أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 815 - عام الإنكشاف: ماذا بقي من «محور المقاومة» بعد 2025؟















المزيد.....

طوفان الأقصى 815 - عام الإنكشاف: ماذا بقي من «محور المقاومة» بعد 2025؟


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8571 - 2025 / 12 / 29 - 19:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي


30 ديسمبر 2025


لم يكن عام 2025 مجرد سنة إضافية في سجل الصراع الإيراني–الإسرائيلي، بل شكّل، كما يكتب المستشرق والباحث الروسي ليونيد تسوكانوف في مقاله المنشور على موقع وكالة «Regnum» للأنباء في 26 كانون الأول/ديسمبر 2025، لحظة إختبار قاسية لبنيةٍ إقليمية بُنيت على تراكم النفوذ أكثر مما بُنيت على القدرة على الصمود المتزامن. فـ«محور المقاومة»، الذي طالما قُدِّم بوصفه شبكة مرنة قادرة على تشتيت خصوم طهران وإغراقهم في حروب الأطراف، وجد نفسه للمرة الأولى مضطرًا للقتال تحت ضغط مباشر، وفي ظل إنكشاف متبادل، وحرب قصيرة ولكن مركّزة مع إسرائيل في حزيران/يونيو 2025.

بالنسبة للقارئ الفلسطيني والعربي، لا يُقرأ هذا التطور بوصفه مجرد إعادة تموضع عسكري أو دبلوماسي، بل كتجربة لها ثمن يومي ملموس. فحين يتراجع الضغط عن إسرائيل من جبهة، تُثقل جبهة أخرى، وغالبًا ما تكون غزة. وحين يُعاد تعريف «الردع» على طاولة المفاوضات، يُعاد تعريف معنى الصمود في المدن المحاصرة والمخيمات. هنا، لا يبقى التحليل شأنًا نخبويًا، بل يتحول إلى سؤال وجودي: من يدفع الكلفة حين تتعب المحاور؟

يشير تسوكانوف بوضوح إلى أن وكلاء إيران لم يكتفوا هذه المرة بأدوار الإسناد غير المباشر، بل «إضطروا إلى تزويد طهران بالذخيرة السياسية والعسكرية خلال حرب الأيام الإثني عشر»، ودفعوا في المقابل أثمانًا متفاوتة من الإستنزاف والضربات الدقيقة. لم يكن ذلك تعبيرًا عن تماسك المحور بقدر ما كان دليلًا على محدودية قدرته حين يُطلب منه العمل كوحدة واحدة، لا كسلسلة جبهات منفصلة.

يتجلى هذا الخلل بوضوح في الساحة اللبنانية. فـ«حزب الله»، الذي يصفه الكاتب بأنه «قلب الهجوم» لمحور المقاومة طوال عقدين، خرج من عام 2025 مثقلًا بالخسائر ومجبرًا على إعادة التموضع. إغتيال حسن نصرالله أواخر 2024، ثم فقدان العمق السوري بعد التحول السياسي المفاجئ في دمشق، لم يكونا مجرد ضربتين قياديتين، بل لحظة كسر في منطق الردع المتبادل الذي حكم الحدود الشمالية لإسرائيل لسنوات.

«من دون حزب الله»، يكتب تسوكانوف، «لم يعد بإمكان إيران سحب إسرائيل إلى جبهة ثانية»، وهو ما أتاح لتل أبيب تكثيف عملياتها في غزة، ثم تجميع القوة اللازمة لتوجيه ضربة مباشرة لإيران. في ذروة التصعيد، لم يكن الجنوب اللبناني قادرًا على لعب دوره التقليدي كدرع واقٍ لطهران. وبالنسبة للفلسطيني، كان هذا يعني ببساطة أن آلة الحرب الإسرائيلية تعمل بأقل قدر من التشتيت، وأن كلفة الإنكشاف تُدفع في مكان آخر.

ومع ذلك، يحذّر المقال من التسرّع في إعلان نهاية الحزب. فـ«حزب الله»، رغم خسارته المتواصلة لقادة من «الحرس القديم» ومستشارين إيرانيين – كان آخرهم الجنرال حسين الجوهري الذي أغتيل بطائرة مسيّرة في 25 كانون الأول – ما زال لاعبًا مركزيًا في السياسة اللبنانية، وقادرًا على تعطيل أي مسار دولي لنزع سلاحه عبر تعقيد العلاقة بين بيروت وواشنطن وأنقرة والعواصم الأوروبية.

