أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - تكفير قسد اليوم تكفير الكورد غدًا














المزيد.....

تكفير قسد اليوم تكفير الكورد غدًا


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8573 - 2025 / 12 / 31 - 07:58
المحور: القضية الكردية
    


ما يجري اليوم في سوريا لا يمكن اختزاله في خلافٍ حول شكل الحكم أو طبيعة الإدارة، بل هو انزلاق خطير نحو إعادة إحياء منطق التكفير بوصفه أداة سياسية لإلغاء الشراكة الوطنية. نحن لا نواجه أزمة دولة فقط، بل أزمة وعي تُعاد هندستها بعناية، حيث تُستبدل السياسة بالفتوى، والاختلاف بالكفر، والمطالبة بالحقوق بالخيانة.
تكفير قسد وقنديل وُشيطنة كل كوردي يطالب بالشراكة الوطنية ليس موقفًا دينيًا، ولا اجتهادًا عقائديًا، بل وظيفة سياسية واضحة، خلق عدوّ داخلي جاهز، يُعلَّق عليه فشل السلطة، ويُستخدم لتعبئة الشارع السني ضد فكرة الشراكة ذاتها. قسد اليوم في الواجهة، لا لأنها الخطر، بل لأنها الحلقة الأسهل شيطنة. أما الهدف الحقيقي، فهو الوعي الكوردي، والحلم الكوردي، وكل مشروع يرفض العودة إلى دولة الغلبة القومية والمذهبية.
من يقرأ التاريخ بعين مفتوحة يدرك أن التكفير لم يكن يومًا مسألة إيمان، بل أداة حكم. المعتزلة كُفّروا لأنهم عقلانيون، والفلاسفة كُفّروا لأنهم أزعجوا السلطة، والقرامطة أُبيدوا لأنهم خرجوا عن المركز. وحين أُحرقت كتب ابن رشد، وصُلب الحلاج، لم يكن الخلاف فقهيًا، بل سياسيًا. الدين كان دائمًا الغطاء، لا الدافع.
ما فعله الخميني في إيران نموذج حديث لا يحتاج إلى كثير تأويل. وعود بالفيدرالية، شراكة مع الكورد، اعتراف بالحقوق، ثم ما إن استقرت السلطة حتى تحوّل الشركاء إلى “زنادقة”، وفتحت أبواب الإبادة. اليوم، تُعاد التجربة نفسها في سوريا، لكن بأدوات سنية تكفيرية، وبرعاية تركية مباشرة، وبصمت إقليمي مخيف. من يظن أن التكفير سيتوقف عند قسد أو قنديل، إما واهم أو يتغاضى عن المسار الكامل للمشهد. غدًا لن تكون قسد في الواجهة، بل كل قيادة كورديّة، وكل مثقف، وكل سياسي، وكل صوت يطالب بحقوق قومية أو شراكة وطنية حقيقية.
الأخطر أن هذه الدعاية التي تُضخ اليوم في الشارع السني عبر منابر دينية وإعلام مبرمج لا تقوم على التفكير، بل على النقل، ولا تخاطب العقل، بل الغريزة. تُفرغ مفاهيم سياسية مثل اللامركزية والفيدرالية من معناها، وتُعاد تعبئتها كمصطلحات كفرية، يصبح الحديث عن الشراكة الوطنية مرادفًا للانفصال، والمطالبة بالحقوق مؤامرة، ورفض الخضوع خروجًا عن “الجماعة”. هنا لا نكون أمام نقاش سياسي، بل أمام تعبئة عقائدية كارثية.
في هذا السياق، يصبح إبقاء قسد في واجهة الحوار مع الحكومة السورية الانتقالية خطأً استراتيجيًا، لا أخلاقيًا. ليس لأن قسد بلا شرعية، بل لأن وجودها في الصدارة يمنح التيار التكفيري الذريعة المثالية لمواصلة التحريض “نحن لا نكفّر الكورد، نحن نحارب قسد”. وهي كذبة وظيفية، لكنها فعّالة في الشارع.
