أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد صالح سلوم - سوريا -الجولاني-... الحلقة الأخيرة في مسرحية التقسيم وثمن الغباء الأطلسي














المزيد.....

سوريا -الجولاني-... الحلقة الأخيرة في مسرحية التقسيم وثمن الغباء الأطلسي


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 21:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف حوّل التصريح الأمريكي في "مار-أ-لاغو" والصعود المفاجئ لـ"نظام الجولاني" في دمشق نهاية ٢٠٢٤، الضوءَ على المأساة التركية الكبرى: لقد دفعت الثمن، وغُسلت يداها، وفقدت اللعبة.

من مار-أ-لاغو إلى دمشق.. الاعتراف والمفاجأة
عندما نسب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الفضل في إسقاط بشار الأسد لرجب طيب أردوغان في ذلك اللقاء الشهير بشتاء ٢٠٢٥،كان يعطي تفسيراً لما بدا ككارثة استراتيجية لأنقرة. ولكن التطور الأكثر إثارة، الذي حدث قبل ذلك بأسابيع فقط في ديسمبر ٢٠٢٤ – وهو تنصيب ما يُعرف بـ"نظام الجولاني" في دمشق – يكشف النقاب عن الفصل الأخير والأكثر مرارة من المسرحية. لم يعد الأمر يتعلق فقط بـ "إسقاط نظام"، بل بـاستبداله بنظامٍ ضعيفٍ مقصودٍ ضعفه، كيان هشٍ رهين، يقوده رجل من قلب الفصائل المتطرفة (أبو محمد الجولاني) ليكون الوجه "الجديد" لسوريا بعد أن نجحت القوى الإقليمية والدولية في تحويل البلاد إلى دولة فاشلة بالتصميم.

هذا التحول الجذري – من حكم الأسد المركزي المتصلب إلى حكم "الجولاني" المشتت والمرفوض – هو الدليل الحي على نجاح سيناريو التقسيم. وهو يلقي بظلاله القاتمة على تصريح ترامب: فـ"الفضل" الذي منحه لأردوغان لم يكن على بناء دولة جديدة، بل على تدمير الدولة القديمة وتمهيد الطريق لفوضى تخدم أجندات أخرى. تركيا، التي سعت ليكون لها نفوذ في دمشق، وجدت نفسها أمام نظام دمشق الجديد لا يسيطر حتى على عاصمته بالكامل، فكيف يكون شريكاً إقليمياً؟

"الجولاني".. الورقة التركية التي انقلبت إلى سكين في الظهر

1. من حليف تحت الطاولة إلى حاكم على الكرسي: كانت علاقة أنقرة بفصائل مثل "هيئة تحرير الشام" (التي يقودها الجولاني) علاقة نفعية قائمة على "العدو المشترك". ولكن تحول الجولاني من زعيم ميليشيا في إدلب إلى رئيس "نظام" في دمشق يمثل الانهيار الكامل للمشروع التركي. لقد أصبح الحليف الإرهابي السابق هو السلطة "الشرعية" التي تعترف بها القوى الدولية من وراء الكواليس، بينما تركيا عاجزة عن التأثير فيه أو ضبطه.
2. ميكانيزم السيطرة المقصودة: وصف أدبي لدولة "الجولاني" الهشة. إنه نظام لا يسيطر على محافظة السويداء المستقلة عملياً بقيادة درزية، ولا على شرق الفرات وشماله الذي هو مملكة "قسد" الأمريكية، ولا حتى على الساحل وريف حماة وحمص حيث اندلعت انتفاضة شعبية عارمة ضد حكمه وعصاباته. هذه "الانتفاضة العلوية" ليست مجرد تململ؛ إنها رفضٌ وجودي من قلب المجتمع الذي كان عماد نظام الأسد، لحكمٍ يُنظر إليه كاستعمار بربري من قبل جماعات جهادية. النظام الجديد هو "دولة العاصمة" فقط، محاطة ببحار من الرفض والعصيان.
3. العبء يصبح كارثة: العمليات التي تذكرها، مثل قتل عناصر الشرطة التركية على يد "داعش" والتفجيرات في حلب بين "قسد" وقوات "الجولاني"، لم تعد مجرد أحداث أمنية معزولة. إنها الأدلة اليومية على أن الفوضى التي غذتها أنقرة قد خرجت عن السيطرة تماماً، وأن حدودها الجنوبية أصبحت جبهة مفتوحة مع فوضى عابرة للحدود، يحكمها أعداء أمس.

تشريح الدولة الفاشلة.. "الجولاني" كتجسيد للفشل المقصود

1. خريطة التفتت النهائية:
· دمشق وحلب (مركز "الجولاني" الهش): سلطة أيديولوجية متطرفة لا تملك مشروعية وطنية، تعتمد على القوة الغاشمة والتفاهمات الملوثة مع مخابرات خارجية.
· الساحل والجنوب (مناطق الانتفاضة): مناطق تشتعل برفضها المطلق للنظام الجديد، وهي عصيّة على الحكم من دمشق وتشكل برميل بارود قد ينفجر في أي لحظة.
· الشرق (تحت سيطرة "قسد"): كيان انفصالي منظم ومدعوم تقنياً وسياسياً من قبل التحالف الدولي، يمثل النموذج المضاد لمشروعيْ الأسد و"الجولاني" معاً.
· السويداء: كانتون درزي مستقل عملياً، يعبر عن رفضه للجميع.
2. الهدف المتحقق: هذا الوضع هو ذروة استراتيجية "الدولة الفاشلة". لقد تم تحطيم سوريا المركزية القوية إلى أربع كيانات متنافرة (على الأقل)، لا تستطيع أن تهدد إسرائيل، وتستنزف إيران وتركيا وروسيا، وتوفر ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات عبر الوكلاء. تصريح ترامب يشير إلى من قام بالجزء الأكبر من العمل التدميري الأولي (تركيا)، بينما مشهد "نظام الجولاني" هو الثمرة المرة النهائية التي جناها الآخرون.

