يعد ممكناً العودة عنها إلا عبر الترقيعات التي لا تحل الأزمات ، كينز مثال عنها . ولم يعد الاستمرار معها ، بدأ العالم يختار توجهات جديدة ، وهو ما كان مع حركات مناهضة العولمة في العالم ، وتقدم حركات اليسار اللاتيني ، بلد التجارب الأولى لليبرالية الجديدة ، وإسقاط حكومة إزنار في إسبانيا وبرلسكوني في إيطاليا وغيرها واندلاع المقاومات المسلحة في العالم العربي وهو ما سيكون موضوع مقال قادم..

المراجع المستخدمة بتصرف :
1- فرانسوا أوتار وفرانسوابوليه: في مواجهة دافوس .ترجمة سعد الطويل وتقديم سمير أمين ، الناشر ميريت للنشر والمعلومات ، القاهرة .ط 2001...
2- سلامه كيله : العولمة الراهنة ، دار نينوى ، ط1، 2003..
3- فخ العولمة: هانس – بيترمارتين ،وهارالد شومان ، ترجمة عدنان عباس علي ، ومرجعة وتقديم رمزي زكي، 2003واعتمدت عليه بتصرف ..
4- مجلة النهج :مقالة عولمة الفقر ،لميشيل شوسودوفسكي ،عام 2000 وهو عدد ممتاز وخاص عم العولمة ومن كتابها المفكر المرحوم نايف بللوز وسمير أمين وفيفان فورستر وعدنان عويد ، وميشيل شوسودوفسك



#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار الإصلاحي ، المقاومة المعرِقلة ، اليسار الثوري ، هزيمة ...
- الحركات الاجتماعية وعلاقتها بإشكالية الديمقراطية
- دولتين ام دولة ديمقراطية علمانية واحدة
- العولمة والامبريالية
- سياسية التمويل مصالح وأخطار
- أهمية نداء القوى والشخصيات الماركسية في الوطن العربي
- مشكلات وأدوار المنظمات الأهلية
- سقوط التسوية في زمن المقاومة والديمقراطية
- علاقة الهيمنة الأمريكية بأزمة المعارضة العربية
- استبدادية الأنظمة وديمقراطية الشعوب
- الحرب الأمريكية على لبنان
- علاقة الحرب بالطائفية
- المقاومة الوطنية مقابل الاحتلال الإسرائيلي
- مشكلة التداخل بين الأحزاب السياسية ومنظمات حقوق الإنسان في س ...
- العلمانية جزء من مشروع ديمقراطي علماني قومي
- بوش قاطع طريق
- أية خطوة تاريخية كبرى
- الانفلات الأمني وضرورة الديمقراطية التشاركية
- الوطنية السورية في زمن العولمة الأمريكية
- مهمات الماركسيين السوريين في اللحظة الراهنة


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمار ديوب - الأزمة الهيكلية للرأسمالية وبدايات صعود الليبرالية الجديدة