المسؤولية الوطنية تفرض اليوم إعادة توزيع الأدوار. ليس انسحابًا، ولا تراجعًا عن الحقوق، بل خطوة ذكية تسحب الذريعة من يد التكفيريين. على الحراك الكوردي السياسي، والإدارة الذاتية، والهيئات المشتركة التي تشكّلت بعد مؤتمر قامشلو، أن تتقدّم لإدارة الحوار السياسي، على أساس نظام لا مركزي فيدرالي واضح. أما قسد، فمكانها الطبيعي أن تبقى قوة حماية، لا رأس حربة سياسية تُستنزف في معركة ليست عسكرية.
من يحرّض اليوم على تكفير قسد، سيكفّر غدًا كل قيادة كوردية، وكل مثقف، وكل ناشط، وكل من يطالب بالحقوق القومية. المسألة ليست أسماء ولا تنظيمات، بل مشروع إلغاء كامل. والتاريخ علّمنا أن التكفير حين يُطلق، لا يتوقف عند حدّ.
إذا لم يُقطع هذا المسار الآن، فإن سوريا لا تتجه إلى استقرار، بل إلى حرب أهلية جديدة، هذه المرة بين المجتمع ونفسه، باسم الدين، وتحت لافتة “الوحدة”. وما لم يُعاد الصراع إلى ميدانه الحقيقي، السياسة والعقد الاجتماعي، فإن الدم القادم لن يكون خطأً، بل نتيجة منطقية.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
25/12/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء أخير إلى قوات قسد
- حين تصمت غزة وتتكلم قسد، الإعلام العربي في خدمة المخطط الترك ...
- حين تتحوّل واشنطن بوست إلى أداة تخوين لا إلى مساءلة
- الحكومة السورية الانتقالية على حافة السقوط
- كيف بدّدت واشنطن بوست ما تبقّى من مصداقيتها في سوريا،
- الحكومة السورية الانتقالية بلا إنسانية: أسرى منذ 2012 بلا عف ...
- من البيت الأبيض
- سياسة واشنطن في سوريا إدارة الإرهاب بدل اجتثاثه
- حوار مع الظلام أم شراكة واعية في محو الكورد؟
- التحالفات المتحوّلة في سوريا
- من يُختطف السُّنّة باسم صدام حسين، حكومة انتقالية أم إمارة ت ...
- منبر الأموي يكرّر خطيئة الكوفة الجولاني يخطب بلسان الحجاج
- ترامب يسلّم جنوده للتكفيريين دمٌ أميركي على عتبة الجولاني
- من جامع النوري إلى الأموي سلالة الحكم بالمحراب
- يوم سقوط المجرم في سوريا وصعود التكفير
- أحمد الشرع في مرآة الأسد ليست مقارنة، بل فضيحة
- من يقف خلف تقرير رويترز؟
- الجزيرة ليست صامتة من يصادر صوتها هو من يخاف الحقيقة
- حين تتحوّل الصحافة إلى تبييض للإرهاب، ويصبح الكذب “تحليلاً س ...
- تفكيك المجتمع السوري بخطاب التكفير


المزيد.....




- اليونيسيف تأسف لوفاة أطفال في غزة بسبب الظروف الجوية
- اعتقال 357 شخصا في ترکيا في عملية ضد تنظيم داعش
- نائب رئيس دولة فلسطين يرحب بالبيان الأوروبي الآسيوي حول الوض ...
- دول أوروبية وآسيوية تعرب عن قلقها من تدهور الوضع الإنساني في ...
- إسرائيل تصدر بيانا بشأن -تعليق عمل- منظمات إنسانية في غزة
- اليونيسيف تأسف لوفاة أطفال في غزة بسبب الظروف الجوية
- منظمات حقوقية: اعتقال 7 آلاف واستشهاد 32 أسيرا بسجون إسرائيل ...
- الأونروا: قطع الكهرباء والمياه عن مكاتبنا بالقدس تصعيد خطير ...
- صور أقمار صناعية تظهر توسع مخيمات النازحين في السودان
- صور الأقمار الاصطناعية تظهر توسع مخيمين للاجئين بالسودان مع ...


المزيد.....

- الى جمهورية كردستان الاشتراكية المتحدة!، الوثيقة 3 - كردستان ... / كوران عبد الله
- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - تكفير قسد اليوم تكفير الكورد غدًا