مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 8571 - 2025 / 12 / 29 - 19:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ يثير الجدل المتكرر سنويًا حول الاحتفال بميلاد السيد المسيح إشكالية لا تستند إلى مبررات عقلانية أو أخلاقية ، إذ إن مشاركة المواطن العربي أبناء وطنه في مناسباتهم الدينية والاجتماعية تمثّل واجبًا أخلاقيًا وإنسانيًا قبل أن تكون ممارسة ذات طابع ديني .
في 25 من كانون الأول/ ديسمبر من كل عام ، تستحضر الإنسانية جمعاء ، ولا سيما في فلسطين بوصفها أرض الميلاد ، ذكرى النبي عيسى وأمه مريم العذراء ، بوصفهما رمزين عالميين للسلام والعدل والخلاص الإنساني ، غير أنّ هذه المناسبة لا ينبغي أن تقتصر على الطقوس الرمزية ، بل يفترض أن تشكّل إطارًا تأمليًا لتكريم ضحايا التاريخ الفلسطيني ، من المجهولين والأبرياء الذين سقطوا على امتداد مسار طويل من الاضطهاد والاستعمار ، إضافة إلى الرموز الوطنية والسياسية والفكرية التىّ شكّلت وجدان الحركة الوطنية الفلسطينية، أمثال وديع حداد وجورج حبش ، إلى جانب شخصيات دينية معاصرة مثل المطران عطا الله حنّا ، الذين ما زالوا يواصلون دفاعهم عن الحق الفلسطيني في الوجود والحرية ، في ظل عزلة دولية متزايدة وضعف حقيقي في منظومات الدعم العالمية .
وتكتسب هذه الذكرى في السياق الراهن بعدًا أكثر مأساوية في ضوء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من سياسات اقتلاع ممنهجة ، شملت التهجير القسري والإبادة الجماعية والحصار ، وما ترتب على ذلك من لجوء جماعي إلى مخيمات النزوح في ظروف إنسانية قاسية، ولا سيما خلال فصل الشتاء ، ويجري كل ذلك ضمن إطار سياسي تأسيسي قام على وثائق ذات طبيعة عنصرية ، صيغت خارج الأرض الفلسطينية وبمشاركة قوى دولية فاعلة ، ما أسّس لمسار تاريخي أعاد إنتاج أنماط اضطهاد تتقاطع رمزيًا مع التجربة التاريخية للمسيح ذاته .
إن وعد بلفور ، بوصفه وثيقة مركزية في تشكّل البنية الاستعمارية للصراع ، يمثّل تعبيرًا واضحًا عن هذا المنطق الإقصائي ، حيث أسهم في إضفاء شرعية سياسية على إقصاء الشعب الفلسطيني عن أرضه وحقوقه الأساسية ، وفي هذا السياق ، يمكن النظر إلى استحضار ميلاد المسيح باعتباره انعكاسًا رمزيًا لصورة فلسطين المعاصرة : شعب يُختزل في صورة طفل حزين بين يدي مريم العذراء ، يجسّد معاناة جماعية ممتدة ، ويعيد طرح السؤال الجوهري حول العدالة والحرية وحق تقرير المصير في النظام الدولي الراهن … والسلام 🙋♂
✍
#مروان_صباح (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