في المقابل، تبدو إسرائيل، بحسب تسوكانوف، كمن «يتعمد تضخيم الخطر» لتبرير الإبقاء على منطقة عازلة جنوب الليطاني، وعدم تسليم المرتفعات الإستراتيجية لقوات اليونيفيل. هكذا، يتحول «التهديد» إلى أداة سياسية بقدر ما هو توصيف أمني، ويُعاد إنتاج معادلة الردع لا بهدف منع الحرب، بل لتنظيمها.

أما حماس، ورغم أنها لا تُعد رسميًا جزءًا من «محور المقاومة»، فإنها، كما يكتب الكاتب الروسي، «الإسمنت الأيديولوجي» الذي وحّد عملياته. ففلسطين كانت الشعار الجامع الذي قاتلت تحته الفصائل المدعومة من إيران. وبنهاية 2025، وجدت الحركة نفسها في مأزق مركّب: صمود تنظيمي وقدرة على البقاء في أجزاء من غزة، يقابله عجز عن فرض معادلة عسكرية جديدة على إسرائيل.

تل أبيب، بدعم أميركي، نقلت الصراع إلى الساحة السياسية، حيث يُدفع باتجاه «حكومة إنتقالية لغزة» تُفرغ المقاومة من مضمونها السيادي، وتُحوّل القضية من مسألة تحرر إلى ملف إدارة أزمة. «لا حماس ولا طهران تعرفان حتى الآن كيف الخروج من هذا الطريق المسدود»، يخلص تسوكانوف، في توصيف يعكس حدود القوة حين تُفصل عن أفق سياسي واضح. بالنسبة للفلسطيني، لا تعني هذه المعضلة نهاية المقاومة، لكنها تكشف هشاشة الرهان على الخارج، مهما بدا داعمًا في لحظات الذروة.

في هذا المشهد القاتم، يبرز اليمن كإستثناء لافت. حركة «أنصار الله» أثبتت، وفق المقال، أنها «قوة حليفة لإيران ولكن غير خاضعة لإيقاعها». الحوثيون وحدهم تمكنوا من إلحاق ضرر طويل الأمد بإسرائيل، بلغ حد إفلاس ميناء إيلات وإجبار تل أبيب على إعادة هندسة طرقها اللوجستية. الأهم أنهم خرجوا من جولة التصعيد «بشروطهم الخاصة»، محتفظين بقيادتهم، وعلى رأسها عبد الملك الحوثي، الذي بقي عصيًا على الإستهداف.

غير أن هذا النجاح لا يُقرأ فلسطينيًا بوصفه نصرًا خالصًا، بل كتذكير بأن كل ساحة تقاتل أولًا من أجل موقعها. اليمن الذي أربك إسرائيل فعل ذلك دفاعًا عن موقعه في البحر الأحمر، لا بوصفه بديلًا عن غزة. ولبنان الذي يُعاد ضبطه أمنيًا يُسأل عن حدوده أكثر مما يُسأل عن فلسطين. والعراق، رغم كثافة القوى الموالية لإيران، بقي في 2025 ساحة شبه مجمّدة، تقتصر أدوارها على الرمزية، فيما تفضّل طهران عدم هزّ توازناتها الداخلية.

إيران، كما يلاحظ تسوكانوف، ترى هذا التردد وتتعامل معه ببراغماتية. فهي لا تدفع الفصائل العراقية إلى مواجهة مفتوحة، لكنها تستفيد من حقيقة أن الأجواء العراقية ما زالت مفتوحة لعبور صواريخها ومسيّراتها. هذا وحده كافٍ لإجبار إسرائيل على إبقاء جزء من قواتها في حالة إستنفار دائم، وتقليص قدرتها على الحسم في ساحات أخرى.

مع نهاية أيلول/سبتمبر، فقدت حرب غزة دورها التعبوي الإقليمي، وبدأ وكلاء إيران ينكفئون إلى حساباتهم الوطنية. طهران نفسها منشغلة بأزماتها الداخلية، ولا تبحث عن مواجهة مفتوحة. لكن، كما يختم تسوكانوف، «لا طهران ولا تل أبيب تعتبران أن المرحلة الحادة قد إنتهت». تسارع التسلح، وتكثيف الخطاب العدائي، ومحاولات الشيطنة المتبادلة، كلها مؤشرات على أن ما جرى ليس إلا هدنة غير معلنة.

