أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - في ذكرى تأسيس الإتحاد السوفياتي - 7 نوفمبر: ذاكرة الثورة التي تحكم الحاضر من الظل














المزيد.....

في ذكرى تأسيس الإتحاد السوفياتي - 7 نوفمبر: ذاكرة الثورة التي تحكم الحاضر من الظل


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 10:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

30 ديسمبر 2025

في مثل هذا اليوم عام 1922 تأسس الإتحاد السوفياتي - حول مأزق الذاكرة السوفياتية في روسيا المعاصرة

في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر، تعود ذكرى لا تُرفع لها الرايات في روسيا اليوم، لكنها لا تغيب عن الوعي السياسي، ولا عن حسابات القوة الدولية. إنها ذكرى ثورة أكتوبر، الحدث الذي – كما يذكّرنا غليب كوزنيتسوف في مقاله المنشور في 7 نوفمبر 2025 – «أنشأ دولة لا تزال حتى الآن تحدد التموضع العالمي لروسيا».
المفارقة المركزية التي يبني عليها كوزنيتسوف تحليله حادة وواضحة: روسيا الإتحادية تعيش على الرأسمال الرمزي للإتحاد السوفياتي، لكنها عاجزة عن الإعتراف بذلك.
ليس لأن هذا الإرث عديم القيمة، بل لأن الإعتراف به يعني العودة إلى جرح لم يلتئم بعد: جرح الثمانينيات، والإنهيار، ولحظة الإحساس بأن «الغرب إنتصر نهائيًا».

رأسمال سوفياتي… بواجهة ما بعد-سوفياتية

يشير كوزنيتسوف بوضوح إلى أن شبكة العلاقات الدولية الفعلية لروسيا لا تقوم على الخطاب القيمي الجديد حول «التقاليد» و«الروحانية»، بل على الإرث السوفياتي المتراكم عبر عقود من الشراكة الحقيقية والتضامن المناهض للإمبريالية.
من بكين إلى كراكاس،
من بيونغ يانغ إلى لواندا،
يكتب كوزنيتسوف بأن شركاء موسكو الكبار «هم نتاج الحقبة السوفياتية»، وأن قادة مثل شي جين بينغ، كيم جونغ أون، دانييل أورتيغا، لولا دا سيلفا لا يتعاملون مع روسيا لأنهم مفتونون بـ«القيم المحافظة»، بل لأنهم: «يتذكرون البديل السوفياتي للهيمنة الأمريكية».
هنا يضع الكاتب إصبعه على جوهر المعضلة: روسيا تملك ذاكرة "قوة عالمية"، لكنها ترفض تسمية مصدرها الحقيقي.

دولة إجتماعية بلا إسمها الحقيقي

أحد أكثر مقاطع المقال أهمية هو تفكيكه للنموذج الداخلي للدولة الروسية. فبعيدًا عن الخطاب الأيديولوجي الرسمي، يؤكد كوزنيتسوف أن النموذج الواقعي القائم هو نموذج دولة إجتماعية من الطراز السوفياتي:
•رعاية صحية مجانية
•تعليم مجاني
•نظام تقاعد
•دعم الأمومة
•بنية تحتية إجتماعية لا يتم تفكيكها بل تطويرها
ويورد الكاتب أرقامًا لافتة:
ارتفاع متوسط العمر من 65 إلى 73 عامًا، وإنخفاض كبير في وفيات الأطفال، وموسكو التي تتباهى ببناء «أفضل نظام رعاية صحية مجانية في العالم».
لكن المفارقة – كما يقول – أن كل هذا يُفسَّر رسميًا بـ«الإدارة الفعالة»، لا بالإستمرارية التاريخية للمبادئ السوفياتية في شمولية الوصول والعدالة الإجتماعية.
«النخب تتحدث عن إفلاس المشروع السوفياتي، وفي الوقت نفسه تستثمر تحديدًا في بنيته الإجتماعية».
وهنا يظهر ما يسميه الكاتب الإنفصام الأيديولوجي:
في الداخل، يُعاد تسمية الإرث السوفياتي ليصبح «تقليدًا».
وفي الخارج، يُستخدم بلا تردد «رصيد الثقة» الذي بناه الإتحاد السوفياتي.