ما بعد الغباء.. حين تكتشف الأداة أنها كانت وقوداً للمحرقة
لم يعد سؤال"من ربح؟" مطروحاً في سوريا الجديدة. الجواب واضح: لقد ربحت إستراتيجية الفوضى والتقسيم. السؤال الأكثر إيلاماً لأنقرة هو: "ما الثمن الذي دفعته، وماذا جلبت؟".
لقد دفعت تركيا ثمن الغباء الاستراتيجي الذي وصفته:اقتصاد منهك، أمن داخلي مُهدَّد، وعزلة متزايدة. وما جلبه لها "فضل" ترامب الاعترافي هو كارثة باسم النظام الجديد في دمشق: نظامٌ ضعيفٌ لا يحترمها، وغير قادر على منحها الأمن أو الاستقرار الذي حلمت به، بل حول حدودها إلى جمر متقد.
التصريح الأمريكي ونظام الجولاني وجهان لعملة واحدة:عملة سوريا المفككة. والأخير هو البرهان الساطع على أن تركيا، في سعيها وراء إسقاط نظام، لم تكن تبني إمبراطوريتها، بل كانت تحفر قبر نفوذها، وتُقدِّم بلادها على طبق من فوضى ذهبية لقوى أعظم، قد تلتفت الآن لترى في ضعفها الداخلي وتقسيماتها المجتمعية الفرصة التالية في لعبة التفتيت الكبرى.

.....



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترامب يعترف بالجولان وماسك بالاستبدال: مهرجان النفاق الاستعم ...
- مقالات عن الذهب واحتمالات الشيوعية في الغرب و و...
- لماذا تستمر بروكسل في حرب خاسرة؟
- اليمن كقلب العالم الجديد - إعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية
- رواية : الرحلة المقطوعة
- في حضرة الضوء: الصين تعيد كتابة قوانين الحوسبة والقوة
- رواية - من طيرة اللوز إلى الراين - أو - ظلال الكرمل -
- نهاية الإمبراطورية الرقمية: كيف خسرت أمريكا سباق الرقائق أما ...
- دراسة أدبية نقدية معمقة لرواية -دمية بعين واحدة- لأحمد صالح ...
- حلب... عندما تَصْفَعُ المدافعُ وجهُ الماضي
- في تشريحِ خُرَافَةِ مُعَادَاةِ السَّامِيَّةِ وَتَجْنيدِهَا س ...
- بروكسل في الفجر: فاتورة الوهم على كاهل أوروبا( كتيب)
- كبت الرمال: تناقضات التقوى في محميات الخليج
- همسة رضيع في عاصفة الإبادة..قصة قصيرة عن الهولوكوست الأمريكي ...
- مقبرة الأسياد.. كيف تشيّع بروكسل أحلامها بأكفان شعبين؟..الجو ...
- قمة بروكسل تفضح أزمة الإمبريالية المتأخرة في مواجهة روسيا
- في معنى تعدد الأقطاب : عندما تعترف واشنطن بالقوى الصاعدة : ا ...
- قصة : رقصةُ الغزال الأخيرة
- تقشف أوروبي تحت غطاء العسكرة: كيف يُعاد تشكيل الدولة الاجتما ...
- انتصار جنرال الوقت على الهيمنة الأمريكية


المزيد.....




- برلين قد تدخل على خط التحقيق في حادث تحطم طائرة رئيس أركان ا ...
- أردوغان يدعم وحدة الصومال ويعتبر اعتراف إسرائيل بـ-أرض الصوم ...
- بعد إعلان أبوظبي.. هل غادرت الإمارات اليمن وما الذي تغيّر فع ...
- ابتكار صيني ثوري لشحن المقاتلات من رادارات العدو
- هل تتحرك الصين لإنقاذ فنزويلا؟
- رئيس الصومال للجزيرة: إسرائيل تسعى لتهجير الفلسطينيين لـ-أرض ...
- هل أقنعة الليد المنزلية فعالة وتستحق الاقتناء؟
- إنترسبت: الغضب الشعبي من حرب غزة يدفع -أيباك- لبسط نفوذها با ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى واعتداءات متزامنة بالقدس والض ...
- قيادة التحالف تكشف تفاصيل قصفها شحنة الأسلحة الإماراتية


المزيد.....

- صفحاتٌ لا تُطوى: أفكار حُرة في السياسة والحياة / محمد حسين النجفي
- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد صالح سلوم - سوريا -الجولاني-... الحلقة الأخيرة في مسرحية التقسيم وثمن الغباء الأطلسي