بالنسبة للعالم العربي والفلسطيني، تكشف هذه اللحظة مفارقة قاسية: فلسطين ما زالت القضية الجامعة في الخطاب، لكنها لم تعد كذلك في الحسابات العملية. ومع إقتراب جولة جديدة من الصراع، لا يعود السؤال: هل سيعود محور المقاومة؟ بل يصبح السؤال أكثر إلحاحًا ومرارة: هل تنتظر فلسطين محورًا أنهكه الإستنزاف، أم تُجبر مرة أخرى على إبتكار أشكال مقاومة لا تستند إلا إلى ذاتها؟



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 814 - نحو 2026: الإرهاب في سوريا يتبدّل شكله ول ...
- طوفان الأقصى 813 - إيران في قبضة التناقضات الكبرى
- طوفان الأقصى 812 - في بغداد، القلق لا ينتهي: نظرة على إرث ال ...
- طوفان الأقصى 811 - النفط كقدر جيوسياسي: روسيا وترامب وممالك ...
- طوفان الأقصى 810 - المتاهة السورية: بين وهم التسوية وشبح الح ...
- طوفان الأقصى 809 - «ما هي الكلمة المسيحية في مواجهة الإبادة؟ ...
- في ذكرى عيد ميلاده - ستالين بين ذروة القوة وثمنها الفادح
- طوفان الأقصى 808 - إسرائيل على حافة الهاوية - قراءة في أطروح ...
- طوفان الأقصى 807 - الإمارات في مواجهة السعودية: تفكك معسكر “ ...
- طوفان الأقصى 806 - كيف وضعت إسرائيل والولايات المتحدة نفسيهم ...
- ألكسندر دوغين - يجب تدمير الإتحاد الأوروبي (برنامج إيسكالاتس ...
- طوفان الأقصى 805 - المستوطنون لن يرحلوا: تفكيك الإستعمار لا ...
- طوفان الأقصى 804 - إيران بين تلقي الضربة والرد - كيف أعادت ط ...
- ألكسندر دوغين - الاتحاد الأوروبي إلى مزبلة التاريخ: كيف سيقس ...
- طوفان الأقصى 803 - نهاية «الإستثناء الإسرائيلي»: حين تتحوّل ...
- جيفري ساكس - عداء روسيا: كارثة لأوروبا
- طوفان الأقصى 802 - إسرائيل والشرق الأوسط بعد الزلزال: من وهم ...
- ألكسندر دوغين - ترامب يدهش العالم مجددًا
- الأقصى 801 - إستغلال هجوم أستراليا: بين الإدانة الأخلاقية وت ...
- ألكسندر دوغين - ضباب كثيف يلف الدبلوماسية - برنامج إيسكالاتس ...


المزيد.....




- بحضور الشرع.. سوريا تطلق عملتها الجديدة بعد -أفول مرحلة غير ...
- -عودة الملثم-.. حماس تؤكد مقتل -أبو عبيدة- وتكشف ناطقًا عسكر ...
- قمة مرتقبة بين ترامب ونتنياهو في فلوريدا.. هل تكشف عمق التبا ...
- بعد اعتراف إسرائيل بصوماليلاند.. رئيس الصومال يزور تركيا الث ...
- حكومة جديدة وملفات مالية وتصعيد مستمر.. ما أبرز الأحداث التي ...
- مقتل ثلاثة عناصر من الشرطة التركية وستة من داعش في عملية أمن ...
- كأس الأمم الأفريقية 2025: مصر تختم دور المجموعات بتعادل سلبي ...
- مباشر: تابعوا المؤتمر الصحفي بين ترامب ونتانياهو في فلوريدا ...
- أبو السعود يحيي فن الأرابيسك بالقدس ويطوره
- الدويري: القسام منظومة مؤسسية ورهان كسرها عبر الاغتيالات فشل ...


المزيد.....

- صفحاتٌ لا تُطوى: أفكار حُرة في السياسة والحياة / محمد حسين النجفي
- الانتخابات العراقية وإعادة إنتاج السلطة والأزمة الداخلية للح ... / علي طبله
- الوثيقة التصحيحية المنهجية التأسيسية في النهج التشكيكي النقد ... / علي طبله
- الطبقة، الطائفة، والتبعية قراءة تحليلية منهجية في بلاغ المجل ... / علي طبله
- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 815 - عام الإنكشاف: ماذا بقي من «محور المقاومة» بعد 2025؟