أزمة المعنى: سؤال «لماذا؟»

يصل كوزنيتسوف إلى لبّ الأزمة حين يتحدث عن غياب التفسير الذاتي للفعل السياسي الروسي.
السؤال الذي يتكرر على كل المستويات: «لماذا نفعل ما نفعله؟»
في المشروع السوفياتي – كما يذكّر – لم يكن هذا السؤال مطروحًا أصلًا.
كان الجواب مدمجًا في بنية المعنى كلها، من المدرسة إلى المكتب السياسي.
مساعدة أنغولا لم تكن قرارًا تكتيكيًا، بل امتدادًا طبيعيًا لـ : «النضال من أجل تحرير المقهورين والعدالة العالمية».
أما اليوم، فإن «مقاومة الغرب» تُقدَّم كغاية بحد ذاتها، بينما هي – كما يشدد الكاتب – وسيلة لا أكثر.
الغاية؟
عالم أكثر عدالة.
لكن من أين جاءت هذه الفكرة أصلًا؟
الإجابة الصريحة – التي لا يُسمح بنطقها – هي:
1917، البلاشفة، وسبعون عامًا من التاريخ السوفياتي.


ألف عام من التاريخ… لتغطية سبعين عامًا حاسمة

يرى كوزنيتسوف أن إستحالة الإعتراف بالأصل السوفياتي للمعنى دفعت الخطاب الرسمي إلى القفز نحو «ألفية روسية» فضفاضة.
وهكذا حصل ما يشبه إعادة تغليف سوفياتي بقالب لا يناسبه تمامًا.
النتيجة:
تفسيرات شبحية،
وألم يشبه «ألم السن المخلوع»،
وسؤال «لماذا؟» الذي لا يتوقف عن الحكة.
في الخارج، تبدو روسيا كـ : «صندوق فارغ عليه علامات سوفياتية: المحتوى غائب، لكن قابلية التعرّف تحافظ على البنية قائمة».

7 نوفمبر: ذاتية أيديولوجية ضائعة

يختم كوزنيتسوف مقاله بتأكيد بالغ الأهمية: الإمبراطورية الروسية كانت قوة عظمى، نعم.
لكن المشروع الوحيد الذي قدّم بديلًا تاريخيًا عالميًا حقيقيًا كان الإتحاد السوفياتي.
روسيا المعاصرة لا تستطيع رفض هذا الإرث، ولا تستطيع إمتلاكه بالكامل.
ذلك هو ثمن الجرح التاريخي المفتوح: العجز عن إدراك ما الذي ينجح حقًا، ولماذا يحمل قيمة كونية.

الإستشراق الداخلي من بريجنيف إلى ترامب

في ملاحظة لاذعة، يشير الكاتب إلى ما يسميه «الإستشراق الداخلي السوفياتي»:
أسلوب مبالغ فيه من المديح، والولاء المسرحي، واللغة المزخرفة، كان متوقعًا من نخب «الجمهوريات السوفياتية السابقة».
المثير للسخرية – كما يقول – أن قادة آسيا الوسطى اليوم يعيدون إنتاج الأسلوب ذاته، لكن مع ترامب، حتى إن لغة المديح – كما يلاحظ – «بقيت روسية، حتى داخل البيت الأبيض».

الخلاصة

مقال غليب كوزنيتسوف ليس دفاعًا عن الإتحاد السوفياتي بقدر ما هو تشريح عميق لأزمة هوية ومعنى.
إنه يقول بوضوح: لا يمكن لروسيا أن تكون فاعلًا عالميًا مقنعًا، ما لم تتصالح مع المصدر الحقيقي لقوتها الرمزية والإجتماعية.

7 نوفمبر: تاريخ لا يعود… لأنه لم يغادر أصلًا.

*****
هوامش

غليب كوزنيتسوف
هو عالم سياسة روسي ورئيس مجلس الخبراء في معهد البحوث الإجتماعية، متخصص في التحليل السياسي والإجتماعي ودراسة الهوية الأيديولوجية الروسية.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 815 - عام الإنكشاف: ماذا بقي من «محور المقاومة» ...
- طوفان الأقصى 814 - نحو 2026: الإرهاب في سوريا يتبدّل شكله ول ...
- طوفان الأقصى 813 - إيران في قبضة التناقضات الكبرى
- طوفان الأقصى 812 - في بغداد، القلق لا ينتهي: نظرة على إرث ال ...
- طوفان الأقصى 811 - النفط كقدر جيوسياسي: روسيا وترامب وممالك ...
- طوفان الأقصى 810 - المتاهة السورية: بين وهم التسوية وشبح الح ...
- طوفان الأقصى 809 - «ما هي الكلمة المسيحية في مواجهة الإبادة؟ ...
- في ذكرى عيد ميلاده - ستالين بين ذروة القوة وثمنها الفادح
- طوفان الأقصى 808 - إسرائيل على حافة الهاوية - قراءة في أطروح ...
- طوفان الأقصى 807 - الإمارات في مواجهة السعودية: تفكك معسكر “ ...
- طوفان الأقصى 806 - كيف وضعت إسرائيل والولايات المتحدة نفسيهم ...
- ألكسندر دوغين - يجب تدمير الإتحاد الأوروبي (برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 805 - المستوطنون لن يرحلوا: تفكيك الإستعمار لا ...
- طوفان الأقصى 804 - إيران بين تلقي الضربة والرد - كيف أعادت ط ...
- ألكسندر دوغين - الاتحاد الأوروبي إلى مزبلة التاريخ: كيف سيقس ...
- طوفان الأقصى 803 - نهاية «الإستثناء الإسرائيلي»: حين تتحوّل ...
- جيفري ساكس - عداء روسيا: كارثة لأوروبا
- طوفان الأقصى 802 - إسرائيل والشرق الأوسط بعد الزلزال: من وهم ...
- ألكسندر دوغين - ترامب يدهش العالم مجددًا
- الأقصى 801 - إستغلال هجوم أستراليا: بين الإدانة الأخلاقية وت ...


المزيد.....




- هل تلقى مُتهما هجوم شاطىء بوندي تدريبات في الفلبين؟ الشرطة ا ...
- أنور قرقاش يعلق على رد الإمارات تجاه بيان السعودية بشأن اليم ...
- وزارة الدفاع الإماراتية تعلن إنهاء تواجد -ما تبقى من فرقها ل ...
- اليمن.. أعضاء في -القيادة الرئاسي- يرفضون قرارات العليمي الأ ...
- كيف ترون أداء الفرق العربية في كأس أمم أفريقيا بالمغرب؟
- رغم معارضة إسرائيلية.. ترامب يدرس بيع مقاتلات -F-35- المتطور ...
- بقيمة 8.6 مليارات دولار.. البنتاغون يعلن صفقة مع بوينغ لتزوي ...
- التوتر يتصاعد: مناورات صينية حول تايوان لليوم الثاني
- سوريا: حظر تجول في اللاذقية إثر أعمال عنف في أحياء ذات غالبي ...
- التحالف بقيادة السعودية يستهدف أسلحة قادمة من الإمارات


المزيد.....

- صفحاتٌ لا تُطوى: أفكار حُرة في السياسة والحياة / محمد حسين النجفي
- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - في ذكرى تأسيس الإتحاد السوفياتي - 7 نوفمبر: ذاكرة الثورة التي تحكم الحاضر من الظل